هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionتفتيش المنازل في التشريع المغربي Emptyتفتيش المنازل في التشريع المغربي

more_horiz
تفتيش المنازل
لقد أعطى المشرع الدستوري للمسكن حرمته وهي جزء من الحرية الشخصية التي يملكها الفرد إزاء المجتمع. ولكن المسكن قد يكون مأوى وملاذ للجناة ومسرحا للجريمة يأوي بين جدرانه معالمها وأدلة إثباتها، فكان لابد من تمكين المكلفين بالبحث أو التحقيق من الوصول إلى تسجيل تلك المعالم والاطلاع على هذه الأدلة وضبطها.
وتنص الفقرة2 من الفصل10 من الدستور المغربي بأن ” المنزل لا تنتهك حرمته، ولا تفتيش ولا تحقيقي إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون”.
وقد نظم القانون تفتيش المنزل بشكل يوقف بين حمايته القانونية وبين ضرورات البحث والتحقيق في الجرائم، وميز بصورة واضحة في تفتيش المنازل بين حالة التلبس وبين الحالة العادية وفرض على ضباط الشرطة القضائية عند القيام بالتفتيش عدة شروط وشكليات إذا لم يراعوها كان الجزاء هو البطلان بالإضافة إلى المسؤولية التأديبية ناهيك عن المسؤولية الجنائية .
فما المقصود بالمنزل الذي سيتم تفتيشه؟ (فقرة أولى)، وما هي شروط وشكليات تفتيش المنزل؟ (فقرة ثانية) وهل يخضع تفتيش المنزل لوقت محدد؟ (فقرة ثالثة) وما هو جزاء الإخلال بأحكام التفتيش؟ (فقرة رابعة).

الفقرة الأولى: مفهوم المنزل
لم يعط المشرع في قانون المسطرة الجنائية تعريفا للمنزل الذي قيد تفتيشه بشروط أثناء البحث التمهيدي، في حين عرف القانون الجنائي في المادة511 “المنزل المسكون” كما يلي :” يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى، ثابت أو متنقل سواء كان مسكونا فعلا أو معدا للسكنى وكذلك جميع ملحقاته كالساحات وحظائر الدواجن والخزين والاصطبل أو أي بناية داخلة في نطاقه مهما كان استعمالها حتى لو كان لها سياج خاص داخل السياج أو الحائط العام” .
هكذا، يعد منزلا كل مكان يتخذه الشخص لنفسه على وجه الدوام لا يباح للغير دخوله إلا بإذن صاحبه، ويستوي في ذلك أن يكون مصدر حيازته الملكية أو الإيجار أو العارية، ويدخل ضمنه كذلك ملحقاته سواء كانت متصلة به أو لم تكن متصلة به بشرط أن لا يكون محلا عاما يرتاده من شاء من الجمهور والعامة، فيشمل محلات السكنى والغرف والمكاتب الخاصة كالغرفة التي يحتفظ بها صاحب الفندق ومكتبه الخاص ومكتب المحامي والمهندس وعيادة الطبيب أو غيرهم من أصحاب المهن الحرة، وهناك من أضاف السيارات المعدة للسكنى .
أما إذا انتفت صفة الخصوصية والسر المهني عن المحل بأن كان من المحلات العمة كالمقاهي، ودور السينما، وقاعة الانتظار بالعيادة الطبية وجميع المحلات التي يمكن ارتيادها من قبل أي شخص، فإنه لا يخضع لقيود التفتيش الخاصة بالمساكن .

الفقرة الثانية: شروط وشكليات تفتيش المنزل.
التفتيش إجراء استثنائي لا يصرح به إلا إذا كانت الجريمة قد ارتكبت فعلا، وكانت من النوع الذي يمكن إثباته بواسطة حجز مستندات وغيرها من الأشياء الموجودة بحوزة الأشخاص المظنون مشاركتهم في الجريمة، والغاية من الحجز هو المساعدة في إثبات الجريمة، إما إذا كانت عناصرها ثابتة فلا مبرر لإجراء التفتيش، وقد نظمت المواد من 59 إلى 63 من قانون المسطرة الجنائية شروط تفتيش المنازل وتوقيته والجزاء المترتب عن عدم احترام هذه الشروط.
ويلاحظ في البداية، أن التفتيش كإجراء مسطري لا يمكن إجراؤه إلا في الجنايات والجنح وبالتالي لا يمكن القيام به في المخالفات، كما لا يمكن القيام به إلا من طرف ضابط الشرطة القضائية ما لم يتعلق الأمر بمكتب محام حيث يقوم به قاض من قضاة النيابة العامة ومن ثم لا يجوز تفويض هذا الإجراء إلى أعوان الشرطة القضائية .
وقد ألزمت المادة79 من ق.م.ج، ضابط الشرطة القضائية في حالة البحث التمهيدي بعدم الدخول إلى المنازل وتفتيشها وحجز ما بها من أدوات الإثبات، دون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري هذه العمليات بمنزله. ويجب أن تكون الموافقة مكتوبة بخط يد المعنى بالأمر، وذلك ضمانا لصدور الرضى عن طواعية واختيار. وإذا كان صاحب المنزل لا يحسن الكتابة فإن ضابط الشرطة القضائية يضمن ذلك في المحضر مع الإشارة فيه إلى موافقته على التفتيش .
وقد سوى القانون بين منزل المشتبه فيه وبين منزل الغير الأجنبي عن الجريمة في الموافقة الكتابية.
وإن كانت الجريمة (جناية أو جنحة) تقتضي حجزا أو وثائق أو أشياء أخرى في حوزة أشخاص يظن أنهم شاركوا في الجريمة أو يحوزون مستندات أو وثائق تتعلق بالأفعال الإجرامية فإنه يحق لضابط الشرطة القضائية، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة59 من م.ج، أن ينتقل إلى منزل هؤلاء ليجري فيه تفتيشا يحرر محضرا بشأنه مع احترامه لمقتضيات المادتين60 و62 من م.ج .
وتفاديا لأي دفع بعدم حيازة الأشياء المضبوطة وضمانا لحرمة مسكن المشبوه فيه أوجب المشرع حضوره أو من ينوب عنه كضمانة لصحة التفتيش. أما إذا كان المشبوه فيه قد امتنع عن الحضور أو كان فارا، يكون في هذه الحالة ضابط الشرطة ملزما بالقيام بالتفتيش وذلك بحضور شاهدين لا يكونان موظفين تحت سلطة ضابط الشرطة القضائية. وإذا تعلق الأمر بتفتيش أماكن توجد بها نساء فيجب على الضابط أن يدعو امرأة لحضوره.
وقد أوجبت الفقرة الثالثة من المادة59 من قانون المسطرة الجنائية على ضابط الشرطة أن يتخذ جميع التدابير اللازمة للمحافظة على السر المهني، ولا يقصد بهذه التدابير امتناع ضابط الشرطة عن إفشاء سر من الأسرار التي اطلع عليها بمناسبة قيامه بالبحث التمهيدي، فهذا واجب بديهي، وذلك على اعتبار أن مسطرة البحث سرية لا يجوز إفشاء شيء منها، وإنما المقصود بذلك هو القيام بعمل إيجابي يتمثل في وقوفه على المنزل دون الوصول إلى الأسرار التي تتعلق بالأغيار كتلك الأسرار المودعة بعيادة الأطباء ومكاتب الموثقين والمحامين . فيجب إذن على ضابط الشرطة في حالة ما إذا قام بتفتيش أماكن الأشخاص ملزمين بكتمان السر المهني أن يلتزم وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة حتى لا تتسرب، وألا يتجاوز في تفتيشه إلى ما لا تدعو إليه ضرورة البحث.
وفي حالات المس بأمن الدولة أو إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فإنه لا يحق إلا لضابط الشرطة القضائية ومعه الأشخاص من المشار إليهم في المادة60 من ق.م.ج وحدهم الاطلاع على الأوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها .
وإذا كان الهدف من التفتيش هو وضع يد الضابط على الأدلة التي تفيد في ثبوت الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، فإنه يجوز له أن يحجز كل الأشياء والمستندات التي لها علاقة بالجريمة، ويحرر بذلك محضر للتفتيش والحجز يثبت فيه سبب قيامه بالتفتيش ووقته ومكانه ونوع الجريمة وحضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه والنتيجة المتوخاة منه. فبالنسبة للأشياء والوثائق المحجوزة فتحصى فورا وتلف وتوضع في غلاف أو وعاء أو كيس ويختم عليها ضابط الشرطة القضائية، وإذا استحال ذلك فإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها بطابعه .
ويلاحظ مما سبق أن دخول المنازل وتفتيشها في حالة البحث التمهيدي لا يتميز عن دخولها وتفتيشها في حالة التلبس إلا باشتراط المشرع صدور موافقة صريحة على التفتيش من الشخص الذي سيجري التفتيش بمنزله .

الفقرة الثالثة: توقيت التفتيش:
يستخلص من مقتضيات المادة62 من ق.م.ج على أنه لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليلا، إلا إذا طلب رب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي نص عليها القانون، غير أن العمليات التي ابتدأت في ساعة قانونية يمكن مواصلتها دون توقف. وهكذا لا يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يقوم بتفتيش المنزل في أي وقت شاء وإنما عليه أن يراعي الوقت القانوني المسموح به، ما عدا في الحالات الاستثنائية التي أوردتها المادة62، وقد أوردت المادة المشار أعلاه استثناءا آخر يتعلق بتفتيش المحلات التي يمارس عمل أو نشاط بصفة معتادة، ففي هذه الحالة لا يعمل بالوقت القانوني، وإنما يجوز لضابط الشرطة القضائية تفتيش هذه المحلات في أي وقت من ليل أو نهار.
وهكذا فالتوقيت القانوني الذي يجب أن يتم خلاله تفتيش المنازل محدد قانونا بحيث لا يجوز الشروع فيه قبل السادسة صباحا وبعد التاسعة ليلا، إلا إذا طلب ذلك صاحب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله أو في حالات خاصة يجيزها القانون، وقد حسمت المادة62 من ق.م.ج الخلاف الذي كان سائدا في السابق، وذلك بخصوص عمليات التفتيش التي شرع فيها داخل الوقت القانوني بحيث أصبح بموجبها يمكن الاستمرار فيها ومواصلتها دون توقف ولو داخل الوقت الممنوع وذلك تفاديا لعرقلة إجراءات التفتيش .
إلا أنه إذا كان البحث منصبا على جريمة إرهابية، وكان التفتيش سيجري خارج الأوقات القانونية، فإن ضابط الشرطة القضائية يلزمه الحصول على إذن مكتوب وضريح بذلك من النيابة العامة كما حددت ذلك الفقرة الثانية المضافة إلى المادة62 من قانون المسطرة الجنائية بمقتضى قانون 03 ـ 03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، لأن المادة79 من ق.م.ج أحالت على تطبيق المادة62 من ق.م.ج.
وبديهي أن النيابة العامة يمكن أن تسلم إذنا واحدا ترخص فيه بإجراء التفتيش خارج الوقت القانوني إذا امتنع صاحب المنزل أو تعذر الحصول على موافقته على إجراء التفتيش، وكانت ضرورة البحث تدعو إلى إجراء العملية ليلا بسبب حالة الاستعجال القصوى أو خوفا من اندثار وسائل الإثبات. والمهم هو أن يتضمن إذن النيابة العامة في هذه الحالة الترخيص الصريح بإجراء التفتيش من جهة، والسماح به خارج الوقت القانوني من جهة أخرى .
ويمكن ملاحظة أنه كلما تعلق الأمر بجريمة إرهابية يسمح بتفتيش المنازل في الأوقات غير القانونية وذلك بإذن من النيابة العامة، وقد اعتبر البعض أن هذا المقتضى يستبيح محل إقامة المشتبه فيه في جميع الأوقات، بالإضافة إلى أنه يعتدي على حرمته وحرمة عائلته، ويعرضه للإكراه من أجل استصدار الشهادة أو الاعتراف، كما أن هذه التصرفات لا تسهل على المتهم إعداد دفاعه، وأنها تعرضه للترويع والاضطراب ضدا على الضمانات التي قررها القانون .
ومما سبق يتبين لنا أن المشرع قد وضع شكليات وشروط للقيام بالتفتيش، إلا أن الاستفهام المطروح هو ما جزاء الإخلال بهاته الأحكام؟

الفقرة الرابعة: جزاء الإخلال بأحكام التفتيش
فكما هو معلوم أنه متى كانت إجراءات البحث والتحري والحكم سليمة وصحيحة ومنسجمة مع روح ورغبة المشرع، كلما كانت المحاكمة عادلة ومنتجة لكافة آثارها القانونية وعلى العكس من ذلك متى شابها أي عيب أو خلل يمس بحقوق وحريات الأفراد كلما كان مصيرها البطلان.
وبخصوص إجراءات التفتيش فإن المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن المشرع المصري حيث رتب جزاء البطلان عند مخالفة مقتضيات إجراء تفتيش المنازل، وهكذا نصت المادة63 ق.م.ج على أنه ” يعمل بالإجراءات المقررة في المواد59 و60 و62 تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب وما قد يترتب عنه من إجراءات”. إذن فالمادة63 قررت صراحة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات التي تترتب عنه انطلاقا من القاعدة الفقهية، ما بني على باطل فهو باطل، فالإجراء المعيب يعد معيبا باطلا ومبطلا لما يترتب عنه من إجراءات بحيث تبطل أدلة الإثبات التي عثر عليها أثناء التفتيش .
وعلى هذا الأساس فإذا لم يحضر عملية التفتيش الشخص المعني بالأمر أو لم يحضر نائبه عنه باختياره أو إذا لم تتم العملية بحضور شاهدين أجنبيين عن الأشخاص الخاضعين لسلطة ضابط الشرطة القضائية أو إذا ما تم التفتيش خارج الأوقات القانونية دون تصريح مكتوب من النيابة العامة، كان مصير جميع الإجراءات هو البطلان.
هكذا لا يمكن لضباط الشرطة القضائية أن يقوموا بتفتيش المنزل، إلا برضى صاحبه صراحة، ويتعين أن يصدر رضاه بخط يده إن كان بحسن الكتابة، وإلا أشير إلى جهله بذلك في المحضر.
غير أن القضاء ذهب عكس ذلك، حيث اعتبر المجلس الأعلى في قرار له صادر بتاريخ 16-2-1978 :” بأن التوقيع على المحضر الذي يتضمن التصريح بالموافقة على إجراء التفتيش يقوم مقام التصريح المكتوب، مخالفا بذلك المادة63 من ق.م.ج التي نصت على البطلان إذا تم تفتيش المساكن دون رضى صاحب المنزل بتوقيع مكتوب بخط يده.
وإذا كان هذا هو موقف القضاء، فإن الفقه أجمع على أن الإخلال بهذه الضمانات يترتب عنه البطلان، مستندا على ذلك إلى النصوص نفسها التي تقرر البطلان بالنسبة للإجراءات المخالفة لقواعد التفتيش أو المحضر المنجز بمناسبته باعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل.وهكذا يرى الأستاذ :” أحمد الخمليشي”، أن التفتيش والمحضر باطلين إذا لم يحضر التفتيش الأشخاص المنصوص عليهم في المادة60 أو لم يحافظ على السرية المطلوبة، أو لم يضبط الأشياء المحجوزة ويعينها تعينا دقيقا أو كان التفتيش خارج الوقت القانوني المحدد في المادة62، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه الأستاذ “عبد الواحد العلمي” والأستاذ ” العلمي المشيشي”، حيث اعتبرا أن البطلان هو الجزاء المنطقي الواجب تطبيقه عند الإخلال بالقواعد المتعلقة بالتفتيش، هكذا يمكن رفض الإذن المرقن على الآلة لأنه لا يبلور خلفية الكتابة اليدوية، وذلك أن ارتعاشهما يدل على انفعال الكاتب واضطراب يده، مما يؤشر إلى شبهه في رضاه، بينما الكتابة المسترسلة والمنسجمة تبرهن على الهدوء وصدور محتواها فعلا عن موافقة رضائية من صاحبها.
أما بالنسبة للأستاذ “محمد عياط” فقد ذهب إلى أن المقتضيات المتعلقة بأحكام التفتيش تعتبر من النظام العام يمكن إثارتها في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى، وإمكانية إثارتها تلقائيا أمام هيئة الحكم.
وتبقى الإشارة إلى أن الدفع ببطلان التفتيش هو دفع شكلي، وينبغي إثارته قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر .

descriptionتفتيش المنازل في التشريع المغربي Emptyرد: تفتيش المنازل في التشريع المغربي

more_horiz
مشكور اخي على المشاركة واصل معنا تميزك وفقك الله
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد