مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة
لقد عمد المشرع المغربي بموجب مقتضيات مدونة التجارة إلي الاهتمام وبشكل كبير بوضعية المقاولة خلال الفترة السابقة للتوقف عن دفع ديونها الحالة , حيث وضع أحكاما متوخيا من ورائها تجنب مخاطر الوقوع في صعوبات من شأنها أن تؤثر علي تسيير نشاطها الطبيعي وتزداد تبعا لذلك المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها مختلف الأطراف المرتبطة بها وذات مصلحة في بقائها ووجودها .
ويقصد بمساطر الوقاية من صعوبات المقاولة بصفة عامة تلك التدابير الحمائية التي تروم مواجهة واستفحال علامات وبوادر الصعوبات للحيلولة دون تطورها إلي صعوبات حقيقية تهدد استمرارية الحياة الإقتصادية للمقاولة [55]
وتنقسم مساطر الوقاية من الصعوبات إلي قسمين :
* وقاية داخلية: وتلعب فيها أجهزة المقاولة دورا كبيرا وعلي الخصوص مراقب الحسابات الذي عزز دوره وسلطاته في هذا المجال قانون شركات المساهمة
* وقاية خارجية : وهذه المسطرة محددة بمقتضيات المادة 545 من م ت حيث تنتقل مسطرة الوقاية إلي جهات أجنبية عن المقاولة وتتمثل أساسا في رئيس المحكمة التجارية والوكيل الخاص .
المطلب الأول مسطرة الوقاية الداخلية :
هذه المسطرة عبارة عن مجموعة من الإجراءات والتدابير الإدارية والاقتصادية التي يتم أتخادها داخل المقاولة بواسطة أجهزتها وذلك بإتباع مسطرة محددة للتغلب علي علامات وبوادر الصعوبات التي تخرق سيرها العادي.
وما كانت تسمية المشرع لها بالوقاية الداخلية من صعوبات المقاولة إلا لكونها تمارس من طرف الأجهزة الداخلية للمقاولة والتي تتألف في أغلبها من رئيس المقاولة مراقب الحسابات الشركاء , إدارة المقاولة , أي بعبارة أوضح انحسار مجالها في النطاق الداخلي للمقاولة وبين أعضائها .
ومسطرة الوقاية منظمة بموجب المادتين 546 و 547 من م ت ويتم تحريك هذه المسطرة من طرف :
* إما من طرف مراقب الحسابات إن وجد في الشركة أو أي شريك في الشركة عند ملاحظته لوقائع أو لكل ما من شأنه الإخلال بإستمرارية استغلالها "المقاولة " وعلي هذه الجهات متي تبين لها هناك اختلالات فإنها تعمل علي إخبار رئيس المقاولة بذلك بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وذلك داخل ثمانية أيام من تاريخ اكتشافه لهذه الوقائع يدعوه فيها إلي تصحيح ذلك الإخلال [58] . وتعتبر هذه الوقائع ذات مصادر متعددة كتدهور المقاولة في وضعيتها المالية أو فقدان أسواق مهمة أو تكرار الإضرابات عن العمل .
لذلك سننتقل للحديث عن فئتي المحاسب والشركاء.
مراقب الحسابات:
يعد مراقب الحسابات جهازا أوجده المشرع لرقابة الشركة والتدقيق في حساباته وماليتها، حماية للشركة ذاتها وللمساهمين أنفسهم وللأغيار، من خلال نصه على تعيين مراقب أو مراقبين للحسابات إما وجوبا أو اختيارا في بعض الشركات[59].
ومراقب الحسابات إما شخص ذاتي أو معنوي فقد نص المشرع على تعيينه وجوبا كلما تعلق الأمر بشركة المساهمة حيث أكد ذلك القانون رقم 17-95 وذلك من خلال المادة 159 التي نصت على أنه: يجب أن يتم في كل شركة مساهمة تعيين مراقبين للحسابات يعهد إليهم بمهمة مراقبته وتتبع حسابات الشركة"، أو كلما تعلق
الأمر بالشركات التي يفوق رقم معاملاتها 50 مليون درهم، أما الحالة الثانية والمتعلقة باختيارية تعيين مراقب الحسابات فإنها تشمل باقي الشركات.
ويعين مراقب الحسابات من طرف الجمعية العامة لمدة 3 سنوات مالية وذلك بعد تأسيس المقاولة أو أثناء التأسيس لمدة سنة، وفي حالة عدم تعيينه من طرف الجمعية العامة فإنه يعين من طرف رئيس المحكمة حسب المادة 165 باعتباره قاضي المستعجلات.
ويقوم المحاسب بمهمة التحقق من القيم والدفاتر والوثائق المحاسبية للشركة، ومن مراقبة مطابقة حساباتها للقواعد المعمول بها، ولا يمكن لأحد الاحتجاج بالسر المهني ضد مراقب الحسابات.
الشركاء:
إنه في بعض الأحيان يمكن القول بأنه لا يمكن ولا ينبغي المراهنة على مراقب الحسابات وحدة فيما يخص وقاية المقاولة من الصعوبات التي تواجه المقاولة،مما دفع المشرع المغربي إلى إسناد المسطرة الداخلية إلى الطرف الآخر وهو الشريك.
وبذلك يمكن للشركاء في كافة الشركات التجارية ما عدا شركة المحاصة والشركات ذات المسؤولية المحدودة ذات الشخص الواحد، أن يحركوا مسطرة الوقاية إما بشكل فردي أو جماعي، بصرف النظر عن عدد الأسهم، في كل تبين له أن ثمة إخلال قد يؤدي إلى عرقلة استمرارية المقاولة، كان من حقه أن يبلغه إلى رئيس المقاولة " الشركة".
ولهذا أكد الحق الذي منحه المشرع للشريك في تحريك مسطرة الوقاية دور كبير تنتج عنه مجموعة من المزايا في كون ممارسة هذا الحق من طرف الشريك يعوض الحالات التي لا يعين فيها السنديك، إضافة إلى كون الشركاء هم أصحاب المصلحة في استمرار ونجاح المقاولة. وبالتالي هم أحق بضمان هذا النجاح والسهر على تحقيقه بواسطة الواقية، إلا أن هذه المزايا ليس على إطلاقها بل إن إسناد هذا الحق للشريك فيه بعض العيوب، من بينها أن الخبرة التي يتمتع بها المحاسب أو مراقب الحسابات لا توجد عند الشريك. وبذلك يمكن للشركاء أن ساهموا في عرقلة نشاط المقاولة نظرا لانعدام الخبرة والأهلية الكافية التي يتوفر عليها مراقب الحسابات.
كيفية تحريك مسطرة الوقاية الداخلية
تمر مسطرة الوقاية الداخلية بثلاث مراحل
حيث في المرحلة الأولى: يتم اكتشاف الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلال المقاولة، فيبلغ مراقب الحسابات أو أي شريك في الشركة، حسب المادة 546 من مدونة التجارة، لرئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها التأثير على استمرارية النشاط داخل المقاولة، ويمكن القول عامة أن هذه الوقائع قد تكون اتفاقية أو قانونية أو تكون مستمدة من عنصر التمويل أو التسيير أو نقص المراقبة كأن تكون الشركة متوقفة عن أداء الضرائب، وأجور العمال، أو سوء تسيير السجل التجاري... ويتعين على مراقب الحسابات إنذار رئيس المقاولة بإزالة الإخلال مع الإشعار بالتوصل يدعوه فيه إلى تصحيح الإخلال، مما يمكن للشريك أن يقوم بذلك الشريك داخل أجل 8 أيام تبتدأ من يوم اكتشاف الوقائع، وبمجرد تبليغ الرئيس بذلك فيتعين على الشريك أو مراقب الحسابات أن ينتظر مدة 15 يوما تبدأ من يوم توصل رئيس المقاولة بذلك الإنذار، فإذا توصل الرئيس إلى حل ما فإن المسطرة تتوقف عند هذا الحد. وإذا لم يستجيب أو لم يصل شخصيا إلى حل. وجب على الشريك أو مراقب الحسابات أن يعلم الجمعية العامة.
أما المرحلة الثانية: فتأتى بدعوى من الجمعية العامة لانعقاد إذا لم يستجب رئيس المقاولة لدعوى التصحيح أو كانت الإجراءات التي اتخذها غير كافية لتصحيح الإخلال وهو ما يستدعي آنذاك الجمعية للانعقاد.
ويبعث الشريك أو المراقب للجمعية تقريرا يتضمن الوقائع التي ثم اكتشافها والنتائج التي تم التوصل إليها، وبيان ما إذا كانت كافية أم لا، وتناقش الجمعية التقرير بحضور المراقب الذي لا يجوز له التدخل في اتخاذ القرار لأن صواب أو خطأ السياسة المتبعة في المقاولة تبقى من اختصاص الشركاء والمساهمين.
إلا أن المراقب ورئيس المقاولة إذا لاحظنا أن الاستغلال لا زال على الرغم من هذه القرارات متعثر الأمر الذي يؤدي إلى ثقل المسطرة في المرحلة الثالثة.
أما المرحلة الثالثة أو النهائية فهي التي يتم فيها إعداد تقرير اختياري إلى رئيس المحكمة التجارية، ويتم اللجوء إلى هذه المرحلة في حالة تحمل الإجراءات التصحيحية المادة (547 من م.ت. )
المطلب الثاني: مسطرة الوقاية الخارجية
قد سميت هذه المسطرة بالوقاية الخارجية لأن الأطراف الفاعلة في تسييرها والمساهمة في تحقيق أهدافها لا تنمي إلى الأجهزة الداخلية للمقاولة، ولا تربط بها أية مصلحة مشتركة، ومسطرة الوقاية الخارجية وليدة مدونة التجارة الجديدة بحيث يهدف من خلالها إجراء تسوية ودية مع دائني المقاولة قصد العمل على الخروج بها من الوضعية الاقتصادية والمالية التي تعشها ولا تستطيع مواجهتها بإمكاناتها الخاصة، كما كان معروفا في نظام الإفلاس حين كان التاجر المتوقف عن دفع ديونه الحالية سلك كل السبل التي تخول له تفادي الحكم بإفلاسه وكان يلجأ إلى إبرام اتفاق ودي مع الدائنين أو أن يسلك الطريق القضائي الوقائي في تفادي الحكم بشهر إفلاس.
أما الشركات التي تخضع لمسطرة الوقاية الخارجية فيتبين من المادة (548 من م.ت) أن هذه المسطرة تطبق على كل شركة تجارية أو مقاولة فردية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها. ما عدا شركة المحاصة فإنها لا تخضع لهذه المسطرة ما لم يكن غرضها تجاريا أو حرفيا كما يشمل هذه المسطرة المقاولات المملوكة على الشياع ولو لم تتخذ شركة سواء كانت المقاولة فردية أو جماعية شريطة أن تكون المقاولة تجارية أو حرفية، ولا تطبق أيضا هذه المسطرة
على المقاولات العمومية لأنها تقع تحت الوصاية الإدارية للدولة، والتي لا تخضع لمساطر معالجة صعوبات المقاولة.
كيفية تحريك مسطرة الوقاية الخارجية
تتحقق مسطرة الوقاية الخارجية بتدخل رئيس المحكمة التجارية الذي له صلاحية استدعاء رئيس المقاولة والتعرف على الوضعية الحقيقية للشركة كما أن له إمكانية تعيين وكيل خاص لتخفيف الاعتراضات المحتملة من طرف المتعاملين مع المقاولة وللتدليل على الصعوبات التي تواجهها المقاولات.
استدعاء رئيس المقاولة: حسب المادة 645 يختص رئيس المحكمة التجارية وحده دون غيره بإثارة مسطرة الوقاية الخارجية لانقاد المقاولة وتصحيحها متى تبين من خلال تقرير مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة أو أي شريك أو من كل تصرف أو من كل وثيقة ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغلال المقاولة، وتبدأ هذه المسطرة باستدعاء رئيس المقاولة من طرف رئيس المحكمة التجارية الموجود في مكان المؤسسة التجارية الرئيسية أو في المقر الاجتماعي للشركة بمجرد اكتشاف الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية الاستغلال قصد النظر في الإجراءات لتصحيح الوضعية، ورغم ما أشارت إليه المادة 548، فإن هذه المادة تثير العديد من الإشكالات التي لم ينتبه إليها المشرع والمتمثلة خصوصا في حالة غياب رئيس المقاولة التجارية أو رفضه تلبية رئيس المحكمة لحضور الاجتماع بينه وبين رئيس المحكمة التجارية ، قصد بحث الطرق الناجعة للوقاية من هذه الصعوبات وإنقاذ المقاولة.
ويلتزم رئيس المقاولة بتوضيح التدابير والإجراءات التي سيتخذها ولا يسوغ لرئيس المحكمة أن يدلي برأي في الحلول المقترحة وبالتوجيهات التي يراها ضرورية ومتى تبين له أن الحلول المقترحة غير مقنعة كان له أن يطلع على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة للمعلومات التي من شأنها إعطاؤه صورة تصريح عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاول المدين، وذلك عن طريق مراقبي الحسابات والإدارات والهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص ذو خبرة واختصاص سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
تعيين وكيل خاص:
طبقا للمادة 549 من المدونة إذا تبين لرئيس المحكمة التجارية أن صعوبات المقاولة قابلة للحل بفضل تدخل أحد الأغيار يكون بمقدوره، تخفيف الاعتراضات المعتمدة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة، عينه وكيل خاص وكلفه بمهمة وحدد له أجلا لانجازها إما تلقائيا أو بطلب من رئيس (المقاولة) وتقدير رئيس المحكمة التجارية حول ما إذا كانت الصعوبات قابلة للتدليل أو غير قابلة للتدليل يتم بناء على المعلومات المقدمة إليه حول الوضعية الاقتصادية والمالية لمقاولة المدين.
بذلك يقوم رئيس المحكمة بتعيين الوكيل الخاص، أو عدم تعيينه خصوصا إذا كافة المقاولة متوقفة عن الدفع أو أن عملية الإنقاذ مستحيلة. وقرار تعيين الوكيل الخاص لا يقبل أي طعن، فالتعيين يكون لصالح المقاول المدين والطعن يؤدي إلى إطالة وتعقيد المسطرة، وتقتصر مهمة الوكيل الخاص في مساعدة المقاول على إنقاذ المقاولة وتصحيح وضعيتها المالية والاقتصادية دون أن يتدخل في شؤون الإدارة والتسيير.
التسوية الودية:
تعد هذه المسطرة من مساطر الوقاية الخارجية لكون وجود دائنين والمصالح من شروط تطبيقها، إذ تساهم في إنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تحتاجها، فتوفر الأموال اللازمة لإنجاز مشاريعها كما تعد مسطرة تعاقدية تروم إلى إنجاز اتفاق ودي يشرف عليه رئيس المحكمة التجارية بمقتضى قرار صادر عنه.
شروط إبرام التسوية الودية:
لقد حدد المشرع الشروط اللازمة لإبرام اتفاق التسوية الودية وهي كالتالي:
- أن لا تكون المقاولة متوقفة عن سداد ديونها المستحقة عند الحلول
- الحاجة إلى الأموال أو التمويل الملائم لمشاريع المقاولة.
- تعيين المصالح
- هذه المسطرة تكون من طرف رئيس المقاولة وحده دون غيره.
اتفاق التسوية
في حالة اختيار التسوية الودية وتعين المصالح من طرف رئيس المحكمة التجارية يقوم هذا الأخير بالتقريب والتفاوض بين المقاول المدين وبين دائنيه دون ممارسة أي سلطة قهرية أو سلطة اتخاذ القرار ولا إدارة المقاولة ولا التصرف في أموالها، ويترتب على التسوية الودية ما يلي:
- يمنع إقامة أي دعوى قضائية من قبل الدائنين حتى لا يفرض على المقاول أداء مبالغ مالية أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ مالي أو منع ممارسة الدائنين حق التنفيذ على منقولات أو عقارات المقاولة وبالمقابل يمنع على المدين المقاول الأداء الكلي أو الجزئي لأي دين سابق على إجراء عملية التسوية شرط:
• القيام بتصرفات خارجة عن السير العادي للمقاولة
• عدم منح رهن رسمي أو حيازي
وفي حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن اتفاق التسوية الودية من طرف رئيس المقاولة المدينة أو مسيروها ليعد إخلال بالاتفاق ينجم عليه ما يلي:
• فسخ الاتفاق
• سقوط كل الآجال الممنوحة.
لقد عمد المشرع المغربي بموجب مقتضيات مدونة التجارة إلي الاهتمام وبشكل كبير بوضعية المقاولة خلال الفترة السابقة للتوقف عن دفع ديونها الحالة , حيث وضع أحكاما متوخيا من ورائها تجنب مخاطر الوقوع في صعوبات من شأنها أن تؤثر علي تسيير نشاطها الطبيعي وتزداد تبعا لذلك المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها مختلف الأطراف المرتبطة بها وذات مصلحة في بقائها ووجودها .
ويقصد بمساطر الوقاية من صعوبات المقاولة بصفة عامة تلك التدابير الحمائية التي تروم مواجهة واستفحال علامات وبوادر الصعوبات للحيلولة دون تطورها إلي صعوبات حقيقية تهدد استمرارية الحياة الإقتصادية للمقاولة [55]
وتنقسم مساطر الوقاية من الصعوبات إلي قسمين :
* وقاية داخلية: وتلعب فيها أجهزة المقاولة دورا كبيرا وعلي الخصوص مراقب الحسابات الذي عزز دوره وسلطاته في هذا المجال قانون شركات المساهمة
* وقاية خارجية : وهذه المسطرة محددة بمقتضيات المادة 545 من م ت حيث تنتقل مسطرة الوقاية إلي جهات أجنبية عن المقاولة وتتمثل أساسا في رئيس المحكمة التجارية والوكيل الخاص .
المطلب الأول مسطرة الوقاية الداخلية :
هذه المسطرة عبارة عن مجموعة من الإجراءات والتدابير الإدارية والاقتصادية التي يتم أتخادها داخل المقاولة بواسطة أجهزتها وذلك بإتباع مسطرة محددة للتغلب علي علامات وبوادر الصعوبات التي تخرق سيرها العادي.
وما كانت تسمية المشرع لها بالوقاية الداخلية من صعوبات المقاولة إلا لكونها تمارس من طرف الأجهزة الداخلية للمقاولة والتي تتألف في أغلبها من رئيس المقاولة مراقب الحسابات الشركاء , إدارة المقاولة , أي بعبارة أوضح انحسار مجالها في النطاق الداخلي للمقاولة وبين أعضائها .
ومسطرة الوقاية منظمة بموجب المادتين 546 و 547 من م ت ويتم تحريك هذه المسطرة من طرف :
* إما من طرف مراقب الحسابات إن وجد في الشركة أو أي شريك في الشركة عند ملاحظته لوقائع أو لكل ما من شأنه الإخلال بإستمرارية استغلالها "المقاولة " وعلي هذه الجهات متي تبين لها هناك اختلالات فإنها تعمل علي إخبار رئيس المقاولة بذلك بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وذلك داخل ثمانية أيام من تاريخ اكتشافه لهذه الوقائع يدعوه فيها إلي تصحيح ذلك الإخلال [58] . وتعتبر هذه الوقائع ذات مصادر متعددة كتدهور المقاولة في وضعيتها المالية أو فقدان أسواق مهمة أو تكرار الإضرابات عن العمل .
لذلك سننتقل للحديث عن فئتي المحاسب والشركاء.
مراقب الحسابات:
يعد مراقب الحسابات جهازا أوجده المشرع لرقابة الشركة والتدقيق في حساباته وماليتها، حماية للشركة ذاتها وللمساهمين أنفسهم وللأغيار، من خلال نصه على تعيين مراقب أو مراقبين للحسابات إما وجوبا أو اختيارا في بعض الشركات[59].
ومراقب الحسابات إما شخص ذاتي أو معنوي فقد نص المشرع على تعيينه وجوبا كلما تعلق الأمر بشركة المساهمة حيث أكد ذلك القانون رقم 17-95 وذلك من خلال المادة 159 التي نصت على أنه: يجب أن يتم في كل شركة مساهمة تعيين مراقبين للحسابات يعهد إليهم بمهمة مراقبته وتتبع حسابات الشركة"، أو كلما تعلق
الأمر بالشركات التي يفوق رقم معاملاتها 50 مليون درهم، أما الحالة الثانية والمتعلقة باختيارية تعيين مراقب الحسابات فإنها تشمل باقي الشركات.
ويعين مراقب الحسابات من طرف الجمعية العامة لمدة 3 سنوات مالية وذلك بعد تأسيس المقاولة أو أثناء التأسيس لمدة سنة، وفي حالة عدم تعيينه من طرف الجمعية العامة فإنه يعين من طرف رئيس المحكمة حسب المادة 165 باعتباره قاضي المستعجلات.
ويقوم المحاسب بمهمة التحقق من القيم والدفاتر والوثائق المحاسبية للشركة، ومن مراقبة مطابقة حساباتها للقواعد المعمول بها، ولا يمكن لأحد الاحتجاج بالسر المهني ضد مراقب الحسابات.
الشركاء:
إنه في بعض الأحيان يمكن القول بأنه لا يمكن ولا ينبغي المراهنة على مراقب الحسابات وحدة فيما يخص وقاية المقاولة من الصعوبات التي تواجه المقاولة،مما دفع المشرع المغربي إلى إسناد المسطرة الداخلية إلى الطرف الآخر وهو الشريك.
وبذلك يمكن للشركاء في كافة الشركات التجارية ما عدا شركة المحاصة والشركات ذات المسؤولية المحدودة ذات الشخص الواحد، أن يحركوا مسطرة الوقاية إما بشكل فردي أو جماعي، بصرف النظر عن عدد الأسهم، في كل تبين له أن ثمة إخلال قد يؤدي إلى عرقلة استمرارية المقاولة، كان من حقه أن يبلغه إلى رئيس المقاولة " الشركة".
ولهذا أكد الحق الذي منحه المشرع للشريك في تحريك مسطرة الوقاية دور كبير تنتج عنه مجموعة من المزايا في كون ممارسة هذا الحق من طرف الشريك يعوض الحالات التي لا يعين فيها السنديك، إضافة إلى كون الشركاء هم أصحاب المصلحة في استمرار ونجاح المقاولة. وبالتالي هم أحق بضمان هذا النجاح والسهر على تحقيقه بواسطة الواقية، إلا أن هذه المزايا ليس على إطلاقها بل إن إسناد هذا الحق للشريك فيه بعض العيوب، من بينها أن الخبرة التي يتمتع بها المحاسب أو مراقب الحسابات لا توجد عند الشريك. وبذلك يمكن للشركاء أن ساهموا في عرقلة نشاط المقاولة نظرا لانعدام الخبرة والأهلية الكافية التي يتوفر عليها مراقب الحسابات.
كيفية تحريك مسطرة الوقاية الداخلية
تمر مسطرة الوقاية الداخلية بثلاث مراحل
حيث في المرحلة الأولى: يتم اكتشاف الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلال المقاولة، فيبلغ مراقب الحسابات أو أي شريك في الشركة، حسب المادة 546 من مدونة التجارة، لرئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها التأثير على استمرارية النشاط داخل المقاولة، ويمكن القول عامة أن هذه الوقائع قد تكون اتفاقية أو قانونية أو تكون مستمدة من عنصر التمويل أو التسيير أو نقص المراقبة كأن تكون الشركة متوقفة عن أداء الضرائب، وأجور العمال، أو سوء تسيير السجل التجاري... ويتعين على مراقب الحسابات إنذار رئيس المقاولة بإزالة الإخلال مع الإشعار بالتوصل يدعوه فيه إلى تصحيح الإخلال، مما يمكن للشريك أن يقوم بذلك الشريك داخل أجل 8 أيام تبتدأ من يوم اكتشاف الوقائع، وبمجرد تبليغ الرئيس بذلك فيتعين على الشريك أو مراقب الحسابات أن ينتظر مدة 15 يوما تبدأ من يوم توصل رئيس المقاولة بذلك الإنذار، فإذا توصل الرئيس إلى حل ما فإن المسطرة تتوقف عند هذا الحد. وإذا لم يستجيب أو لم يصل شخصيا إلى حل. وجب على الشريك أو مراقب الحسابات أن يعلم الجمعية العامة.
أما المرحلة الثانية: فتأتى بدعوى من الجمعية العامة لانعقاد إذا لم يستجب رئيس المقاولة لدعوى التصحيح أو كانت الإجراءات التي اتخذها غير كافية لتصحيح الإخلال وهو ما يستدعي آنذاك الجمعية للانعقاد.
ويبعث الشريك أو المراقب للجمعية تقريرا يتضمن الوقائع التي ثم اكتشافها والنتائج التي تم التوصل إليها، وبيان ما إذا كانت كافية أم لا، وتناقش الجمعية التقرير بحضور المراقب الذي لا يجوز له التدخل في اتخاذ القرار لأن صواب أو خطأ السياسة المتبعة في المقاولة تبقى من اختصاص الشركاء والمساهمين.
إلا أن المراقب ورئيس المقاولة إذا لاحظنا أن الاستغلال لا زال على الرغم من هذه القرارات متعثر الأمر الذي يؤدي إلى ثقل المسطرة في المرحلة الثالثة.
أما المرحلة الثالثة أو النهائية فهي التي يتم فيها إعداد تقرير اختياري إلى رئيس المحكمة التجارية، ويتم اللجوء إلى هذه المرحلة في حالة تحمل الإجراءات التصحيحية المادة (547 من م.ت. )
المطلب الثاني: مسطرة الوقاية الخارجية
قد سميت هذه المسطرة بالوقاية الخارجية لأن الأطراف الفاعلة في تسييرها والمساهمة في تحقيق أهدافها لا تنمي إلى الأجهزة الداخلية للمقاولة، ولا تربط بها أية مصلحة مشتركة، ومسطرة الوقاية الخارجية وليدة مدونة التجارة الجديدة بحيث يهدف من خلالها إجراء تسوية ودية مع دائني المقاولة قصد العمل على الخروج بها من الوضعية الاقتصادية والمالية التي تعشها ولا تستطيع مواجهتها بإمكاناتها الخاصة، كما كان معروفا في نظام الإفلاس حين كان التاجر المتوقف عن دفع ديونه الحالية سلك كل السبل التي تخول له تفادي الحكم بإفلاسه وكان يلجأ إلى إبرام اتفاق ودي مع الدائنين أو أن يسلك الطريق القضائي الوقائي في تفادي الحكم بشهر إفلاس.
أما الشركات التي تخضع لمسطرة الوقاية الخارجية فيتبين من المادة (548 من م.ت) أن هذه المسطرة تطبق على كل شركة تجارية أو مقاولة فردية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها. ما عدا شركة المحاصة فإنها لا تخضع لهذه المسطرة ما لم يكن غرضها تجاريا أو حرفيا كما يشمل هذه المسطرة المقاولات المملوكة على الشياع ولو لم تتخذ شركة سواء كانت المقاولة فردية أو جماعية شريطة أن تكون المقاولة تجارية أو حرفية، ولا تطبق أيضا هذه المسطرة
على المقاولات العمومية لأنها تقع تحت الوصاية الإدارية للدولة، والتي لا تخضع لمساطر معالجة صعوبات المقاولة.
كيفية تحريك مسطرة الوقاية الخارجية
تتحقق مسطرة الوقاية الخارجية بتدخل رئيس المحكمة التجارية الذي له صلاحية استدعاء رئيس المقاولة والتعرف على الوضعية الحقيقية للشركة كما أن له إمكانية تعيين وكيل خاص لتخفيف الاعتراضات المحتملة من طرف المتعاملين مع المقاولة وللتدليل على الصعوبات التي تواجهها المقاولات.
استدعاء رئيس المقاولة: حسب المادة 645 يختص رئيس المحكمة التجارية وحده دون غيره بإثارة مسطرة الوقاية الخارجية لانقاد المقاولة وتصحيحها متى تبين من خلال تقرير مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة أو أي شريك أو من كل تصرف أو من كل وثيقة ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغلال المقاولة، وتبدأ هذه المسطرة باستدعاء رئيس المقاولة من طرف رئيس المحكمة التجارية الموجود في مكان المؤسسة التجارية الرئيسية أو في المقر الاجتماعي للشركة بمجرد اكتشاف الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية الاستغلال قصد النظر في الإجراءات لتصحيح الوضعية، ورغم ما أشارت إليه المادة 548، فإن هذه المادة تثير العديد من الإشكالات التي لم ينتبه إليها المشرع والمتمثلة خصوصا في حالة غياب رئيس المقاولة التجارية أو رفضه تلبية رئيس المحكمة لحضور الاجتماع بينه وبين رئيس المحكمة التجارية ، قصد بحث الطرق الناجعة للوقاية من هذه الصعوبات وإنقاذ المقاولة.
ويلتزم رئيس المقاولة بتوضيح التدابير والإجراءات التي سيتخذها ولا يسوغ لرئيس المحكمة أن يدلي برأي في الحلول المقترحة وبالتوجيهات التي يراها ضرورية ومتى تبين له أن الحلول المقترحة غير مقنعة كان له أن يطلع على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة للمعلومات التي من شأنها إعطاؤه صورة تصريح عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاول المدين، وذلك عن طريق مراقبي الحسابات والإدارات والهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص ذو خبرة واختصاص سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
تعيين وكيل خاص:
طبقا للمادة 549 من المدونة إذا تبين لرئيس المحكمة التجارية أن صعوبات المقاولة قابلة للحل بفضل تدخل أحد الأغيار يكون بمقدوره، تخفيف الاعتراضات المعتمدة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة، عينه وكيل خاص وكلفه بمهمة وحدد له أجلا لانجازها إما تلقائيا أو بطلب من رئيس (المقاولة) وتقدير رئيس المحكمة التجارية حول ما إذا كانت الصعوبات قابلة للتدليل أو غير قابلة للتدليل يتم بناء على المعلومات المقدمة إليه حول الوضعية الاقتصادية والمالية لمقاولة المدين.
بذلك يقوم رئيس المحكمة بتعيين الوكيل الخاص، أو عدم تعيينه خصوصا إذا كافة المقاولة متوقفة عن الدفع أو أن عملية الإنقاذ مستحيلة. وقرار تعيين الوكيل الخاص لا يقبل أي طعن، فالتعيين يكون لصالح المقاول المدين والطعن يؤدي إلى إطالة وتعقيد المسطرة، وتقتصر مهمة الوكيل الخاص في مساعدة المقاول على إنقاذ المقاولة وتصحيح وضعيتها المالية والاقتصادية دون أن يتدخل في شؤون الإدارة والتسيير.
التسوية الودية:
تعد هذه المسطرة من مساطر الوقاية الخارجية لكون وجود دائنين والمصالح من شروط تطبيقها، إذ تساهم في إنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تحتاجها، فتوفر الأموال اللازمة لإنجاز مشاريعها كما تعد مسطرة تعاقدية تروم إلى إنجاز اتفاق ودي يشرف عليه رئيس المحكمة التجارية بمقتضى قرار صادر عنه.
شروط إبرام التسوية الودية:
لقد حدد المشرع الشروط اللازمة لإبرام اتفاق التسوية الودية وهي كالتالي:
- أن لا تكون المقاولة متوقفة عن سداد ديونها المستحقة عند الحلول
- الحاجة إلى الأموال أو التمويل الملائم لمشاريع المقاولة.
- تعيين المصالح
- هذه المسطرة تكون من طرف رئيس المقاولة وحده دون غيره.
اتفاق التسوية
في حالة اختيار التسوية الودية وتعين المصالح من طرف رئيس المحكمة التجارية يقوم هذا الأخير بالتقريب والتفاوض بين المقاول المدين وبين دائنيه دون ممارسة أي سلطة قهرية أو سلطة اتخاذ القرار ولا إدارة المقاولة ولا التصرف في أموالها، ويترتب على التسوية الودية ما يلي:
- يمنع إقامة أي دعوى قضائية من قبل الدائنين حتى لا يفرض على المقاول أداء مبالغ مالية أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ مالي أو منع ممارسة الدائنين حق التنفيذ على منقولات أو عقارات المقاولة وبالمقابل يمنع على المدين المقاول الأداء الكلي أو الجزئي لأي دين سابق على إجراء عملية التسوية شرط:
• القيام بتصرفات خارجة عن السير العادي للمقاولة
• عدم منح رهن رسمي أو حيازي
وفي حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن اتفاق التسوية الودية من طرف رئيس المقاولة المدينة أو مسيروها ليعد إخلال بالاتفاق ينجم عليه ما يلي:
• فسخ الاتفاق
• سقوط كل الآجال الممنوحة.