من الحقائق العلمية الثابتة أن إجرام المرأة يختلف عن إجرام الرجل كما ونوعا وجسامة وقد شدت هذه الحقيقة الباحثين الظاهرة الإجرامية بعد أن تم إثباتها بلغة الأرقام من خلال الإحصائيات الجنائية التي رصدت هذه الظاهرة في أزمنة متعاقبة وفي أماكن مختلفة، وإذا كان الباحثون قد سلموا جميعا بهذه الحقيقة فإنهم مع ذلك ذهبوا مذاهب شتى في تفسيرها فلندرس أبعاد هذا الاختلاف.
المطلب الأول: الاختلاف في الكمية
تؤكد الإحصائيات في جميع الدول مهما اختلفت درجة رقيها وتاريخ حضارتها بأن عدد الجرائم التي ترتكبها المرأة يقل كثيرا عن عدد الجرائم التي يرتكبها الرجل، ويقدر البعض استنادا إلى بعض الإحصائيات الجنائية الجرائم التي ترتكبها النساء بما يعادل 1/10 الجرائم التي يرتكبها الرجال وعلى أية حال، فالثابت أن نسبة إجرام المرأة أثقل بكثير من نسبة إجرام الرجل، منظورا إلى العدد الإجمالي للجرائم فقد بلغت نسبة إجرام المرأة في مصر وفقا لإحصاء سنة 1970، 4% من الإجرام الكلي بينما بلغت هذه النسبة في فرنسا سنة 1969 10% وفي ألمانيا أثبتت الإحصائيات في إحدى السنوات أن إجرام المرأة وصل إلى 14% من الإجرام الكلي وهذه النسبة كانت في الولايات المتحدة 8% وفي سويسرا 12%…( ) وفي المغرب فإن الملاحظات حول سير الجلسات في الميدان الجنائي ومدى مشاركة الأنثى تؤكد قلة إجرام النساء ونسبتها الضئيلة بالنسبة لإجرام الرجال و هذا ما أثبتته الإحصائيات الجنائية بكثير من المدن المغربية وفي سنوات مختلفة ومن أمثلة إجرام المرأة بمدينة مكناس سنة 2004 وفق الجدول ( ) الآتي :
عدد المتهمين عدد الجرائم أنواع الجرائم
نساء رجال
10.8% %89.15 2046 جرائم الاعتداء على الأشخاص (الضرب والجرح، العنف، التعذيب، محاول القتل العمد)
10.9% 89.13% 3135 جرائم الاعتداء على الأموال (السرقة الموصوفة، النصب، خيانة الأمانة، إخفاء المسروق، جرائم التزوير، جرائم الشيك، إلحاق خسائر مادية بملك الغير)
30.3% 69.67% 1396 جرائم الماسة بالأخلاق (الفساد، التحريض على الفساد، إعداد منازل للدعارة، السكر العلني)
50% 50% 51 جرائم الاعتداء على ملك الغير (انتهاك حرمة المسكن، الهجوم على المؤسسات التعليمية)
30.6% %69.4 106 جرائم الأسرة (إهمال الأسرة، التخلي عن الأطفال الرضع، الخيانة الزوجية)
5.4% %94.5 726 المخدرات
جدول يبين كمية إجرام كل من الرجل و المرأة، مدينة مكناس 2004.
وهكذا فإنه يمكن التسليم بصفة أولية وجزئية –مدينة مكناس- حقيقة واضحة وثابتة أن إجرام المرأة يمثل نسبة ضئيلة من إجرام الرجل، فبالرغم أن عددهن يزداد في الجرائم الماسة بالأخلاق والسبب في ذلك راجع للفقر والتفكك الأسري وضعف القيم الدينية والأخلاقية ومع انتشار وسائل الإغراء كالفنادق والملاهي الليلية فالمقابل نجد أن مشاركة المرأة في جرائم الاعتداء على الأشخاص وجرام الأموال قليلة مقارنة مع الرجل فالإحصاءات تشير إلى أنه في سنة 2004 فيما يتعلق بجرائم القتل فقد قامت المرأة بجريمة قتل واحدة مقابل 12 جريمة قتل، أما جرائم الضرب والجرح فهناك 977 جريمة قام بها الرجل مقابل 134 جريمة قامت بها المرأة، أما السرقة الموصوفة بالنسبة للرجل 369 جريمة وبالنسبة للمرأة 27 جريمة فقط.
أما بالنسبة لجريمة السكر العلني فقد بلغت لنفس السنة 42 جريمة قامت بها المرأة مقابل 1157 جريمة قام بها الرجل( ).
ومن خلال هذه الإحصائيات نلاحظ بوضوح الاختلاف والفرق الكبير بين عدد الجرائم التي تقوم بها المرأة بالمقارنة مع عدد الجرائم التي يقوم بها الرجل فقد تصل إلى خمسة أضعاف أو اكثر بالنسبة لعدد جرائم المرأة.
وقد حاول بعض العلماء إنكار هذا الاختلاف العددي بين إجرام الرجل و المرأة وذلك باعتباره مجرد اختلاف ظاهري فحسب، فذهب “لومبروز” إلى أن ممارسة المرأة للبغاء يستغرق هذا التفاوت أو يعادله أي أنه إذا أضيف ما تمارسه المرأة من بغاء إلى مجموعة جرائم النساء لاقتربت أو تساوت المرأة في إجرامها مع الرجل( ).
وذهب آخرون إلى أن هذا النقص الظاهري الذي تثبته الإحصائيات في كمية إجرام النساء يرجع لسببين:
*السبب الأول: أن كثير من جرائم النساء يتم في الخفاء بينما لا تتيح للرجل ظروفه أن يخفي ما يرتكب من جرائم ومن أمثلة الجرائم التي تخفيها المرأة جرائم الإجهاض وقتل الأطفال حديثة الولادة، وما ترتكبه الخادمات من سرقات في المنازل التي يقمن بالخدمة فيها.
*السبب الثاني: أن كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال يكون سببها المرأة فقد أثبتت الدراسات الإحصائية أن المرأة تكون سببا في 40% من الجرائم التي تقع ضد الأخلاق و 20% من جرائم القتل و 10% من جرائم السرقة( ).
ويمكن الرد على الحجج السابقة:
فمن حيث جرائم البغاء يكفي لدحض هذه الحجة ما أثبتته الإحصاءات من أنه حتى في الدول التي تجعل من البغاء جريمة، فإن ذلك لم يحل دون بقاء ظاهرة قلة نسبة إجرام المرأة بالنسبة لإجرام الرجل.
ومن حيث الجرائم التي ترتكب في الخفاء يجوز المبالغة في تقدير قيمتها إذ هي تعتبر جزءا محدودا من الجرائم فقط، ولذلك فإنه حتى إذا أضيف إلى إجرام الرجل، فإنه لا يقضي على الفرق الكبير بين إجرامها وإجرام الرجل، وفيما يتعلق بكونها السبب في بعض جرائم الرجل فهو قول يتعارض مع المنطق القانوني، فمادامت المرأة لم تقم بفعل يكفيه القانون بأنه جريمة، فلا يجوز الاعتداد به في تحديد إجرام المرأة لأنه يتعارض مع مبدأ المسؤولية الشخصية( ).
وهكذا فينبغي أن نسلم بحقيقة واضحة أثبتتها جميع الإحصاءات في مختلف الدول سواء المتقدمة منها أو المتأخرة وعبر جميع العصور والأزمنة أن المرأة أقل إجراما من الرجل من حيث الكمية.
هذا من حيث كمية إجرام المرأة فماذا عن نوع إجرامها.
المطلب الثاني: الاختلاف في النوع
أثبتت الإحصائيات الجنائية في كثير من الدول حقيقة ثانية فيما يتعلق بأثر الجنس على ارتكاب الجريمة وهي أن المرأة تختلف عن الرجل من حيث إقدامها بنسبة أكبر على نوع معين من الجرائم بينما لا يقدم الرجل على هذا النوع بنفس النسبة وسوف نحاول توضيح ذلك حسب الجدول الآتي( ).
الجناة نوع الجريمة المرتكبة
النساء الرجال
134 977 الضرب والجرح
52 530 العنف
1 12 محاولة القتل العمد
27 369 السرقة الموصوفة
36 348 النصب
15 47 خيانة الأمانة
16 52 جرائم التزوير
43 455 الشيك
24 216 التعذيب
93 80 الفساد
397 96 التحريض على الفساد
15 24 إعداد منازل للدعارة
42 1157 السكر العلني
28 34 انتهاك حرمة المسكن
8 2 الهجوم على المؤسسات التعليمية
1 44 إهمال الأسرة
تتحمل المسؤولية – التخلي عن الأطفال الرضع
33 33 الخيانة الزوجية
34 590 المخدرات
جدول يبين أنواع الجرائم المرتكبة من قبل النساء والرجال مدينة مكناس 2004
من هذه الإحصاءات يظهر جليا عدم ميل المرأة كثيرا إلى جرائم الأموال وجرائم العنف كالضرب والجرح، وعادة ما تأخذ دور المساهم التبعي لا دور المساهم الأصلي في هذه الجرائم كما أثبتت الإحصاءات ضآلة عدد الجنايات التي ترتكبها المـرأة حيث نلاحظ جريمة قتل واحدة مقابل 12 جريمة قام بها الرجل وهي إذا قتلت فهي إما تقتل انتقاما من زوج خائن وظالم أو تقتل وليدها خوفا من العار والفضيحة إذا حملته حملا غير شرعي فالمرأة غالبا ما تقع فريسة لانفعالاتها وعواطفها المندفعة ومزاجها السريع المتقلب وهذه طبيعة معروفة في المرأة.
وبالمقابل نسجل ميلها لارتكابها جرائم الفساد كما لوحظ أن إجرام المرأة يزيد بشكل عام في الجرائم التي لا يرتكبها الرجل عادة، كجريمة الإجهاض وقتل الأطفال حديثي الولادة، فنحن لم نسجل حالات في مدينة مكناس وذلك راجع إلى الطبيعة المتخفية لهذه الجرائم، حسب تصريح أدلى لنا به رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية لولاية الأمن. ففي فرنسا وفقا لإحصاء سنة 1971 بلغت نسبة جرائم قتل المواليد 25% من الإجرام الكلي لجرائم الاعتداء على الأشخاص التي ارتكبتها النساء وبلغت نسبة جرائم الإجهاض التي ارتكبتها النساء في نفس العام 18 إلى 67 % من الجرائم الكلي لهذه النوع من الجرائم ( ).
وبالإضافة إلى ما سبقت الإشارة إليه في بعض الإحصاءات بأن إجرام المرأة يزيد في فترة الحيض والحمل والرضاعة وسن اليأس من ذلك أن إحصاء إنجليزيا أثبتت أن 41 % من إجرام المرأة ترتكب وهن في فترة الحيض كما أثبت إحصاء فرنسي أن 63 % من جرائم سرقة المتاجر قد ارتكبتها نسوة في ظل هذه الظروف( )
المطلب الثالث: من حيث الجسامة
وفيما يخص هذا الجانب أثبتت الإحصاءات بصورة واضحة اتسام إجرام الرجل بالعنف والقسوة والبطش وهو أكثر جسارة من المرأة على ارتكاب جرائم القتل والسرقة بالإكراه وحمل السلاح والابتزاز واقتحام المنازل والسطو على البنوك والمؤسسات، بينما تميل المرأة في إجرامها إلى أسلوب المخاتلة والغدر والخديعة وعدم النزاهة، أما إذا أقدمت على ارتكاب الجرائم الخطيرة فإنها غالبا ما تلجأ أسلوب عدم المواجهة المباشرة كاستعمال السم في القتل كما يكون سلاحها في مثل هذه الجرائم السكين الذي اعتادت على استعماله في شؤون هي أبعد ما تكون عن عالم الجريمة (شؤون الطبخ) فضلا عن مساهمتها كشريكة لا تظهر على مسرح الجريمة والاكتفاء بالتحريض على ارتكابها.
وفيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد الأموال فإنهن يرتكبن جرائم السرقة من المحلات، وجرائم النشل في الأماكن المزدحمة وإخفاء الأشياء المتحصلة من السرقة ( ).
وهكذا فإن معظم السرقات المرتكبة من قبل النسوة هي سرقات غير مصحوبة بالعنف أو السلاح وقد تأكد هذا الاتجاه أيضا في فرنسا من خلال ما نشر فيها من إحصاءات في فترات زمنية متفاوتة( )، وكذلك تتجه إلى ارتكاب جرائم النصب والاحتيال.
وفيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد الأخلاق والآداب فإنهن يرتكبن جرائم الفساد والأعمال الوحشية ضد الصبية الصغار وإفسادهن والمعاملة السيئة للخادمات، ورغم كل الانفعالات والدوافع التي ترمي المرأة في أحضان الجريمة فقد لاحظنا أن إجرامها يقل عن إجرام الرجل. ترى هل هناك أسباب مضادة لهذه الانفعالات والتقلبات النفسية والمزاجية تحمي المرأة من سلوك طريق الجريمة وبالتالي جعل إجرامها أقل كمية من إجرام الرجل؟
هذا ما سنبحثه في المبحث الثاني من هذا الفرع.
المطلب الأول: الاختلاف في الكمية
تؤكد الإحصائيات في جميع الدول مهما اختلفت درجة رقيها وتاريخ حضارتها بأن عدد الجرائم التي ترتكبها المرأة يقل كثيرا عن عدد الجرائم التي يرتكبها الرجل، ويقدر البعض استنادا إلى بعض الإحصائيات الجنائية الجرائم التي ترتكبها النساء بما يعادل 1/10 الجرائم التي يرتكبها الرجال وعلى أية حال، فالثابت أن نسبة إجرام المرأة أثقل بكثير من نسبة إجرام الرجل، منظورا إلى العدد الإجمالي للجرائم فقد بلغت نسبة إجرام المرأة في مصر وفقا لإحصاء سنة 1970، 4% من الإجرام الكلي بينما بلغت هذه النسبة في فرنسا سنة 1969 10% وفي ألمانيا أثبتت الإحصائيات في إحدى السنوات أن إجرام المرأة وصل إلى 14% من الإجرام الكلي وهذه النسبة كانت في الولايات المتحدة 8% وفي سويسرا 12%…( ) وفي المغرب فإن الملاحظات حول سير الجلسات في الميدان الجنائي ومدى مشاركة الأنثى تؤكد قلة إجرام النساء ونسبتها الضئيلة بالنسبة لإجرام الرجال و هذا ما أثبتته الإحصائيات الجنائية بكثير من المدن المغربية وفي سنوات مختلفة ومن أمثلة إجرام المرأة بمدينة مكناس سنة 2004 وفق الجدول ( ) الآتي :
عدد المتهمين عدد الجرائم أنواع الجرائم
نساء رجال
10.8% %89.15 2046 جرائم الاعتداء على الأشخاص (الضرب والجرح، العنف، التعذيب، محاول القتل العمد)
10.9% 89.13% 3135 جرائم الاعتداء على الأموال (السرقة الموصوفة، النصب، خيانة الأمانة، إخفاء المسروق، جرائم التزوير، جرائم الشيك، إلحاق خسائر مادية بملك الغير)
30.3% 69.67% 1396 جرائم الماسة بالأخلاق (الفساد، التحريض على الفساد، إعداد منازل للدعارة، السكر العلني)
50% 50% 51 جرائم الاعتداء على ملك الغير (انتهاك حرمة المسكن، الهجوم على المؤسسات التعليمية)
30.6% %69.4 106 جرائم الأسرة (إهمال الأسرة، التخلي عن الأطفال الرضع، الخيانة الزوجية)
5.4% %94.5 726 المخدرات
جدول يبين كمية إجرام كل من الرجل و المرأة، مدينة مكناس 2004.
وهكذا فإنه يمكن التسليم بصفة أولية وجزئية –مدينة مكناس- حقيقة واضحة وثابتة أن إجرام المرأة يمثل نسبة ضئيلة من إجرام الرجل، فبالرغم أن عددهن يزداد في الجرائم الماسة بالأخلاق والسبب في ذلك راجع للفقر والتفكك الأسري وضعف القيم الدينية والأخلاقية ومع انتشار وسائل الإغراء كالفنادق والملاهي الليلية فالمقابل نجد أن مشاركة المرأة في جرائم الاعتداء على الأشخاص وجرام الأموال قليلة مقارنة مع الرجل فالإحصاءات تشير إلى أنه في سنة 2004 فيما يتعلق بجرائم القتل فقد قامت المرأة بجريمة قتل واحدة مقابل 12 جريمة قتل، أما جرائم الضرب والجرح فهناك 977 جريمة قام بها الرجل مقابل 134 جريمة قامت بها المرأة، أما السرقة الموصوفة بالنسبة للرجل 369 جريمة وبالنسبة للمرأة 27 جريمة فقط.
أما بالنسبة لجريمة السكر العلني فقد بلغت لنفس السنة 42 جريمة قامت بها المرأة مقابل 1157 جريمة قام بها الرجل( ).
ومن خلال هذه الإحصائيات نلاحظ بوضوح الاختلاف والفرق الكبير بين عدد الجرائم التي تقوم بها المرأة بالمقارنة مع عدد الجرائم التي يقوم بها الرجل فقد تصل إلى خمسة أضعاف أو اكثر بالنسبة لعدد جرائم المرأة.
وقد حاول بعض العلماء إنكار هذا الاختلاف العددي بين إجرام الرجل و المرأة وذلك باعتباره مجرد اختلاف ظاهري فحسب، فذهب “لومبروز” إلى أن ممارسة المرأة للبغاء يستغرق هذا التفاوت أو يعادله أي أنه إذا أضيف ما تمارسه المرأة من بغاء إلى مجموعة جرائم النساء لاقتربت أو تساوت المرأة في إجرامها مع الرجل( ).
وذهب آخرون إلى أن هذا النقص الظاهري الذي تثبته الإحصائيات في كمية إجرام النساء يرجع لسببين:
*السبب الأول: أن كثير من جرائم النساء يتم في الخفاء بينما لا تتيح للرجل ظروفه أن يخفي ما يرتكب من جرائم ومن أمثلة الجرائم التي تخفيها المرأة جرائم الإجهاض وقتل الأطفال حديثة الولادة، وما ترتكبه الخادمات من سرقات في المنازل التي يقمن بالخدمة فيها.
*السبب الثاني: أن كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال يكون سببها المرأة فقد أثبتت الدراسات الإحصائية أن المرأة تكون سببا في 40% من الجرائم التي تقع ضد الأخلاق و 20% من جرائم القتل و 10% من جرائم السرقة( ).
ويمكن الرد على الحجج السابقة:
فمن حيث جرائم البغاء يكفي لدحض هذه الحجة ما أثبتته الإحصاءات من أنه حتى في الدول التي تجعل من البغاء جريمة، فإن ذلك لم يحل دون بقاء ظاهرة قلة نسبة إجرام المرأة بالنسبة لإجرام الرجل.
ومن حيث الجرائم التي ترتكب في الخفاء يجوز المبالغة في تقدير قيمتها إذ هي تعتبر جزءا محدودا من الجرائم فقط، ولذلك فإنه حتى إذا أضيف إلى إجرام الرجل، فإنه لا يقضي على الفرق الكبير بين إجرامها وإجرام الرجل، وفيما يتعلق بكونها السبب في بعض جرائم الرجل فهو قول يتعارض مع المنطق القانوني، فمادامت المرأة لم تقم بفعل يكفيه القانون بأنه جريمة، فلا يجوز الاعتداد به في تحديد إجرام المرأة لأنه يتعارض مع مبدأ المسؤولية الشخصية( ).
وهكذا فينبغي أن نسلم بحقيقة واضحة أثبتتها جميع الإحصاءات في مختلف الدول سواء المتقدمة منها أو المتأخرة وعبر جميع العصور والأزمنة أن المرأة أقل إجراما من الرجل من حيث الكمية.
هذا من حيث كمية إجرام المرأة فماذا عن نوع إجرامها.
المطلب الثاني: الاختلاف في النوع
أثبتت الإحصائيات الجنائية في كثير من الدول حقيقة ثانية فيما يتعلق بأثر الجنس على ارتكاب الجريمة وهي أن المرأة تختلف عن الرجل من حيث إقدامها بنسبة أكبر على نوع معين من الجرائم بينما لا يقدم الرجل على هذا النوع بنفس النسبة وسوف نحاول توضيح ذلك حسب الجدول الآتي( ).
الجناة نوع الجريمة المرتكبة
النساء الرجال
134 977 الضرب والجرح
52 530 العنف
1 12 محاولة القتل العمد
27 369 السرقة الموصوفة
36 348 النصب
15 47 خيانة الأمانة
16 52 جرائم التزوير
43 455 الشيك
24 216 التعذيب
93 80 الفساد
397 96 التحريض على الفساد
15 24 إعداد منازل للدعارة
42 1157 السكر العلني
28 34 انتهاك حرمة المسكن
8 2 الهجوم على المؤسسات التعليمية
1 44 إهمال الأسرة
تتحمل المسؤولية – التخلي عن الأطفال الرضع
33 33 الخيانة الزوجية
34 590 المخدرات
جدول يبين أنواع الجرائم المرتكبة من قبل النساء والرجال مدينة مكناس 2004
من هذه الإحصاءات يظهر جليا عدم ميل المرأة كثيرا إلى جرائم الأموال وجرائم العنف كالضرب والجرح، وعادة ما تأخذ دور المساهم التبعي لا دور المساهم الأصلي في هذه الجرائم كما أثبتت الإحصاءات ضآلة عدد الجنايات التي ترتكبها المـرأة حيث نلاحظ جريمة قتل واحدة مقابل 12 جريمة قام بها الرجل وهي إذا قتلت فهي إما تقتل انتقاما من زوج خائن وظالم أو تقتل وليدها خوفا من العار والفضيحة إذا حملته حملا غير شرعي فالمرأة غالبا ما تقع فريسة لانفعالاتها وعواطفها المندفعة ومزاجها السريع المتقلب وهذه طبيعة معروفة في المرأة.
وبالمقابل نسجل ميلها لارتكابها جرائم الفساد كما لوحظ أن إجرام المرأة يزيد بشكل عام في الجرائم التي لا يرتكبها الرجل عادة، كجريمة الإجهاض وقتل الأطفال حديثي الولادة، فنحن لم نسجل حالات في مدينة مكناس وذلك راجع إلى الطبيعة المتخفية لهذه الجرائم، حسب تصريح أدلى لنا به رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية لولاية الأمن. ففي فرنسا وفقا لإحصاء سنة 1971 بلغت نسبة جرائم قتل المواليد 25% من الإجرام الكلي لجرائم الاعتداء على الأشخاص التي ارتكبتها النساء وبلغت نسبة جرائم الإجهاض التي ارتكبتها النساء في نفس العام 18 إلى 67 % من الجرائم الكلي لهذه النوع من الجرائم ( ).
وبالإضافة إلى ما سبقت الإشارة إليه في بعض الإحصاءات بأن إجرام المرأة يزيد في فترة الحيض والحمل والرضاعة وسن اليأس من ذلك أن إحصاء إنجليزيا أثبتت أن 41 % من إجرام المرأة ترتكب وهن في فترة الحيض كما أثبت إحصاء فرنسي أن 63 % من جرائم سرقة المتاجر قد ارتكبتها نسوة في ظل هذه الظروف( )
المطلب الثالث: من حيث الجسامة
وفيما يخص هذا الجانب أثبتت الإحصاءات بصورة واضحة اتسام إجرام الرجل بالعنف والقسوة والبطش وهو أكثر جسارة من المرأة على ارتكاب جرائم القتل والسرقة بالإكراه وحمل السلاح والابتزاز واقتحام المنازل والسطو على البنوك والمؤسسات، بينما تميل المرأة في إجرامها إلى أسلوب المخاتلة والغدر والخديعة وعدم النزاهة، أما إذا أقدمت على ارتكاب الجرائم الخطيرة فإنها غالبا ما تلجأ أسلوب عدم المواجهة المباشرة كاستعمال السم في القتل كما يكون سلاحها في مثل هذه الجرائم السكين الذي اعتادت على استعماله في شؤون هي أبعد ما تكون عن عالم الجريمة (شؤون الطبخ) فضلا عن مساهمتها كشريكة لا تظهر على مسرح الجريمة والاكتفاء بالتحريض على ارتكابها.
وفيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد الأموال فإنهن يرتكبن جرائم السرقة من المحلات، وجرائم النشل في الأماكن المزدحمة وإخفاء الأشياء المتحصلة من السرقة ( ).
وهكذا فإن معظم السرقات المرتكبة من قبل النسوة هي سرقات غير مصحوبة بالعنف أو السلاح وقد تأكد هذا الاتجاه أيضا في فرنسا من خلال ما نشر فيها من إحصاءات في فترات زمنية متفاوتة( )، وكذلك تتجه إلى ارتكاب جرائم النصب والاحتيال.
وفيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد الأخلاق والآداب فإنهن يرتكبن جرائم الفساد والأعمال الوحشية ضد الصبية الصغار وإفسادهن والمعاملة السيئة للخادمات، ورغم كل الانفعالات والدوافع التي ترمي المرأة في أحضان الجريمة فقد لاحظنا أن إجرامها يقل عن إجرام الرجل. ترى هل هناك أسباب مضادة لهذه الانفعالات والتقلبات النفسية والمزاجية تحمي المرأة من سلوك طريق الجريمة وبالتالي جعل إجرامها أقل كمية من إجرام الرجل؟
هذا ما سنبحثه في المبحث الثاني من هذا الفرع.