مفهوم قرينة البراءة لدى القضاء الجنائي
المطلب الأول: ماهية المبدأ
المطلب الثاني: نشأة المبدأ وتطوره
أ- نشأة المبدء وتطوره (النصوص والصكوك الدولية لقرينة البراءة)
نظرا للتطور الذي عرفته المجتمعات في ترسيخ وتدعيم حقوق الإنسان والسهر على عدم انتهاكها ووعيا منها بأن هذا لا يتأتى إلا عن طريق خلق وتحسين المساطر الجنائية المعتمدة بالأساس على قرينة البراءة وجعلها كمبدأ أولي من مبادئ المسطرة الجنائية.
فعلى الرغم من الاختلاف الجغرافي والثقافي للشعوب فقد أقروا بقاسم مشترك يجب أن يطبع المساطر الجنائية من أجل تدعيم الحريات العامة، فمفهوم البراءة وجد أساسا في الاتفاقيات الدولية والإعلانات الدولية وكذا الدساتير والقوانين الداخلية وقبل ذلك وجد أساسه في الشريعة الإسلامية في حديث شريف «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة»، وفي حديث آخر «ادرؤوا الحدود بالشبهات»( ) وقرينة البراءة مبدء عرفته الإنسانية منذ عهود النور.
وقرينة البراءة كما سبق القول مبدء عرفته، وفي وقت سابق نص إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي نادت به الثورة الفرنسية 1789 في المادة التاسعة «أن كل إنسان تفترض براءته إلى أن يحكم بإدانته…» وفي العهد الحالي تراكمت الدعوات العالمية لإقرار هذا المبدأ، وهكذا نصت المادة 88 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر 1948) أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
ثم جاءت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان (سنة 1958) لتؤكد هذا المبدأ في المادة 6 معتبرة أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونيا.
ثم أجمع المجتمع الدولي على تبني مبدأ قرينة البراءة في المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (16 دجنبر 1966) التي نصت أن «لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في أن يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته طبقا للقانون»( ).
وإذا كان الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن قد استعمل تعبير “كل إنسان” فإن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قد استعملت تعبير “المتهم”. ولعل الوضعية التاريخية لحقوق الإنسان كانت وراء اختيار واضعي هذه النصوص للمصطلحين المذكورين، فقد كان هم واضعي إعلان حقوق الإنسان والمواطن هو ترسيخ ثقافة براءة الإنسان في وقت لم تكن فيه حقوق الكائن البشري تساوي شيئا، وكانت حياة الإنسان تسلب وحريته تضيع دون مبرر ولا سبب، ولا شك أن الوضع قد تحسن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث صارت التعسفات تمارس على المتهمين، أو لنقل أنه أصبح من الضروري إلباس تهمة للشخص من أجل هدر حقوقه، وفي أحسن الأحوال فقد أصبح الشخص المشتبه بارتكاب جريمة مؤهلا لكل أصناف سوء المعاملة لاعتباره لا يستحق معاملة إنسانية. ولذا فإن هذه الطائفة من البشر هي التي أصبحت في حاجة إلى حماية حقوقها المتأصلة من جذور الإنسان، وعلى الأقل إلى أن تنتهي مرحلة الإتهام بإقرار التهمة وإدانة الشخص المتهم، ولذلك وجدنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان سنة 1958 ثم العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966 تنص على افتراض البراءة بالنسبة للمتهم، وأما باقي الأشخاص غير المتهمين فإنهم حتما أبرياء بالفطرة وأن برائتهم لا حاجة لإثباتها في نص.
وقد جاءت بعد ذلك معاهدة نيويورك 1965 المتعلقة بمناهضة التعذيب، وإعلان المادة الأولى لمعاهدة روما 1986 والمؤكدة للمبدء السابق، وفي هذا الإطار ونظرا للمبادرة القيمة والجريئة التي أتخذها المغرب في إطار المصالحة مع الماضي عن طريق تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة التي أسند إليها مهمة جبر الضرر بسبب الخروقات والانتهاكات الخطيرة التي عرفها المغرب في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني (1956-19 الفقرة الثالثة: القضاء الفردي
تفعيلا لدور القضاء الجنائي وحرصا على سرعة وفعالية نظام العدالة الجنائية في معالجة القضايا البسيطة، وأيضا القضايا التي تحتاج إلى سرعة البث كالنفقة وأداء واجبات الكراء وغيرها، تم تبني نظام القضاء الفردي للبث في القضايا التي لا تتجاوز العقوبة المقررة لها سنتين حبسا أو مجرد غرامة على اعتبار أن التي تفوق عقوبتها السنتين يتم النظر فيها أمام القضاء الجماعي لأن مدتها تستهل عناء القضاة عكس الأولى، وإنما نفس الانتقادات التي توجه إلى المشرع تبقى هي نفسها بتمييزه على أساس مدة العقوبة متناسي أن العقوبة ولو لشهر دائما تخلف نفس الآثار.
وإذا كان نظام القضاء الفردي يعزز الشعور بالمسؤولية لدى القاضي أثناء استعراض وقائع القضية وتكييفها وشعوره بضرورة الإنتاج على نحو تظهر فيه شخصيته ومقدرته. وكما أنه يتيح حسب البعض تفهما أعمق للقضية وإدراكا أفضل لدقائق الأمور والملابسات والسرعة لانعدام المناقشات والتداول والتي تؤدي إلى تأجيل الفصل في القضية فإن سلبياته أكثر من إيجابياته لأن إدانة متهم تتم برأي منفرد يحتمل معه الخطأ خاصة إذا كان القاضي قليل الخبرة، كما أن هذا الأخير هو فرد وعرضة للتأثر بضغوط السلطة وأصحاب النفوذ وهيئة المحامين وهذه ميزة القضاء الجماعي، حيث يحتمون القضاة من الضغوط الخارجية بسرية المداولات بالإضافة إلى أنه يصعب التأثير على عدد من القضاة في آن واحد.99) والتي سميت بسنوات الجمر والرصاص أي سنوات الظلم والعدوان الذي مورس بأبشع صوره من تعذيب وقتل واعتقالات والنفي والطرد الذي مس كل القيم الإنسانية والحقوقية التي نادت بها المجتمعات الدولية.
انظم المغرب لدى نشأته لهيئة الإنصاف والمصالحة إلى عملية العدالة الانتقالية الغير المسبوقة في المنطقة، وتكمن في رسالة هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنشأت في يناير 2004 في حسم مسألة الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي ارتكبت في المغرب منذ سنة 1956، وفي تقرير التوصيات التي تحمل المقترحات الكفيلة( ) بضمان عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات واسترجاع حقوق وتقويتها في حكم القانون.
ب-التوصيات والتدابير السياسية والمؤسساتية التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة من أجل تفعيل مبادئ حقوق الإنسان وتفعيل مفهوم قرينة البراءة.
ساهمت المتغيرات التي شاهدها المغرب منذ مطلع التسعينات لإعادة فتح ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبلورة التصورات ومقاربات من مواقع مختلفة للتعاطي مع ملف الانتهاكات لحقوق الإنسان، كما شكل هذا الملف أهم عناوين المرحلة الحالية ومؤشر مقياس مدى وجود إرادة سياسية للدولة للمعالجة السليمة لحقوق الإنسان كمدخل لبناء دولة الحق والقانون.
لقد أثر التقرير بتنوع أساليب التعذيب التي كان يستعملها المجلدون في مختلف أماكن الاعتقال بين 1956-1999 ومن ضمنها (التعلاق بجميع أنواعه، بالطائرة وغيرها مصحوبة بالضرب المستمر والكي بالسجائر واقتلاع الأظافر والخنق بالماء والإرغام على شرب مواد ملوثة والصدمات الكهربائية والتهديد بالاغتصاب والسب والقذف، والحط بالكرامة والحرمان من النوم وتعذيب أحد أفراد العائلة أمام عين المعتقل أو التهديد بذلك وبالخصوص النساء.
كما أقر تقرير الهيئة أنه لم يكن التعذيب يمارس من أجل انتزاع الاعترافات بالقوة فقط وإنما كان يستعمل من أجل المعاقبة والانتقام دون حكم قضائي والإذلال الجسدي والمعنوي. وفي سياق هذه الأولى من نوعها، انتهت هيئة الإنصاف والمصالحة التي شكلها العاهل المغربي قبل عامين من تاريخ 7 يناير 2004 أعمالها بإصدار تقرير شامل عن تحقيقاتها، فيما شهد المغرب من انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الفترة التي عقبت الاستقلال حتى مجيئ القرن المنصرم وخلصت الهيئة إلى صياغة جمل توصيات تتعلق بجبر الضرر وإنصاف الضحايا، بعضها يشمل على تعويض مادي والتأهيل الصحي للضحايا وبعضها الآخر جبر الضرر على النظام الاجتماعي.

والأهم أن الهيئة خرجت باستراتيجية تفصيلية اعتمدتها الهيئة وأوصت بها من أجل تحقيق حقوق الإنسان والتي تتمثل فيما يلي:
1-دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا وذلك عبر ترسيخ وسمو القانون الدولي على القانون الوطني وقرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة.
فعلى الرغم من تعدد الاتفاقيات فلا تعتبر نموذجا للقانون الوطني وإن كانت هذه البنود أي بنود الاتفاقيات تقوم على المحاكمة العادلة المعتمدة على مفهوم قرينة البراءة كأصل. ذلك أن طبيعتها كنصوص قانونية أسست لمحاكمة الأشخاص عن الجرائم الأشد خطورة التي ترتكب في حق بعض مكونات المجتمع الدولي بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ قارة من أجل تحقيق حقوق الإنسان واحترام إنسانيته واعتبار كل الأشخاص أبرياء وحالة الإدانة ما هي إلا حالات نادرة يجب معالجتها من أجل الإدماج معتمدة في ذلك على قرينة البراءة كأصل.
وعلى الرغم من انفرادها بالخصوصيات التي تميزها عن القانون الوطني، كما أن المصادقة عليها وإن كانت تخضع لنفس الأحكام العامة للقانون الوطني وهذا ما استقر عليه الفقه القانوني.
إلا أن تطبيقها ظل باهتا بالممارسات القضائية بالمغرب بسبب عدم اعتمادها من قبل المشرع في نص صريح، لذلك فإن القليل من المحاكم كانت تؤسس أحكامها على تطبيق هذا المبدأ، وهذا ما أكده الواقع فأن الكثير من القضاة لا يعتمدون على أولويات الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني بحيث يطبع تطبيقها نوع من الخجل والتردد من طرف القضاة تفاديا لكل انتقاد أو متابعة. وقد أدى هذا الوضع الرذيل الذي يطبع مفهوم السياسة الجنائية لدى القضاء إلى عدم احترام المبادئ الدولية للحقوق الإنسانية، وهذا ما طبع الفترة ما بين 1956 و1999 فترة الجمر والرصاص. بحيث لو اعتمدت الاتفاقيات الدولية المؤسسة لمفهوم قرينة البراءة كأصل والمناهضة لكل أشكال العنف والتعذيب الذي طبع هذه المرحلة، وهذا ما جعل هيئة الإنصاف والمصالحة من خلال توصياتها الاعتماد على الاتفاقيات الدولية المؤسسة لحقوق الإنسان ومفهوم قرينة البراءة بنص صريح واعتماد بنودها كأثر لتطبيق الإجراءات المسطرية للمتابعة باعتباره مبدأ أساسيا في المحاكمة الجنائية وقيمة من القيم الثابتة في كل القوانين المتحضرة المعتمدة على مفهوم قرينة البراءة.
2-إقرار استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب.
3-إقرار جملة من الإصلاحات في مجال العدل والأمن والتشريع من أجل تدعيم السياسة الجنائية وتوطيد دولة الحق والقانون، وتتمثل هذه التوصية:
-إدخال تعديلات على النصوص الدستورية وعلى المؤسسات من أجل تعزيز دولة الحق والقانون.
-إصلاح المنظومة الجنائية.
-تعزيز استقلالية السلطة القضائية عن طريق الفصل بين النيابة العامة والسلطة الرئاسية لوزير العدل.
ب) فصل النيابة العامة عن السلطة الرئاسية لوزير العدل.
فمن أهم المطالب التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة فصل النيابة العامة عن وزير العدل بحيث أن هذا الأخير، الرئيس المباشر للنيابة العامة، وتأتمر بأوامره، وهذا ما ينص عليه صراحة الفصل 51 من قانون المسطرة الجنائية من الفقرة 2 “ولوزير العدل أن يبلغ إلى الوكيل العام للملك ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي وأن يأمره كتابة بمتابعة مرتكبها من ملتمسات كتابية”( ).
كما تبدو هذه الهمسة من خلال مقتضيات الفصل بين السلط من خلال مقتضيات المادة 3 من المرسوم 23/12/1975 الخاص بالشروط وكيفية تنقيط القضاة وترقيمهم، أن وزير العدل هو الذي يظهر بنفسه على تنقيط الوكلاء العاملين لدى محكمة الاستئناف، ونظرا لهذا الوضع الذي يعتبر من الطرح الجنوني للمشرع المغربي الذي يأخذ بالشمال ما يعطيه باليمين، فوضع النيابة العامة وما أسند إليها من مهام خطيرة تحت السلطة الفعلية لوزير العدل سيجعل منها أداة لتحقيق السياسة الداخلية للسلطة التنفيذية وذلك خروجا من مبدأ الحياد الذي يجب أن تكون عليه الهيئة القضائية، وهذا خرق واضح وصريح لروح العدالة الجنائية التي تنادي بها المنظمات الحقوقية الدولية، وهذا ما أكدت عليه هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها حول أسباب سنوات الجمر والرصاص.

ج) التطور التشريعي لمفهوم قرينة البراءة.
أصل البراءة وأهميته وجد أساسه في كل الاتفاقيات والإعلانات الدولية وكذا الدساتير والقوانين الداخلية وقبل ذلك وجد أساسه في الشريعة الإسلامية، هذا وقد أكدت جل الدساتير الغربية والعربية على هذا المبدأ بالنص عليه، ومن بينها الدستور الجزائري الجديد (28 نوفمبر 1996 في المادة 45).
أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد ظل المجتمع المغربي ينتظر تعديلا جوهريا لقانون المسطرة الجنائية لوقت طويل وارتفعت أصوات الحقوقيين للمطالبة بذلك منذ التراجعات التي عرفها قانون المسطرة الجنائية بتاريخ 18/04/1962 وازدادت المطالبة بحدة في بداية السبعينات في القرن الماضي حتى أضحى المشرع وتحت الضغوط الدولية في ترسيخ حقوق الإنسان وصيانة كرامته –نفسه مقتنعا بضرورة التغيير، وعبر عن إقتناعه بذلك في الفصل الأول من ظهير الإجراءات الجنائية الانتقالية الذي جاء فيه تبقى بصفة انتقالية وإلى أن يدخل القانون الجديد للمسطرة الجنائية في حيز التطبيق مقتضيات الظهير 61-56-1 بتاريخ قانون شعبان 1378
(10 فبراير 1959) المكونة لقانون المسطرة الجنائية مطبقة، وانتظر المغاربة قرابة ثلاثة عقود لكي يتبنى المشرع قانون المسطرة الجنائية الجديدة رقم 01-22 بعدما كانوا قد استقبلوا بارتياح التعديلات التي أدخلت على بعض مقتضيات قانون المسطرة الجنائية القديم 10 فبراير 1959 بتاريخ 30 دجنبر 1991 و10 شتنبر 1993 والتي استهدفت على الخصوص تقوية الدفاع وتقليص مدة الحراسة النظرية.
وقد أصدر قانون المسطرة الجنائية الجديدة في وقت أصبح فيه التلازم بين بناء دولة القانون والمؤسسات، وبناء قضاء قوي وفعال ومستقل قادر على حماية المؤسسات وفرص المساواة أمام القانون بشكل الأولوية في السياسة العليا لبلادنا التي تعقد الأمل على قضاءها لكسب هذا الرهان وقد عبر الملك محمد السادس عن هذا الأمل قائلا:
«إن القضاء واعيا كل الوعي بحتمية هذا الرهان ومؤهلا لاستيعاب التحولات التي يعرفها المغرب، فهو القادر على رفع التحدي ومواصلة رسالته التقليدية المتمثلة في السهر على ضمان النظام العام وتأمين السلم الاجتماعي مستجيبا في نفس الوقت للمتطلبات الجديدة المتمثلة في ضرورة حرص القضاء على التفعيل والتجسيد الملموسين للمفهوم ومضمون بناء دولة الديموقراطية ودولة الحق بضمان سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه في جميع الظروف والأحوال».
ولا شك أن قانون المسطرة الجنائية يشكل قفزة نوعية في مسار تطور بناء دولة الحق والقانون وهو كذلك استجابة لآمال المغاربة المنتظرة منذ أكثر من ربع قرن، إلا أنه وعلى الرغم من الضمانات التي صرح بها من أجل تفعيل قانون المسطرة الجنائية مستندا في ذلك إلى معايير دولية المتمثلة في الاتفاقيات الدولية المنادية لحقوق الإنسان من خلال تفعيل المسطرة الجنائية، فإن هناك العديد من الانتقادات الفقهية الصارخة التي عبرت بأساها على التناقضات التي جاءت بها هذه المسطرة الجديدة رقم 01/22 الرامية إلى تفعيل الضمانات القديمة، بل إن بعض الفقهاء عبروا بأسهم لهذه المسطرة باعتبارها تشكل تراجعا حقوقيا للضمانات التي كانت معتمدة في قانون المسطرة الجنائية القديمة.