ينقسم التفسير القانوني من حيث الجهة التي تتولاه إلى تفسير تشريعي وتفسير قضائي وتفسير فقهي .
التفسير التشريعي
هو الذي يقوم به المشرع نفسه أي الجهة التي سنت القاعدة القانونية أو جهة أخرى مفوضة من قبلها للقيام بهذا الأخير وهذا التفسير يضعه المشرع ليوضح به قصده من تشريع سابق ،إذا تبين له أن المحاكم لم تهتد إلى هذا القصد فتلتزم المحاكم عندئذ بهذا التفسير التشريعي ، ويستند التفسير التشريعي إلى فكرة الفصل بين السلطات فالقضاة عليهم فقط واجب تطبيق التشريع ،فإذا وجودا غموضاً في بعض القواعد يتعين عليهم اللجوء إلى الجهة التي أصدرت النص أو القانون لتتولى تفسيره ، ولا يعتبر التشريع المفسر تشريعاً جديداً لذلك فهو ينطبق على الوقائع التي حدثت منذ صدور التشريع الأول .
والتفسير التشريعي إذا كان من جهة يعبر عن مضمون القاعدة القانونية ويكشف عن أبعادها وخفاياها لأنه صادر عن نفس الجهة التي أصدرت النص ،إلا أن الظاهرة التي تشهدها المجتمعات اليوم أن المشرع قلما يتدخل لتفسير التشريع معين فهو يتنازل عن التفسير تاركاً المجال للقضاء والفقه كي يدلي كل بدلوه من أجل رفع الغموض واللبس الذي يحوم حول بعض القواعد التشريعية ، وإذا صدر تشريع تفسيري بخصوص مسألة معينة لا يمكن للقاضي الخروج عنه أو الاجتهاد بعد هذا التفسير بل هذا الأخير يرتبط بالنص الأصلي بعد ساعة نفاذه .
التفسير القضائي
وهو التفسير الذي يقوم به القضاة وهم يفصلون في القضايا المعروضة عليهم حتى يتجسدوا حكم القانون على الوقائع التي بين أيديهم ويقومون بهذا دون أن يطلب منهم الخصوم ذلك
والتفسير القضائي يحدث دائماً عكس التفسير التشريعي لأن القاضي لا يمكنه أن يطبق القانون قبل تفسيره ، فالتفسير عمل سابق للتطبيق كما سبق ذكره .
والتفسير القضائي يمتاز بتأثره بالاعتبارات العلمية لأنه يجئ بمناسبة تطبيق القانون على واقعة معينة مطروحة أمامه.
ومن خلال ما تقدم تبين أن دور القاضي أوسع وأدق من عمل المشرع نفسه لأن السلطة التنفيذية المختصة بالتشريع حيث تسن قاعدة قانونية تصفها دون النظر للحالات الخاصة والوقائع العلمية وهذا أنر غاية طبيعية .
" فالتشريع ينبغي أن يراعي فيه العمومية والتجريد بينما القاضي يفصل في المنازعات المعروضة عليه ويواجه وقائع وحالات عملية قد تختلف في موضوعها وقد تتشابه ، ويطلب منه الفصل يما تقره القواعد القانونية" .
ولتسهيل عملية التفسير على القضاة عمدت دول كثيرة على تجميع قرارات محاكم النقض والمحاكم الإدارية العليا والمحاكم الدستورية في نشريات رسمية يسترشد بها القضاة " كما هو الحال في الجزائر حيث توجد السلطة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا وكذلك نشرة القضاء الصادرة عن وزارة العدل" .
التفسير الفقهي
" هو التفسير الذي نجده في كتابات الفقهاء ويغلب عليه طابع المنطق لأن الفقه لا تعرض عليه حالات واقعية يطلب من الفصل فيها خلاف التفسير القضائي . وهذا التفسير يقوم به فقهاء القانون من خلال مؤلفاتهم وأبحاثهم وتقتصر مهمة الفقيه على استخلاص حكم القانون انطلاقاً من قواعده المجردة دون معالجة الظروف الخاصة والحالات الواقعية ، فالفقيه يتناول بالشرح والتحليل وجهة نظر مختلف المدارس الفقهية بخصوص الإشكالات القانونية المطروحة في شتى فروع العلوم القانونية وبربط هذه التحاليل بخطوات المشرع وباجتهادات القضاء وكثيراً ما يقارن بين مختلف الأنظمة القانونية وأحكام القضاء المقارن كل ذلك بهدف الوصول إلى تشخيص مواطن الضعف والقوة وبغرض لفت نظر المشرع لما يعيد للنصوص قوتها وتناسقها وانسجامها .
وقديماً لعب الفقه في القانون الروماني دوراً رائداً إذ اعتبر مصدر من مصادر القانون بسبب أن القضاة والمحلفين لم يكونوا مختصين في القانون فكانوا بحاجة ماسة إلى الاستعانة برجال الفقه ، وفي النظام الإسلامي احتل الفقه مكانة مرموقة وحسبنا أن نشير بأن الإجماع غدا بمثابة مصدر احتياطي يلجأ إليه القاضي في حالة عدم وجود نص في الكتاب أو السنة