يقول عز وجل في كتابه العزيز:
قَد خَسِرَ اللَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّه افتراءً عَلى اللهِ,قد ضَلُّوا وما كانوا مُهْتَدِين سورة الأنعام الآية 140
انطلاقا من هذه الآية الكريمة..
نستهل حديثنا عن إشكالية الإجهاض بتفصيل وإيجاز..وذلك من الوجهة القانونية.
****
إن الجنين ..وإن لم ير النور..ولم يكتسب سائر حقوق الأحياء، فإن القضاء عليه، مخالف للفطرة السليمة..فلا يمكن أن يكون من حق الأم أو الأبوين..بل ولا من حق المجتمع..وبسبب الخطورة المزدوجة للإجهاض بالنسبة للجنين والأم ..فإنه لا يوجد تشريعٌ البوم..يجعل منه عملاً مباحا دون قيدٍ أو شرط.
ففي التشريعات المقارنة..فإن المبدأ العام..هو العقاب عليه..ثم تتفاوت التشريعات بعد ذلك في الحدود التي تسمح به فيها..
ففي القانون الفرنسي..كان الإجهاض جناية..وبعد إدخال بعض التعديلات..أصبح جنحة..حيث صدر تعديل لهذا القانون سنة 1923م، وَخَفِضَ الجزاء إلى عقوبة الحبس مع رفع العقوبة إذا قام به الأطباء أو الصيادلة أو طلبت الطب أو المولٍّدات..وتخفيضها عن كانت الأم هي التي قامت به..ومن هذا التعديل..اقتبس القانون المغربي نصوصه..كما سنرى.
الإجهاض في القانون المغربي:
لم يكن في القانون الجنائي المغربي نصوص خاصة بجريمة الإجهاض..إلى أن صدر ظهير 10 يوليو1939 م الذي يعاقب على الدعاية والتحريض على التقليل من الإنجاب والتناسل..
فعندما صدر القانون الجاري المطبق به..ابتداء من 17/6/1963..
تعرضت مواده..من 449 إلى 458.لجريمة الإجهاض والجرائم الملحقة بها.
وهكذا عاقبت المادتان 449و450 على الإجهاض العادي وعلى الإجهاض المرفق بظروف التشديد..
وتعرضت المادتان451 و 452..للأطباء والصيادلة والممرضين..ومَن في حكمهم الذين يرشدون إلى وسائل الإجهاض..أو ينصحون باستعمالها..أو يباشرونها..ومخالفة هؤلاء للحكم الصادر عليهم بالمنع من مزاولة المهنة..
وقررت المادة454 عقوبة منخفضة للمرأة التي تجهض نفسها أو تحاول ذلك..أو تَقْبَلُه.
وتعاقب المادة455 ..التحريض على الإجهاض بالخطب وبالدعاية لهم أو بتقديم أو ترويج المطبوعات أو الشعارات أو الصور.
أو المواد456،457..فتقرر تطبيق الحرمان بقوة القانون،من أية وظيفة في مَصحة،أو مؤسسة،ستقبل الحوامل على كل ما صدر عليه الحكم بالإدانة..بإحدى جرائم الإجهاض..سواء صدر الحكم داخل المغرب أو خارجه..
وتعاقب المادة 458 المخالف للمنع المفروض بالمادتين456،457..
وكان السبب الوحيد الذي سمح معه القانون بالإجهاض..الذي تتضمنه المادة 453..وكل هذا مع بقاء ظهير10 يوليو 1939 نافذا فيما يرجع إلى العقاب على الدعاية أو التحريض على تقليل النسل.
وفي فاتح يوليوز 1967 م..صدر مرسوم بتغيير المادتين 453،455..وإلغاء ظهير10 يوليو 1939 م
نستخلص من هذا التعديل..الأحكام الثلاثة التالية:
أولا: إلغاء العقاب على الدعاية لتحديد النسل،و التحريض على تقليل إنجاب الأطفال..فأصبح بذلك عملا مباحا يمارسه من يشاء.
ثانيا: التوسع في الأسباب المسموح من أجلها الإجهاض..فقد كان هناك سبب وحيد.. هو وجود الأم في خطر الموت..ولا تتوفر وسيلة أخرى لإنفاذ حياتها غير اللجوء إلى إجهاضها مع شروط:
• أن يقوم به الطبيب وعلانية.
• إخطار السلطة الإدارية.
أما الآن..فالإجهاض مسموح به كلما تطلبته (ضرورة المحافظة على الأم ).سواء الزوج أو لم يوافق..متى شهد الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم بأن المحافظة على صحة الأم تستوجب إجهاضها.
ثالثا: التشديد فيما يخص الدعاية والتحريض على الإجهاض..فقد كانت وسائل التحريض والمعاقبة محصورة..قاصرة على إلقاء الخطب والدعاية في العيادات الطبية..وتقديم المطبوعات أو ترويجها..بينما الآن يعاقب على:
التحريض بأية وسيلة كانت.
البيع وترويج الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو أشياء كيفما كان نوعها..ولو كانت هذه الأشياء غير صالحة عمليا لإحداث الإجهاض.
وبالإضافة إلى ذلك..إذا حدث الإجهاض فعلا بناء على التحريض أو تقديم أو بيع تلك الأشياء..فإن المُحَرِّض أو المُقَدِّم أو البائع..تطبق عليه عقوبة الإجهاض كما تطبق عليه عقوبة الإجهاض كما تطبق عليه العقوبة المشددة في حالة وفاة المرأة المحاوَل إجهاضها.
***
هكذا يكون المشرِّع..قد تشدد في عقاب التحريض على الإجهاض..في حين تساهل في عقاب الإجهاض ذاته..هو الاحتياط لسلامة الأم.. فَفَسَحَ المجال أمامها للإجهاض مباشرة بواسطة طبيب أو جراح..لأن هذا لا يقوم بع عادة إلا بعد التأكد من عدم تعريض الحامل للخطر..
وتَشَدَّدَ في عقاب المحرِّضِين ومروِّجي وسائل الإجهاض لِما في ذلك من خطر حياة الحوامل اللواتي يتأثرن بالتحريض أو يستعملن الوسائل المقدَّمة إليهن..
فَيَقْدِمْنَ على إجهاض أنفسهن دون مراجعة الطبيب..ويتعرضن بذلك في أغلب الحالات لعواقب..ومضاعفات خطيرة على صحتهن..وأحيانا على حياتهن ذاتها.
****
والذي نستخلص عموما من تعديل 1967م..أن المشرع..اتجه إلى الرغبة في تحديد النسل..عكس ما كان عليه الحال قبل هذا التعديل.
ولكن تحديد النسل والوقاية من الحمل شيء..والإجهاض شيء آخر..إنه إنهاء لحياة الجنين بعد بَدْءِ تكوينه..فهو كما سبق..قتل لإنسان بَدَأ في التكوين..وتهديد لسلامة الأم..وسلامة جهازها التناسلي..الأمر الذي يتطلب عدم السماح به إلا لمبررات جدية وخطير.
****
عناصر جريمة الإجهاض:
بالرغم من المرونة التي سلكها القانون الجنائي إزاء الإجهاض..فإن المبدأ العام فيه..هو العقاب عليه..و لذلك نص في المادة 449 على أن : »من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حُبلى أو يظن أنها كذلك… برضاها أو بدونه… سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى… يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائة و عشرين إلى خمسِمائة درهم «
يؤخذ من هذه المادة… أن لجريمة الإجهاض ثلاثة عناصر:
• فعل مادي .
• انتفاء الخطر عن صحة الأم أو حياتها.
• قصد جنائي.
أولا: فعل مادي:
لقد عَمَّم القانون في الفصل المادي المُكوِّن لجريمة الإجهاض… فيشمل كل وسيلة مادية استعملت لطرد الجنين من رَحِم أمه قبل الأوان و القضاء على حياته، مثل العنف، و الأدوية، و العقاقير، وأية مادة أخرى أعطيت في طعام أو شراب أو عن طريق الحقن أو غيره… وبالأحرى إدخال مادة أو أداة إلى الرحم للفتك بالحمل مباشرة.
ثانيا: إنتفاء الخطر عن صحة الأم أو حياتها:
و في المادة 453… السماح بالإجهاض إذا استلزمته ضرورة إنقاذ حياة الحامل أو المحافظة على صحتها… و يكون هذا الانتفاء أحد عناصر جريمة الإجهاض إذا قام به الطبيب أو الجراح، أما إذا قام به غيرهما فإن هذا العنصر غير مطلوب، بمعنى أن الإجهاض يعتبر إذ ذاك جريمة.
ثالثا: القصد الجنائي:
العنصر الثالث في جريمة الإجهاض… القصد الجنائي، وهو يتحقق ب:
1. اعتقاد الجاني أن المرأة حامل سواء كانت في الواقع كذلك أم لا.
2. أن يقصد الجاني من فعله المادي الذي يباشره على الحامل إجهاضُها… أي الفتك بالحمل و القضاء عليه، فلا تتحقق جريمة الإجهاض إذا تسبب فيه الفاعل عن غير قصد، كإعطاء دواء أو مادة خطأ أو إصابة الحامل بعنف غير مقصود، أو قصد العنف دون الإجهاض.
كما لا يتحقق القصد الجنائي إذا عمِد الفاعل إلى إخراج الجنين حياًّ قبل أوانِ الولادة الطبيعية لضرورة طبية اقتضت ذلك.
فالإجهاض لا يتحقق إلا إذا قصد الفاعل على الجنين و الفتك به.
****
ظروف التشديد في جريمة الإجهاض:
تعرض القانون الجنائي لظرفين اثنين، تُشَدَّدُ بهما العقوبة في جريمة الإجهاض، وهما:
• موت المرأة التي أجري عليها الإجهاض.
• الاعتياد على ممارسة الإجهاض.
فبالنسبة لموت المرأة، فتنص عليه المادة 449 في فقرتها الثانية، وتكون عقوبتها السجن من عشرِ إلى عشرين سنة.
أما الاعتياد على ممارسة الإجهاض، فتقضي عليه المادة 450 بعقوبتها، التي هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية.
حالات عدم العقاب على الإجهاض :
إذا كان المبدأ العام هو العقاب على إجهاض الحامل، فإن المادة 453 تعرضت للحالات التي يمكن أن يتم فيها الإجهاض دون أن يتعرض القائم به للمتابعة. وذلك في الحالتين الآتيتين:
• إذا كانت حياة الأم في خطر، وارتأى الطبيب أن إجهاضها يساعد إنقاذها.
• إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم .
****
وبهذا، نتمنى أن نكون قد لممنا بالجانب القانوني ( لإشكالية الإجهاض ) .
ويتضح، أن القانون يَعتبر الإجهاض جريمة، يعاقب عليها مثله مثل أي تشريعات أخرى.
محمد عادل التريكي
قَد خَسِرَ اللَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّه افتراءً عَلى اللهِ,قد ضَلُّوا وما كانوا مُهْتَدِين سورة الأنعام الآية 140
انطلاقا من هذه الآية الكريمة..
نستهل حديثنا عن إشكالية الإجهاض بتفصيل وإيجاز..وذلك من الوجهة القانونية.
****
إن الجنين ..وإن لم ير النور..ولم يكتسب سائر حقوق الأحياء، فإن القضاء عليه، مخالف للفطرة السليمة..فلا يمكن أن يكون من حق الأم أو الأبوين..بل ولا من حق المجتمع..وبسبب الخطورة المزدوجة للإجهاض بالنسبة للجنين والأم ..فإنه لا يوجد تشريعٌ البوم..يجعل منه عملاً مباحا دون قيدٍ أو شرط.
ففي التشريعات المقارنة..فإن المبدأ العام..هو العقاب عليه..ثم تتفاوت التشريعات بعد ذلك في الحدود التي تسمح به فيها..
ففي القانون الفرنسي..كان الإجهاض جناية..وبعد إدخال بعض التعديلات..أصبح جنحة..حيث صدر تعديل لهذا القانون سنة 1923م، وَخَفِضَ الجزاء إلى عقوبة الحبس مع رفع العقوبة إذا قام به الأطباء أو الصيادلة أو طلبت الطب أو المولٍّدات..وتخفيضها عن كانت الأم هي التي قامت به..ومن هذا التعديل..اقتبس القانون المغربي نصوصه..كما سنرى.
الإجهاض في القانون المغربي:
لم يكن في القانون الجنائي المغربي نصوص خاصة بجريمة الإجهاض..إلى أن صدر ظهير 10 يوليو1939 م الذي يعاقب على الدعاية والتحريض على التقليل من الإنجاب والتناسل..
فعندما صدر القانون الجاري المطبق به..ابتداء من 17/6/1963..
تعرضت مواده..من 449 إلى 458.لجريمة الإجهاض والجرائم الملحقة بها.
وهكذا عاقبت المادتان 449و450 على الإجهاض العادي وعلى الإجهاض المرفق بظروف التشديد..
وتعرضت المادتان451 و 452..للأطباء والصيادلة والممرضين..ومَن في حكمهم الذين يرشدون إلى وسائل الإجهاض..أو ينصحون باستعمالها..أو يباشرونها..ومخالفة هؤلاء للحكم الصادر عليهم بالمنع من مزاولة المهنة..
وقررت المادة454 عقوبة منخفضة للمرأة التي تجهض نفسها أو تحاول ذلك..أو تَقْبَلُه.
وتعاقب المادة455 ..التحريض على الإجهاض بالخطب وبالدعاية لهم أو بتقديم أو ترويج المطبوعات أو الشعارات أو الصور.
أو المواد456،457..فتقرر تطبيق الحرمان بقوة القانون،من أية وظيفة في مَصحة،أو مؤسسة،ستقبل الحوامل على كل ما صدر عليه الحكم بالإدانة..بإحدى جرائم الإجهاض..سواء صدر الحكم داخل المغرب أو خارجه..
وتعاقب المادة 458 المخالف للمنع المفروض بالمادتين456،457..
وكان السبب الوحيد الذي سمح معه القانون بالإجهاض..الذي تتضمنه المادة 453..وكل هذا مع بقاء ظهير10 يوليو 1939 نافذا فيما يرجع إلى العقاب على الدعاية أو التحريض على تقليل النسل.
وفي فاتح يوليوز 1967 م..صدر مرسوم بتغيير المادتين 453،455..وإلغاء ظهير10 يوليو 1939 م
نستخلص من هذا التعديل..الأحكام الثلاثة التالية:
أولا: إلغاء العقاب على الدعاية لتحديد النسل،و التحريض على تقليل إنجاب الأطفال..فأصبح بذلك عملا مباحا يمارسه من يشاء.
ثانيا: التوسع في الأسباب المسموح من أجلها الإجهاض..فقد كان هناك سبب وحيد.. هو وجود الأم في خطر الموت..ولا تتوفر وسيلة أخرى لإنفاذ حياتها غير اللجوء إلى إجهاضها مع شروط:
• أن يقوم به الطبيب وعلانية.
• إخطار السلطة الإدارية.
أما الآن..فالإجهاض مسموح به كلما تطلبته (ضرورة المحافظة على الأم ).سواء الزوج أو لم يوافق..متى شهد الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم بأن المحافظة على صحة الأم تستوجب إجهاضها.
ثالثا: التشديد فيما يخص الدعاية والتحريض على الإجهاض..فقد كانت وسائل التحريض والمعاقبة محصورة..قاصرة على إلقاء الخطب والدعاية في العيادات الطبية..وتقديم المطبوعات أو ترويجها..بينما الآن يعاقب على:
التحريض بأية وسيلة كانت.
البيع وترويج الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو أشياء كيفما كان نوعها..ولو كانت هذه الأشياء غير صالحة عمليا لإحداث الإجهاض.
وبالإضافة إلى ذلك..إذا حدث الإجهاض فعلا بناء على التحريض أو تقديم أو بيع تلك الأشياء..فإن المُحَرِّض أو المُقَدِّم أو البائع..تطبق عليه عقوبة الإجهاض كما تطبق عليه عقوبة الإجهاض كما تطبق عليه العقوبة المشددة في حالة وفاة المرأة المحاوَل إجهاضها.
***
هكذا يكون المشرِّع..قد تشدد في عقاب التحريض على الإجهاض..في حين تساهل في عقاب الإجهاض ذاته..هو الاحتياط لسلامة الأم.. فَفَسَحَ المجال أمامها للإجهاض مباشرة بواسطة طبيب أو جراح..لأن هذا لا يقوم بع عادة إلا بعد التأكد من عدم تعريض الحامل للخطر..
وتَشَدَّدَ في عقاب المحرِّضِين ومروِّجي وسائل الإجهاض لِما في ذلك من خطر حياة الحوامل اللواتي يتأثرن بالتحريض أو يستعملن الوسائل المقدَّمة إليهن..
فَيَقْدِمْنَ على إجهاض أنفسهن دون مراجعة الطبيب..ويتعرضن بذلك في أغلب الحالات لعواقب..ومضاعفات خطيرة على صحتهن..وأحيانا على حياتهن ذاتها.
****
والذي نستخلص عموما من تعديل 1967م..أن المشرع..اتجه إلى الرغبة في تحديد النسل..عكس ما كان عليه الحال قبل هذا التعديل.
ولكن تحديد النسل والوقاية من الحمل شيء..والإجهاض شيء آخر..إنه إنهاء لحياة الجنين بعد بَدْءِ تكوينه..فهو كما سبق..قتل لإنسان بَدَأ في التكوين..وتهديد لسلامة الأم..وسلامة جهازها التناسلي..الأمر الذي يتطلب عدم السماح به إلا لمبررات جدية وخطير.
****
عناصر جريمة الإجهاض:
بالرغم من المرونة التي سلكها القانون الجنائي إزاء الإجهاض..فإن المبدأ العام فيه..هو العقاب عليه..و لذلك نص في المادة 449 على أن : »من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حُبلى أو يظن أنها كذلك… برضاها أو بدونه… سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى… يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائة و عشرين إلى خمسِمائة درهم «
يؤخذ من هذه المادة… أن لجريمة الإجهاض ثلاثة عناصر:
• فعل مادي .
• انتفاء الخطر عن صحة الأم أو حياتها.
• قصد جنائي.
أولا: فعل مادي:
لقد عَمَّم القانون في الفصل المادي المُكوِّن لجريمة الإجهاض… فيشمل كل وسيلة مادية استعملت لطرد الجنين من رَحِم أمه قبل الأوان و القضاء على حياته، مثل العنف، و الأدوية، و العقاقير، وأية مادة أخرى أعطيت في طعام أو شراب أو عن طريق الحقن أو غيره… وبالأحرى إدخال مادة أو أداة إلى الرحم للفتك بالحمل مباشرة.
ثانيا: إنتفاء الخطر عن صحة الأم أو حياتها:
و في المادة 453… السماح بالإجهاض إذا استلزمته ضرورة إنقاذ حياة الحامل أو المحافظة على صحتها… و يكون هذا الانتفاء أحد عناصر جريمة الإجهاض إذا قام به الطبيب أو الجراح، أما إذا قام به غيرهما فإن هذا العنصر غير مطلوب، بمعنى أن الإجهاض يعتبر إذ ذاك جريمة.
ثالثا: القصد الجنائي:
العنصر الثالث في جريمة الإجهاض… القصد الجنائي، وهو يتحقق ب:
1. اعتقاد الجاني أن المرأة حامل سواء كانت في الواقع كذلك أم لا.
2. أن يقصد الجاني من فعله المادي الذي يباشره على الحامل إجهاضُها… أي الفتك بالحمل و القضاء عليه، فلا تتحقق جريمة الإجهاض إذا تسبب فيه الفاعل عن غير قصد، كإعطاء دواء أو مادة خطأ أو إصابة الحامل بعنف غير مقصود، أو قصد العنف دون الإجهاض.
كما لا يتحقق القصد الجنائي إذا عمِد الفاعل إلى إخراج الجنين حياًّ قبل أوانِ الولادة الطبيعية لضرورة طبية اقتضت ذلك.
فالإجهاض لا يتحقق إلا إذا قصد الفاعل على الجنين و الفتك به.
****
ظروف التشديد في جريمة الإجهاض:
تعرض القانون الجنائي لظرفين اثنين، تُشَدَّدُ بهما العقوبة في جريمة الإجهاض، وهما:
• موت المرأة التي أجري عليها الإجهاض.
• الاعتياد على ممارسة الإجهاض.
فبالنسبة لموت المرأة، فتنص عليه المادة 449 في فقرتها الثانية، وتكون عقوبتها السجن من عشرِ إلى عشرين سنة.
أما الاعتياد على ممارسة الإجهاض، فتقضي عليه المادة 450 بعقوبتها، التي هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية.
حالات عدم العقاب على الإجهاض :
إذا كان المبدأ العام هو العقاب على إجهاض الحامل، فإن المادة 453 تعرضت للحالات التي يمكن أن يتم فيها الإجهاض دون أن يتعرض القائم به للمتابعة. وذلك في الحالتين الآتيتين:
• إذا كانت حياة الأم في خطر، وارتأى الطبيب أن إجهاضها يساعد إنقاذها.
• إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم .
****
وبهذا، نتمنى أن نكون قد لممنا بالجانب القانوني ( لإشكالية الإجهاض ) .
ويتضح، أن القانون يَعتبر الإجهاض جريمة، يعاقب عليها مثله مثل أي تشريعات أخرى.
محمد عادل التريكي