مظاهر قصور الحماية القانونية لضحية الجريمة الجنسية
تلتصق السياسة الجنائية بالأخلاق والعادات وتساهم في تكوينها الساكنة والمعتقدات ودرجة الإيمان بالخير والشر والحلال والحرام . وما هو حلال وحرام يجب أن يكون عند الشعب في الواقع وليس في التفكير لأن السياسة الجنائية واقعية بالدرجة الأولى أكثر منها تنظيرية خاصة وأن المشرع المغربي نهج سياسة جنائية وضعية .
إن السياسة الجنائية عملة ذات وجهين: سياسة تشريع وسياسة تطبيق. وجوانب القصور التي تتضمنها ترد على المستويين معا.
القصور على المستوى التشريعي
ولولا الإطالة، يمكننا عنونة هذا الفرع بمظاهر القصور على مستوى القانون الجنائي بمفهومه الضيق أي الموضوعي (المبحث الأول) وعلى المستوى الشكلي (المبحث الثاني).
المبحث الأول: القصور في تجريم وعقاب الجرائم الجنسية
رأينا فيما سبق المعالجة التشريعية لوضعية الضحية في الجرائم الجنسية المنصوص عليها في القانون الجنائي وأضفنا إليها انحرافين : الممارسة على الذات والسفاد. ولا بأس من مناقشة ذلك وفق التقسيم الذي اعتمدناه مع التأكيد على الرضا معيارا للتقسيم وأننا سنكتفي على بعض الجرائم فقط تفاديا للإطالة.
المطلب الأول: الحفاظ على جمود القواعد المنظمة للجرائم الجنسية الرضائية
على عكس بعض التشريعات المقارنة التي لا تحرم الفساد والشذوذ الجنسي وكذلك الخيانة الزوجية فإن المشرع المغربي يحرم كل هذه الصور في الفصول (489 و490 و 491 ق.ج.م) لأسباب قد تعود لطبيعة المجتمع المغربي حاميا بذلك مصلحة أو مصالح تضارب حولها الفقه (الفقرة الثانية) الذي غالبا ما يركز على الفساد والخيانة الزوجية ويهمل الشذوذ الجنسي والذي لو قام بإقحامه في دراساته لاستطاع، ربما أن يصل إلى نتائج تخالف ما توصل إليه خاصة إن قام بإدخال الوضع الاجتماعي إلى هذه الجرائم (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: الاستهجان الاجتماعي في الجرائم الجنسية الرضائية
لقد ساد في علم الإجرام لمدة طويلة نظرية الانتقال إلى السلوك الإجرامي ولكن علماء
الإجرام استطاعوا أن يصلوا إلى نظرية أخرى تسمى بالوصم الاجتماعي . خاصة لدى علماء
الإجرام الأمريكان الذين ابتدعوا هذه النظرية وطوروها. ولذلك ارتأينا أن نعتمد على هذه النظرية لمحاولة تبيان درجة الاستهجان الاجتماعي، بين الجرائم الثلاث المشار إليها، وهل المشرع تأثر بهذه النظرية؟
لقد عاقب المشرع المغربي أطراف العلاقة الجنسية في الفساد والخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي دونما اعتبار لسبب ذلك. وقد وضع قيودا هامة على مسألة الإثبات في الفساد والخيانة الزوجية في متن القانون الجنائي ولم ينص على ذلك في جريمة الشذوذ الجنسي. بالرغم من أن الفساد والخيانة الزوجية تعتبران جنحتين ضبطيتين فقط في حين يعتبر الشذوذ الجنسي جنحة تأديبية. وتبقى هذه المسألة منتقدة لكونها لم تمدد إلى جريمة الشذوذ الجنسي. فكل الجرائم السابقة مبنية على "الرضا" بين طرفي العلاقة الجنسية وكذلك المصالح نفسها مهددة. وربما بالنسبة للشذوذ الجنسي يكون الأمر أكثر وقعا مما هو عليه بالنسبة للفساد. واتهام شاب بالشذوذ الجنسي سيكون أكثر وقعا عليه ربما من اتهام فتاة بالفساد واتهام متزوج بالشذوذ أكثر من اتهامه بالخيانة الزوجية.
إن مسألة الفحولة متطلبة ومطلوبة في المجتمع المغربي ونجد الذكور على الخصوص يجتهدون في إبراز علاماتها عليهم إلى درجة أنه "تم الحسم في شأن السلوكات (يتعين على ردود فعل الرجل أن تكون كذا ويتعين على المرأة أن تسلك كذا) إلى الحد الذي يصعب فيه على شاب مغاربي قبول أدنى ارتجاج شهواني موجه إليه من صاحبه، دون أن يحس بأنه موضوع لاحتقار وازدراء قويين" .
إذن فلو كان المشرع يريد حماية الأعراض ومن ثم تجنب وصم الأشخاص؛ كان عليه، من باب أولى، أن ينص على ذلك بالنسبة للشذوذ لأنه أشد وصما من الفساد والخيانة الزوجية. فالوصم درجات يعتبر الفساد في أدنى درجة ثم بعده الخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي. ولا يقتصر الوصم على الشاذ وحده بل حتى على الذين يرافقونه. وهذا ما نجده عند الشباب، إذ غالبا ما يرفضون مصاحبة الشواذ ويمكنهم، بل يطلبون أحيانا مصاحبة ممارسي الفساد، وأحيانا الخائنين للزوجية. والأمر نفسه قد يكون بالنسبة للفتيات.
أليس من حقنا أن نتساءل عما هي المصلحة التي حماها المشرع من تحريمه لهذه السلوكيات وبالمقابل قيد وسائل الإثبات لبعضها دون البعض الآخر؟
الفقرة الثانية: المصلحة المحمية في الجرائم الجنسية الرضائية
يقول بعض الفقه بأن المشرع من خلال تجريمه للفساد وكذلك الخيانة الزوجية بأنه أراد حماية أخلاق المجتمع وقيمه. فلو كان بالفعل أراد ذلك فلماذا اشترط تقييد وسائل الإثبات من جهة ولماذا اشترط الوطء عنصرا مكونا للركن المادي للجريمة ولا يعاقب على أفعال أخرى غيرها فما الفرق بالنسبة للأخلاق بين إيلاج العضو التناسلي للذكر وبين إيلاج أصبعه أو شيء آخر في فرج الأنثى؟
فهل يكون المشرع من خلال تقييده لوسائل الإثبات أراد حماية قذف أعراض الناس؟ فنرد لو كان ذلك صحيحا فما الفرق بين الفساد والخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي؟ فدرجة الوصم في الشذوذ الجنسي أشد منها في الفساد.
ربما يكون أراد حماية النتائج واختلاط الأنساب ، قد يكون لهذا جانبه من الصحة والدليل على ذلك هو أن الخيانة الزوجية يمكن للزوج المخون توقيف المتابعة والعفو على العقوبة وتحريك المتابعة متوقف على شكواه. وقد يقال بأن المشرع من خلال اشتراط الشكاية أراد عدم التدخل في المسائل الأسرية واعتبر الرابطة الزوجية مسألة تخص الزوجين وتهمهما لوحدهما دون باقي أفراد المجتمع . قد يكون هذا صحيحا وهذا يتجلى بوضوح من خلال عقاب شريك الزوج الجاني ولا تتوقف متابعته على الشكاية حين يبرأ صاحبه حيث اعتبر المشرع توقف المتابعة على شكوى ظرفا شخصيا وليس عينيا . إلا أن قرارا للمجلس الأعلى قد يقلب هذه الفكرة وذلك باكتفائه لمتابعة زوج المشتكي بالخيانة الزوجية تقديم شكاية من طرف الزوج المجني عليه أما المتابعة بالمشاركة في هذه الجريمة فلا يشترط فيها تقديم الشكاية مهما كان هذا الزوج وعلل المجلس بأن المتهم الذي لم تقدم شكوى ضده لا يعتبر إلا شريكا وبالتالي لا تشترط في حقه الشكاية .
إن الحقيقة في جريمة الخيانة الزوجية هو أن المشرع قد حمى اختلاط الأنساب، فالزوج الذي يقبل خيانة زوجته فإنه بالضرورة يقبل مولودها إن كان من غيره ولا يحق له أن ينفي نسبه إلا بما هو مسطر قانونا لنفي النسب. ومن جهة أخرى قد حمى شعور الزوج الضحية، وبهذا يكون قد حمى النتائج، إذ أن الزوج الذي لا ينتقم من شريكه الخائن فيفترض أنه سلم أمره للقانون إلا إذا أراد صفحا.
أما بالنسبة للفساد فإن المشرع، وكما أشرنا لذلك سابقا أراد على الخصوص تجريم الإشباع الجنسي وفرض القمع الجنسي . وسندنا في ذلك مسألتين:
الأولى: هو أنه اشترط الإيلاج وهنا يظهر وكان المشرع أراد حماية النتائج كالحمل سفاحا إلا أن ذلك تفنده المسألة الثانية.
الثانية: هو تعليق عقاب الزوج الخائن على ضرورة تقديم شكوى من الزوج المخون لأنه في الحقيقة يفترض بأن الزوج يلبي رغباته الجنسية داخل قفص الزوجية ومن ثم ليس دافعه في الغالب إلى الخيانة الزوجية هو الكبت الجنسي الذي يطلب فرضه. وهذه المسألة لا يستفيد منها شريك الزوج الخائن وخاصة إن كان أعزبا . وقد يقال ما الداعي إلى التشدد في الإثبات؟ فنقول بأن المشرع تشدد في الإثبات ولكن أي تشدد هذا؟ فقد اشترط لذلك على رأس الوسائل محضر يحرره ضابط الشرطة القضائية في التلبس. وهنا تترك السلطة التقديرية لأجهزة الشرطة لتكييف الفعل كما تريد خاصة وأن محاضرها هنا يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس . وكيف سيتم إثبات العكس؟ وهذا ما يجعل الشرطة تمارس الابتزاز على الشباب.
إن الداعي الذي نعتقد بأن تجريم الفساد يجب أن ينطلق منه هو اعتباره اغتصابا مع تخفيف العقوبة، لكون دائما في الفساد ما تكون هناك "ضحية بالتدرج". فما الفرق بين فعل ضد أنثى تبلغ من العمر 17 سنة و364 يوما ضبطت في علاقة جنسية مع رجل هو، في المحتوى، فسادا ولكن يكيف هنا،شكلا، هتك عرض بدون عنف فتكون هي ضحية والرجل مجرما وتصل العقوبة 5 سنوات وإذا تم تشديدها تصل 10 سنوات -وهذا فيه حماية للقاصرة لكون رضاها هنا لا يكون كافيا لقصورها- وبين توأمتها التي مارست الجنس بعدها بثلاثة أيام يكيف فعلها فسادا وتحاكم مجرمة لا ضحية ولو نتج عن ذلك افتضاضها لكون هذا الأخير لا يعتبر جريمة بل مجرد ظرف تشديد في جرائم محددة" . فهل الأولى يكون رضاها غير كاف وبعد ثلاثة أيام يكفي رضا الثانية إن هذا لمن باب التناقض والتعسف أن تبرأ الأولى ولو بدون افتضاض وأن تدان الثانية مفتضة. فالمسألة كان ينبغي أن تؤخذ بنسبية لا بإطلاق. فلو كيف فعل الأولى هتك عرض ففعل الثانية يجب أن يكيف اغتصابا ليس لانعدام الرضا ولكن لعدم كفايته مع تخفيف العقوبة للفاعل بقدر مسؤوليتها. ولا يقتصر هذا فقط على الإناث بل حتى بالنسبة للذكور عندما تكون الأنثى هي الغاوية . ففي هذه الحالة كثيرا ما يعيب الرضا.
المطلب الثاني: عدم تناسق النصوص في الجرائم الجنسية غير الرضائية
يبقى من الصعب الإحاطة بكل مظاهر القصور التي تضمنتها الجرائم المبنية على عدم الرضا بين طرفي العلاقة وقد سبق أن تناولنا بعض مظاهر القصور عند حديثنا عن المناولة التشريعية لهذه الجرائم. ولذلك فإننا سنكتفي بجرائم هتك العرض والاغتصاب وسنتناول مظاهر القصور على مستوى المفاهيم وكذلك على مستوى التجريم والعقاب.
الفقرة الأولى: اللبس على مستوى مفاهيم بعض الجرائم
إن جريمة هتك العرض ليست من طبيعة واحدة، بل تتضمن كثيرا من الأفعال التي تطال جسم الضحية والتي عاقب عليها المشرع بعقوبات متماثلة لكل زمرة من الأفعال وجريمة هتك العرض بالعنف ليست هي الصورة المشددة لجريمة هتك العرض بدون عنف، سواء من حيث صنف الأفعال أو من حيث طبيعة الرضا فيها أو من حيث ظروف ارتكابها.
ففي الحالة التي يفرض فيها القانون أن يكون الفعل ضد إرادة الضحية وتكون الضحية قاصرة فإن الجريمة لا يمكن أن تتعلق بهذا الرضا، لأنه في الواقع يكون رضا القاصر غير فعال بسبب سنه وكذلك رضا والده أو الوصي عليه لا يكون صالحا لأنه ينسحب على فعل غير مشروع (جريمة) . والشيء نفسه قام المشرع بتمديده بالنسبة للعاجز والمعاق والمعروف بضعف قواه العقلية سواء كان ذكرا أو أنثى بالقانون رقم 03-24 فالمشرع قد حمى هذه الفئات لاعتبار قدراتها الصحية الضعيفة أو لصغر سنها باعتباره يعد قرينة على عدم النضج ولو كان الفعل برضا الضحية لكون الرضا يكون غير فعال أو معيبا، وهذه مسألة إيجابية ويصبح الفعل جناية إذا ما اقترن بالعنف أو
ارتكب بدون رضا .
أما من حيث طبيعة الأفعال فإن هتك العرض بدون عنف يشمل داخله أفعال قد تكيف فسادا أو خيانة زوجية أو شذوذا جنسيا بالنسبة للكبار غير المنصوص عليهم بالنسبة للفئات السابقة. وبعض هذه الأفعال التي تكون هتك عرض بدون عنف إن اقترن بالعنف فهو لا يتحول إلى هتك عرض بعنف وإنما يتحول لاغتصاب إن كانت الضحية أنثى.
وكل هذا في الحقيقة يظهر عدم دقة المصطلحات التي يستعملها المشرع.
وقد يقال بأن المشرع أراد أن يأخذ بمسألة التدرج في الرضا وأنه عاقب بالعقوبة نفسها، فنقول بأن عدم دقة المصطلحات تحدث إشكالا لدى الضحية وذويها ولنأخذ مثالا على ذلك:
فقد يدعي أهل الضحية بأن ابنتهم قد اغتصبت لكونها تتوفر على إحدى الصفات التي حددها القانون . لكن الجاني يتمسك بأن ذلك كان برضاها وأنها هي التي رضيت وربما طلبت ذلك. فيستشير -الأهل- نظرا لضعف الثقافة القانونية عن جريمة الاغتصاب فيتضح لهم عدم توفر أركانها مما يجعلهم يحجمون عن التبليغ لكونهم يجهلون بأن الفعل يكيف تحت وصف آخر هو هتك العرض وإذا ما حاولنا تسليط الضوء على العناصر التكوينية للجرائم السابقة كما حددها أدولوف رييولط فإننا سنجد:
هتك العرض بدون عنف:
1) هتك العرض بدون عنف
2) سن الضحية ويضاف لذلك عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية.
3) نية جرمية.
هتك العرض بالعنف:
1) هتك عرض.
2) أن يكون الفاعل قد ارتكبه أو حاول ارتكابه مع استعمال العنف.
3) نية جرمية.
اغتصاب :
1) وجود مواقعة بين ذكر وأنثى.
2) ارتكاب أعمال عنف كافية لتشل مقاومة الضحية.
3) نية جرمية.
يتضح من خلال ما سبق بأن هتك العرض بدون عنف يرتبط بظروف متعلقة بالضحية أما هتك العرض بالعنف وكذلك الاغتصاب فيرتبط بما يقوم به الجاني. وبالتالي نستطيع القول أن هتك العرض بدون عنف شرع لحماية الضحية في ذاتها وكرامتها. أما هتك العرض بعنف أو الاغتصاب فإنما شرع لعقاب الجاني اعتبارا لخطورته الإجرامية.
الفقرة الثانية: الاقتصار على حماية بعض الفئات دون أخرى
إننا سنتكلم فقط عما يمكن أن يدخل في صورة اغتصاب أو هتك عرض. ولو كان مجرما الفعل.
ليس كل فعل يتضمن إيلاجا يدون رضا الضحية يشكل اغتصابا وهكذا سواء كان غياب الرضا واقعا أو قانونا ، لا تشكل الأفعال التالية اغتصابا:
- مواقعة المرأة للرجل بدون رضاه: فهي تكيف هتك عرض بدون نقاش، ولكن اعتبار جريمة الاغتصاب ذات منحى واحد هي مسألة منتقدة فهل المرأة وحدها التي تغتصب (بفتح الصاد)؟ فإن كان هذا صحيحا في زمن الستينات فإنه لم يعد كذلك في هذا الوقت وحتى المشرع الفرنسي الذي اقتبسنا منه هذه الجرائم قد تراجع عن تعريف جريمة الاغتصاب كما هو عندنا، حيث أصبحت عنده جريمة الاغتصاب ذات منحيين وتتضمن كل أفعال الإيلاج .
كما أن هناك مسألة اغتصاب الزوجة من طرف الزوج والتي سبق وأن تطرقنا إليها في غير مرة سابقا. فقط نؤكد هنا أنها لا تحتاج إلى تجريم بل فقط تحتاج إلى جرأة القضاء وتفعيل الفصل 486 ق.ج، والذي ذهب بعض الفقه المغربي في تفسيره على ضوء الشريعة الإسلامية وإقصاء اغتصاب الزوجة. فنؤكد هنا بأن شرح النصوص الجنائية بمقتضيات دينية يتضمن مفارقة كبيرة، إذ أن القاعدة السائدة في القانون الجنائي هو مبدأ الشرعية وعدم القياس، وشرح الفصل 486 ق.ج كما سلف فيه معارضة لمبدأ الشرعية وكذلك للفصل 1 من ق.ج الذي يعتبر مصدر القاعدة الجنائية فقط هو التشريع. بالإضافة إلى أن المطلق لا يقيد إلا بنص خاص والفصل 486 ق.ج مطلق ولم يعمل على إقصاء الزوج منه كما عمل الفصل 490 ق.ج على إقصاء العلاقة الجنسية بين الزوجين من دائرة الفساد وشتان بين هاته وتلك.
بقي أن نتناول ظروف تشديد الجرائم السابقة.
لقد عمل المشرع المغربي على تشديد هذه الجرائم عندما يكون الجاني أصلا للضحية أما إن كان أخا لها أو أحدا من فروعها فإن الجريمة لا تشدد . وبصفة عامة لم تشدد جرائم هتك العرض والاغتصاب عندما تتعلق بالمحارم بصفة عامة غير الأصل.
والشيء نفسه يقال تشدد الجريمة عندما يكون الجاني خادما بالأجرة عند الضحية أو أصولها أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها إلا أنها لا تشدد عندما تكون الضحية خادمة عند الجاني أو أحد ممن تم ذكرهم. ومصطلح ممن لهم سلطة عليها قد تكفي للقول بأنها تشدد عندما تكون الضحية خادمة عند الجاني إلا أنها لا تقبل تمديدها إلى باقي الأشخاص بالنسبة للمخدوم. وحتى ممن لهم سلطة عليها لا نعتقد بأنها تشمل رابطة التبعية ودليلنا أن المشـرع الفرنسي ميز بينهما .
ومما تجدر الإشارة إليه أن مصطلح العاجز(ة) المنصوص عليها في الفصول 484 و485 و486 ق.ج.م. وإن كان يقبل أن يدخل تحته المريض مرضا مؤقتا فإنه لا يقبل أن يدخل تحته الشخص المسن غير العاجز إذ كان من باب أولى أن ينص على الأشخاص الواردين في الفصل 499 ق.ج وبصيغتها إذ كان ينبغي عدم الاكتفاء فقط بالعاجز والمعاق والمصاب بنقص عقلي والقاصر بل ينص على شخص مسن إذ حتى هذه الفئة تعاني بدورها من الانجراحية وكان ينبغي توفير الحماية لها موضوعا وشكلا.