المقدمة:
يستعمل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مصطلح الرد بينما يستعمل العمل القضائي هذا المصطلح احيانا، ومصطلح ارجاع الحالة الى ما كانت عليه احيانا اخرى. وقد تضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية احكاما خاصة بالرد وخصص ارجاع الحالة الى ما كانت عليه باحكام اخرى.
والاستعمالان المذكوران مردهما ان للرد مفهومين، مفهوم واسع يستهدف اعادة الحال الى الوضع الذي كانت عليه قبل وقوع الجريمة، وازالة اثارها، كاعادة المالك الى العقار الذي نزع منه قسرا، او ابطال العقود المزورة وما ترتب عنها من نتائج، ومفهوم ضيق يقتصر على رد الاشياء التي وضعت بين يدي العدالة بمناسبة ارتكاب جريمة، الى اصحاب الحق فيها.
وقد عرف المشرع المغربي في هذا الاطار الضيق الرد في الفصل 106 من القانون الجنائي بانه : "هو اعادة الاشياء او المبالغ او الامتعة المنقولة الموضوعة تحت يد العدالة الى اصحاب الحق فيها".
" ويمكن للمحكمة ان تامر بالرد، ولو لم يطلبه صاحب الشان".
ونص الفصل 107 من القانون نفسه على انه:
" يجوز للمحكمة علاوة على ذلك، بقرار معلل، بناء على طلب المجني عليه ان تامر برد:
1. المبالغ المتحصلة من بيع الاشياء او الامتعة المنقولة التي كان له الحق في استردادها عينا.
2. الاشياء او الامتعة المنقولة المتحصل عليها بواسطة ما نتج عن الجريمة، مع احترام حقوق الغير"
من قراء ة هذين النصين، يمكن استخلاص ما يلي :
1- ان الفصل 106 يشير الى كلمة"الاشياء" التي لا تقتصر على المنقول وحده، بل تعني العقار ايضا، اذ ان"الشي" متى اطلق يشمل العقار والمنقول ثم ان المشرع في الفصلين 106 و107 قد ذكر"الاشياء"، ثم ذكر "الامتعة المنقولة" تمييزا لها عن غير المنقولة.
وقد اعطى القضاء المغربي للرد مفهومه الواسع المشار اليه، بجعله يستهدف ارجاع الحالة الى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة، مع اعمال
احكامه على العقار، وتاكيد مبدا عدم ضرورة تقديم طلب للحكم به:
أ-" يسوغ للمحكمة وهي تبث في انتزاع الحيازة من يد الغير بالقوة ان تامر برد الامور الى نصابها قبل الجريمة، وهي بعملها هذا لم تتجاوز اختصاصها بالفصل في الاصل او الاستحقاق، وانما اتخذت تدبيرا يحمي الحيازة، ويضع حدا للحالة المترتبة عن الجريمة، وبذلك تكون المحكمة عللت حكمها وبنته على اساس سليم".
ب-" في شان وسيلة النقض الاولى المتخذة من الحكم بشيء غير مطلوب، ذلك انه يتضح من شكاية السيد عبد القادر بن احمد، انه لم يطلب التخلي ورفع اليد عن العقار المدعى فيه، ومع ذلك فان محكمة الدرجة الاولى قد حكمت بالافراغ حكما ايدته الدرجة الثانية، وعليه يكون الحكم المطعون فيه قد حكم بشيء غير مطلوب، مما يتعين معه نقضه".
" لكن حيث ان العارضين كانا متابعين امام المحكمة بجريمة الترامي على ملك الغير، وان المحكمة بعد ان ثبتت لديها الادانة، وحكمت عليهما جنائيا كان من حقها ان ترد الامور الى نصابها، وان تعيد الحالة الى ما كانت عليه قبل الجريمة، وهذا من باب الرد، الذي يجوز للمحكمة ان تامر به ولو لم يطلبه صاحب الامر، مما تكون معه الوسيلة على غير اساس.
2- اشار الفصل 106 الى عبارة "الاشياء …. الموضوعة تحت يد العدالة"، وهي عبارة عامة كان يستحسن ان يستعملها وحدها مشرع قانون المسطرة الجنائية، لتلافي كثرة المصطلحات، وما قد ينتج عنها من اختلاف في التاويلات.
3- الواضح ان ما تقتضي المحكمة برده تلقائيا هو الاشياء او المبالغ او الامتعة المنقولة الموضوعة تحت يد العدالة، أي الشيء عينه كما تم حجزه بعد ارتكاب الجريمة، وهذا هو الاصل في الرد، اما ما دونه من المبالغ المتحصلة من بيعه اوالاشياء المتحصل عليها بواسطة ما نتج عن الجريمة، كالعقار الذي يشتريه الجاني من منتوج شيك مزور، فلا بد فيه من طلب من المجني عليه يرفعه الى المحكمة، وهو الطلب الذي لا يخض الى الشروط المتطلبة في مذكرات المطالب المدنية والذي يمكن تقديمه لاول مرة امام محكمة الدرجة الثانية.
4- يلاحظ ان المادتين 40 و49 من المشروع قد تضمنتا عبارة "من له الحق فيها"، بينما تتضمن المادة106 عبارة " كل شخص يدعي ان له حقوقا على الشيء" في حين تستعمل المادة 133 والفقرة 3 من المادة 366 عبارة "من له الحق فيها" بينما تتضمن الفقرة 4 من المادة 366 والفقرة 2 من المادة 438 كلمة "المالك" وتتضمن الفقرة 3 من المادة 438 كلمتي "المالك او الحائز".
ويبدو ان ما وقع فيه المشرع من خلط بين مالك الشيء، ومن له حق عليه ناتج عن الاشكال الذي يطرحه القانون الجنائي، بعدم تمييزه على مستوى الترجمة بين :" صاحب الحق"، "المالك"، اذ ينص الفصل 106 من القانون الجنائي في صيغته العربية على ان "الرد هو اعادة الاشياء او المبالغ الموضوعة تحت يد العدالة الى "اصحاب الحق فيها".
وتنص الفقرة الثانية على انه" يمكن للمحكمة ان تامر بالرد، ولو لم يطلبه "صاحب الشان"
في حين تضمن النص في صيغته الفرنسية :
« La restitution consiste dans la remise à leur légitime propriétaire des objets, sommes, effets mobiliers, placés sous la main de justice à l’occasion de la poursuite d’une infraction ».
« Cette restitution peut être ordonnée par la juridiction, même si le propriétaire n’intervient pas aux débats.
واضح ان النص الفرنسي يتحدث عن "المالك الشرعي"، بينما النص العربي يشير الى "صاحب الحق"، والفرق واضح لان هذا التعبير الاخير قد يشمل صاحب حق الانتفاع، المحجوز عليه والحائز والمرتهن وغيرهم. لذلك ينبغي ان يتلافى المشروع هذا الخلط بين صاحب الحق بين المالك من جهة، وكثرة التعابير من جهة اخرى، بالاقتصار على الاول، حتى يتم توسيع دائرة من لهم حق استرجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة، وحتى ينسجم مع تنصيصات القانون الجنائي في صيغته العربية التي يبدو انها اقرب للصواب، ولما هو ثابت في القانون والفقه والقضاء في فرنسا
بعد هذا التقديم يمكن مناقشة الرد في اطار مشروع قانون المسطرة الجنائية، بتتبع حالاته قبل تحريك الدعوى العمومية، (اولا) وبعد ذلك، امام النيابة العامة، ( ثانيا) ثم امام قضاء التحقيق، ( ثالثا) فالغرفة الجنحية، (رابعا) ثم امام المحكمة الابتدائية، وغرفة الجنح الاستئنافية ( خامسا) واخيرا امام غرفة الجنايات ( سادسا).
أولا: قبل تحريك الدعوى العمومية:
اذا كان معهودا بمقتضى القانون للنيابة العامة بان تباشر بنفسها او تامر بمباشرة الاجراءات اللازمة للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجنائي ومتابعتهم، او البحث التمهيدي، يرجع النظر فيه للنيابة العامة، تلقائيا او بطلب ممن يعنيه الامر، وآية ذلك ما تضمنته المادتان 40 و49 من عبارة "ان يامر برد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث".
في هذا الاطار ينبغي التذكير بان المادة 23 من المشروع قد حافظت عل تنصيصات الفصل 23 من قانون المسطرة الجنائية الحالي، وذلك بنصها على ان ضباط الشرطة القضائية يضعون الاشياء المحجوزة رهن اشارة وكيل الملك او الوكيل العام للملك.
كما ان مقتضيات المادة 59 قد ابقت على مضمون الفصل 61 من قانون المسطرة الجنائية، بخصوص الجريمة التي يمكن اثباتها بحجز اوراق ووثائق او اشياء اخرى في حوزة اشخاص يظن انهم شاركوا في الجريمة، او لانهم يحوزون مستندات او اشياء تتعلق بالافعال الاجرامية، وكيفية التفتيش، وضمان الحرية، واتخاذ جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.
كما ابقت المادة 63 من المشروع على جزاء البطلان الذي يرتبه الفصل 65 من قانون المسطرة الجنائية على عدم مراعاة الاجراءات المقررة في المادة 59.
واخيرا فان المادة 79 التي كرست المبدا المنصوص عليه في الفصل 81 من قانون المسطرة الجنائية بمنع دخول المنازل وتفتيشها وحجز ما بها من ادوات الاقتناع دون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري العمليات بمنزله، تحت طائلة البطلان.
ولكل غاية اشير الى ان الفصل 81 يشير الى حجز الاشياء المؤيدة للتهمة، في حين ان الحجز قد يستهدف اشياء تبعد التهمة ايضا، اذا كان في ابعادها وصول الى الحقيقة، الامر الذي يكون معه تعبير المادة 79 من المشروع على النحو المشار اليه ( وحجز ما بها من ادوات الاقتناع) تعبيرا اسلم.
ثانيا: بعد إحالة المسطرة على النيابة العامة :
اما بعد احالة المسطرة على النيابة العامة، فقد اتى المشروع بمقتضيات جديدة نص عليها في المواد: 40 و41 و49 على النحو التالي :
" ويحوز له - وكيل الملك او الوكيل العام للملك- متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات عل الحيازة، ان يامر باتخاذ أي اجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة او هيئة التحقيق التي رفعت اليها القضية او التي سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييده او تعديله او الغائه".
" يجوز له في حالة عدم وجود منازعة ان يامر برد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث، لمن له الحق فيها ما لم تكن لازمة لسير الدعوى او خطيرة او محلا للمصادرة" (الفصلان 40 و49).
اما مقتضيات المادة41، فتعطي لوكيل الملك عندما يسعى الى السدد بين المشتكى به والمتضرر، ان يامر بارجاع الحالة الى ما كانت عليه.
ويلاحظ من قراءة المواد المشار اليها ان المشروع يعطي للنيابة العامة صلاحيتين اثنتين هما:
1- القيام في جرائم الاعتداء على الحيازة، بكل الاجراءات التحفظية التي تراها ملائمة لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه.
2- رد الاشياء لمن له الحق فيها ….
أ- الملاحظ بخصوص الامرالاول ان جريمة انتزاع الحياة تشكل اعتداء على المصلحة العامة للمجتمع، لانها تمثل - أي الحيازة - الامر الواقع، وباحالة العدوان عليها يفتح باب الصراع بين الافراد، مما قد يؤدي الى استخدام العنف، وهو ما يهدد السلام الاجتماعي والامن العام، ولذا تختص السلطة الادارية، وخاصة اجهزة الامن، بوقف أي عدوان حال على الحيازة، ولكن الامر لا يقتصر على هذه الحماية الادارية ذات الطابع الوقائي، وانما يدعمها القانون عن طريق الحماية القضائية لمركز الحائز سواء في صورة وقائية ترمي الى وقف العدوان الحال او المستقبل عليه، او في صورة علاجية (جزائية) ترمي الى ازالة الاعتداء الذي وقع عليه او رد الحيازة المسلوبة الى الحائز.
والواضح بطبيعة الحال ان المقصود بالحيازة في هذه المادة، هي حيازة العقار، لان الحيازة في المنقول سند الملكية، ولان رد الاشياء المنصوص عليها في المادة نفسها، وفي باقي مواد مشروع قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، يشمل حيازة المنقول، بل يمكن القول بان المشرع كان بامكانه ان يقتصر على رد الاشياء وحده، فيشمل العقار والمنقول على النحو المشار اليه سابقا، الا انه ارتاى ان يخصص حيازة العقار بتنصيصات خاصة، وحسنا فعل.
واخيرا فان الامر لا يتعلق هنا الا بالحيازة، اما ملكية العقار فلا يختص القضاء الجنحي بالنظر فيه، متى استظهر المتهم بحق عيني عقاري ( المادة249 من المشروع).
لكن يلاحظ :
بان عرض الامر على المحكمة(على ان يعرض هذا الامر على المحكمة او هيئة التحقيق) ليس له نفس القيمة القانونية عندما يعرض على قضاء التحقيق لتاييد او تعديل او الغاء الامر المتخذ من طرف النيابة العامة، لان اختصاصات المحكمة وصلاحيتها كقضاء يبت في الموضوع ليست هي صلاحيات قضاء التحقيق، الذي بصرف النظر عن خضوعه في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي لهيمنة النيابة العامة، ولهذا السبب يستشيرها عندما يعرض عليه طلب استرداد اشياء محجوزة، ويحق للاطراف ان يعرضوا اوامره الصادرة في هذا الشان على الغرفة الجنحية ( المادة106 من المشروع و107 من قانون المسطرة الجنائية)، فان القضاء النيابة العامة وقضاء التحقيق، والغرفة الجنحية نفسها، كل هؤلاء لا يبتون، مبدئيا، في طلبات الرد الا في اطار مؤقت وتحفظي ريثما يعرض الامر على محكمة الموضوع، ولهذا السبب اشارت المادة133 من المشروع الى ان قاضي التحقيق يامر برد الاشياء " في حالة عدم وجود منازعة".
اذا كان الامر كذلك، فكيف لقضاء التحقيق ان يكون درجة ثانية في الامر الذي تصدره النيابة العامة، الامر الذي تقتضي ايجاد صيغة تجعل النظر في ذلك للمحكمة.
- عندما تعرض النيابة العامة امرها القضائي، بارجاع الحالة او باتخاذ أي اجراء تحفظي، على قضاء التحقيق او الحكم الذي رفعت او سترفع اليه القضية، لم يهتم المشروع بحقوق الاطراف في الدفاع، وذلك باغفاله ضرورة استدعائهم.
ب- اما رد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث، فالملاحظ :
- ان المشرع قد اقتصر على مجرد"المنازعة"، لكي لا تامر النيابة العامة بالرد، وهو تعبير عام ومطلق قد يجعل من كل منازعة لاجل المنازعة ذريعة لعدم الرد، مع ان المقصود هو المنازعة الجدية، حتى تتحقق الغاية التي ارادها المشرع.
ويلاحظ بان المشرع قد استعمل عبارة "ما لم تكن لازمة لسير الدعوى"، وهي عبارة عامة جدا قد يؤدي التوسع في تفسيرها الى هضم بعض الحقوق، الامر الذي ينبغي معه استعمال عبارة "ما لم تكن لازمة لاظهار الحقيقة". كما فعل المشرع الفرنسي في المادة481 من قانون المسطرة الجنائية.
ثم ان عبارة "ومحلا للمصادرة"، قد تعني ان الاشياء قد صودرت فعلا، والحال ان المصادرة لا يمكن ان تنطق بها الا المحكمة، الامر الذي يستحسن معه استبدال تلك العبارة بعبارة: " او قابلة للمصادرة" " « SUSCEPTIBLE DE CONFISCATION، كما فعل المشرع الفرنسي في المادة المشار اليها.
- ان المشرع قد اغفل مرة اخرى استدعاء الاطراف، او المعنيين بامر تلك الاشياء، والذين احاطهم المشرع بضمانات المواجهة والحضورية عند حجز تلك الاشياء من طرف الضابطة القضائية، فكيف لا يتم اشعارهم اذا تعلق الامر باجراء تقوم به النيابة العامة( المواد : 57-59-63-79).
اما عن الفترة الزمنية التي يمكن خلالها للنيابة العامة ان تمارس حق الامر برد الاشياء، فالملاحظ بان بداية اختصاص النيابة العامة هو انطلاق البحث، ونهايته هو احالة الملف على قضاء التحقيق او قضاء الحكم، وهو ما تسمح بتقريره المبادئ العامة، ومقتضيات المواد : 106 و366 و438، لان الجهتين القضائيتين المذكورتين يمكنهما في كل وقت وحتى اثناء اجراءات التحقيق، وامام المحكمة وقبل الحكم في الجوهر، وحتى بعد صدوره، او صدور امر بعدم المتابعة، او صدور حكم بالبراءة، الامر بارجاع الاشياء المحجوزة الى اصحاب الحق فيها.
والملاحظ في هذا الاطار ان مشروع قانون المسطرة الجنائية لم يعط للنيابة العامة حق طلب رد الاشياء المحجوزة ، كما فعل القانون الفرنسي، الذي سلبها هذا الحق بعد نسخ قانون التحقيق الجنائي ودخول قانون المسطرة الجنائية حيز التطبيق ( المادتان373 و483 قبل الغائه).
اما اذا انتهت المسطرة دون ان يحال الملف على قضاء التحقيق او قضاء الحكم، بان تكون النيابة العامة قد قررت حفظ الشكاية لوفاة المتهم او لغير ذلك من الاسباب، فانها تبقى مختصة للامر بالرد، وفي حالة المنازعة، يرى الفقه والقضاء امكانية عرض النزاع على المحكمة المدنية التي يقاضي الطرف المعني النيابة العامة امامها.
وهكذا، ومراعاة لكل الملاحظات المشار اليها يمكن صياغة الفقرتين 14 و15 من المادة 40 و18 و19 من المادة 49 على النحو التالي :
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، متى قامت الدلائل الكافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة التي رفعت اليها القضية او سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييده او تعديله او الغائه.
واذا كان الملف قد احيل على قاضي التحقيق، فيعرض الامر على المحكمة التي يوجد بها هذا القاضي"
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، وفي حالة عدم وجود منازعة جدية ان يامر برد الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة الى اصحاب الحق فيها، ما لم تكن لازمة لاظهار الحقيقة، او خطيرة او قابلة للمصادرة".
كما تعاد صياغة فقرات المادة 49 على النحو التالي :
" يجوز له، ما لم يكن الامر قد احيل على قضاء التحقيق او الحكم، متى قامت الدلائل الكافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة، ان يامر باتخاذ أي اجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة، وارجاع الحالة الى ما كانت عليه، على ان يعرض هذا الامر على المحكمة التي رفعت اليها القضية او سترفع اليها خلال ثلاثة ايام على الاكثر لتاييدها و تعديله او الغائه.
واذا كان الملف قد احيل على قاضي التحقيق، فيعرض الامر على الغرفة الجنحية".
وتصاغ الفقرة الموالية كما صيغت المادة40.
ثالثا: المطالبة برد المحجوز امام قضاء التحقيق :
بمقتضى الفقرة 3 من المادة 104"اذ اجري حجز على نقود او سبائك او قيم او اوراق تجارية، لم يكن الاحتفاظ بها ضروريا لاظهار الحقيقة او المحافظة على حقوق الاطراف، فلقاضي التحقيق ان ياذن لكاتب الضبط في ايداعها، اما بصندوق الايداع والتدبير او بنك المغرب".
لقد اعطيت هذه الفقرة لقاضي التحقيق ان ياذن لكاتب الضبط في ايداع ما ذكر، الا ان المشرع لم ينص على منحه امكانية اتخاذ قرار ببيع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة عند خشية فسادها او تلفها، او عند تعذر الاحتفاظ بها، وهذا السكوت غير مبرر ما دامت الفقرة الثالثة من المادة 366 تقضي بان المحكمة تبت عند الاقتضاء في ارجاع الاشياء الموضوعة تحت يد العدالة لمن له الحق فيها، او برد ثمنها اذا كانت هيئة الحكم او هيئة التحقيق قد قررت بيعها خشية فسادها او تلفها او نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها، مما مؤداه ضرورة تخويل قضاء التحقيق هذه الامكانية.
كما ان المقطع الاخير من الفقرة 5 من المادة المشار اليها قد نص على انه : " لا يمكن لقاضي التحقيق ان يبقى تحت الحجز سوى الاشياء والوثائق المفيدة لاظهار الحقيقة والتي قد يضر الكشف عنها بسير التحقيق"، وهذا الامر برفع الحجز الذي قد يتخذه قاضي التحقيق تلقائيا لا يختلط بطلب الرد المنصوص عليه في المادة من 106 من ذات المشروع كما ان " للمعنيين بالامر ان يطلبوا تسليمهم نسخة من هذه الوثائق المستمر حجزها يصادق كاتب الضبط على مطابقتها للاصل ما لم يتعارض ذلك مع متطلبات التحقيق، وهذا الامر ليس هو الرد لتعلقه بمجرد نسخة، كحالة الوصية او الاوراق التي قد يتركها شخص مشكوك في وفاته( الفقرة الاخيرة من المادة 104).
وتنص المادة 106 من المشروع على انه:
" يجوز للمتهم وللطرف المدني، ولكل شخص اخر يدعي ان له حقوقا على شيء محتفظ به لدى العدالة، أي يطلب استرداده من قاضي التحقيق".
بقلم الأستاذ طيب محمد عمر المحامي بهيئة الدار البيضاء