الأصل التجاري في التشريع المغربي
مقدمة
يعتبر الأصل التجاري مؤسسة قانونية حديثة العهد حيث لم يظهر إلا في بداية القرن 19 وكان إذاك مفهوما فريدا وشادا قبل أن يصبح مألوفا لدى جمهور عريض من المهتمين حيث لم يكن الأصل التجاري وحدة واقعية ولا وحدة قانونية، وحقوقية قائمة الذات ومستقلة عن العناصر المؤلفة لها ، لم يكن بهذا الوصف يخضع لنظام قانوني خاص به ولا تجري عليه التصرفات القانونية لأن التصرف كان يقع بالتفريد على العناصر المكونة له كلا على حدة وهذا ما سنراه مع القانون الفرنسي حيث برزت قبل قانون 17 مارس 1909 فكرة الأصل التجاري .
على صعيد الاجتهاد القضائي من خلال مرافقة ممثل الحق السيد تري الذي أكد حق صاحب الأصل التجاري في تفويته للغير وهو ما سايرته محكمة الاستئناف بباريس بقرار صادر بتاريخ 17/08/1807 وعلى صعيد التشريع محكمة القانون الضريبي ل 28 فبراير 1872 وخاصة الفصل 7إلى 9 سباقا للأخذ بفكرة الأصل التجاري من خلال فرض حقوق على واقعة التفويت والنقل الشمولي للعناصر اللازمة ستغلال أصل تجاري .
ولم يهتم التشريع التجاري الفرنسي بداية بموضوع الأصل التجاري برمته وإنما انشغل أول الأمر فقط ببيع ورهن الأصل التجاري وذلك من خلال قانون 17 مارس 1909 المعروف بقانون كورد ولي نسبة إلى النائب الرحماني الذي عرض على الجهاز التشريعي الفرنسي مقترح قانون شكل لخطة تاريخية وكان بمثابة النواة الأولى التي انبثق عنها ميلاد الأصل التجاري هذا القانون الذي لا يزال ساري المفعول ينظم عمليات أساسية تنصب على الأصل التجاري وهي البيع الرهن، رغم طابعه الناقص الأساس لدراسة الأصل التجاري وقد تلاه فيما بعد قانون 20 مارس 1996 الذي ينظم التسيير الحر للأصل التجاري والحرفي في هذه العملية الشائعة في الواقع العملي في مجال المال والأعمال والتي تؤدي إلى تجزئة الملكية عن استغلال الأصل .
أما فيما يخص تنظيم الأصل التجاري في التشريع المغربي فسنميز بين الوضع القانوني للاصل التجاري في ظل القانون التجاري القديم ثم على ضوء مقتضيات مدونة التجارة .
فبالنسبة لما كان عليه الحال في ظل القانون القديم فيمكن القول بأنه غداة الحماية قد بزغ للوجود نظام بيع ورهن الأصل التجاري اللذان تم تنظيمهما بمقتضى ظهير 31 دجنبر 1914 المتقبس من القانون الفرنسي ل 17 مارس 1909 كما صدر في تاريخ لاحق ظهير 23 يونيو 1916 وظهير 24 ماي 1955 المنظم لأكرية المحلات والمعدات الاستغلال التجاري أو الصناعي أو الحرفي . إلا أن هذا الرصيد التشريعي المتعلق بالأصل التجاري لا يعد كافيا إذ يبقى مثلا تعريف الأصل التجاري وتحديد طبيعة عملا تفسيريا بالدرجة الأولى مبني على عمل الفقه والاجتهاد القضائي في هذا المجال. كما أن العديد من التصرفات الهامة التي ترد على الاصل التجاري حاليا كالتسيير الحر والتمييز وبين التسيير المأجور لم يتم التطرق إليه بنص تشريعي صريح مما يشكل فراغا تشريعيا موكول أمر تداركه للاجتهاد القضائي او يحيل إلى القواعد العامة في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة هذا بالنسبة للنظام القديم أما في مدونة التجارة فقد خصص المشرع المغربي للأصل التجاري كل الكتاب الثاني وذلك في المواد 79 إلى 158 ويأتي هذا الإصلاح التشريعي الشمولي الذي كان لا بد منه في سياق توحيد التشريع التجاري في مدونة واحدة من جهة وتكريس اجتهاد قضائي غني من جهة ثانية، وتنظيمها لعقد التسيير الحر المتعلق بالأصل التجاري بنص قانون صريح أخذا بعين الاعتبار الممارسة العملية وبالخصوص طبيعة الأصل التجاري باعتباره منقولا له خصوصيته التي تميزه عن التصرفات الواردة عليه وذلك التي ترد على المنقولات الأخرى بصفة عامة وقد كان من أهم التجديدات التي أتت بها مدونة التجارة هي تعريفها للأصل التجاري .
حيث أحجت غالبية التشريعات المقارنة والتشريع المغربي القديم معها عن تعريف الأصل التجاري ويرجع سبب ذلك الإحجام إلى تعقيد مفهوم الأصل التجاري وحداثته إد لم يظهر سوى في مرحلة متأخرة .
أما في الفقه العربي فنجد هناك من ساوى بين تعريف الأصل التجاري والمحل التجاري مثل الدكتور على حسن يونس مثلا الذي يعرف المحل التجاري بأنه " مآل منقول معنوي يشمل اتصال التاجر بعملائه واعتيادهم والتردد على متجره نتيجة عناصر الاستغلال الأخرى "
ويكاد يجمع الفقه الغربي على اعتبار الأصل التجاري مجموعة من العناصر مركزين بالخصوص على عنصر الزبائن الذي لا تقوم قائمة للأصل التجاري بدونه .
وذلك بوصف الزبائن وسيطا حافزا سيجمع عناصر متباينة بعض الشيء ليخرج منها الأصل التجاري نذكر من هذا الفقه مثلا Fdejeuwer defossez التي تعرف الأصل التجاري بأنه " مجموعة من الوسائل المستعملة بهدف جلب الزبائن وحثهم على الارتباط بالمحل التجاري "
والفقيه yves reinhard الذي يعرف الأصل التجاري بأنه مجموعة أموال منقولة ينظمها التاجر وينجزها من أجل الفوز بالزبائن من عرفه مثل ريبر وروبلو " الأصل التجاري ملكية غير مادية ترتكز على الحق في الزبائن المرتبطة بالمحل عبر عناصر تساعد على الاستغلال "
وبذلك ومن خلال كل ما سبق يبدو أن عنصر الزبائن في قلب الأصل التجاري او بعبارة أخرى هو روح الأصل التجاري. وقد سارت مدونة التجارة في نفس هذا النهج لتعرف لنا الأصل التجاري من خلال المادة 79 قائلة :" الأصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".
وبقراءة نص هذه المادة نجده لم يتطرق إلى محور الأساسي الذي يدور حوله الأصل التجاري وأمام هذا السكوت التشريعي جاءت المادة 80 الموالية لتركز على عنصر الزبائن والسمعة التجارية ولتنصر صراحة على وجوب أن يشتمل الأصل التجاري على الزبناء وسمعته التجارية بالخصوص مع إمكان أن يشتمل أيضا على كل الاموال الضرورية لاستغلال الأصل التجاري كالحق في الكراء مثلا وبصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية الملحقة بالأصل التجاري، وقد نلاحظ أن مهمة تعريف هذه المؤسسة القانونية هي من عمل الفقه والاجتهاد القضائي وليست من عمل التشريع على حد قول الأستاذ عز الدين بن ستي أنه بالرغم من وجاهة هذا التعريف فإنه لم يتطرق إلى الطبيعة القانونية للأصل التجاري كوحدة قائمة بذاتها ومستقلة عن باقي العناصر المكونة لها وخاصة وأن هذه الأخيرة ليست واحدة وثابتة بالنسبة لجميع المحلات التجارية وإنما هي عناصر مرنة يصعب تحديدها مسبقا وتختلف باختلاف نوع التجارة وطبيعتها او بعبارة الدكتور شكري أحمد السباعي فإن الأصل التجاري لا يتأثر باختفاء بعض العناصر أو دخول أخرى جديدة ضمن مقوماته ، فما هي الحماية التي أولاها المشرع لهذه المؤسسة ؟
المطلب الأول : الحماية القانوني للاسم التجاري والعنوان التجاري
وتسمية الشركة وأشعار
يحظى الاسم التجاري والعنوان التجاري وتسمية الشركة والشعار بالحماية القانونية ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري وعند اندثار التسجيل من تاريخ الحوز أو الاستخدام الأول او الأسبق وهذه الحماية مدنية وجنائية .
وتجد الحماية أساسها التشريعي في المادتين 30 و 35 من مدونة التجارية وإن كانت لا تذكران العنوان التجاري والشعار إلا أنهما يخضعان معا كذلك للتقييد في السجل التجاري وتشمل الحماية إما مجموع التراب المملكة إذا طلب المعنيون ذلك وغما في الناحية او الدائرة القضائية التي تعين خصيصا من قبلهم غير أنه إذا كان الهدف من وراء إيداع اسم تاجر او تسمية أن يتم الإيداع طبقا للتشريع المتعلق بالعلامات أي القانون رقم 97-17 المتعلق بالحماية الملكية الصناعية والتعديلات التي أدخلت عليه بمقتضى القانون رقم 05-31.
وتتم الحماية المدنية باستخدام دعوى المنافسة الغير المشروعة المنصوص عليها في المادتين 184 و 185 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية فالأولى تعتبر عملا من أعمال المنافسة الغير المشروعة كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري ولا يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة إلا دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض .
ونعتبر المادة 84 من قانون الالتزامات والعقود أضحت ملغاة او على الأقل معطلة ودون جدوى وذلك للأسباب التالية .
1-إن المادة 234 من قانون حماية الملكية الصناعية تنسخ جميع الأحكام السابقة المتعلقة بنفس الموضوع .
2-إن المادة 184 من القانون اعلاه جاءت صياغة عامة تستغرق الاعتداء على أعراف الشرف في الميدان الصناعي والتجاري إلى جانب تقديم أمثلة على ذلك .
3-إن المادة 874 من ق ل ع م لا تزيج عن تقديم أمثلة لما يمكن أن يعتبر منافسة غير مشروعة وهي امثلة أدرجت على سبيلا المثال لا الحصر .
4-إن قانون حماية الملكية الصناعية لا يقتصر على الصناعة والتجارة الصرفة والخدمات وإنما يشمل الأنشطة المدنية كذلك كالإنتاج في مجال الصناعات الفلاحية والاستخراجية وكذا جميع النتجات المصنعة أو الطبيعة مثل الأنعام والمعادن والمشروبات ( المادة 2 ) وغيرها .
5-إن المادة 185 من قانون حماية الملكية الصناعية تحصر دعوى المنافسة غير المشروعة في دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض في حين أن المادة 84 تتكلم عن التعويض فقط.
ويعتبر المقصود بالدعوى هنا الدعوى غير الجنائية لأن الاختصاص بنظر على الدعاوى والمنازعات المترتبة عن تطبيق القانون رقم 97-17 المتعلقة بحماية الملكية يعود على المحاكم التجارية باستثناء القرارات الإدارية المنصوص عليها فيه " المادة15" وما يترتب عنها من أضرار وتعويضات قد ترفه إلى المحكمة الإدارية بالرباط مثلا المادة 42" وتصدر هذه القرارات عن المكتسب المغربي للملكية الصناعية والتجارية مع مراعاة بعض الاستثناءات الأخرى كذلك كالتعويض عن طلب تسجيل العلامة لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية " المادة2 –148 من قانون رقم 03-31 المغير والمتمم للقانون رقم 97-17 الذي يبث فيه المكتب بقرار معلل المادة ( 3-148) وتختص محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في النظر والبث في الطعن ضد قرار المكتب المادة ( 5-145).
6-وحتى إن بقيت المادة 84 ق ل ع م قائمة وحية فلا جدوى منها لانعدام الصياغة العامة والتنظيم حتى وإن ذكرت صراحة من بين الأمثلة التي قدمتها الاسم أو الشعار .
ويقوم الزجر الجنائي إلى المؤيد أو الجزاء المدني وجاء هذا الجزاء صريحا فيما يتعلق بالاسم التجاري حيث يتعرض المعتدي للعقوبتين المنصوص عليها في المادة 225 من القانون رقم 97-17 إن انتحل او استعمل على سبيل التدليس اسما تجاريا سواء كان هذا الاسم يؤلف أم لا يؤلف جزءا من علامة صنع أو تجارة أو خدمة" المادة 230 من القانون رقم 27 – 17 " أما العقوبة فتتجسد في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتجري ذات العقوبات علو الاعتداء على العنوان التجاري والتسببات التجارية والشطر للتماثل في التأليف والغايات والأهداف المحمية .
1-براءة الاختراع :
إن براءة الاختراع هي ذلك الحق الذي يقرره المشرع للمخترع على اختراعه يخول له احتكار استثماره نظرا لما بدله من جهد ومال للوصول إليه.
كما سعى المشرع في تنظيمه لبراءة الاختراع للتوفيق بين المصلحة العامة للمجتمع والمصلحة الخاصة للمخترع حيث جعل مدة احتكار استغلال هذه البراءة لا تتعدى سنة قابلة للتمديد سنتين ونصف فقط يصبح بعدها ذلك الاختراع ما لا مشاعا وذلك رغبة في تشجيع الاختراعات والمبتكرات لتطوير الصناعة وتنميتها .
حيث يجب أن يكون هذا الاختراع أو الابتكار جديد لم يسبق نشره لا داخل المغرب ولا خارجه ولم يسبق أحد لاستعماله أو منع براءة عنه .
لذلك لكي يتمتع الاختراع بالحماية القانونية يجب تسجيله لدى مكتب المكلية الصناعية بالدار البيضاء ومن تم أصبح من حق مالكه استثماره واستغلاله أو تفويته للغير وكل تعد على حق من هذه الحقوق يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون سواء تعلق الأمر بالتقليد أو التزييف إلى غير ذلك. مع حق المالك في المطالبة بالتعويض .
إلا أنه بالرغم من أن براءة الاختراع تعتبر عنصر من عناصر الأصل التجاري فإن ملكيتها لا تنتقل بانتقال ملكية هذا الأخير إلى المالك الجديد إلا بناء على نص صريح في العقد .
2-الرسم والنماذج الصناعية
"الرسوم والنماذج الصناعية هي مبتكرات جديدة إلا أنها تتعلق بشكل المنتجات وليس بمضمونها "
إذ أن الرسوم هي تلك الأشكال الفنية والصور والزخارف التي توضع على المنتوج أما النموذج فيعتبر ذلك القالب او التصميم الذي يظهر فيه المنتوج وتتمتع هذه الأخيرة – النماذج الصناعية والرسوم- بالحماية القانونية من تاريخ تسجيلها في مكتب الملكية الصناعية .
وقد خص القانون المغربي الملكية الأدبية والفنية بحماية هامة من خلال قانون 1916 منضما بذلك إلى اتفاقية بيرن 8 شتنبر 1906 المتعلق بالملكية الأدبية.
ويملك صاحب الملكية الأدبية واهية الحق احتكار استغلال ملكيته مدة 50 سنة غير قابلة للتجديد تسقط بعد ذلك في الحق العام إلا أنه باعتبار أن الابتكار الأدبي والفني يعتبر عملا مدنيا بالنسبة إلى المؤلف والفنان كما سبق توضيحه فإن الذي يعنينا هنا هو حقوق استغلال هذه المصنفات عندما يتم تفويتها إلى الغير مثل دار النشر تقوم على طبعة المؤلفات المختلفة وبيعها بقصد الربح فهذه الحقوق تعتبر عند وجودها من العناصر المعنوية الأساسية للأصل التجاري يمكن أن تنتقل ملكيتها مع ملكية الأصل عند تفويته .
ثانيا : الرخص الإدارية
لقد أشارت المادة 80 إلى الرخص كأحد العناصر المعنوية للأصل التجاري إلا أن هذا التنصيص جاء عاما دونما تحديد .
حيث ان العديد من الأصول التجارية تعتمد في نشاطها على الإذن أو الرخصة الإدارية التي تمنحها الإدارة المعنية مثل مقهى أو مطعم او صالة ألعاب وفي هذه الحالة فإن الرخصة أو الإذن يعتبر من العناصر المعنوية للأصل التجاري تنتقل معه عند تفويته شريطة موافقة الإدارة المختصة .
إلا أن الرخص التي تعطي للشخص لاعتبارات شخصية تتعلق وحده دون غيره مثل رخص النقل لا يمكن تفويتها بمفرده أو مع الأصل التجاري .
2-البضائع تشكل البضائع مجموع المواد الأولية التي تكون معدة للتحويل أو الصنع او المنتجات والسلع للبيع والتي تشكل مخزون المؤقتة .
والبضائع في حال وجودها تشكل عنصرا غير ثابت في الأصل التجاري لأنها تنقص وتزيد باستمرار لذلك فإنه في حالة بيع الأصل فإنه غالبا ما يكتفي الأطراف بإعطاء تقديرا إجمالي لها كما أنه في حالة الرهن الأصل التجاري فإن الرهن لا يشملها ، لأن رهنها يقتضي نقل حيازتها إلى الدائن المرتهن باعتبارها منقولات وفي هذا تعطيل للمؤسسة من الاستمرار في مزاولة نشاطها في حين أن رهن الأصل التجاري هو رهن رسمي فقط تبقى معه العناصر الشكلة له في حيازة الراهن مما يمكنه من الاستمرار في مزاولة نشاطه ويجعله بالتالي قادرا على الوفاء بديونه وفك أصله التجاري من الرهن .
إلا أنه يلاحظ أنه يمكن لصاحب الأصل التجاري أن يتصرف في البضائع كلها أو بعضها مستقلة عن الأصل التجاري من دونها كما يمكنه عند الضرورة أن يرهنها كلها أو بعضها مستقلة عن ذلك الأصل بغض النظر عن مدى تأثير ذلك على تجارته.
الحماية القانونية للاسم التجاري والعلامة
المواجهة القانونية بين الاسم التجاري والعلامات التجارية والصناعية وعلامات الخدمة: نموذج النزاع القائم بين مقاولة : Meditel وشركة Meditélecom لاستغلال الهاتف الخليوي بخصوص علامة : ميديتيل Mediel .
لقد نظم المشرع المغربي موضوع الاسم التجاري أو العنوان التجاري في مدونة التجارة بمقتضى المواد 69 إلى 74 وكذلك في المادتين 33 و 35 من نفس المدونة في باب حديثه عن السجل التجاري المركزي ، كما سلف الذكر في نظمه في المواد من 177 إلى 179 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
أما العلامة التجارية والصناعية وعلامة الخدمة ، فقد خصص لها كل المواد من 133 إلى 176 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية وذلك باعتبارها أحد عناصر الملكية الصناعية البارزة.
والملاحظ من خلال قراءة كل هذه المواد، أن هناك ارتباطا وثيقا وتداخلا بين الاسم التجاري والعلامة .
فالمادة 179 من القانون 97-17 مثلا تعترف للإسم التجاري أن يكون جزءا من علامة وتحيل بصدد موضوع الحماية إلى مدونة التجارة التي تضفي الحماية على استعمال الاسم من أي استعمال لاحق لنفس الاسم التجاري يقوم به الغير سواء في شكل اسم تجاري أو علامة صنع أو تجارة أو خدمة إذا كان في ذلك ما يحدث التباسا في ذهن الجمهور .
وإذا رجعنا إلى المادة 70 من مدونة التجارة، نجدها تنص على ما يلي : " إن الحق في استعمال اسم تاجر أو عنوان تجاري مقيد بالسجل التجاري ومشهر في إحدى الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية يختص به مالكه دون غيره.
ولا يجوز أن يستعمل من طرف أي شخص آخر ..."
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 35 من مدونة التجارة على ما يلي :
"إذا كان يهدف من إيداع اسم التاجر أو تسمية تجارية إلى استخدامه كعلامة في الوقت نفسه، يجب لحماية هذه العلامة أن يتم الإيداع طبقا للتشريع المتعلق بالعلامات ".
والواقع أن مصلحة السجل التجاري المركزي والتي كانت تمسك في السابق وطبقا للمادة 31 من مدونة التجارة من طرف الإدارة دون توضيح ما المقصود بهذه الإدارة، كانت مصلحة عمومية مستقلة عن المكتب المغربي للملكية الصناعية. إلا أنه بصدور القانون 99-13 القاضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية الصناعية ، فقد أنيطت بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إلى جانب عدة مهام أخرى . مهمة مسك التجاري المركزي حيث أصبح هذا المكتب مؤهلا قانونا لتسليم الشهادات المتعلقة بتقييدات الأخرى المسجلة فيه طبقا للمادة 33 من مدونة التجارة.
كما تناط به مهمة إطلاع الجمهور على كل معلومة لازمة لتسجيل التجار في السجل التجاري، وكذا القيام بكل عمل من أعمال التوعية والتكوين في هذه الميادين .
وإذا حاولنا توظيف كل هذا الجرد التشريعي على النزع الذي كان قائمكا والذي عرض على أنظار المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء . بين شركة ميدتيل كمقاولة فردية ذات مسؤولية محدودة وشركة Méditélècom كشركة تستغل الشبكة الثانية للهاتف الخليوي من نوع G.S.M من خلال الرخصة التي منحتها إياها الدولة من أجل الإقامة والاستغلال نلاحظ ما يلي :
تأسست بتاريخ 26/3/1997 شركة ذات مسؤولية محدودة مسجلة بالسجل التجاري تحت عدد 643/87 تحت اسم Creditel مختصة في التصدير والاستيراد والبيع بالجملة لسلع وأجهزة، وآلات متنوعة . إلا أنه فيما بعد، وعلى إثر قرار الجمعية العامة الاستثنائية القاضي برفع الحد الأدنى لرأس المال وتحويلها من شركة ثنائية إلى شركة رجل واحد، فقد تقرر تعديل اسمها ليصبح الاسم الحالي : Méditel ابتداء من شهر أبريل 1998، وذلك أن الاسم القديم كان يثير خلطا والتباسا مع اسم إحدى شركات التمويل المعتمدة والخاضعة لمقتضيات ظهير 6 يوليوز 1993 المنظم لنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها ، علما انه وطبقا للفقرة اثانية من المادة 44 من القانون 96-5 المنظم لباقي أشكال الشركات التجارية الأخرى غير شركات المساهمة، فإنه يحظر على الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تمارس أعمال البنوك والقرض والاستثمار والتأمين والرسملة والادخار.
وعلى إثر هذا التغيير في الاسم التجاري والذي تزامن فيما بعد ومنح الشركة المسماة Méditélécom رخصة لإقامة واستغلال الشبكة العامة الثانية للهاتف الخليوي من نوع : G.S.M في مجموعة التراب الوطني وفقا للشروط المحددة في دفتر التكاليف كما تدل على ذلك مقتضيات المرسوم رقم 895-99-2 الصادر بتاريخ 2 غشت 1999 وذلك لمدة خمسة عشرة سنة قابلة للتجديد ابتداء من تاريخ العمل بهذا المرسوم .
إلا أن هذه الشركة المسماة : Méditélécom بمناسبة طلبها للشهادة السلبية التي تثبت عدم سبق استعمال التسمية التجارية التي اختارتها من طرف أي تاجر من قبل، كانت على علم أن هناك شركة ذات مسؤولية محدودة تمارس نشاطها التجاري بنفس الاسم. إلا أنها أصرت رغم ذلك على اختيارها ، حيث ان الترخيص الإداري الذي منح لها لاستغلال الشبكة الثانية للهاتف الخليوي قد بني على هذه التسمية التجارية التي قررت إيداعها كعلامة لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية الذي كان على موظفيه أن يطلعوا Méditélécom على المعلومة المتعلقة بضرورة البحث والتحري عما إذا كانت العلامة التي تنوي إيداعها لم يسبق استعمالها كعنوان تجاري ،والمشاكل التي يمكن أن تعترضها من جراء حصول مثل هذا الأمر.
حيث قد يتسبب ذلك في خلط والتباس في ذهن الجمهور، وبهذه المناسبة نجد المادة 184 من القانون 97-17 تنص على ما يلي :
"ويعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ، كل عمل منافسة يتنافى وأعراف في الميدان الصناعي او التجاري.
الشرف وتمنع بصفة خاصة.
وتمنع بصفة خاصة :
1-جميع الأعمال كيفما كان نوعها التي قد يترتب عليها بأية وسيلة من الوسائل خلط مع مؤسسة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري .
2-الادعاءات الكاذبة في مزاولة التجارة إذا كان من شأنها ان تسيء إلى سمعة مؤسسة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطها الصناعي أو التجاري،
3-البيانات أو الادعاءات التي يكون من شأن استعمالها في مزاولة التجارة مغالطة الجمهور في طبيعة البضائع أو طريقة صنعها أو مميزاتها أو قابليتها للاستعمال أو كميتها ".
حيث يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة هنا وطبقا للمادة 185 من القانون 97-17 دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض .
حيث يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة هنا وطبقا للمادة 185 مكن القانون 97-17 دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض.
كما تنص المادة 230 من نفس القانون 97-17 في باب الدعاوى الجنائية على ما يلي :
"يعتبر مزيفا ويعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من انتحل أو استعمل على سبيل التدليس اسما تجاريا سواء أكان هذا الاسم يؤلف أم لا يؤلف جزءا من علامة صنع أو تجارة أو خدمة ".
والواقع ان النزاع المعروض حاليا على أنظار المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء قد ابتدأ عندما بدأت شركة Méditel تتوصل خطأ بإرساليات موجهة أصلا إلى شركة Méditélécom والعكس صحيح .
إضافة إلى أن شركة Méditélécom قد لجأت إلى استعمال حملة إشهارية واسعة النطاق لمنتوجها منذ خصولها على رخصة استغلال الهاتف الخليوي مما عرض المقر الاجتماعي
مقدمة
يعتبر الأصل التجاري مؤسسة قانونية حديثة العهد حيث لم يظهر إلا في بداية القرن 19 وكان إذاك مفهوما فريدا وشادا قبل أن يصبح مألوفا لدى جمهور عريض من المهتمين حيث لم يكن الأصل التجاري وحدة واقعية ولا وحدة قانونية، وحقوقية قائمة الذات ومستقلة عن العناصر المؤلفة لها ، لم يكن بهذا الوصف يخضع لنظام قانوني خاص به ولا تجري عليه التصرفات القانونية لأن التصرف كان يقع بالتفريد على العناصر المكونة له كلا على حدة وهذا ما سنراه مع القانون الفرنسي حيث برزت قبل قانون 17 مارس 1909 فكرة الأصل التجاري .
على صعيد الاجتهاد القضائي من خلال مرافقة ممثل الحق السيد تري الذي أكد حق صاحب الأصل التجاري في تفويته للغير وهو ما سايرته محكمة الاستئناف بباريس بقرار صادر بتاريخ 17/08/1807 وعلى صعيد التشريع محكمة القانون الضريبي ل 28 فبراير 1872 وخاصة الفصل 7إلى 9 سباقا للأخذ بفكرة الأصل التجاري من خلال فرض حقوق على واقعة التفويت والنقل الشمولي للعناصر اللازمة ستغلال أصل تجاري .
ولم يهتم التشريع التجاري الفرنسي بداية بموضوع الأصل التجاري برمته وإنما انشغل أول الأمر فقط ببيع ورهن الأصل التجاري وذلك من خلال قانون 17 مارس 1909 المعروف بقانون كورد ولي نسبة إلى النائب الرحماني الذي عرض على الجهاز التشريعي الفرنسي مقترح قانون شكل لخطة تاريخية وكان بمثابة النواة الأولى التي انبثق عنها ميلاد الأصل التجاري هذا القانون الذي لا يزال ساري المفعول ينظم عمليات أساسية تنصب على الأصل التجاري وهي البيع الرهن، رغم طابعه الناقص الأساس لدراسة الأصل التجاري وقد تلاه فيما بعد قانون 20 مارس 1996 الذي ينظم التسيير الحر للأصل التجاري والحرفي في هذه العملية الشائعة في الواقع العملي في مجال المال والأعمال والتي تؤدي إلى تجزئة الملكية عن استغلال الأصل .
أما فيما يخص تنظيم الأصل التجاري في التشريع المغربي فسنميز بين الوضع القانوني للاصل التجاري في ظل القانون التجاري القديم ثم على ضوء مقتضيات مدونة التجارة .
فبالنسبة لما كان عليه الحال في ظل القانون القديم فيمكن القول بأنه غداة الحماية قد بزغ للوجود نظام بيع ورهن الأصل التجاري اللذان تم تنظيمهما بمقتضى ظهير 31 دجنبر 1914 المتقبس من القانون الفرنسي ل 17 مارس 1909 كما صدر في تاريخ لاحق ظهير 23 يونيو 1916 وظهير 24 ماي 1955 المنظم لأكرية المحلات والمعدات الاستغلال التجاري أو الصناعي أو الحرفي . إلا أن هذا الرصيد التشريعي المتعلق بالأصل التجاري لا يعد كافيا إذ يبقى مثلا تعريف الأصل التجاري وتحديد طبيعة عملا تفسيريا بالدرجة الأولى مبني على عمل الفقه والاجتهاد القضائي في هذا المجال. كما أن العديد من التصرفات الهامة التي ترد على الاصل التجاري حاليا كالتسيير الحر والتمييز وبين التسيير المأجور لم يتم التطرق إليه بنص تشريعي صريح مما يشكل فراغا تشريعيا موكول أمر تداركه للاجتهاد القضائي او يحيل إلى القواعد العامة في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة هذا بالنسبة للنظام القديم أما في مدونة التجارة فقد خصص المشرع المغربي للأصل التجاري كل الكتاب الثاني وذلك في المواد 79 إلى 158 ويأتي هذا الإصلاح التشريعي الشمولي الذي كان لا بد منه في سياق توحيد التشريع التجاري في مدونة واحدة من جهة وتكريس اجتهاد قضائي غني من جهة ثانية، وتنظيمها لعقد التسيير الحر المتعلق بالأصل التجاري بنص قانون صريح أخذا بعين الاعتبار الممارسة العملية وبالخصوص طبيعة الأصل التجاري باعتباره منقولا له خصوصيته التي تميزه عن التصرفات الواردة عليه وذلك التي ترد على المنقولات الأخرى بصفة عامة وقد كان من أهم التجديدات التي أتت بها مدونة التجارة هي تعريفها للأصل التجاري .
حيث أحجت غالبية التشريعات المقارنة والتشريع المغربي القديم معها عن تعريف الأصل التجاري ويرجع سبب ذلك الإحجام إلى تعقيد مفهوم الأصل التجاري وحداثته إد لم يظهر سوى في مرحلة متأخرة .
أما في الفقه العربي فنجد هناك من ساوى بين تعريف الأصل التجاري والمحل التجاري مثل الدكتور على حسن يونس مثلا الذي يعرف المحل التجاري بأنه " مآل منقول معنوي يشمل اتصال التاجر بعملائه واعتيادهم والتردد على متجره نتيجة عناصر الاستغلال الأخرى "
ويكاد يجمع الفقه الغربي على اعتبار الأصل التجاري مجموعة من العناصر مركزين بالخصوص على عنصر الزبائن الذي لا تقوم قائمة للأصل التجاري بدونه .
وذلك بوصف الزبائن وسيطا حافزا سيجمع عناصر متباينة بعض الشيء ليخرج منها الأصل التجاري نذكر من هذا الفقه مثلا Fdejeuwer defossez التي تعرف الأصل التجاري بأنه " مجموعة من الوسائل المستعملة بهدف جلب الزبائن وحثهم على الارتباط بالمحل التجاري "
والفقيه yves reinhard الذي يعرف الأصل التجاري بأنه مجموعة أموال منقولة ينظمها التاجر وينجزها من أجل الفوز بالزبائن من عرفه مثل ريبر وروبلو " الأصل التجاري ملكية غير مادية ترتكز على الحق في الزبائن المرتبطة بالمحل عبر عناصر تساعد على الاستغلال "
وبذلك ومن خلال كل ما سبق يبدو أن عنصر الزبائن في قلب الأصل التجاري او بعبارة أخرى هو روح الأصل التجاري. وقد سارت مدونة التجارة في نفس هذا النهج لتعرف لنا الأصل التجاري من خلال المادة 79 قائلة :" الأصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".
وبقراءة نص هذه المادة نجده لم يتطرق إلى محور الأساسي الذي يدور حوله الأصل التجاري وأمام هذا السكوت التشريعي جاءت المادة 80 الموالية لتركز على عنصر الزبائن والسمعة التجارية ولتنصر صراحة على وجوب أن يشتمل الأصل التجاري على الزبناء وسمعته التجارية بالخصوص مع إمكان أن يشتمل أيضا على كل الاموال الضرورية لاستغلال الأصل التجاري كالحق في الكراء مثلا وبصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية الملحقة بالأصل التجاري، وقد نلاحظ أن مهمة تعريف هذه المؤسسة القانونية هي من عمل الفقه والاجتهاد القضائي وليست من عمل التشريع على حد قول الأستاذ عز الدين بن ستي أنه بالرغم من وجاهة هذا التعريف فإنه لم يتطرق إلى الطبيعة القانونية للأصل التجاري كوحدة قائمة بذاتها ومستقلة عن باقي العناصر المكونة لها وخاصة وأن هذه الأخيرة ليست واحدة وثابتة بالنسبة لجميع المحلات التجارية وإنما هي عناصر مرنة يصعب تحديدها مسبقا وتختلف باختلاف نوع التجارة وطبيعتها او بعبارة الدكتور شكري أحمد السباعي فإن الأصل التجاري لا يتأثر باختفاء بعض العناصر أو دخول أخرى جديدة ضمن مقوماته ، فما هي الحماية التي أولاها المشرع لهذه المؤسسة ؟
المطلب الأول : الحماية القانوني للاسم التجاري والعنوان التجاري
وتسمية الشركة وأشعار
يحظى الاسم التجاري والعنوان التجاري وتسمية الشركة والشعار بالحماية القانونية ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري وعند اندثار التسجيل من تاريخ الحوز أو الاستخدام الأول او الأسبق وهذه الحماية مدنية وجنائية .
وتجد الحماية أساسها التشريعي في المادتين 30 و 35 من مدونة التجارية وإن كانت لا تذكران العنوان التجاري والشعار إلا أنهما يخضعان معا كذلك للتقييد في السجل التجاري وتشمل الحماية إما مجموع التراب المملكة إذا طلب المعنيون ذلك وغما في الناحية او الدائرة القضائية التي تعين خصيصا من قبلهم غير أنه إذا كان الهدف من وراء إيداع اسم تاجر او تسمية أن يتم الإيداع طبقا للتشريع المتعلق بالعلامات أي القانون رقم 97-17 المتعلق بالحماية الملكية الصناعية والتعديلات التي أدخلت عليه بمقتضى القانون رقم 05-31.
وتتم الحماية المدنية باستخدام دعوى المنافسة الغير المشروعة المنصوص عليها في المادتين 184 و 185 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية فالأولى تعتبر عملا من أعمال المنافسة الغير المشروعة كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري ولا يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة إلا دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض .
ونعتبر المادة 84 من قانون الالتزامات والعقود أضحت ملغاة او على الأقل معطلة ودون جدوى وذلك للأسباب التالية .
1-إن المادة 234 من قانون حماية الملكية الصناعية تنسخ جميع الأحكام السابقة المتعلقة بنفس الموضوع .
2-إن المادة 184 من القانون اعلاه جاءت صياغة عامة تستغرق الاعتداء على أعراف الشرف في الميدان الصناعي والتجاري إلى جانب تقديم أمثلة على ذلك .
3-إن المادة 874 من ق ل ع م لا تزيج عن تقديم أمثلة لما يمكن أن يعتبر منافسة غير مشروعة وهي امثلة أدرجت على سبيلا المثال لا الحصر .
4-إن قانون حماية الملكية الصناعية لا يقتصر على الصناعة والتجارة الصرفة والخدمات وإنما يشمل الأنشطة المدنية كذلك كالإنتاج في مجال الصناعات الفلاحية والاستخراجية وكذا جميع النتجات المصنعة أو الطبيعة مثل الأنعام والمعادن والمشروبات ( المادة 2 ) وغيرها .
5-إن المادة 185 من قانون حماية الملكية الصناعية تحصر دعوى المنافسة غير المشروعة في دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض في حين أن المادة 84 تتكلم عن التعويض فقط.
ويعتبر المقصود بالدعوى هنا الدعوى غير الجنائية لأن الاختصاص بنظر على الدعاوى والمنازعات المترتبة عن تطبيق القانون رقم 97-17 المتعلقة بحماية الملكية يعود على المحاكم التجارية باستثناء القرارات الإدارية المنصوص عليها فيه " المادة15" وما يترتب عنها من أضرار وتعويضات قد ترفه إلى المحكمة الإدارية بالرباط مثلا المادة 42" وتصدر هذه القرارات عن المكتسب المغربي للملكية الصناعية والتجارية مع مراعاة بعض الاستثناءات الأخرى كذلك كالتعويض عن طلب تسجيل العلامة لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية " المادة2 –148 من قانون رقم 03-31 المغير والمتمم للقانون رقم 97-17 الذي يبث فيه المكتب بقرار معلل المادة ( 3-148) وتختص محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في النظر والبث في الطعن ضد قرار المكتب المادة ( 5-145).
6-وحتى إن بقيت المادة 84 ق ل ع م قائمة وحية فلا جدوى منها لانعدام الصياغة العامة والتنظيم حتى وإن ذكرت صراحة من بين الأمثلة التي قدمتها الاسم أو الشعار .
ويقوم الزجر الجنائي إلى المؤيد أو الجزاء المدني وجاء هذا الجزاء صريحا فيما يتعلق بالاسم التجاري حيث يتعرض المعتدي للعقوبتين المنصوص عليها في المادة 225 من القانون رقم 97-17 إن انتحل او استعمل على سبيل التدليس اسما تجاريا سواء كان هذا الاسم يؤلف أم لا يؤلف جزءا من علامة صنع أو تجارة أو خدمة" المادة 230 من القانون رقم 27 – 17 " أما العقوبة فتتجسد في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتجري ذات العقوبات علو الاعتداء على العنوان التجاري والتسببات التجارية والشطر للتماثل في التأليف والغايات والأهداف المحمية .
1-براءة الاختراع :
إن براءة الاختراع هي ذلك الحق الذي يقرره المشرع للمخترع على اختراعه يخول له احتكار استثماره نظرا لما بدله من جهد ومال للوصول إليه.
كما سعى المشرع في تنظيمه لبراءة الاختراع للتوفيق بين المصلحة العامة للمجتمع والمصلحة الخاصة للمخترع حيث جعل مدة احتكار استغلال هذه البراءة لا تتعدى سنة قابلة للتمديد سنتين ونصف فقط يصبح بعدها ذلك الاختراع ما لا مشاعا وذلك رغبة في تشجيع الاختراعات والمبتكرات لتطوير الصناعة وتنميتها .
حيث يجب أن يكون هذا الاختراع أو الابتكار جديد لم يسبق نشره لا داخل المغرب ولا خارجه ولم يسبق أحد لاستعماله أو منع براءة عنه .
لذلك لكي يتمتع الاختراع بالحماية القانونية يجب تسجيله لدى مكتب المكلية الصناعية بالدار البيضاء ومن تم أصبح من حق مالكه استثماره واستغلاله أو تفويته للغير وكل تعد على حق من هذه الحقوق يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون سواء تعلق الأمر بالتقليد أو التزييف إلى غير ذلك. مع حق المالك في المطالبة بالتعويض .
إلا أنه بالرغم من أن براءة الاختراع تعتبر عنصر من عناصر الأصل التجاري فإن ملكيتها لا تنتقل بانتقال ملكية هذا الأخير إلى المالك الجديد إلا بناء على نص صريح في العقد .
2-الرسم والنماذج الصناعية
"الرسوم والنماذج الصناعية هي مبتكرات جديدة إلا أنها تتعلق بشكل المنتجات وليس بمضمونها "
إذ أن الرسوم هي تلك الأشكال الفنية والصور والزخارف التي توضع على المنتوج أما النموذج فيعتبر ذلك القالب او التصميم الذي يظهر فيه المنتوج وتتمتع هذه الأخيرة – النماذج الصناعية والرسوم- بالحماية القانونية من تاريخ تسجيلها في مكتب الملكية الصناعية .
وقد خص القانون المغربي الملكية الأدبية والفنية بحماية هامة من خلال قانون 1916 منضما بذلك إلى اتفاقية بيرن 8 شتنبر 1906 المتعلق بالملكية الأدبية.
ويملك صاحب الملكية الأدبية واهية الحق احتكار استغلال ملكيته مدة 50 سنة غير قابلة للتجديد تسقط بعد ذلك في الحق العام إلا أنه باعتبار أن الابتكار الأدبي والفني يعتبر عملا مدنيا بالنسبة إلى المؤلف والفنان كما سبق توضيحه فإن الذي يعنينا هنا هو حقوق استغلال هذه المصنفات عندما يتم تفويتها إلى الغير مثل دار النشر تقوم على طبعة المؤلفات المختلفة وبيعها بقصد الربح فهذه الحقوق تعتبر عند وجودها من العناصر المعنوية الأساسية للأصل التجاري يمكن أن تنتقل ملكيتها مع ملكية الأصل عند تفويته .
ثانيا : الرخص الإدارية
لقد أشارت المادة 80 إلى الرخص كأحد العناصر المعنوية للأصل التجاري إلا أن هذا التنصيص جاء عاما دونما تحديد .
حيث ان العديد من الأصول التجارية تعتمد في نشاطها على الإذن أو الرخصة الإدارية التي تمنحها الإدارة المعنية مثل مقهى أو مطعم او صالة ألعاب وفي هذه الحالة فإن الرخصة أو الإذن يعتبر من العناصر المعنوية للأصل التجاري تنتقل معه عند تفويته شريطة موافقة الإدارة المختصة .
إلا أن الرخص التي تعطي للشخص لاعتبارات شخصية تتعلق وحده دون غيره مثل رخص النقل لا يمكن تفويتها بمفرده أو مع الأصل التجاري .
2-البضائع تشكل البضائع مجموع المواد الأولية التي تكون معدة للتحويل أو الصنع او المنتجات والسلع للبيع والتي تشكل مخزون المؤقتة .
والبضائع في حال وجودها تشكل عنصرا غير ثابت في الأصل التجاري لأنها تنقص وتزيد باستمرار لذلك فإنه في حالة بيع الأصل فإنه غالبا ما يكتفي الأطراف بإعطاء تقديرا إجمالي لها كما أنه في حالة الرهن الأصل التجاري فإن الرهن لا يشملها ، لأن رهنها يقتضي نقل حيازتها إلى الدائن المرتهن باعتبارها منقولات وفي هذا تعطيل للمؤسسة من الاستمرار في مزاولة نشاطها في حين أن رهن الأصل التجاري هو رهن رسمي فقط تبقى معه العناصر الشكلة له في حيازة الراهن مما يمكنه من الاستمرار في مزاولة نشاطه ويجعله بالتالي قادرا على الوفاء بديونه وفك أصله التجاري من الرهن .
إلا أنه يلاحظ أنه يمكن لصاحب الأصل التجاري أن يتصرف في البضائع كلها أو بعضها مستقلة عن الأصل التجاري من دونها كما يمكنه عند الضرورة أن يرهنها كلها أو بعضها مستقلة عن ذلك الأصل بغض النظر عن مدى تأثير ذلك على تجارته.
الحماية القانونية للاسم التجاري والعلامة
المواجهة القانونية بين الاسم التجاري والعلامات التجارية والصناعية وعلامات الخدمة: نموذج النزاع القائم بين مقاولة : Meditel وشركة Meditélecom لاستغلال الهاتف الخليوي بخصوص علامة : ميديتيل Mediel .
لقد نظم المشرع المغربي موضوع الاسم التجاري أو العنوان التجاري في مدونة التجارة بمقتضى المواد 69 إلى 74 وكذلك في المادتين 33 و 35 من نفس المدونة في باب حديثه عن السجل التجاري المركزي ، كما سلف الذكر في نظمه في المواد من 177 إلى 179 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
أما العلامة التجارية والصناعية وعلامة الخدمة ، فقد خصص لها كل المواد من 133 إلى 176 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية وذلك باعتبارها أحد عناصر الملكية الصناعية البارزة.
والملاحظ من خلال قراءة كل هذه المواد، أن هناك ارتباطا وثيقا وتداخلا بين الاسم التجاري والعلامة .
فالمادة 179 من القانون 97-17 مثلا تعترف للإسم التجاري أن يكون جزءا من علامة وتحيل بصدد موضوع الحماية إلى مدونة التجارة التي تضفي الحماية على استعمال الاسم من أي استعمال لاحق لنفس الاسم التجاري يقوم به الغير سواء في شكل اسم تجاري أو علامة صنع أو تجارة أو خدمة إذا كان في ذلك ما يحدث التباسا في ذهن الجمهور .
وإذا رجعنا إلى المادة 70 من مدونة التجارة، نجدها تنص على ما يلي : " إن الحق في استعمال اسم تاجر أو عنوان تجاري مقيد بالسجل التجاري ومشهر في إحدى الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية يختص به مالكه دون غيره.
ولا يجوز أن يستعمل من طرف أي شخص آخر ..."
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 35 من مدونة التجارة على ما يلي :
"إذا كان يهدف من إيداع اسم التاجر أو تسمية تجارية إلى استخدامه كعلامة في الوقت نفسه، يجب لحماية هذه العلامة أن يتم الإيداع طبقا للتشريع المتعلق بالعلامات ".
والواقع أن مصلحة السجل التجاري المركزي والتي كانت تمسك في السابق وطبقا للمادة 31 من مدونة التجارة من طرف الإدارة دون توضيح ما المقصود بهذه الإدارة، كانت مصلحة عمومية مستقلة عن المكتب المغربي للملكية الصناعية. إلا أنه بصدور القانون 99-13 القاضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية الصناعية ، فقد أنيطت بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إلى جانب عدة مهام أخرى . مهمة مسك التجاري المركزي حيث أصبح هذا المكتب مؤهلا قانونا لتسليم الشهادات المتعلقة بتقييدات الأخرى المسجلة فيه طبقا للمادة 33 من مدونة التجارة.
كما تناط به مهمة إطلاع الجمهور على كل معلومة لازمة لتسجيل التجار في السجل التجاري، وكذا القيام بكل عمل من أعمال التوعية والتكوين في هذه الميادين .
وإذا حاولنا توظيف كل هذا الجرد التشريعي على النزع الذي كان قائمكا والذي عرض على أنظار المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء . بين شركة ميدتيل كمقاولة فردية ذات مسؤولية محدودة وشركة Méditélècom كشركة تستغل الشبكة الثانية للهاتف الخليوي من نوع G.S.M من خلال الرخصة التي منحتها إياها الدولة من أجل الإقامة والاستغلال نلاحظ ما يلي :
تأسست بتاريخ 26/3/1997 شركة ذات مسؤولية محدودة مسجلة بالسجل التجاري تحت عدد 643/87 تحت اسم Creditel مختصة في التصدير والاستيراد والبيع بالجملة لسلع وأجهزة، وآلات متنوعة . إلا أنه فيما بعد، وعلى إثر قرار الجمعية العامة الاستثنائية القاضي برفع الحد الأدنى لرأس المال وتحويلها من شركة ثنائية إلى شركة رجل واحد، فقد تقرر تعديل اسمها ليصبح الاسم الحالي : Méditel ابتداء من شهر أبريل 1998، وذلك أن الاسم القديم كان يثير خلطا والتباسا مع اسم إحدى شركات التمويل المعتمدة والخاضعة لمقتضيات ظهير 6 يوليوز 1993 المنظم لنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها ، علما انه وطبقا للفقرة اثانية من المادة 44 من القانون 96-5 المنظم لباقي أشكال الشركات التجارية الأخرى غير شركات المساهمة، فإنه يحظر على الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تمارس أعمال البنوك والقرض والاستثمار والتأمين والرسملة والادخار.
وعلى إثر هذا التغيير في الاسم التجاري والذي تزامن فيما بعد ومنح الشركة المسماة Méditélécom رخصة لإقامة واستغلال الشبكة العامة الثانية للهاتف الخليوي من نوع : G.S.M في مجموعة التراب الوطني وفقا للشروط المحددة في دفتر التكاليف كما تدل على ذلك مقتضيات المرسوم رقم 895-99-2 الصادر بتاريخ 2 غشت 1999 وذلك لمدة خمسة عشرة سنة قابلة للتجديد ابتداء من تاريخ العمل بهذا المرسوم .
إلا أن هذه الشركة المسماة : Méditélécom بمناسبة طلبها للشهادة السلبية التي تثبت عدم سبق استعمال التسمية التجارية التي اختارتها من طرف أي تاجر من قبل، كانت على علم أن هناك شركة ذات مسؤولية محدودة تمارس نشاطها التجاري بنفس الاسم. إلا أنها أصرت رغم ذلك على اختيارها ، حيث ان الترخيص الإداري الذي منح لها لاستغلال الشبكة الثانية للهاتف الخليوي قد بني على هذه التسمية التجارية التي قررت إيداعها كعلامة لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية الذي كان على موظفيه أن يطلعوا Méditélécom على المعلومة المتعلقة بضرورة البحث والتحري عما إذا كانت العلامة التي تنوي إيداعها لم يسبق استعمالها كعنوان تجاري ،والمشاكل التي يمكن أن تعترضها من جراء حصول مثل هذا الأمر.
حيث قد يتسبب ذلك في خلط والتباس في ذهن الجمهور، وبهذه المناسبة نجد المادة 184 من القانون 97-17 تنص على ما يلي :
"ويعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ، كل عمل منافسة يتنافى وأعراف في الميدان الصناعي او التجاري.
الشرف وتمنع بصفة خاصة.
وتمنع بصفة خاصة :
1-جميع الأعمال كيفما كان نوعها التي قد يترتب عليها بأية وسيلة من الوسائل خلط مع مؤسسة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري .
2-الادعاءات الكاذبة في مزاولة التجارة إذا كان من شأنها ان تسيء إلى سمعة مؤسسة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطها الصناعي أو التجاري،
3-البيانات أو الادعاءات التي يكون من شأن استعمالها في مزاولة التجارة مغالطة الجمهور في طبيعة البضائع أو طريقة صنعها أو مميزاتها أو قابليتها للاستعمال أو كميتها ".
حيث يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة هنا وطبقا للمادة 185 من القانون 97-17 دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض .
حيث يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة هنا وطبقا للمادة 185 مكن القانون 97-17 دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض.
كما تنص المادة 230 من نفس القانون 97-17 في باب الدعاوى الجنائية على ما يلي :
"يعتبر مزيفا ويعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من انتحل أو استعمل على سبيل التدليس اسما تجاريا سواء أكان هذا الاسم يؤلف أم لا يؤلف جزءا من علامة صنع أو تجارة أو خدمة ".
والواقع ان النزاع المعروض حاليا على أنظار المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء قد ابتدأ عندما بدأت شركة Méditel تتوصل خطأ بإرساليات موجهة أصلا إلى شركة Méditélécom والعكس صحيح .
إضافة إلى أن شركة Méditélécom قد لجأت إلى استعمال حملة إشهارية واسعة النطاق لمنتوجها منذ خصولها على رخصة استغلال الهاتف الخليوي مما عرض المقر الاجتماعي