جريمة التفالس والجرائم الأخرى في إطار نظام معالجة صعوبات المقاولة


المبحث الأول : شروط وعناصر قيام جريمة التفالس
لقد تميز النظام السابق الذي كان سائدا في ظل قانون التجارة القديم بتعقد، وكثرة الأفعال التي يجرمها ، فكان يقسمها قسمين هما : التفالس التدليسي والتفالس البسيط، مما كان يسبب نوعا من عدم التجانس ، كما يتسم هذا النظام بطابعه العقابي ، غير أنه في ظل مدونة التجارة الجديدة لسنة 1996، كان من الضروري مواكبة التطور الحاصل في مجال التجارة والأعمال ، مما جعل المشرع المغربي يقوم بمجموعة من الإصلاحات ويتخلى عن نظام الإفلاس الذي لم يعد يتماشى مع الفلسفة الجديدة للمشرع، التي تتمثل في تبني نظام صعوبات المقاولة وبناءا على داك تقرر توسيع دور القضاء التجاري على حساب القضاء الزجري فيما يتعلق بسير المسطرة أو بتجريم الأفعال المرتبطة بالتفالس .
وأصبحت تتجاذب جريمة التفالس كلا من مساطر القضاء التجاري والقضاء الزجري مما أثار جدلا حول علاقة كل منهما بالآخر، ولمعالجة هذه العلاقة لابد من الحديث في ( مطلب أول) عن شروط قيام جريمة التفالس على أن نتناول في ( مطلب ثاني ) عناصر هذه الجريمة .
المطلب الأول: شروط قيام جريمة التفالس
بعد ان دخلت مدونة التجارة الجديدة حيز التطبيق أصبح من اللازم للمتابعة بجريمة التفالس، افتتاح مسطرة المعالجة ( أولا) وزيادة على ذلك لابد من تحديد الصفة القانونية لاعتبار الشخص متفالس ( ثانيا ).

أولا : ضرورة صدور حكم بفتح المسطرة
تنص المادة 171 من مدونة التجارة المغربية على أنه :” ( يدان بالتفالس في حال افتتاح إجراء المعالجة … ) وهو نفس المقتضى الذي تنص عليه المادة 197 من قانون 25 يناير الفرنسي لمعالجة صعوبات المقاولة .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي عدل محتوى هذه المادة وذلك في القانون رقم 475-94 الصادر بتاريخ 10 يونيو 1994 حيث أصبحت تنص على أنه ” يدان بالتفالس في حالة افتتاح مسطرة المعالجة القضائية والتصفية القضائية )
وبالتالي يكون المشرع الفرنسي قد تلافا القصور الوارد في نص المادة السابقة، ذلك القصور الذي يوحي إلى التساؤل عن المقصود بإجراء المعالجة الواردة في المادة 721 من مدونة التجارة ؟ فهل هو حالتي التسوية والتصفية القضائية معا، أم مجرد التسوية القضائية فحسب ؟
وهنا يتجلى الغموض في نصر هذه المادة ، مما جعل بعض الفقه المغربي يذهب إلى القول بأن إجراء المعالجة يشمل كل من التسوية والتصفية القضائية ، غير أنه هناك من الباحثين من رأى خلاف ذلك وقال بأن المقصود بإجراء المعالجة في المادة 721 هو إجراء التسوية دون التصفية القضائية مستندا في ذلك إلى أن المشرع المغربي من خلال تنظيمه للكتاب المتعلق بصعوبات المقاولة ميز بين المعالجة والمتمثلة في مساطر التسوية ومساطر التصفية القضائية إضافة إلى أن المادة السابقة صريحة في اشتراط فتح المعالجة القضائية فقط.
وبغض النظر عن النقاش السابق، يتجلى أن القضاء الزجري أصبح يضطلع بدور كبير في مجال جريمة التفالس على حساب تراجع دور القضاء الزجري بعد أن تخلى المشرع المغربي عن شرط التوقف عن الدفع وإن كانت في نهاية المطاف مساطر المعالجة تؤدي إلى نفس النتيجة غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يدور حول الطبيعة القانونية لفتح المسطرة ؟ هل هي عنصر من عناصر الجريمة ؟ ام هي مجرد شرط مفترض ؟
وبالرجوع دائما إلى المادة 721 يرى بعض الباحثين أن الحكم القاضي بفتح المسطرة يدخل في عناصر جريمة التفالس وذلك لتعلقه بالموضوع لأن المشرع المغربي وضعه ضمن قواعد الموضوع دون مراعاة المسطرة معتمدة في ذلك إلى ما ذهب إليه القضاء الفرنسي في بعض أحكامه وخصوصا محكمة فيرساي .
حيث ورد في حكمها الصادر بتاريخ 10 مارس 1986 أن :” فتح المسطرة الجماعية هو بالضرورة مكون لجريمة التفالس ).
إلا أن هذا الحكم تعرض لانتقادات حادة من طرف الفقه الفرنسي حيث اعتبر الفقيه سوردينو sordino ان التبريرات التي قدمتها المحكمة غير مقنعة فبالرغم مما تنص عليه المادة 197 من قانون 25 يناير لسنة 1985 من ارتباط الإدانة بفتح المسطرة فإن ذلك لا يعني أن فتح المسطرة هو سبب الإدانة ، فهو ليس سوى إجراء مسطري .
كما اعتبر نفس الفقيه أن العنصر المكون للجريمة هو جزء من السلوك المعاقب عليه وذلك لانه يخرق قيمة اجتماعية محمية جنائيا بالاعتداء عليها أما الحكم القاضي بفتح المسطرة لا يخرق نصا جنائيا وهو منظم بمقتضيات تجارية محضة، كما أن العنصر المكون للجريمة ، حسب تعبير نفس الفقيه فهو عمل يتسبب فيه المجرم نفسه ويوضح بشكل مباشر النشاط الخارجي للمجرم غير أن الحكم القاضي بفتح المسطرة لا يعتبر عن تصرف إجرامي كما أنه لا يصدر عن المجرم إضافة إلى ذلك بتزامن العنصر المكون للجريمة معها دائما أما فتح المسطرة فقد يكون سابقا أولا حقا للفعل المكون للجريمة ، كما أنه ليس هو سبب الفعل الإجرامي للفاعل بناءا على الاعتبارات السابقة ، ذهب الفقه الفرنسي إلى اعتباره شرط مفترض ويعني ذلك أنه عنصرا قانونيا أو واقعيا من طبيعة غير جنائية يعد وجوده ضروريا لتحريك المتابعة الجنائية غير أنهم فرقوا بين الشرط المفترض الموضوعي والإجرائي فرتبوا على كون حكم فتح المسطرة شرط موضوعي أنه :
-يمكن اعتباره وضعية تمكن من تطوير النشاط الجرمي من طرف القانون الجنائي وهو بالضرورة سابق على الجريمة أما الحكم القاضي بفتح المسطرة فليس إلا إطار الجريمة التفالس يقوم من خلاله المتفالس بأفعال تؤخر فتح المسطرة في مواجهته .
كما اعتبروه مساعدا على تحديد التكييف القانوني للوضعية الجنائية أما فتح المسطرة فليس له أي تأثير مباشرة على جريمة التفالس
وهذا الطرح لا يتماشى مع التوجه السائد في التشريعات الحديثة ، وبالتالي عدم اعتبار حكم فتح المسطرة شرطا مفترضا موضوعيا للادانة بجريمة التفالس وبالتالي القول بأنه شرط مفترض شكلي وهو ما يترتب عنه أنه :
مجرد شرط مفترض لقبول المتابعة بجريمة التفالس وهو إجراء شكلي يتعلق بتطبيق قواعد مسطرية .
وهو نفس التوجه الذي ذهبت إليه الغرفة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية بشأن تطبيق قانون 25 يناير 1985 من حيث الزمان حيث ورد في قرارها الصادر بتاريخ 10 مارس 1986 أنه : ( شرط مفترض لممارسة الدعوى العمومية مؤسس لقاعدة مسطرية )
وبناءا على ما سبق وفي ظل الوضع الجديد الذي أصبح فيه شرط فتح المسطرة ضروريا للإدانة بالتفالس وتراجع شرط التوقف عن الدفع الذي لم يرد ضمن شروط الإدانة في مدونة التجارة الجديدة يطرح التساؤل حول مدى إلزامية حكم القضاء التجاري للقضاء الزجري ؟
لقد سارت مدونة التجارة في منحا مغايرا لما كان سائدا في ظل القانون التجاري لسنة 1913، الذي كان يعطي الأولوية لحقوق الدائنين على حساب مصلحة المقاولة والاقتصاد الوطني فإن الفلسفة الجديدة للمشرع تفرض تراجع مبادئ كانت سائدة فترة طويلة كاستقلال القضاء الجنائي عن القضاء المدني وأن الجنائي يوقف المدني وغيرها. إلا أن هذا التوجه لم يترسخ في الاجتهادات القضائية الحديثة حيث ان محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 2003 أقرت أن المحكمة الزجرية في إطار بحثها لعناصر جنحة التفالس المنسوبة للظنين غير مرتبطة بما انتهت إليه المحكمة التجارية وقد ذهبت في نفس الاتجاه المحكمة التجارية بأميان Amiens في حكمها الصادر 6 يونيو 1986 حيث بتت في إحدى القضايا على أساس المادة 403 من القانون الجنائي الفرنسي القديم والمادة 201 من قانون 25 يناير 1985 التي تمكن من المتابعة بالتفالس بالرغم من غياب حكم قاض يفتح مسطرة المعالجة غير أن هذا الحكم لم يتأيد استئنافيا .
إلا أن بعض الفقه اعتبر هذا التوجه القضائي يعتبر عودة إلى نظرية الإفلاس الفعلي ورفضا لارتباط القانون الجنائي بالقانون التجاري في مادة التفالس..
كما يثار التساؤل حول فتح المسطرة هل يجب أن يفهم على أساس التعبير اللغوي للنص أي المفهوم الضيق أو على أساس المفهوم الواسع للنص ؟
باتباع التفسير المبني على الدلالة اللغوية نجد أن مجرد وضع الطلب لدى كتابه ضبط المحكمة التجارية يكفي لإجراء المتابعة بجريمة التفالس ضد المدين وهو ما يظهر من خلال المادة 561 والمادة 568 من مدونة التجارة التي تنص كل منهما على فتح المسطرة بمجرد تقديم الطلب ويتاح إمكانية المتابعة ابتداء من هذا التاريخ وهو ما لا يتماشى مع فلسفة المشرع .
إلا أنه ينبغي ان يفهم فتح المسطرة بالمفهوم الواسع ، وذلك لان المشرع يريد وضع حاجز أمام تحريك الدعوى العمومية وهو ما يفسر أن حكم فتح المسطرة يجب أن يكون نهائيا وأن يحوز قوة الشي المقضي به ، باعتباره مؤسس لوضعية قانونية جديدة.
فعلى النيابة العامة انتظار الآجال القانونية للتعرض على الحكم وذلك تماشيا مع أهداف نظام صعوبات المقاولة والتي من خلالها أصبح القضاء التجاري هو الذي يحدد مفهوم التوقف عن الدفع وتاريخ هذا التوقف الذي طالما كان القاضي الجنائي مستقلا في تحديده ويرجع تاريخه إلى فترة سابقة على الحكم القاضي بفتح المسطرة من أجل تحديد الأفعال التي تشكل جريمة التفالس وهو ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية في حكما بتاريخ 1/11/1972
ويترتب على تحديد الطبيعة القانونية لفتح المسطرة آثار هامة على سير المتابعة في جريمة التفالس من إبرزها أنه :
يساعد تحديد الطبيعة القانونية لفتح المسطرة على تجاوز الإشكالات التي طرحت إبان بداية تطبيق مدونة التجارة في الزمان وذلك بخصوص المتابعة التي جرت قبل دخولها حيز التطبيق .
وهو ما يحدد القانون الأصلح للمتهم خصوصا أن هناك أفعالا ألغى عنها طابع التجريم الذي كان سائدا في ظل قانون 1913 الملغى وبالتالي اختفاء العنصر القانوني للجريمة فيها .
كما ان هناك أفعالا احتفظت بطابعها الجرمي، والتي تطرح عدة إشكالات من قبيل وجود وقائع مادية ارتكبت في ظل القانون الملغى ولم يصدر بشأنها حكم بات عند دخول القانون الجديد حيز التطبيق فهل يطبق عليها هذا الأخير ؟
لقد ذهب جانب من الفقه وخصوصا الفقه الفرنسي إلى القول بفكرة التطبيق الفوري للقانون الجديد بناءا على اعتبار أن فتح المسطرة شرطا مفترضا إجرائيا يمنع من الحديث عن وجود انقطاع بين القانونين أي يمنع وجود منطقة لا عقاب التي يحاول المتفالسون استغلالها بينما يذهب اتجاه آخر إلى القول أن القانون الجديد لا يمكن أن يطبق على حالات سابقة لدخول القانون الجديد حيز التطبيق بمجرد أنها احتفظت بطابعها الجرمي في ظل القانون وذلك :
لصراحة النص في هذا القانون في كل من المادة 240 من قانون 25 يناير 1985 ويقابلها المادة 735 من م ت المغربية .
- كما أن هناك اختلاف جوهري في فلسفة كل من القانونين
- كما يساعد تحديد الطبيعة القانونية كذلك على معرفة فترة التقادم بالنسبة للدعوى العمومية الناتجة عن تطبيق القانون الجنائي في الزمان
- فإذا كانت مدة التقادم المتعلقة بالدعوى العمومية في مدونة التجارة الجديدة هي نفسها في قانون المسطرة الجنائية الجديدة والتي هي 5 سنوات ميلادية فإن بدأ سريان أجل التقادم لا يبتدأ إلا من يوم النطق بالحكم القاضي بفتح المسطرة عكس ما عليه الحال في القواعد العامة التي يبدأ فيها هذا الأجل من يوم اقتراف الفعل المشكل للجنحة وهو ما نصت عليه المادة 725 من مدونة التجارة المغربية بقولها .
“لا يسري تقادم الدعوى العمومية أحكام الفصلين 1 و2 من هذا الباب إلا من يوم النطق بحكم فتح مسطرة إجراء المعالجة حينما تكون الأفعال المجرمة قد ظهرت قبل هذا التاريخ “.
وهو توجه يتماشى مع إرادة المشرع المغربي الذي أراد نوعا من الانسجام بين قواعد المسطرة والأحكام التي تصدر عن القضاء الزجري

ثانيا : توفر شرط الصفة للمتابعة بجريمة التفالس
تنص المادة 721 أن الأشخاص الذين يخضعون لصفة متفالسين هم الذين ورد ذكرهم في المادة 702 والتي تنص على أنه :
“تطبق مقتضيا هذا القسم على مسيري المقاولة الفردية او ذات شكل شركة والتي كانت موضوع فتح المسطرة سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين يتقاضون أجرا أم لا “.
يتضح من خلال هذه المادة ان المخاطبين بها، هم المسير لمقاولة فردية او كل مسير لشركة تجارية ولك شخص طبيعي ممثل لشركة تجارية يتولى إدارة أو تسيير شركة أخرى .
وتبقى دائما العلاقة ما بين القضاء التجاري والقضاء الجنائي مثار جدل في تحديد الصفة القانونية للشخص المتفالس .
خصوصا إذا ما قابلنا ما ورد في المادة السابقة مع ما كانت عليه نصوص القانون الجنائي التي كانت تنص على الصفة التجارية في المتابعة بهذه الجريمة .
فقد ضيقت هذه المادة من حرية القاضي الجنائي وربطته بالحكم الذي يصدره القضاء التجاري الذي يحدد ²صفة المتفالس بالنظر إلى ما جاءت به مدونة التجارة من مقتضيات .
وهذا يعكس تبعية القضاء الزجري للقضاء التجاري تقرير صفة التاجر وكذا في تقدير تلك الصفة خصوصا فيما يتعلق بالشخص الطبيعي
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يستلزم القاضي الجنائي بما سبق أن حكم به القضاء التجاري فيما يتعلق بتحديد الصفة التجارية أم لا ؟
لاجابة عن هذا التساؤل يمكن القول في ظل القانون التجاري الملغى كان القاضي الجنائي يتمتع بسلطة تقديرية في تحديد الصفة التجارية عن المحكمة التي أصدرت الحكم بالإفلاس .
غير أنه في ظل مدونة التجارة الحالية فالقاضي الجنائي مقيد ونابع بشكل كلى قرار وتحديد المحكمة التجارية وبالتالي ففي حالة رفض المحكمة التجارية فتح المسطرة بحجة عدم التثبيت من الصفة التجارية فليس للنيابة العامة أن تقوم بتحريك المتابعة .
وذلك نظرا المادة 702 من مدونة التجارة التي حددت مجال تطبيق الأشخاص الممكن إذا نتهم بالتفالس .
وهو ما يفرض على القضاء الزجري احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يعتبر من ركائز التجريم والعقاب .
وعدم القول بغير هذا يعيدنا إلى نظرية الإفلاس الفعلي كما يعتبر مخالف لإرادة المشرع في تبني فلسفة جديدة في هذا المجال .
وينطبق على الحرفي ما ينطبق على التاجر الشخص الطبيعي وبالتالي متابعته بجريمة التفالس بتت في حقه ارتكاب الأفعال المكونة للركن المادي للجريمة كما أن القاضي الجنائي يجد نفسه مقيدا كذلك بما سبق وقضت به المحكمة التجارية بفتح أو رفض مسطرة المعالجة القضائية .
غير أنه فيما يتعلق بالمزارع فإنه لا يخضع لأي قاعدة من القواعد التي تحكم التجارة في ظل مدونة التجارة وبالتالي استبعاد المتابعة في حقه بجريمة التفالس إلا إذا نشاطه إلى نشاط تجاري من قبيل تلك الأنشطة التجارية التي تضفي من يزاولها على سبيل الاعتياد والاحتراف صفة التاجر حسب تعبير الأستاذ الفروجي غير أن القضاء الزجري يتمتع بنوع من الاستقلالية في تحديد صفة مسير الشخص المعنوي سواء كان مسير قانوني وفعلي .
ففيما يتعلق بالمسير القانوني فهو الذي تناط به مهام الإدارة والتسيير الداخلي للشخص المعنوي وذلك بصفة قانونية سواء عن طريق تعيينه في النظام الأساسي للشركة أو من طرف الشركاء وعن طريق القضاء .
ولا يمكن للمسير القانوني أن يدفع بعدم الشرعية تعيينه للإفلات من المساءلة وذلك لكون المساءلة تطال حتى المسيرين الفعليين بمعنى أنه إذا زالت عنه صفة المسير القانوني فذلك لا يزيل صفة المسير الفعلي .
ويتمتع القاضي الجنائي بحرية مطلقة في تحديد صفة المسير وذلك لكونه يستطيع أن يطلع على النظام الأساسي للشخص المعنوي ، وعلى تقرير التسيير الذي يقدمه المسيرون للجمعية العامة ، وكذلك لائحة الحضور وتساعد هذه الوثائق القاضي الجنائي على التحقق من مزاولة الشخص المعني بمهام التسيير خصوصا وأن عمل المحكمة التجارية يقتصر على فتح المسطرة في مواجهة الشخص المعنوي وليس المسير أما فيما يتعلق بالمسير الفعلي فهو بالمفهوم السلبي كل من لا ينطبق عليه وصف مسير قانوني ويقوم بأعمال التسيير بكل حرية واستقلال إلا أنه لا يعد مسير فعليا الشخص الذي قدم مجرد مساعدة وعون مع الشخص المعنوي تحت إشراف ورقابة المسيرين القانونيين .
ويخضع تحديد صفة المسير الفعلي لتقدير القاضي الجنائي الذي يستند على الممارسة العملية للمسير وعلى مدى تدخله في الشؤون التدبير التسيير ومدى التزام الشخص المعنوي بقرارات المسير الفعلي .
وإضافة إلى الحالات السابقة فإن المشرع المغربي في المادة 722 من مدونة التجارة أقر حالة تمكن فيها المتابعة دون توفر صفة مسير وهي حالة الشريك le complie حيث قرر في الفقرة الثانية من نفس المادة أنه ( يتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبات وإن لم تكن لهم صفة مسيري المقاولة ).