إن الحديث عن بداية إجرام المرأة يقودنا إلى البحث عن بداية الإجرام، ولعل أول وأقدم جريمة قتل وصلت إلى علمنا هي جريمة قتل أحد أبناء سيدنا آدم لأخيه وقد حدثنا عنها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: واتل عليهم نبا ابني لآدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، قال لأقتلنك ثم يتم سبحانه وتعالى في نفس السورة: فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ( )، وبذلك يؤكد لنا القرآن الكريم بأن أول جريمة ارتكبت في هذه الأرض ارتكبها رجل وليس امرأة، ويستحيل معرفة أول جريمة ارتكبتها المرأة وذلك لانعدام الدلائل على ذلك بينما يمكننا معرفة بعض الجرائم التي ارتكبتها المرأة من خلال بعض القوانين والشرائع القديمة والتي ترجع لقرون قبل الميلاد، ومن بينها ما يسمى بشريعة “أورنمو” وشريعة “بت عشتار” ومدونة “حمو رابي”.
حيث جاء في مدونة “أورنمو” 2111-2003 ق م إحدى المواد التي تعاقب الزوجة التي أغرت بمفاتنها رجلا آخر والذي أدى إلى مضاجعتها، أما مدونة “لبت عشتار” فكانت تبيح الفساد بمفهومه الواسع، وإن كان ينظر إلى الزانية غير المتزوجة نظرة أقل مستوى من المرأة العفيفة.
أما مدونة “حمو رابي” فقد تضمنت ما كان يعرف بالبغاء المقدس حيث كانت البنت تقدم إلى المعبد تقربا للآلهة ( ). وعموما فالممارسات الجنسية في كل تلك المدونات التي تم ذكرها لم تكن تعتبر الزنا –باعتباره مفهوم يشمل كل من جريمة الفساد والخيانة الزوجية بمفهوم القانون المغربي- إخلال بالنظام العام بل اعتداء على حقوق الزوجية متى كانت المرأة متزوجة.
ولقد حدثنا القرآن الكريم على قصص الأقوام السابقة، حيث جاء فيها قصصا عن بعض النساء اللواتي ارتكبت بعض الجرائم ومنها امرأة لوط، وزوجة العزيز.
إن أن امرأة لوط خانت زوجها وأصرت على عناده وقد كان جزاؤها وجزاء قومه ما قاله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إن مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين، قال إن فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ( ).
أما عن زوجة العزيز الذي كان وزيرا للملك على خزائن مصر في عهد أحد ملوك المكسوس- فقد كانت تتردد بإظهار محاسنها ومفاتنها على سيدنا يوسف فانتهزت فرصة وجوده في بيتها يوما، فأوصدت الأبواب وقالت له أقبل علي فقد هيأت لك نفسي فرفض يوسف رغم إصرارها وبعد أن أراد الفرار أمسكت به من الخلف فمزقت قميصه وأنكرت ما فعلته ودخل يوسف السجن حيث لفقت له تهمة محاولة اغتصابها، وقد جاء ذلك في الكتاب العزيز والآية طويلة نذكر منها قوله تعالى: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك…( ) ( )
وقد جاءت الكتب السماوية الأخرى أيضا محرمة على المرأة بعض الأفعال.
أما في العصر الجاهلي من كثر ما كانت ترتكبه المرأة من جرائم كلها متعلقة بالزنا من شرب للخمر والرقص في الحانات كان العرب يخشون أن تزداد عندهم البنت بل إنهم كانوا يقتلونها أو يدفنونها وهي حية وفي متقبل عمرها وذلك تجنبا للعار والخزي الذي قد تأتى به وقد جاء في ذلك قوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) ( ).
وبدخول الإسلام حرم على المرأة أفعالا كثيرة كانت مباحة، إذ أن الزنا وشرب الخمر مثلا لم يكن محرما ومع أن الإسلام في بداية نزول الرسالة لم يحرم ذلك تحريما مطلقا بل كان ذلك تدريجيا حيث كان في البداية يحرم على المرء أن يسمح لابنته أن تزني مع شخص في بيت أبيها وكما أن الخمر كذلك كان يحرم إتيانه في الصلاة فقط، وكـذلك الشأن لمجموعة من الأفعال التي جاء تحريمها تدريجيا لكـن وبنزول الآية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( ). أصبح الحلال معروفا والحرام معروفا وأصبح أي إخلال للمرأة بتلك القواعد سببا في معاقبتها وهي في ذلك لا تختلف عن الرجل.
وبعد مرور أربعة عشر قرنا من الزمن تغير الأمر في كثير من الدول، إذ ارتفعت نسبة إجرام المرأة بتناقص حدة القوانين الرادعة وبالتخفيف من حجم العقوبة وهو الحال في الدول العربية و الإسلامية وكذلك الدول الغربية إذ بسبب مجموعة من المبادئ والتي نادى بها الفرنسيون مثل الحرية، هذه الحرية التي انتشر الحديث عنها في وسائل الإعلام الغربية، ثم حدف بعض الجرائم ونقلها من المحظور إلى ما هو اكثر من المندوب، حيث بدأت الشرعنة لدور الدعارة وتقنين ممارسة الفساد.
ففي ألمانيا مثلا ذهب المشرع الألماني إلى السماح بزواج نفس الجنس أي أن المرأة يمكنها أن تتزوج بقرينتها وكذلك الرجل وهو ما شاع في كثير من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح الفساد حقا للمواطنين في تلك الدولة.
و الجرائم مثل الفساد والبغاء( ) أصبح عند بعض الدول من القطاعات التي تشجع على السياحة فمتى كانت الحرية في الممارسة الجنسية كان الأمر استقطابا واستدراجا للسياج وبالتالي إنعاش الاقتصاد الوطني.
أما البغاء فقد أصبح ظاهرة عالمية أي أن هناك منظمات أصبحت متخصصة في البغاء وأصبح الحديث عن البغاء كجريمة منظمة ومثال ذلك جمعية الثالوث الصينية والياكوزا اليابانية والتي أصبح لها فروع في معظم الدول الأوربية والأسيوية( ).
إن التطور الذي عرفه إجرام المرأة تاريخيا يؤكد على أن إجرام المرأة يتغير بتغير تعامل القانون قاعدة وعقوبة مع ذلك الإجرام ومرد ذلك التعامل أيضا إلى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والدينية والفكرية للمجتمعات لكن هل يشكل المغرب استثناءا عن القاعدة؟
حيث جاء في مدونة “أورنمو” 2111-2003 ق م إحدى المواد التي تعاقب الزوجة التي أغرت بمفاتنها رجلا آخر والذي أدى إلى مضاجعتها، أما مدونة “لبت عشتار” فكانت تبيح الفساد بمفهومه الواسع، وإن كان ينظر إلى الزانية غير المتزوجة نظرة أقل مستوى من المرأة العفيفة.
أما مدونة “حمو رابي” فقد تضمنت ما كان يعرف بالبغاء المقدس حيث كانت البنت تقدم إلى المعبد تقربا للآلهة ( ). وعموما فالممارسات الجنسية في كل تلك المدونات التي تم ذكرها لم تكن تعتبر الزنا –باعتباره مفهوم يشمل كل من جريمة الفساد والخيانة الزوجية بمفهوم القانون المغربي- إخلال بالنظام العام بل اعتداء على حقوق الزوجية متى كانت المرأة متزوجة.
ولقد حدثنا القرآن الكريم على قصص الأقوام السابقة، حيث جاء فيها قصصا عن بعض النساء اللواتي ارتكبت بعض الجرائم ومنها امرأة لوط، وزوجة العزيز.
إن أن امرأة لوط خانت زوجها وأصرت على عناده وقد كان جزاؤها وجزاء قومه ما قاله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إن مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين، قال إن فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ( ).
أما عن زوجة العزيز الذي كان وزيرا للملك على خزائن مصر في عهد أحد ملوك المكسوس- فقد كانت تتردد بإظهار محاسنها ومفاتنها على سيدنا يوسف فانتهزت فرصة وجوده في بيتها يوما، فأوصدت الأبواب وقالت له أقبل علي فقد هيأت لك نفسي فرفض يوسف رغم إصرارها وبعد أن أراد الفرار أمسكت به من الخلف فمزقت قميصه وأنكرت ما فعلته ودخل يوسف السجن حيث لفقت له تهمة محاولة اغتصابها، وقد جاء ذلك في الكتاب العزيز والآية طويلة نذكر منها قوله تعالى: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك…( ) ( )
وقد جاءت الكتب السماوية الأخرى أيضا محرمة على المرأة بعض الأفعال.
أما في العصر الجاهلي من كثر ما كانت ترتكبه المرأة من جرائم كلها متعلقة بالزنا من شرب للخمر والرقص في الحانات كان العرب يخشون أن تزداد عندهم البنت بل إنهم كانوا يقتلونها أو يدفنونها وهي حية وفي متقبل عمرها وذلك تجنبا للعار والخزي الذي قد تأتى به وقد جاء في ذلك قوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) ( ).
وبدخول الإسلام حرم على المرأة أفعالا كثيرة كانت مباحة، إذ أن الزنا وشرب الخمر مثلا لم يكن محرما ومع أن الإسلام في بداية نزول الرسالة لم يحرم ذلك تحريما مطلقا بل كان ذلك تدريجيا حيث كان في البداية يحرم على المرء أن يسمح لابنته أن تزني مع شخص في بيت أبيها وكما أن الخمر كذلك كان يحرم إتيانه في الصلاة فقط، وكـذلك الشأن لمجموعة من الأفعال التي جاء تحريمها تدريجيا لكـن وبنزول الآية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( ). أصبح الحلال معروفا والحرام معروفا وأصبح أي إخلال للمرأة بتلك القواعد سببا في معاقبتها وهي في ذلك لا تختلف عن الرجل.
وبعد مرور أربعة عشر قرنا من الزمن تغير الأمر في كثير من الدول، إذ ارتفعت نسبة إجرام المرأة بتناقص حدة القوانين الرادعة وبالتخفيف من حجم العقوبة وهو الحال في الدول العربية و الإسلامية وكذلك الدول الغربية إذ بسبب مجموعة من المبادئ والتي نادى بها الفرنسيون مثل الحرية، هذه الحرية التي انتشر الحديث عنها في وسائل الإعلام الغربية، ثم حدف بعض الجرائم ونقلها من المحظور إلى ما هو اكثر من المندوب، حيث بدأت الشرعنة لدور الدعارة وتقنين ممارسة الفساد.
ففي ألمانيا مثلا ذهب المشرع الألماني إلى السماح بزواج نفس الجنس أي أن المرأة يمكنها أن تتزوج بقرينتها وكذلك الرجل وهو ما شاع في كثير من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح الفساد حقا للمواطنين في تلك الدولة.
و الجرائم مثل الفساد والبغاء( ) أصبح عند بعض الدول من القطاعات التي تشجع على السياحة فمتى كانت الحرية في الممارسة الجنسية كان الأمر استقطابا واستدراجا للسياج وبالتالي إنعاش الاقتصاد الوطني.
أما البغاء فقد أصبح ظاهرة عالمية أي أن هناك منظمات أصبحت متخصصة في البغاء وأصبح الحديث عن البغاء كجريمة منظمة ومثال ذلك جمعية الثالوث الصينية والياكوزا اليابانية والتي أصبح لها فروع في معظم الدول الأوربية والأسيوية( ).
إن التطور الذي عرفه إجرام المرأة تاريخيا يؤكد على أن إجرام المرأة يتغير بتغير تعامل القانون قاعدة وعقوبة مع ذلك الإجرام ومرد ذلك التعامل أيضا إلى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والدينية والفكرية للمجتمعات لكن هل يشكل المغرب استثناءا عن القاعدة؟