مقدمة :
أمام الرهانات الاقتصادية الوطنية والدولية وفي ظل عولمة الاقتصاد حاول المشرع المغربي منذ بداية الثمانينات تحديث الترسانة القانونية وذلك بسن العديد من التشريعات من بينها التقويم الهيكلي الرامي إلي إقرار توازن مالية الدولة سنة 1983 وكذلك بإصلاح القوانين المتعلقة بالمقاولات والأعمال وقد هم في أول الأمر النظام الجبائي ثم توالت الترسانة القانونية بالتعاقب بإصدار قانون رقم 95/15 المتعلق بمدونة التجارة وقانون 95 / 17 المتعلق بشركة المساهمة وكذا قانون 95/53 المتعلق بإنشاء المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية وبالتالي جعل المقاولة أساس أي إقلاع اقتصادي مغربي يوازي التطور الدولي والرهانات .
بحيث تعتبر المقاولة أداة للنمو الاقتصادي المنشود لدي الدول في أفق بناء اقتصاد قوي قادر علي مواجهة التحديات التي قد تواجه كما هو الحال في المغرب الذي صادق علي اتفاقية .... والتي شكلت حجر الأساس في ميلاد المنظمة العالمية للتجارة لينتمي المغرب بعد ذلك لسوق تنافسية حرة في أفق سنة 2010 بعد توقيعه علي اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا هذا فضلا عن التحديات التي تجد أساسها في العولمة التي يشكل المجال الاقتصادي محورها الرئيسي .
أمام هذا التحدي كان لزما علي المشرع المغربي إحاطة المقاولة بمجموعة من الضمانات لكي تقوم بدورها، وككل كائن حي فإن المقاولة تولد وتعيش ويمكن أن تكون مسرحا لمجموعة من الاختلالات قد تؤدي إلي موتها فإذا كان الحل في القوانين السابقة هو القضاء علي الجسم المريض عن طريق تنظيم مسطرة إفلاس التي تنتهي بتصفية المقاولة فإن هذا الحل الآن تم تأجيله إلي مرحلة ثانية فعوض القضاء علي هذا الجسم المريض يمكن إعطائه وصفتا علاجية
وثم انتقلنا من قانون الإفلاس القديم إلي قانون صعوبات المقاولة الذي أولاه المشرع المغربي أهمية كبير بحيث خصص له كتاب كامل من مدونة التجارة وهو الكتاب الخامس المعنون بصعوبات المقاولة من المواد 545 إلي 732
وبما أن الموضوع قيد الدرس والتحليل يتناول المقاولة التجارية كان لزما الخوض في البحث عن الإشكالات التالية .
هل المقاولة المغربية قادرة علي المنافسة ؟ وعلي تحقيق الرهانات المنوطة بها ؟ وما هي الضمانات المخولة لهذه المقاولة ؟ وهل القانون المغربي يحمي المقاولة بالشكل الكافي للقيام بدورها علي أحسن وجه ؟ وكيف عالج المشرع المقاولة المختلة بمعني أخر هل نظام معالجة صعوبات المقاولة يحمل بين ثناياه حلولا قد تؤدي إلي انقاد المقاولة من جهة وحماية دائنيها من جهة أخري أم ما زال الطابع العقابي للمقاولة يطغى علي تصور المشرع المغربي للمقاولة التي توقفت عن تسديد ديونها .
كل هذه الإشكالات سنحاول تحليلها وتناولها بالدراسة من خلال تقسيم هذا الموضوع إلي فصلين كالأتي
الفصل الأول : الإطار القانوني للمقاولة
الفصل الثاني : مساطر معالجة صعوبات المقاولة
الفصل الأول:الإطارالقانوني للمقاولة
من المتعارف عليه في ضل جل التشريعات أن التاجر سواء كان شخصا طبيعيا أم معنويا، يخضع للعديد من الواجبات المهنية التي تفرضها عليه واقعة تعاطيه للأنشطة التجارية علي سبيل الاعتياد أو الاحتراف، على أن الالتزامات المفروضة علي التاجر في مقبل الحقوق التي يتمتع بها بحكم وضعيته القانونية تتعدد وتختلف باختلاف الغاية الرئيسية المتوخاة من واجب مهني ملقي على عاهله
ولهذا سنقوم بتقسيم هذا الفصل علي الشكل التالي :
المبحث الأول : التزامات المقاولات التجارية
المبحث الثاني : حقوق المقاولات التجارية
المبحث الأول : التزامات المقاولات التجارية
إن التزامات المقاولة متعددة مما لا يتسع معه المجال لتناولها بالدراسة علي اعتبار أن بعض هذه الواجبات تشكل بذاتها مواضيع مستقلة للدراسة . كما هو الشأن بالنسبة للالتزام بدفع الضرائب و الالتزام بفتح حساب بنكي...
إلي غير ذلك من الالتزامات الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلي عدم التطرق إلي هذه الالتزامات في مدونة التجارة لذي فستقتصر في دراستنا للالتزامات المقاولة علي تلك الالتزامات الرئيسية التي تعرضت إليها مدونة التجارة ويتعلق الأمر علي الخصوص بالالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة علي المراسلات " المطلب الأول " وبالالتزام بالشهر في السجل التجاري " المطلب الثاني ".
المطلب الأول : الالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة علي المراسلات
يمكن تعريف المحاسبة .......La comptabilité بأنها فرع من فروع العلوم الاقتصادية تهدف إلي تسجيل مفصل لمختلف الحركات التي لها قيمة اقتصادية من أجل تسيير تدبير الشؤون المالية والتجارية والصناعية [1]
ومن الآليات التي وظفها القانون التجاري لكفالة السرعة والائتمان التي تقوم عليها التجارة إلزام التجار بمسك محاسبة يسجلون فها كل ما يتعلق بعمليتهم التجارية [2]
وتمسك المحاسبة بواسطة دفاتر خاصة عددها المشرع , أما المراسلات فتترتب وتحفظ في ملف خاص بحيث أن هذه الدفاتر اعترف لها المشرع بالحجية في العلاقات بين التجار لذلك فإننا سنتعرض في البداية لتبين الوثائق المحاسبة وقواعد مسكها " الفقرة الأولي " ثم نتطرق في الأخير لحجيتها " الفقرة الثانية ".
الفقرة الأولي : الوثائق المحاسبية وقواعد مسكها
أولا : الوثائق المحاسبية
تمسك المحاسبة بواسطة مجموعة من الوثائق هي الدفاتر المحاسبية والقوائم التركيبية بالإضافة إلي ملف المراسلات
أ – الدفاتر المحاسبية من أهم الدفاتر المحاسبية التي ألزم المشرع المغربي التجار بمسكها هناك دفتر اليومية ودفتر الأستاذ ودفتر الجرد
لقد أوجبت المادة 1 و2 من القانون رقم 88-9 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب علي التجار العمل بها أن يمسك كل تاجر دفترا لليومية يسجل فيه عملياته التجارية عملية عملية ويوما بيوم سواء ما يتعلق منها من بيع وشراء أو اقتراض أو استلام بضائع إلي غير ذلك من الأعمال المرتبطة بنشاطه التجاري وقد أجاز المشرع أن تسجل بصورة مختصرة في مستند إثبات وحيد العمليات التي تكون متماثلة في طبيعتها وتنجز في المكان نفسه وخلال اليوم نفسه (المادة الأولي من قانون 88-9)[3]
دفتر الأستاذ هو عبارة عن سجل مخصص لنقل القيود الواردة في دفتر اليومية عن كل فترة معينة وتبرز في تجميع تفصيلي يوزع إلي عدة أقسام تسهل الضبط والمراقبة وتبين مركز التاجر وعلاقته بالزبناء [4] .
وأنشئ هذا الدفتر بمقتضي الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثانية من قانون 88-9 [5]
إضافة لدفتر اليومية ودفتر الأستاذ ألزمت المادة 6 من القانون رقم 88-9 التاجر بوضع جرد يتضمن قيمة عناصر المنشأة وخصومها على الأقل مرة في كل دورة محاسبة وأن يوقف جميع الحسابات ليعد الموازنة أو الحصيلة وحساب الأرباح والخسائر.
كما أوجبت المادة 6 علي التاجر أن ينقل إلي دفتر الجرد أو الإحصاء الحصيلة أو الموازنة وحساب الخسائر والأرباح فقط بحيث تكون مدة الدورة المحاسبية اثنا عشر شهرا . ويجوز بصورة استثنائية أن تكون أقل من ذلك " المادة 7 من ق.88-9 " 1-دفتر اليومية 2- دفتر الأستاذ أو الدفتر الكبير 3- دفتر الجرد أو الإحصاء.
القوائم التركيبية
أوجبت المادة 9 من قانون 88-9 علي الأشخاص الخاضعين لأحكامه إعداد قوائم تركيبية سنوية عند اختتام الدورة المحاسبية ويجب أن تتضمن هذه القوائم الموازنة وحساب العائدات والتكاليف وقائمة أرصدة الإدارة و جدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية.ويجب أن تكون هذه القوائم صورة صحفية صحيحة لأصول المقاولة وخصومها وكذا وضعيتها المالية ونتائجها " المادة 11من ق 88-9 " ولا يجوز تغير شكل تقديم القوائم التركيبية والطريقة المتبعة من دورة محاسبية لأخرى بحيث يجب تبرير كل تغيرات في قائمة المعلومات التكميلية " المادة 13 " وقد ميز القانون بين التجار الذين لا يتعدي رقم أعمالهم السنوي سبعة ملايين ونصف مليون درهم وألزمهم بإعداد قائمة الموازنة وقائمة حساب العائدات والتكاليف فقط و بين الذين يتعدي رقم أعمالهم ذلك المبلغ بحيث وجب عليهم إضافة إلي ذلك أن يعدوا قائمة أرصدة الإدارة وجدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية "المادة 21 من ق 88-9 "
ملف المراسلات :
هذا الالتزام نصت عليه المادة 26 من مدونة التجارة التي فرضت علي كل تاجر أن يرتب ويحفظ أصول المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الصادرة مدة عشر سنوات ابتداء من تاريخها .
وكلمة المراسلات الواردة في نص المادة " 26 من م ت " يجب أخدها بمعناها الواسع فهي تشمل مراسلات التاجر التي لها علاقة بتجارته بما فيها البرقيات والفاكسات , كما تشمل كافة المستندات والوثائق المتعلقة بتجارته من عقود وفاتورات وإيصالات ووثائق تأمين وشحن وتذاكر نقل وغيرها...[6]
ثانيا : قواعد مسك وتنظيم المحاسبة
أ –كيفية مسك المحاسبة
لتأمين البيانات المسجلة في الوثائق المحاسبية وخاصة دفتر اليومية ودفتر الجرد ففي هذا الإطار تقرر المادة 8 من القانون المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب علي التجار العمل بها أن يعرضها التاجر علي كاتب الضبط بالمحكمة الإبتدائية التابع لها مقر المنشأة ليرقم صفحات هذين الدفترين حتي يكونا منتظمين بشكل تسلسلي يحول دون أي تلاعب في مسكها عن طريق نزع بعض الصفحات منهما أو تغير محتواها بوضع صفحات أخري مكانها .
· الجزاءات المدنية :
حسب الفقرة الثانية من المادة 19 من م.ت. " إذا كانت تلك المحاسبة ممسوكة بانتظام فإنها تكون مقبولة أمام القضاء كوسيلة إثبات بين التجار في الأعمال المرتبطة بتجارتهم " وهذا ما يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يتم احترام القواعد الشكلية المتعلقة بمسك المحاسبة فإنها لا تعتبر منتظمة وبالتالي لا يمكن الإستناد إليها في الإثبات أمام القضاء .[7]
· الجزاءات الجناتية
علاوة علي ما تقره المادة 357 من القانون الجنائي المغربي بخصوص الحالة التي يثبت فيها تزوير أو تحريف في الوثائق المحاسبية باعتبارها من أهم المحررات التجارية [8]. تنص المادة 386 من القانون رقم 95-17 المتعلق بشركات المساهمة علي أنه " يعاقب بغرامة من 40.000 درهم إلي 400.000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين لم يعدوا برسم كل سنة مالية الجرد والقوائم التركيبية وتقرير التسيير ولم يودعوا بكتابة ضبط المحكمة القوائم التركيبية وتقرير مراقبي الحسابات داخل الأجل المحدد في المادة 158 " [9]
وإذا رجعنا إلي مدونة التجارة نلاحظ أنها تترتب علي عدم مسك وثائق محاسبة أو إخفاء هذه الوثائق أو إعداد حسابات غير مطابقة للحقيقة الحكم بالتفالس ضد الشخص الطبيعي أو المعنوي المعني بالأمر.[10]
الفقرة الثانية : حجية المحاسبات في الإثبات
قد تكون المحاسبة دليلا أو حجة بين التجار في معاملاتهم " المادة 19 ف 1 من المدونة " وقد تكون دليلا أو حجة لصاحبها أو عليه " المادة 21 من المدونة " وعليه فسوف نتطرق في البداية حجة الإثبات لمصلحة التاجر أو ضده " أولا " ثم نحدد كيفية استعمال هذه المحاسبة في الإثبات " ثانيا ".
أولا : الإثبات لمصلحة التاجر أو ضده
أ – الإثبات لمصلحة التاجر صاحب المحاسبة
تكون المحاسبة دليلا تاما لمصلحة التاجر ضد تاجر آخر فكل من التاجرين ملزم بمسك المحاسبة التجارية وبالتالي فإن القاضي يستطيع أن يستخرج الدليل أو الحجة القاطعة من قراءة وفحص محاسبة كل من التاجرين. [11]
ويمكن استخراج تلا شروط من المادة " 19 ف 2 " [12]
ب- الإثبات ضد التاجر صاحب المحاسبة
إن القيود الواردة في المحاسبة هي بمثابة إقرار يعتبر حجة علي التاجر الذي يمسك المحاسبة سواء كان الخصم الذي يحتج بها تاجر أو كان غير تاجر وهذا ما أكدته " المادة 20 " من المدونة "يجوز للغير أن يحتج ضد التاجر بمحتوي محاسبته ولو لم تكن ممسوكة بصفة منتظمة "
وهذه القاعدة تسري سواء كانت منتظمة أو غير منتظمة سواء كان النزاع مدنيا أو تجاريا لأن ما يقيده التاجر في محاسبته يعد بمثابة إقرار.
ثانيا : كيفية استعمال المحاسبة في الإثبات
تنص المادة 22 من المدونة "يجوز للمحكمة أثناء الدعوة أن تأمر تلقائيا أو بناء علي طلب أحد الأطراف بتقديم الوثائق المحاسبية أو بالإضلاع عليها " فنستنتج من هذا النص أن هناك طريقتان لاستعمال المحاسبة في الإثبات هما :
أ - التقديم : يقصد به وضع محاسبة التاجر رهن إشارة القاضي أو الخبير الذي يعينه لاستخراج البيانات والمحررات التي تهم النزاع المعروض علي المحكمة " المادة 23 من المدونة "
وإذا رفض التاجر تقديم محاسبته فللمحكمة أن تجبره علي ذلك عن طريق فرض غرامة تهديدية عليه كما يجوز لها أن توجه اليمين إلي الطرف الأخر لتعزيز طلبه حيث يعتبر كل رفض لتاجر بتقديم محاسبته وأداء اليمين من قبل خصمه قرينة علي صحة ادعاء هذا الأخير " المادة 25 "
ب- الإضلاع : ويقصد به وضع المحاسبة رهن إشارة الخصم لبطلع علي كافة بياناتها , وهذا الإطلاع إما أن يتم بالكيفية التي يتفق عليها الطرفان أو أن يتم بأمر من
المحكمة عن طريق إبداع الدفاتر لدي كتابة الضبط حتى يتسنى للخصم الإطلاع عليها. 1- مدة الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية والمستندات الإثباتية : يجب الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية مدة عشر سنوات من اختتامها " المادة 22 من قانون المحاسبة التجارية " ونفس المدة تنص عليها المادة 26 من مدونة التجارة بالنسبة لأصول المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الصادرة. 2- جزاءات الإخلال بقواعد مسك المحاسبة ترتب عن الإخلال بالأحكام المتعلقة بالوثائق المحاسبية التي يتعين علي التجار مسكها جزاءات مدنية وأخري جنائية . 1- أن يكون النزاع بين تاجرين أو أكثر فكلاهما يمكن له إن يقارع حجة خصمه بالحجة أو المحاسبة ذاتها بحيث لا يسوغ مبدئيا الدفع بالمحاسبة ضد غير التاجر أو التاجر الصغير الذي لايلتزم بمسك المحاسبة . 2- أن يتعلق الأمر بنزاع تجاري بالنسبة للخصمين ذلك أن القانون لا يوجب أن تقيد من المحاسبة إلا البيانات المتعلقة بالمعاملات التجارية وإذا كان النزاع يتعلق بمعاملة مدنية كما لو اشتري تاجر من أخر أدوات منزلية فإن التاجر المشتري لا يقوم بقيد هذه العملية في دفاتره فلا يمكن بالتالي إجراء مقارنة بين محاسبة الطرفين. 3- أن تكون المحاسبة منتظمة بمعنى متوفرة علي سائر الشروط الموضوعية والشكلية التي سبق بيانها ودراستها [13]
بحيث لا يمكن الإطلاع علي المحاسبة إلا في حالات استثنائية وردت علي سبيل الحضر وهي حالة التركة والقسمة والتسوية والتصفية القضائية والحالات التي تكون فيها الوثائق مشتركة بين الأطراف كحالة الشياع أو الملكية المشتركة " ف . 1. من المادة 24 .[14]
المطلب الثاني : القيد في السجل التجاري
يعتبر السجل التجاري حاليا من أهم وسائل الشهر القانوني la publicité légale .... بعدما ظلت أوساط التجارة والأعمال لمدة طويلة تقيد الأنشطة التجارية وطرق مزاولتها والظروف التي يتم فيها ذلك بالسرية كما لو كان الأمر يتعلق بالأمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة [15]ونظرا لكون التجارة تقوم علي الثقة والائتمان فمن حق الأغيار الذين يتعاملون مع أن يطلعوا على بعض جونب حياته المهنية التي بناءا عليها بمكنهم تقدير ما ادا كان هادا التاجر جديرا بالثقة التي سيضعونها فيه أم لا لهذا فقد أخد المشرع المغربي بمبدأ إجبارية القيد في السجل التجاري بحيث خلق لهذا الغرض سجلات فرعية في كل إقليم من أقاليم المملكة بالإضافة إلي السجل المركزي بالدار البيضاء وقد أوجب ذلك علي كل تاجر سواء كان فردا أو شركة مغربيا أو أجنبيا وعليه فسوف نطرق في البداية لأهداف السجل التجاري وطرق تنظيمه " الفقرة الأولي " ثم نتطرق بعد دلك لأحكام التسجيل فيه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولي : أهداف السجل التجاري وكيفية تنظيمه
أولا : أهدافه :
إن السجل التجاري يقوم بعدة وظائف من أهمها
أ – الإخبار : يحتوي السجل التجاري علي جل البيانات الخاصة بالتجار وبنشاطهم التجاري والصناعي بحيث يمكن لكل متعامل مع التجار أن يتعرف علي مركزه عن طريق طلب الحصول علي نسخة أو شهادة تثبت عدم وجود التقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه " المادة 29 من م.. "
ب- الشهر : إن التسجيل في السجل التجاري يحدث أثار منشئة لحقوق والتزامات هامة يطمئن إليها المتعاملون
ج – الإحصاء : يقدم السجل التجاري إحصاء شامل عن عدد التجار والشركات والمقاولات التجارية والفروع والوكالات الأجنبية والوطنية وأغراضها وأنواعها ورأس المال الرائج الوطني والأجنبي [16]
ثانيا : تنظيم السجل التجاري بالمغرب
يتكون السجل التجاري من سجلات محلية وسجل مركزي " المادة 28 من م.ت."
أ-السجل التجاري المحلي
هو مصلحة إدارية توجد في كل إقليم تتولاها كتابة ضبط المحكمة التجارية تحت إشراف قاض ينتدب لهده المهمة (المادة28 من مدونة التجارة)
ويتكون من قسمين الأول خاص بالسجل الترتيبي يقيد فيه ملخص البيانات المصرح بها . والثاني يتعلق بالسجل التحليلي تدون فيه البيانات بشكل تفصيلي [17]وبعد التسجيل يحصل التاجر علي رقم التسجيل. [18]
ويقدم التصريح بالتقييد في ثلاثة نظائر , ويجوز لكاتب الضبط المتلقي للتصريح أن يرفض إجراء القيد إذا كان التصريح لايتضمن كافة البيانات " المواد من 42 إلي 48 من المدونة " كما يحق له أن يتأكد من جميع البيانات المدلي بها " المادة 4 من المرسوم التطبيقي ".
ويلاحظ أن السجل التجاري المحلي علي خلاف السجل المركزي لايتسم بالعمومية أو العلانية [19]
ب- السجل التجاري المركزي
يمسك السجل التجاري المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية وهو مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يوجد مقرها بالدار البيضاء [20].
ويهدف هذا السجل إلي تركيز المعلومات المبنية في مختلف السجلات المحلية بمجموع المملكة . تسليم الشهادات المتعلقة بالتقييدات الأخري المسجلة فيه [21] .وأخيرا ومع بداية كل سنة تنشر مجموعة تضم معلومات عن أسماء التجار والتسميات التجارية والشعارات التي أرسلت " المادة 33 من م.ت.ج "
الفقرة الثانية : أحكام القيد في السجل التجاري
عرفت دائرة الملزمين بالشهر في السجل التجاري توسعا ا هاما علي ضوء المدونة الجديدة من خلال المادة 37 .
بحيث أصبح الملزمون بهذا القيد كل تاجر شخصا طبيعيا كان أم اعتباريا مغربيا أم أجنبيا ما دام يزاول نشاطه داخل تراب المملكة
ويلزم بالتسجيل كذلك كل مجموعة ذلت النفع دات الاقتصادي وفي ذلك وضع للتشكيك الذي ساد بعض الفقه المغربي [22]حول خضوعها من عدم القيد في السجل التجاري في ضل المقتضيات القديمة .
فإذا كان التاجر فردا فإنه يمكن أن يقدم طلب القيد أو تعديل القيد إما شخصيا أو بواسطة وكيله , المزود بوكالة تجارية ترفق بالطلب أما إذا كان شركة تجارية فإن طلب القيد أو التعديل يجب أن يقدم من قبل المسيرين أعضاء أجهزة الإدارة.[23]
ويتعين أن يقع القيد في السجل التجاري خلال ثلاثة أشهر من تاريخ فتح أو شراء الأصل التجاري إذا تعلق الأمر بالتاجر الفرد وداخل المدة نفسها إذا تعلق الأمر بشركة أو من يوم تأسيسها. [24]
ونشير في الأخير إلي أن المشرع المغربي قد رتب عدة جزاءات على الإخلال بالشهر في السجل التجاري وفي هذا الصدد فقد عمل علي تشديد هذه الجزاءات لإعطائها فعالية هامة فعدم القيد في السجل التجاري وفق المقتضيات الواردة في المدونة يترتب عنه أداء غرامة مالية من 1.000 إلي 5000 درهم مع العلم بتدارك القيد في اجل شهرين فإذا لم يتم ذلك تقضي المحكمة بغرامة جديدة [25]
وفي حالة القيد الكاذب أو إدراج بيانات غير صحيحة بسوء نية فإن العقوبة هي الحبس من شهر إلي سنة وغرامة ما بين 1000 و 50.000 درهم أو احدي هاتين العقوبتين فقط مع الأمر بتصحيح البيان الكاذب " المادة 63 و 66 من م.ت. ".
المبحث الثاني : حقوق المقاولات التجارية " المنافسة غير المشروعة نموذجا"
إن مدونة التجارة أتت بمجموعة من المستجدات تخص حقوق المقاولة التجارية من أهمها المنافسة غير المشروعة المنظمة بمقتضى ظهير 23 يونيو1916 وفي إطار تحديت الترسانة القانونية المغربية المواكبة لمدونة التجارة تم تعديل الظهير أعلاه من خلال قانون جديد رقم 97.17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية بمقتضى ظهير 19.00.1 بتاريخ 15 فبراير 2000 ومنه وجب وضع تعريف للمنافسة غير المشروعة وتميزها عن غيرها من الحالات المشابهة (مطلب أول) ثم الأساس القانوني لدعوى المنافسة الغير مشروعة (المطلب الثاني).
المطلب الأول : تعريف المنافسة غير المشروعة وتمييزها عن غيرها
المنافسة لغة معناها نزعة فطرية تدعو إلى بذل الجهد في سبيل التفوق والمنافسة تقابل التنافس وفي القرآن الكريم بعد التصوير القرآني للنعم التي يلقاها المؤمنون ، حثهم الله سبحانه وتعالى على التنافس في عمل الخير حتى ينالوها وفي ذلك تقول الآية الكريمة " ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"[26] وأصل اصطلاح Concurrence مشتق من الاصطلاح اللاتيني Cum-ludere والتي تعني Jouer ensemble بمعني يلعب في الجماعة أو يجري مع Courir - avec ، أو يسرع في جماعة Accourir ensemble لذا كان مفهوم المنافسة في بداية شيوعه يعني حالة خصومة وتنافس وصراع وحالة عداء مستمرة[27].
الفقرة الأولى: تعريف المنافسة غير المشروعة
أولا : التعريف القانوني :
إذا كان المشرع المغربي لم يعرف المنافسة غير المشروعة من خلال ظهير 23 يونيه 1916 المتعلق بالملكية الصناعية وإنما اكتفي بتبيان بعض الأفعال المكونة لها من جهة وتبيان الأسس القانونية التي تقوم عليها هذه الدعوى من جهة ثانية ثم تحديد مجال هذه الدعوى من جهة ثالثة[28] نلاحظ من خلال القانون الجديد رقم 17.97
المتعلق بحماية الملكية الصناعية الصادر بمقتضى ظهير رقم 1.00.19 بتاريخ 15 فبراير [29]2000 قد تدارك الموقف وعرفها في المادة 184 التي نصت على انه "
يعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ، كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري ".
وقد عرفتها الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامات التجارية والأسماء التجارية وأعمال المنافسة غير المشروعة بان " يعتبر غير مشروع كل عمل من أعمال المنافسة يتنافى مع العادات الشريفة في المعاملات الصناعية والتجارية "[30].
ثانيا : التعريف الفقهي :
يعرف الأستاذ شكري أحمد السباعي المنافسة غير المشروعة بأنها " التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الاستقامة التجارية أو الشرف المهني "[31] .
كما عرفها السيد J.VICENT بأنها " الإضرار بمنافسك بوسائل محرمة مباشرة (كمحاولة خلق الالتباس ، التشهير ، تحويل الأجزاء ، استعمال غير مشروع للمعلومات أو اللوائح الداخلية ، طرق الالتزام بالسرية ... الخ( أو غير مباشرة بواسطة التشويش كتحويل حملة إشهارية ، استعمال مشابه للعلامة التجارية أو منتوج محمي وإغراق السوق بالبضاعة "[32].
كما عرفها محمد المسلومي بأنها " هي التي تتحقق باستخدام التاجر لوسائل منافية للعادات والأعراف والقوانين التجارية والمضرة بمصالح المنافسين والتي من شأنها التشويش على السمعة التجارية وإثارة الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل الجمهور "[33]
ونعرف بدورنا المنافسة غير المشروعة بأنها " كل عمل مناف للقانون والعادات والأعراف والاستقامة التجارية وذلك عن طريق بث الشائعات والادعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية وذلك بهدف اجتذاب زبناء تاجر أو صانع منافس "[34] .
ثالثا : التعريف القضائي :
قد عرفت محكمة النقض المصرية المنافسة غير المشروعة بأنها "ارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو العادات أو استخدام وسائل منافية للشرف والأمانة والمعاملات ، متى قصد بها إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بإحداها وكان من شأنه اجتذاب عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها "[35] .
الفقرة الثانية : تمييز المنافسة غير المشروعة عن المؤسسات المشابهة بها :
أولا : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة :
إن المنافسة تعتبر أمرا ضروريا ومطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها المشروعة ، أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بان تحولت إلى صراع بين التجار يحاول كل منهم جذب عملاء غيره من التجار وإلحاق الضرر بهم بوسائل غير مشروعة ، فإنها تصبح شرا واجب المحاربة ويكون ضررها أكبر من نفعها ، فإذا استخدم التاجر أساليب غير مشروع من اجل التأثير على عملاء غيره من التجار واجتذابهم فإن هذه الأساليب تعتبر من قبيل المنافسة غير المشروعة[36]. وهي تختلف عن المنافسة الممنوعة التي تهم الحالة التي تكون فيها المنافية غير مقبولة بسبب الاستحالة القانونية أو التعاقدية[37]. أو بعبارة أخرى تلك المنافسة التي يحرمها القانون بنص خاص أو عن طريق اتفاق الأطراف .
فالمنافسة الممنوعة بنص القانون التي يحرمها القانون بنص خاص كخطر مزاولة مهنة الصيدلة على غير الحاصلين على شهادة الصيدلة فإذا زاول شخص هذه التجارة دون أن يكون حاصلا على هذه الشهادة جاز لأي تاجر آخر أن يواجهه بدعوى المنافسة الممنوعة[38].
أما المنافسة بمقتضى الاتفاق فهي التي تقوم على شرط صريح أو ضمني للعقد هذا الخرق الذي يرتب المسؤولية العقدية المنصوص عليها في الفصل 230 وما يليه من ق.ل.ع
أمام الرهانات الاقتصادية الوطنية والدولية وفي ظل عولمة الاقتصاد حاول المشرع المغربي منذ بداية الثمانينات تحديث الترسانة القانونية وذلك بسن العديد من التشريعات من بينها التقويم الهيكلي الرامي إلي إقرار توازن مالية الدولة سنة 1983 وكذلك بإصلاح القوانين المتعلقة بالمقاولات والأعمال وقد هم في أول الأمر النظام الجبائي ثم توالت الترسانة القانونية بالتعاقب بإصدار قانون رقم 95/15 المتعلق بمدونة التجارة وقانون 95 / 17 المتعلق بشركة المساهمة وكذا قانون 95/53 المتعلق بإنشاء المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية وبالتالي جعل المقاولة أساس أي إقلاع اقتصادي مغربي يوازي التطور الدولي والرهانات .
بحيث تعتبر المقاولة أداة للنمو الاقتصادي المنشود لدي الدول في أفق بناء اقتصاد قوي قادر علي مواجهة التحديات التي قد تواجه كما هو الحال في المغرب الذي صادق علي اتفاقية .... والتي شكلت حجر الأساس في ميلاد المنظمة العالمية للتجارة لينتمي المغرب بعد ذلك لسوق تنافسية حرة في أفق سنة 2010 بعد توقيعه علي اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا هذا فضلا عن التحديات التي تجد أساسها في العولمة التي يشكل المجال الاقتصادي محورها الرئيسي .
أمام هذا التحدي كان لزما علي المشرع المغربي إحاطة المقاولة بمجموعة من الضمانات لكي تقوم بدورها، وككل كائن حي فإن المقاولة تولد وتعيش ويمكن أن تكون مسرحا لمجموعة من الاختلالات قد تؤدي إلي موتها فإذا كان الحل في القوانين السابقة هو القضاء علي الجسم المريض عن طريق تنظيم مسطرة إفلاس التي تنتهي بتصفية المقاولة فإن هذا الحل الآن تم تأجيله إلي مرحلة ثانية فعوض القضاء علي هذا الجسم المريض يمكن إعطائه وصفتا علاجية
وثم انتقلنا من قانون الإفلاس القديم إلي قانون صعوبات المقاولة الذي أولاه المشرع المغربي أهمية كبير بحيث خصص له كتاب كامل من مدونة التجارة وهو الكتاب الخامس المعنون بصعوبات المقاولة من المواد 545 إلي 732
وبما أن الموضوع قيد الدرس والتحليل يتناول المقاولة التجارية كان لزما الخوض في البحث عن الإشكالات التالية .
هل المقاولة المغربية قادرة علي المنافسة ؟ وعلي تحقيق الرهانات المنوطة بها ؟ وما هي الضمانات المخولة لهذه المقاولة ؟ وهل القانون المغربي يحمي المقاولة بالشكل الكافي للقيام بدورها علي أحسن وجه ؟ وكيف عالج المشرع المقاولة المختلة بمعني أخر هل نظام معالجة صعوبات المقاولة يحمل بين ثناياه حلولا قد تؤدي إلي انقاد المقاولة من جهة وحماية دائنيها من جهة أخري أم ما زال الطابع العقابي للمقاولة يطغى علي تصور المشرع المغربي للمقاولة التي توقفت عن تسديد ديونها .
كل هذه الإشكالات سنحاول تحليلها وتناولها بالدراسة من خلال تقسيم هذا الموضوع إلي فصلين كالأتي
الفصل الأول : الإطار القانوني للمقاولة
الفصل الثاني : مساطر معالجة صعوبات المقاولة
الفصل الأول:الإطارالقانوني للمقاولة
من المتعارف عليه في ضل جل التشريعات أن التاجر سواء كان شخصا طبيعيا أم معنويا، يخضع للعديد من الواجبات المهنية التي تفرضها عليه واقعة تعاطيه للأنشطة التجارية علي سبيل الاعتياد أو الاحتراف، على أن الالتزامات المفروضة علي التاجر في مقبل الحقوق التي يتمتع بها بحكم وضعيته القانونية تتعدد وتختلف باختلاف الغاية الرئيسية المتوخاة من واجب مهني ملقي على عاهله
ولهذا سنقوم بتقسيم هذا الفصل علي الشكل التالي :
المبحث الأول : التزامات المقاولات التجارية
المبحث الثاني : حقوق المقاولات التجارية
المبحث الأول : التزامات المقاولات التجارية
إن التزامات المقاولة متعددة مما لا يتسع معه المجال لتناولها بالدراسة علي اعتبار أن بعض هذه الواجبات تشكل بذاتها مواضيع مستقلة للدراسة . كما هو الشأن بالنسبة للالتزام بدفع الضرائب و الالتزام بفتح حساب بنكي...
إلي غير ذلك من الالتزامات الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلي عدم التطرق إلي هذه الالتزامات في مدونة التجارة لذي فستقتصر في دراستنا للالتزامات المقاولة علي تلك الالتزامات الرئيسية التي تعرضت إليها مدونة التجارة ويتعلق الأمر علي الخصوص بالالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة علي المراسلات " المطلب الأول " وبالالتزام بالشهر في السجل التجاري " المطلب الثاني ".
المطلب الأول : الالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة علي المراسلات
يمكن تعريف المحاسبة .......La comptabilité بأنها فرع من فروع العلوم الاقتصادية تهدف إلي تسجيل مفصل لمختلف الحركات التي لها قيمة اقتصادية من أجل تسيير تدبير الشؤون المالية والتجارية والصناعية [1]
ومن الآليات التي وظفها القانون التجاري لكفالة السرعة والائتمان التي تقوم عليها التجارة إلزام التجار بمسك محاسبة يسجلون فها كل ما يتعلق بعمليتهم التجارية [2]
وتمسك المحاسبة بواسطة دفاتر خاصة عددها المشرع , أما المراسلات فتترتب وتحفظ في ملف خاص بحيث أن هذه الدفاتر اعترف لها المشرع بالحجية في العلاقات بين التجار لذلك فإننا سنتعرض في البداية لتبين الوثائق المحاسبة وقواعد مسكها " الفقرة الأولي " ثم نتطرق في الأخير لحجيتها " الفقرة الثانية ".
الفقرة الأولي : الوثائق المحاسبية وقواعد مسكها
أولا : الوثائق المحاسبية
تمسك المحاسبة بواسطة مجموعة من الوثائق هي الدفاتر المحاسبية والقوائم التركيبية بالإضافة إلي ملف المراسلات
أ – الدفاتر المحاسبية من أهم الدفاتر المحاسبية التي ألزم المشرع المغربي التجار بمسكها هناك دفتر اليومية ودفتر الأستاذ ودفتر الجرد
لقد أوجبت المادة 1 و2 من القانون رقم 88-9 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب علي التجار العمل بها أن يمسك كل تاجر دفترا لليومية يسجل فيه عملياته التجارية عملية عملية ويوما بيوم سواء ما يتعلق منها من بيع وشراء أو اقتراض أو استلام بضائع إلي غير ذلك من الأعمال المرتبطة بنشاطه التجاري وقد أجاز المشرع أن تسجل بصورة مختصرة في مستند إثبات وحيد العمليات التي تكون متماثلة في طبيعتها وتنجز في المكان نفسه وخلال اليوم نفسه (المادة الأولي من قانون 88-9)[3]
دفتر الأستاذ هو عبارة عن سجل مخصص لنقل القيود الواردة في دفتر اليومية عن كل فترة معينة وتبرز في تجميع تفصيلي يوزع إلي عدة أقسام تسهل الضبط والمراقبة وتبين مركز التاجر وعلاقته بالزبناء [4] .
وأنشئ هذا الدفتر بمقتضي الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثانية من قانون 88-9 [5]
إضافة لدفتر اليومية ودفتر الأستاذ ألزمت المادة 6 من القانون رقم 88-9 التاجر بوضع جرد يتضمن قيمة عناصر المنشأة وخصومها على الأقل مرة في كل دورة محاسبة وأن يوقف جميع الحسابات ليعد الموازنة أو الحصيلة وحساب الأرباح والخسائر.
كما أوجبت المادة 6 علي التاجر أن ينقل إلي دفتر الجرد أو الإحصاء الحصيلة أو الموازنة وحساب الخسائر والأرباح فقط بحيث تكون مدة الدورة المحاسبية اثنا عشر شهرا . ويجوز بصورة استثنائية أن تكون أقل من ذلك " المادة 7 من ق.88-9 " 1-دفتر اليومية 2- دفتر الأستاذ أو الدفتر الكبير 3- دفتر الجرد أو الإحصاء.
القوائم التركيبية
أوجبت المادة 9 من قانون 88-9 علي الأشخاص الخاضعين لأحكامه إعداد قوائم تركيبية سنوية عند اختتام الدورة المحاسبية ويجب أن تتضمن هذه القوائم الموازنة وحساب العائدات والتكاليف وقائمة أرصدة الإدارة و جدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية.ويجب أن تكون هذه القوائم صورة صحفية صحيحة لأصول المقاولة وخصومها وكذا وضعيتها المالية ونتائجها " المادة 11من ق 88-9 " ولا يجوز تغير شكل تقديم القوائم التركيبية والطريقة المتبعة من دورة محاسبية لأخرى بحيث يجب تبرير كل تغيرات في قائمة المعلومات التكميلية " المادة 13 " وقد ميز القانون بين التجار الذين لا يتعدي رقم أعمالهم السنوي سبعة ملايين ونصف مليون درهم وألزمهم بإعداد قائمة الموازنة وقائمة حساب العائدات والتكاليف فقط و بين الذين يتعدي رقم أعمالهم ذلك المبلغ بحيث وجب عليهم إضافة إلي ذلك أن يعدوا قائمة أرصدة الإدارة وجدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية "المادة 21 من ق 88-9 "
ملف المراسلات :
هذا الالتزام نصت عليه المادة 26 من مدونة التجارة التي فرضت علي كل تاجر أن يرتب ويحفظ أصول المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الصادرة مدة عشر سنوات ابتداء من تاريخها .
وكلمة المراسلات الواردة في نص المادة " 26 من م ت " يجب أخدها بمعناها الواسع فهي تشمل مراسلات التاجر التي لها علاقة بتجارته بما فيها البرقيات والفاكسات , كما تشمل كافة المستندات والوثائق المتعلقة بتجارته من عقود وفاتورات وإيصالات ووثائق تأمين وشحن وتذاكر نقل وغيرها...[6]
ثانيا : قواعد مسك وتنظيم المحاسبة
أ –كيفية مسك المحاسبة
لتأمين البيانات المسجلة في الوثائق المحاسبية وخاصة دفتر اليومية ودفتر الجرد ففي هذا الإطار تقرر المادة 8 من القانون المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب علي التجار العمل بها أن يعرضها التاجر علي كاتب الضبط بالمحكمة الإبتدائية التابع لها مقر المنشأة ليرقم صفحات هذين الدفترين حتي يكونا منتظمين بشكل تسلسلي يحول دون أي تلاعب في مسكها عن طريق نزع بعض الصفحات منهما أو تغير محتواها بوضع صفحات أخري مكانها .
· الجزاءات المدنية :
حسب الفقرة الثانية من المادة 19 من م.ت. " إذا كانت تلك المحاسبة ممسوكة بانتظام فإنها تكون مقبولة أمام القضاء كوسيلة إثبات بين التجار في الأعمال المرتبطة بتجارتهم " وهذا ما يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يتم احترام القواعد الشكلية المتعلقة بمسك المحاسبة فإنها لا تعتبر منتظمة وبالتالي لا يمكن الإستناد إليها في الإثبات أمام القضاء .[7]
· الجزاءات الجناتية
علاوة علي ما تقره المادة 357 من القانون الجنائي المغربي بخصوص الحالة التي يثبت فيها تزوير أو تحريف في الوثائق المحاسبية باعتبارها من أهم المحررات التجارية [8]. تنص المادة 386 من القانون رقم 95-17 المتعلق بشركات المساهمة علي أنه " يعاقب بغرامة من 40.000 درهم إلي 400.000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين لم يعدوا برسم كل سنة مالية الجرد والقوائم التركيبية وتقرير التسيير ولم يودعوا بكتابة ضبط المحكمة القوائم التركيبية وتقرير مراقبي الحسابات داخل الأجل المحدد في المادة 158 " [9]
وإذا رجعنا إلي مدونة التجارة نلاحظ أنها تترتب علي عدم مسك وثائق محاسبة أو إخفاء هذه الوثائق أو إعداد حسابات غير مطابقة للحقيقة الحكم بالتفالس ضد الشخص الطبيعي أو المعنوي المعني بالأمر.[10]
الفقرة الثانية : حجية المحاسبات في الإثبات
قد تكون المحاسبة دليلا أو حجة بين التجار في معاملاتهم " المادة 19 ف 1 من المدونة " وقد تكون دليلا أو حجة لصاحبها أو عليه " المادة 21 من المدونة " وعليه فسوف نتطرق في البداية حجة الإثبات لمصلحة التاجر أو ضده " أولا " ثم نحدد كيفية استعمال هذه المحاسبة في الإثبات " ثانيا ".
أولا : الإثبات لمصلحة التاجر أو ضده
أ – الإثبات لمصلحة التاجر صاحب المحاسبة
تكون المحاسبة دليلا تاما لمصلحة التاجر ضد تاجر آخر فكل من التاجرين ملزم بمسك المحاسبة التجارية وبالتالي فإن القاضي يستطيع أن يستخرج الدليل أو الحجة القاطعة من قراءة وفحص محاسبة كل من التاجرين. [11]
ويمكن استخراج تلا شروط من المادة " 19 ف 2 " [12]
ب- الإثبات ضد التاجر صاحب المحاسبة
إن القيود الواردة في المحاسبة هي بمثابة إقرار يعتبر حجة علي التاجر الذي يمسك المحاسبة سواء كان الخصم الذي يحتج بها تاجر أو كان غير تاجر وهذا ما أكدته " المادة 20 " من المدونة "يجوز للغير أن يحتج ضد التاجر بمحتوي محاسبته ولو لم تكن ممسوكة بصفة منتظمة "
وهذه القاعدة تسري سواء كانت منتظمة أو غير منتظمة سواء كان النزاع مدنيا أو تجاريا لأن ما يقيده التاجر في محاسبته يعد بمثابة إقرار.
ثانيا : كيفية استعمال المحاسبة في الإثبات
تنص المادة 22 من المدونة "يجوز للمحكمة أثناء الدعوة أن تأمر تلقائيا أو بناء علي طلب أحد الأطراف بتقديم الوثائق المحاسبية أو بالإضلاع عليها " فنستنتج من هذا النص أن هناك طريقتان لاستعمال المحاسبة في الإثبات هما :
أ - التقديم : يقصد به وضع محاسبة التاجر رهن إشارة القاضي أو الخبير الذي يعينه لاستخراج البيانات والمحررات التي تهم النزاع المعروض علي المحكمة " المادة 23 من المدونة "
وإذا رفض التاجر تقديم محاسبته فللمحكمة أن تجبره علي ذلك عن طريق فرض غرامة تهديدية عليه كما يجوز لها أن توجه اليمين إلي الطرف الأخر لتعزيز طلبه حيث يعتبر كل رفض لتاجر بتقديم محاسبته وأداء اليمين من قبل خصمه قرينة علي صحة ادعاء هذا الأخير " المادة 25 "
ب- الإضلاع : ويقصد به وضع المحاسبة رهن إشارة الخصم لبطلع علي كافة بياناتها , وهذا الإطلاع إما أن يتم بالكيفية التي يتفق عليها الطرفان أو أن يتم بأمر من
المحكمة عن طريق إبداع الدفاتر لدي كتابة الضبط حتى يتسنى للخصم الإطلاع عليها. 1- مدة الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية والمستندات الإثباتية : يجب الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية مدة عشر سنوات من اختتامها " المادة 22 من قانون المحاسبة التجارية " ونفس المدة تنص عليها المادة 26 من مدونة التجارة بالنسبة لأصول المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الصادرة. 2- جزاءات الإخلال بقواعد مسك المحاسبة ترتب عن الإخلال بالأحكام المتعلقة بالوثائق المحاسبية التي يتعين علي التجار مسكها جزاءات مدنية وأخري جنائية . 1- أن يكون النزاع بين تاجرين أو أكثر فكلاهما يمكن له إن يقارع حجة خصمه بالحجة أو المحاسبة ذاتها بحيث لا يسوغ مبدئيا الدفع بالمحاسبة ضد غير التاجر أو التاجر الصغير الذي لايلتزم بمسك المحاسبة . 2- أن يتعلق الأمر بنزاع تجاري بالنسبة للخصمين ذلك أن القانون لا يوجب أن تقيد من المحاسبة إلا البيانات المتعلقة بالمعاملات التجارية وإذا كان النزاع يتعلق بمعاملة مدنية كما لو اشتري تاجر من أخر أدوات منزلية فإن التاجر المشتري لا يقوم بقيد هذه العملية في دفاتره فلا يمكن بالتالي إجراء مقارنة بين محاسبة الطرفين. 3- أن تكون المحاسبة منتظمة بمعنى متوفرة علي سائر الشروط الموضوعية والشكلية التي سبق بيانها ودراستها [13]
بحيث لا يمكن الإطلاع علي المحاسبة إلا في حالات استثنائية وردت علي سبيل الحضر وهي حالة التركة والقسمة والتسوية والتصفية القضائية والحالات التي تكون فيها الوثائق مشتركة بين الأطراف كحالة الشياع أو الملكية المشتركة " ف . 1. من المادة 24 .[14]
المطلب الثاني : القيد في السجل التجاري
يعتبر السجل التجاري حاليا من أهم وسائل الشهر القانوني la publicité légale .... بعدما ظلت أوساط التجارة والأعمال لمدة طويلة تقيد الأنشطة التجارية وطرق مزاولتها والظروف التي يتم فيها ذلك بالسرية كما لو كان الأمر يتعلق بالأمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة [15]ونظرا لكون التجارة تقوم علي الثقة والائتمان فمن حق الأغيار الذين يتعاملون مع أن يطلعوا على بعض جونب حياته المهنية التي بناءا عليها بمكنهم تقدير ما ادا كان هادا التاجر جديرا بالثقة التي سيضعونها فيه أم لا لهذا فقد أخد المشرع المغربي بمبدأ إجبارية القيد في السجل التجاري بحيث خلق لهذا الغرض سجلات فرعية في كل إقليم من أقاليم المملكة بالإضافة إلي السجل المركزي بالدار البيضاء وقد أوجب ذلك علي كل تاجر سواء كان فردا أو شركة مغربيا أو أجنبيا وعليه فسوف نطرق في البداية لأهداف السجل التجاري وطرق تنظيمه " الفقرة الأولي " ثم نتطرق بعد دلك لأحكام التسجيل فيه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولي : أهداف السجل التجاري وكيفية تنظيمه
أولا : أهدافه :
إن السجل التجاري يقوم بعدة وظائف من أهمها
أ – الإخبار : يحتوي السجل التجاري علي جل البيانات الخاصة بالتجار وبنشاطهم التجاري والصناعي بحيث يمكن لكل متعامل مع التجار أن يتعرف علي مركزه عن طريق طلب الحصول علي نسخة أو شهادة تثبت عدم وجود التقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه " المادة 29 من م.. "
ب- الشهر : إن التسجيل في السجل التجاري يحدث أثار منشئة لحقوق والتزامات هامة يطمئن إليها المتعاملون
ج – الإحصاء : يقدم السجل التجاري إحصاء شامل عن عدد التجار والشركات والمقاولات التجارية والفروع والوكالات الأجنبية والوطنية وأغراضها وأنواعها ورأس المال الرائج الوطني والأجنبي [16]
ثانيا : تنظيم السجل التجاري بالمغرب
يتكون السجل التجاري من سجلات محلية وسجل مركزي " المادة 28 من م.ت."
أ-السجل التجاري المحلي
هو مصلحة إدارية توجد في كل إقليم تتولاها كتابة ضبط المحكمة التجارية تحت إشراف قاض ينتدب لهده المهمة (المادة28 من مدونة التجارة)
ويتكون من قسمين الأول خاص بالسجل الترتيبي يقيد فيه ملخص البيانات المصرح بها . والثاني يتعلق بالسجل التحليلي تدون فيه البيانات بشكل تفصيلي [17]وبعد التسجيل يحصل التاجر علي رقم التسجيل. [18]
ويقدم التصريح بالتقييد في ثلاثة نظائر , ويجوز لكاتب الضبط المتلقي للتصريح أن يرفض إجراء القيد إذا كان التصريح لايتضمن كافة البيانات " المواد من 42 إلي 48 من المدونة " كما يحق له أن يتأكد من جميع البيانات المدلي بها " المادة 4 من المرسوم التطبيقي ".
ويلاحظ أن السجل التجاري المحلي علي خلاف السجل المركزي لايتسم بالعمومية أو العلانية [19]
ب- السجل التجاري المركزي
يمسك السجل التجاري المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية وهو مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يوجد مقرها بالدار البيضاء [20].
ويهدف هذا السجل إلي تركيز المعلومات المبنية في مختلف السجلات المحلية بمجموع المملكة . تسليم الشهادات المتعلقة بالتقييدات الأخري المسجلة فيه [21] .وأخيرا ومع بداية كل سنة تنشر مجموعة تضم معلومات عن أسماء التجار والتسميات التجارية والشعارات التي أرسلت " المادة 33 من م.ت.ج "
الفقرة الثانية : أحكام القيد في السجل التجاري
عرفت دائرة الملزمين بالشهر في السجل التجاري توسعا ا هاما علي ضوء المدونة الجديدة من خلال المادة 37 .
بحيث أصبح الملزمون بهذا القيد كل تاجر شخصا طبيعيا كان أم اعتباريا مغربيا أم أجنبيا ما دام يزاول نشاطه داخل تراب المملكة
ويلزم بالتسجيل كذلك كل مجموعة ذلت النفع دات الاقتصادي وفي ذلك وضع للتشكيك الذي ساد بعض الفقه المغربي [22]حول خضوعها من عدم القيد في السجل التجاري في ضل المقتضيات القديمة .
فإذا كان التاجر فردا فإنه يمكن أن يقدم طلب القيد أو تعديل القيد إما شخصيا أو بواسطة وكيله , المزود بوكالة تجارية ترفق بالطلب أما إذا كان شركة تجارية فإن طلب القيد أو التعديل يجب أن يقدم من قبل المسيرين أعضاء أجهزة الإدارة.[23]
ويتعين أن يقع القيد في السجل التجاري خلال ثلاثة أشهر من تاريخ فتح أو شراء الأصل التجاري إذا تعلق الأمر بالتاجر الفرد وداخل المدة نفسها إذا تعلق الأمر بشركة أو من يوم تأسيسها. [24]
ونشير في الأخير إلي أن المشرع المغربي قد رتب عدة جزاءات على الإخلال بالشهر في السجل التجاري وفي هذا الصدد فقد عمل علي تشديد هذه الجزاءات لإعطائها فعالية هامة فعدم القيد في السجل التجاري وفق المقتضيات الواردة في المدونة يترتب عنه أداء غرامة مالية من 1.000 إلي 5000 درهم مع العلم بتدارك القيد في اجل شهرين فإذا لم يتم ذلك تقضي المحكمة بغرامة جديدة [25]
وفي حالة القيد الكاذب أو إدراج بيانات غير صحيحة بسوء نية فإن العقوبة هي الحبس من شهر إلي سنة وغرامة ما بين 1000 و 50.000 درهم أو احدي هاتين العقوبتين فقط مع الأمر بتصحيح البيان الكاذب " المادة 63 و 66 من م.ت. ".
المبحث الثاني : حقوق المقاولات التجارية " المنافسة غير المشروعة نموذجا"
إن مدونة التجارة أتت بمجموعة من المستجدات تخص حقوق المقاولة التجارية من أهمها المنافسة غير المشروعة المنظمة بمقتضى ظهير 23 يونيو1916 وفي إطار تحديت الترسانة القانونية المغربية المواكبة لمدونة التجارة تم تعديل الظهير أعلاه من خلال قانون جديد رقم 97.17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية بمقتضى ظهير 19.00.1 بتاريخ 15 فبراير 2000 ومنه وجب وضع تعريف للمنافسة غير المشروعة وتميزها عن غيرها من الحالات المشابهة (مطلب أول) ثم الأساس القانوني لدعوى المنافسة الغير مشروعة (المطلب الثاني).
المطلب الأول : تعريف المنافسة غير المشروعة وتمييزها عن غيرها
المنافسة لغة معناها نزعة فطرية تدعو إلى بذل الجهد في سبيل التفوق والمنافسة تقابل التنافس وفي القرآن الكريم بعد التصوير القرآني للنعم التي يلقاها المؤمنون ، حثهم الله سبحانه وتعالى على التنافس في عمل الخير حتى ينالوها وفي ذلك تقول الآية الكريمة " ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"[26] وأصل اصطلاح Concurrence مشتق من الاصطلاح اللاتيني Cum-ludere والتي تعني Jouer ensemble بمعني يلعب في الجماعة أو يجري مع Courir - avec ، أو يسرع في جماعة Accourir ensemble لذا كان مفهوم المنافسة في بداية شيوعه يعني حالة خصومة وتنافس وصراع وحالة عداء مستمرة[27].
الفقرة الأولى: تعريف المنافسة غير المشروعة
أولا : التعريف القانوني :
إذا كان المشرع المغربي لم يعرف المنافسة غير المشروعة من خلال ظهير 23 يونيه 1916 المتعلق بالملكية الصناعية وإنما اكتفي بتبيان بعض الأفعال المكونة لها من جهة وتبيان الأسس القانونية التي تقوم عليها هذه الدعوى من جهة ثانية ثم تحديد مجال هذه الدعوى من جهة ثالثة[28] نلاحظ من خلال القانون الجديد رقم 17.97
المتعلق بحماية الملكية الصناعية الصادر بمقتضى ظهير رقم 1.00.19 بتاريخ 15 فبراير [29]2000 قد تدارك الموقف وعرفها في المادة 184 التي نصت على انه "
يعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ، كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري ".
وقد عرفتها الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامات التجارية والأسماء التجارية وأعمال المنافسة غير المشروعة بان " يعتبر غير مشروع كل عمل من أعمال المنافسة يتنافى مع العادات الشريفة في المعاملات الصناعية والتجارية "[30].
ثانيا : التعريف الفقهي :
يعرف الأستاذ شكري أحمد السباعي المنافسة غير المشروعة بأنها " التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الاستقامة التجارية أو الشرف المهني "[31] .
كما عرفها السيد J.VICENT بأنها " الإضرار بمنافسك بوسائل محرمة مباشرة (كمحاولة خلق الالتباس ، التشهير ، تحويل الأجزاء ، استعمال غير مشروع للمعلومات أو اللوائح الداخلية ، طرق الالتزام بالسرية ... الخ( أو غير مباشرة بواسطة التشويش كتحويل حملة إشهارية ، استعمال مشابه للعلامة التجارية أو منتوج محمي وإغراق السوق بالبضاعة "[32].
كما عرفها محمد المسلومي بأنها " هي التي تتحقق باستخدام التاجر لوسائل منافية للعادات والأعراف والقوانين التجارية والمضرة بمصالح المنافسين والتي من شأنها التشويش على السمعة التجارية وإثارة الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل الجمهور "[33]
ونعرف بدورنا المنافسة غير المشروعة بأنها " كل عمل مناف للقانون والعادات والأعراف والاستقامة التجارية وذلك عن طريق بث الشائعات والادعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية وذلك بهدف اجتذاب زبناء تاجر أو صانع منافس "[34] .
ثالثا : التعريف القضائي :
قد عرفت محكمة النقض المصرية المنافسة غير المشروعة بأنها "ارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو العادات أو استخدام وسائل منافية للشرف والأمانة والمعاملات ، متى قصد بها إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بإحداها وكان من شأنه اجتذاب عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها "[35] .
الفقرة الثانية : تمييز المنافسة غير المشروعة عن المؤسسات المشابهة بها :
أولا : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة :
إن المنافسة تعتبر أمرا ضروريا ومطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها المشروعة ، أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بان تحولت إلى صراع بين التجار يحاول كل منهم جذب عملاء غيره من التجار وإلحاق الضرر بهم بوسائل غير مشروعة ، فإنها تصبح شرا واجب المحاربة ويكون ضررها أكبر من نفعها ، فإذا استخدم التاجر أساليب غير مشروع من اجل التأثير على عملاء غيره من التجار واجتذابهم فإن هذه الأساليب تعتبر من قبيل المنافسة غير المشروعة[36]. وهي تختلف عن المنافسة الممنوعة التي تهم الحالة التي تكون فيها المنافية غير مقبولة بسبب الاستحالة القانونية أو التعاقدية[37]. أو بعبارة أخرى تلك المنافسة التي يحرمها القانون بنص خاص أو عن طريق اتفاق الأطراف .
فالمنافسة الممنوعة بنص القانون التي يحرمها القانون بنص خاص كخطر مزاولة مهنة الصيدلة على غير الحاصلين على شهادة الصيدلة فإذا زاول شخص هذه التجارة دون أن يكون حاصلا على هذه الشهادة جاز لأي تاجر آخر أن يواجهه بدعوى المنافسة الممنوعة[38].
أما المنافسة بمقتضى الاتفاق فهي التي تقوم على شرط صريح أو ضمني للعقد هذا الخرق الذي يرتب المسؤولية العقدية المنصوص عليها في الفصل 230 وما يليه من ق.ل.ع