هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionمن‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟  Emptyمن‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟

more_horiz
[justi
fy]
عبدالله الشرقاوي ،






من‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟

سؤال نطرحه‮ ‬للنقاش لأهميته الجوهرية في‮ ‬اختيارات وضع السياسة الجنائية على الأمد المتوسط والطويل،‮ ‬في‮ ‬إطار ملاءمتها مع المواثيق الدولية ومراعاة الخصوصية المغربية،‮ ‬خاصة وأن هناك تباينا في‮ ‬المناطق الجهوية على مستوى تفشي‮ ‬أنواع الجريمة،‮ ‬والعادات والتقاليد علما أن السياسة الجنائية لصيقة بالأخلاق والعادات وتساهم في‮ ‬تكوينها أفكار الساكنة والمعتقدات ودرجة الايمان بالخير والشر والحلال والحرام‮ (‬1‮).‬

كما أن فعالية وتفعيل السياسة الجنائية رهين بمجموعة من الاجراءات الآنية من قبيل‮: ‬

ـ توفير الامكانيات المادية والبشرية والتقنية‮.‬
ـ محاربة أسباب ودوافع الجريمة
ـ معالجة حالات العود التي‮ ‬تفوق نسبتها‮ ‬60٪‮ ‬والمرتبطة بوضعية السجون المزرية،‮ ‬وغياب ثقافة إدماج السجين،‮ ‬إن على‭ ‬المستوى العائلي،‮ ‬أو المجتمع المدني‮ ‬بشكل عام،‮ ‬أو المصالح الإدارية أو القطاع الخاص‮.‬
ـ‮ ‬غياب التواصل،‮ ‬وعدم وضوح مفهوم العدالة لدى فئات واسعة من المواطنين،‮ ‬بمن فيهم الفئة المثقفة،‮ ‬خاصة أمام ارتفاع الأمية والجهل القانوني‮ ‬بموازاة‮ ‬غياب التحسيس الإعلامي‮ ‬والتربوي‮ ‬
ـ عدم انفتاح وتواصل وزارة العدل مع الفاعلين على قلتهم،‮ ‬خاصة منهم المجلس الاستشاري‮ ‬لحقوق الإنسان،‮ ‬والمرصد المغربي‮ ‬للسجون،‮ ‬مما‮ ‬يفضي‮ ‬إلى استعصاء عملية الإصلاح،‮ ‬التي‮ ‬تتطلب أولا الانفتاح على كل مكونات المجتمع المدني،‮ ‬وخلق شركات مع الفاعلين،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك القطاع الخاص‮.‬
ـ اعتبار فئة من السجناء ان المؤسسات السجنية عبارة عن فنادق من خمسة نجوم،‮ ‬خاصة وأن المؤسسات السجنية الفلاحية‮ ‬يمكن أن توفر مداخيل قارة،‮ ‬بل ويمكنها تزويد القطاع الخاص بمنتوجات تدر عليها مداخيل مهمة،‮ ‬كما أقر ذلك المجلس الاستشاري‮ ‬لحقوق الإنسان في‮ ‬تقريره لسنة‮ ‬2003‮.‬
ـ الاهتمام بأوضاع موظفي‮ ‬السجون والزيادة في‮ ‬عددهم‮.‬
ـ اعتبار الإصلاح كل لا‮ ‬يتجزأ‮ ‬،‮ ‬ويهم جميع الفاعلين بقطاع العدل،‮ ‬الذين‮ ‬يتحتم إشراكهم في‮ ‬عملية الإصلاح،‮ ‬من قضاة ومحامين وخبراء ونساخ وكتابة ضبط وشرطة قضائية
ـ حسم ازدواجية تبعية الشرطة القضائية الموزعة بين وزارة الداخلية والعدل
ـ مراعاة الامكانيات المادية والبشرية والتقنية عند سن التشريع،‮ ‬لكي‮ ‬لا تفرغ‮ ‬النصوص من محتواها أمام الواقع العنيد‮.‬
ـ اعتماد العقوبات البديلة،‮ ‬كالغرامات والخدمة العمومية والحبس الموقوف في‮ ‬قضايا محددة‮.‬
ـ تفعيل مقتضيات قانون المسطرة الجنائية للتخفيف من الاعتقال خاصة وأن قانون المسطرة جاء بعدة مستجدات‮. ‬
ـ إعادة النظر جملة وتفصيلا في‮ ‬مقولة‮: »‬الاعتقال لغياب توفر الضمانات‮« ‬علما أن هذه الضمانات هي‮ ‬مجرد‮ »‬شبح‮«.‬
ـ معالج المظاهر المستشرية بالسجون،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك أفة الرشوة وغيرها،‮ ‬مما تناولته تقارير المهمة الاستطلاعية للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب،‮ ‬والمجلس الاستشاري‮ ‬لحقوق الإنسان،‮ ‬والمرصد المغربي‮ ‬للسجون‮.‬
في‮ ‬انتظارالإنكباب على هذه المشاكل والإشكاليات التي‮ ‬أضحت معلومة نقدم جوابا عمن‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟ للأستاذ محمد عبد النباوي‮/ ‬مستشار وزير العدل وقاضي،‮ ‬ضمن بحث تحت عنوان‮: »‬تأملات في‮ ‬السياسة الجنائية بالمغرب‮« ‬نشر ضمن منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية التابعة لوزارة العدل،‮ ‬وذلك بالمجلد الأول،‮ ‬للأعمال التحضيرية للندوة الوطنية حول السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق‮« ‬التي‮ ‬عقدت أيام‮ ‬9و10‮ ‬و11‮ ‬دجنبر‮ ‬2004‮ ‬بمدينة مكناس،‮ ‬والتي‮ ‬نشرت بها أيضا مداخلة الأستاذ مصطفى مداح مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬ننشرها تعميما للفائدة‮.‬

التشريع الجنائي‮ ‬أهم أساليب السياسة الجنائية؟

تكاد الآراء تتفق على أن وضع السياسة الجنائية من مهام الحكومة التي‮ ‬تقرر الخطط الكفيلة بمحاربة الجريمة مباشرة عن طريق التقدم بمشاريع قوانين زجرية،‮ ‬أو وضع خطط وتدابير تنفيذية للوقاية من الجريمة،‮ ‬أو ملاحقة مرتكيبها وشل حركتهم،‮ ‬أو بشكل‮ ‬غير مباشر عن طريق التدخل في‮ ‬المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية لوضع تدابير من شأنها القضاء على بعض أسباب الإجرام‮ ‬،‮ ‬مثل توفير ظروف الشغل أو القيام بالتوعية أو القضاء على الفقر أو الإقصاء والتهميش حين تكون هذه العناصر هي‮ ‬السبب في‮ ‬ارتكاب الجريمة‮.‬

ولكننا نعتقد أن وضع السياسة الجنائية أمر معقد وباب مشرع‮ ‬يلجه أكثر من متدخل،‮ ‬فإذا كانت الحكومة تحتل دوراً‮ ‬محورياً‮ ‬في‮ ‬وضع السياسة الجنائية،‮ ‬فإن البرلمان‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون فاعلاً‮ ‬مؤثراً‮ ‬في‮ ‬العملية عن طريق تقديم‮ ‬مقترحات قوانين أو إقرار المشاريع التي‮ ‬تقدمها الحكومة،‮ ‬وكذلك عن طريق استعماله للصلاحيات المتعددة التي‮ ‬يخولها له الدستور كطرح الأسئلة الشفوية والكتابية التي‮ ‬تثير الانتباه إلى ارتفاع ظاهرة الجريمة أو النقص في‮ ‬مواجهتها،‮ ‬أو تشكيل لجن تقصي‮ ‬الحقائق،‮ ‬أو في‮ ‬حدود أبعد من ذلك عن طريق سحب الثقة من الحكومية لأنها لم تستطع أن توفر الأمن والأمان للمواطنين‮.‬

ويلعب وزير العدل دوراً‮ ‬مهما داخل تشكيلة الحكومة في‮ ‬مسألة وضع السياسة الجنائية،‮ ‬فرغم أن المادة‮ ‬51‮ ‬من قانون المسطرة الجنائية لا تنيط بوزير العدل سوى الإشراف على تنفيذ السياسة الجنائية وإبلاغها‮ ‬للوكلاء العامين لتطبيقها،‮ ‬فإن وزير العدل‮ ‬يعتبر فاعلاً‮ ‬مؤثراً‮ ‬في‮ ‬وضع السياسة الجنائية عن طريق التعليمات التي‮ ‬يعطيها للنيابة العامة،‮ ‬كأن‮ ‬يأمرها مثلاً‮ ‬بالتقليص من حجم الاعتقال الاحتياطي،‮ ‬أو الاجتهاد في‮ ‬تحريك الدعوى العمومية في‮ ‬حق مرتكبي‮ ‬بعض الجرائم المعينة كالأمر بالشدة في‮ ‬قمع ظاهرة النصب أو مخالفات البناء،‮ ‬إلخ‮.‬

‮.. ‬وهذا توجه فاعل في‮ ‬السياسة الجنائية لأنه‮ ‬يشكل اختياراً‮ ‬استراتيجياً‮ ‬في‮ ‬مكافحة ظاهرة الجريمة،‮ ‬وإن كان ذلك‮ ‬يتم بمقتضى نصوص قانونية موجودة،‮ ‬فإن اختيارات الوزير هي‮ ‬التي‮ ‬تزرع الروح في‮ ‬النصوص في‮ ‬هذه الحالات،‮ ‬وهذا ليس تنفيذا للسياسة الجنائية من قبل الوزير لأنه هو الذي‮ ‬يتخذ هذا الاختيار‮. ‬نعم إن الوزير‮ ‬يصبح مجرد منفذ إذا كان القرار قد اتخذ على صعيد الحكومة التي‮ ‬ترى أن محاربة الظواهر الجرمية المرتبطة بالمجال السياحي‮ ‬شرط ضروري‮ ‬لحماية القطاع والنهوض به مثلا‮.‬

وقد تكون النيابة العامة هي‮ ‬التي‮ ‬تضع السياسة الجنائية،‮ ‬حينما‮ ‬يتخذ رئيسها قرارا مماثلاً‮ ‬ينصب على اللجوء إلى تطبيق الاعتقال الاحتياطي‮ ‬في‮ ‬نوع معين من الجرائم،‮ ‬أو عدم اللجوء إليه في‮ ‬صنف آخر،‮ ‬أو تكليف الشرطة القضائية بضبط مرتكبي‮ ‬جرائم معينة،‮ ‬فهذا اختيار استراتيجي‮ ‬في‮ ‬التعامل مع الجريمة،‮ ‬يجعل النيابة العامة بمثابة واضع سياسة جنائية تهدف إلى مكافحة ظاهرة إجرامية معينة‮.‬

كما أن الشرطة القضائية‮ ‬يمكن أن تحسم بتدخلاتها المدروسة للحد من ظاهرة إجرامية معينة في‮ ‬رسم خيار استراتيجي‮ ‬يضع حداً‮ ‬لانتشار تلك الجريمة في‮ ‬الزمان والمكان‮.‬

وهذه سياسة جنائية وضعتها الشرطة القضائية في‮ ‬ظل النصوص القانونية المتوفرة،‮ ‬وهي‮ ‬تصبح مجرد منفذة إذا كان الاختيار قد وضع من طرف جهة أخرى كالقضاء أو الحكومة‮..‬

وعلى كل مستوى‮ ‬يستطيع منفذ السياسة الجنائية أن‮ ‬يكون واضعاً‮ ‬لها لمجرد أنه حدد أولويات وبرنامج لمكافحة الجريمة،‮ ‬والبرامج ليست دائماً‮ ‬خيارات تشريعية أو نصوص تنظيمية،‮ ‬وإنما قد تكون تنفيذية وتطبيقية تزرع الروح في‮ ‬نصوص قانونية كانت جامدة‮.‬

ولكن الحلقة الأهم في‮ ‬وضع السياسة الجنائية تبقي‮ ‬هي‮ ‬الخيارات التشريعية الرامية إلى تخصيص معاملة قانونية معينة لظاهرة إجرامية معينة،‮ ‬ولذلك فإن أهم أساليب السياسة الجنائية‮ ‬يبقى هو التشريع الجنائي،‮ ‬الذي‮ ‬يتضمن جرداً‮ ‬للأفعال التي‮ ‬يقرر المجتمع التعامل معها كجرائم،‮ ‬ويحدد الطريقة التي‮ ‬يرى مواجهتها به،‮ ‬إما عقوبات تقليدية تزيد أو تنقص شدتها،‮ ‬أو تدابير أخرى إصلاحية أو تصالحية‮..‬الخ‮.‬

هامش‮:‬
1‮) ‬الأستاذ عبد النباوي‮ ‬ـ مجلة الأعمال التحضيرية لندوة‮ »‬السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق‮« ‬ـ الجزء الأول ـ‮ ‬الصفحة‮ ‬118‮.‬
[/justify]

عدل سابقا من قبل محمد انوار في الأحد 10 أبريل - 2:44 عدل 1 مرات

descriptionمن‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟  Emptyرد: من‮ ‬يضع السياسة الجنائية؟

more_horiz
شكرا لك
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد