السيد عبد الصمد الزعنوني قاضي التحقيق لدى
محكمة الاستئناف بني ملال.


لم ينج مصطلح قانون " المسطرة " الذي يستعمله المشرع المغربي من النقد. فالدكتور ابو المعاطي حافظ ابو الفتوح (1) مثلا يرى ان اختيار المشرع المغربي لهذه التسمية يعد أمرا غريبا باعتبار ان كلمة " المسطرة " لا تدل على موضوع القانون الذي هو تنظيم الخصومة الجنائية منذ نشوء حق المجتمع في معاقبة الجاني حتى صدور حكم عليه ثم تنفيذ هذا الحكم.

وبذلك يرى ان لا علاقة لكلمة المسطرة بهذا الموضوع. فالمشرع المغربي في رأيه " قد يكون اختار هذا اللفظ على اعتبار هذا القانون يمثل قانونا شكليا والمسطرة من الشيء المسطور أي المكتوب والكتابة هي مسالة شكلية فكأنه أراد به الكناية عن شكلية القانون لكن القوانين الآن كلها مكتوبة لا ينفرد قانون تنظيم الخصومة الجنائية وحده بذلك". لكن نرى ان الأمر لا ينم عن أية غرابة ولا يعدو ان يكون الا ترجمة لمصطلح Procédure الفرنسي الاصل،
-----------------------------
(1) شرح قانون المسطرة الجنائية الطبعة الاولى 1982 ص7.
---------------------------
وللتدليل على ذلك نشير الى ان عدة معجمات(2) ودلائل قانونية (3)، والفقه والعمل القضائي كلها متواترة بالمغرب على استعمال كلمة المسطرة كترجمتها لمصطلح Procédure في حين بقواميس غير مغربية كقاموس المصطلحات الحقوقية والتجارية للدكتور ممدوح حقي مثلا فان procédure تترجم بمرافعة، إجراءات، مسلك، أصول. وقد استعرض الأستاذ حقي بالصفحة233-234 حوالي 29 مرادف لـ procédure ولم يذكر منها ولو مرة واحدة. لفظ المسطرة. وتشريعات عربية كالعراقي ارتأت بدل تسمية قانون " المسطرة" المدنية ان تختار " قانون المرافعات المدنية" ( القانون رقم 83 لسنة1969). والمشرع السوري واللبناني والأردني اختاروا اسم " أصول المحاكمات الجزائية" بينما اختار المشرع الكويتي تسمية قانون " الإجراءات والمحاكمات الجزائية".

ونعلم ان قانون المسطرة الجنائية المغربي جاء متأثرا بنظيره الفرنسي مع فارق يتمثل في كون المشرع المغربي تحاشى إنشاء هيئات جديدة باهظة التكاليف وبعض الإجراءات التي اعتبر انه قد لا يتيسر تطبيقها في تنظيم قضائي جديد يستلزم إحداث عدد كبير من مراكز القضاة .

ومشروع قانون المسطرة الجنائية لسنة1959 يقر بان اللجنة التي كلفت بإعداده استوحت المقترحات المدرجة في المشروع التمهيدي الفرنسي الموضوع سنة1934 والإصلاحات التي وضعتها لجنة ( بسون) واقرها القانون الفرنسي المؤرخ في31/12/1957 الخاص " المسطرة الجنائية".

ويجدر رأينا أيضا سنده بان المحامي الدكتور صلاح الدين الناهي يرى بدوره في هذه الشان (4) " لقد تجنبت في اختيار عنوان كتابي الوجيز مصطلحين شائعين في عنونة الكتب التي تصنف في هذا الموضوع واعني بها مصطلح "المرافعات واصول المحاكمات" فان الخلاف لم يزل قائما حول تسمية جامعة تضم شمل مباحث هذا الموضوع المركب المعقد. فقديما استخدم فقهاء المسلمين مصطلح أدب القضاء والقاضي وعلم القضاء وافردوا للبيانات
------------------------
(2) انظر مثلا معجم مصطلحات القانونية الطبعة 2 طنجة 1985 لعصام مكوار الذي عرض في مقدمته انه استخلصه من عدة جرائد رسمية وكتب قانونية واحكام قضائية مغربية والذي ورد بالصفحة104 منه مسطرة جنائية procédure Pénale.
(3) انظر مثلا دليل وزارة العدل حول تطبيق النصوص المنظمة لنظام السير والقامعة لحوادث المرور والذي ورد بصفحته9 .
العنوان الرابع : المسطرة ويقابلها بصفحته7 Titre quatrième Procédure
ونشير الى انه يشاع بالمغرب أيضا استعمال لفظ المسطرة بالتعبير عن محضر بحث الضابطة القضائية.
(4) كتاب : " مبادئ التنظيم القضائي والتقاضي والمرافعات في المملكة الأردنية الهاشمية": دار المهد عمان للدكتور صلاح الدين الناهي الصفحة الرابعة.
----------------------------
أبوابا عالجت مختلف وسائل الإثبات ثم غلب على عصرنا مصطلح " المحاكمات واصول المحاكمات" والمرافعات الى الخ … وكلها ترجمة للمصطلح بروسيدور Procédure الفرنسي ونظائره في بعض اللغات الأوربية. وقد ان لنا غربلة المصطلح وتسوية الخلاف تمهيدا لوحدة الأسلوب والنهج". علما بان محاولة التوحيد هذه المصطلحات القانونية لن تتأتى في نظرنا الا اذا سبقتها محاولة للتعريف بالمصطلحات القانونية وما يقابلها من الترجمة والمتداولة على صعيد كل دولة عربية.