إن التفسير القانوني في إطار مفهومه العام يعني أن القاعدة القانونية لمراد تفسيرها يكتنفها الغموض ،ولذلك يسعى المشرع إلى توضيحها ولإعطاء أكثر دقة لماهية التفسير القانوني يجب أولاً أن نقوم بتعريفه وبعده نقوم بتبيان أهم أهدافه وأهميته بالنسبة للمجال القانوني وكذلك عرض أهم فروعه من تفسير تشريعي إلى تفسير قضائي ثم تفسير فقهي
تعريف التفسير القانوني
عملية تفسير قواعد بصفة عامة ، والتصرفات القانونية بصفة خاصة تضطلع بها جهات متعددة ومختلفة " فهكذا قد يضطلع بالتفسير رجال الفقه ويسمى التفسير الفقهي ، وقد تضطلع عليه السلطة التشريعية فيسمى بالتفسير التشريعي ، وقد تضطلع عليه السلطة التنفيذية أو سلطات إدارية أو حكومية يسمى بالتفسير التنظيمي أو التفسير الإداري" .
وقد يقوم بوظيقة تفسير القانون سلطة القضاء خلال الإضطلاع بوظيفة النظر والفصل في المنازعات والدعاوى القضائية المختلفة وهنا يسمى بالتفسير القضائي .
والتفسير هو استخلاص الحكم القانوني من النصوص التشريعية المعمول بها .
تعريف التفسير لغة
هو عملية عقلية منطقية لعمل من الأعمال المعروفة ، أي الذهنية والروحية التي تستهدف المعنى الذي يحمله اصطلاح معين ..." .
تعريف التفسير القانوني اصطلاحاً
ولتحديد مفهوم التفسير يجب أن يكون هناك مفهوم ضيق ومفهوم أوسع وشامل .
1- المفهوم الضيق أو المحدود : يقصد بالتفسير بالمفهوم الضيق أو المحدد هو استخلاص الحكم القانوني من النصوص التشريعية المعمول بها .
وهو عملية تتعلق بنية وإرادة المعرفة تقوم بها سلطة مختصة بهدف تخصيص وتجسيد المعطيات القانونية الموجودة ، وذلك لاستنباط قاعدة أو مجموعة قواعد تطبق على علاقات أو مراكز آو تصرفات محددة .
وعليه يقتصر التفسير وفق هذا المفهوم على تفسير التشريع دون غيره اعتباراً لمكانته بين المصادر الأخرى للقاعدة القانونية ولغموضه في الكثير من الأحيان وطبقاً لهذا المفهوم فإن مجال التفسير يقتصر فقط على قواعد التشريع .
2- المفهوم الواسع للتفسير : يقصد بالتفسير إطلاقاً لا تحديداً الاستدلال على ما تتضمنه القواعد القانونية من حكم وتحديد المعنى الذي تتضمنه هذه القاعدة حتى يمكن مطابقتها على الظروف الواقعية .
أو هو إجراء منهجي تستطيع بواسطته سلطة مختصة أن تبسط حكم أو مجموعة أحكام غامضة أو عنصر من عناصر القاعدة الواجبة التطبيق .
ومن هنا فيكون مفهوم التفسير لكل قاعدة قانونية أياً كان مصدرها سواء التشريع أو الشريعة الإسلامية أو العرف ، وتبعاً لذل يتسع مجاله فيشمل جميع القواعد القانونية
وكذلك يمكن استخلاص مجموعة من المعاني في هذين التفسيرين :
• التفسير ه عملية ذهنية تهدف إلى استخراج النص أو المضمون الحقيقي لقاعدة معينة.
• التفسير يعني وجود اصطلاح مطلوب اكتشاف واستخراج المحتوى الذي يتضمنه .
• التفسير يقتضي وجود سلطة عامة تضطلع عليه وكذلك وجود حكم غامض ومبهم يتطلب التفسير .
أهمية التفسير القانوني
انطلاقاً من المفهوم الواسع والضيق للقانون والذي سبق ذكره فإنه يمكن تحديد ولو بإيجاز أهمية وأهداف التفسير.
نبرز أهمية التفسير خاصة من النواحي التالية :
1- إن التفسير عمل يسبق التطبيق وعليه يتعذر تطبيق القاعدة القانونية قبل تفسيرها خاصة إذا كنت ذات مدلول غامض من الصعب الاهتداء إليها .
2- تتحكم عملية التفسير في مدى تطبيق القاعدة القانونية ومجال امتدادها فإذا فسرت بمفهوم واسع مثلاً فإنها ستحوي بين ثناياها وقائع كثيرة وخلاف ذلك إذا تم تفسيرها تفسيراً ضيقاً محدوداً فإنها تقتصر على وقائع دون أخرى .
3- إن التفسير وإن كان بحسب وجهة نظر كثير من رجال الفقه يقتصر على التشريع انطلاقاً من فكرة أن القواعد التشريعية عادة ما يأتي بأسلوب مختصر كما انه قد يمتد لتفسير قواعد العرف بل وأحكام القضاء .
:أهداف التفسير
1- تحديد واكتشاف المعنى الحقيقي والسليم للقاعدة القانونية أو التصرف القانوني وذلك بكافة وسائل التفسير والمناهج المعتمدة في عملية التفسير .
2- تدعيم وتكميل النص القانوني إذا ما شابه الإيجاز والاقتضاب .
3- رفع التناقض القائم على أحكام القاعدة القانونية وبين التصرف القانوني وذلك بترجيح حكم على آخر إذا لزم ذلك.
4-تكييف وملائمة القاعدة والتصرفات القانونية مع ظروف الحال والواقع بعناصره وجزئياته المتغيرة ، وتخصيص وتجسيد القاعدة القانونية وتقريرها لتصبح قابلة للتنفيذ .