الكاتب : أ.د. سعد حماد القبائلي
إن القانون له صلة وثيقة بكافة العلوم على وجه عام ، وبالعلوم الاجتماعية على وجه الخصوص . وهذا ما سنبينه على النحو التالي :
أولاً : القانون وعلم الاجتماع :
من المعروف أن علم القانون من ضمن الفروع الرئيسية للعلوم الاجتماعية ، وذلك للصلة الوثيقة بين القواعد الاجتماعية بصورة عامة ، والقواعد القانونية التي يتولى دراستها علم القانون .
إن علم الاجتماع من أولى مهامه دراسة الظواهر الاجتماعية المختلفة كظاهرة الهجرة من الأرياف إلى المدن وما يصاحبها من مشاكل اجتماعية مختلفة ، وكظاهرة تدني مستوى التعليم ، وكظاهرة مشاكل العمل والعمالة ، وغير ذلك من مثل هذه الظواهر الاجتماعية. ودور القانون يكمن فيما قننه علم الاجتماع لهذه الظواهر كواقع اجتماعي ، ويقوم بعلاجها في صورة تشريعات تتصدى لهذه المشاكل وحلها بنصوص قانونية ومن هذا يتضح بشكل جلي وجود علاقة وصلة مباشرة بين القانون وعلم الاجتماع .
ثانياً : القانون والعلوم السياسية :
إن علاقة علم القانون بالعلوم السياسية علاقة مباشرة إلى درجة ربط الاثنين في كثير من الأحيان بتسمية واحدة هي القانون والعلوم السياسية .
وعلاقة القانون بالعلوم السياسية تتحدد في ضوء رؤية أدوات الحكم لكيفية حل الشكل السياسي وعلاج أزمة الحرية عن طريق ما يعرف بالقانون الدستوري على وجه الخصوص ، والقانون العام بفروعه المختلفة من إدارات ومؤسسات بوجه عام .
ثالثاً : القانون وعلم الاقتصاد :
إن علم الاقتصاد يهتم أساساً بدراسة الشكل الاقتصادي من كافة الجوانب ، فيدرس قضايا الإنتاج وقواعده وأصوله .. وتمثيل دور القانون في إطار العلاقة مع علم الاقتصاد في تعيين حل الشكل الاقتصادي من وجهة نظر أداة الحكم التي تملك سلطة القرار السياسي والاقتصادي .. ويستفيد علم الاقتصاد من خصائص القاعدة القانونية العامة والمجردة والملزمة التطبيق ، وذلك في وضع أهداف النشاط الاقتصادي وحلوله العملية موضع التطبيق والاحترام من قبل الكافة .
رابعاً : القانون وعلم التاريخ :
يدرس علم التاريخ الأحداث والظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مررت بشعب معين في زمان ومكان معينين .. وعلاقة القانون بعلم التاريخ تتمثل في أن القانون قد يكون هو المترجم أو المصور لتلك الأحداث ، أو على الأقل المقنن لبعض الظواهر سواءً أكانت في شكل سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي .
ويستفيد علم التاريخ من القانون في تتبع وفحص تلك الأحداث من خلال الواقع القانوني الذي تترجمه التشريعات السائدة في تلك الفترة التاريخية .
ولفهم التاريخ السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي لحضارة معينة في زمان أو مكان معيين لا يمكن الاستغناء عن فحص ودراسة القانون الذي كان يترجم تلك الحضارة في تفسير الحركة التشريعية لفترة تاريخية معينة إلى درجة أن هذا العلم يخصص أحد فروعه لدراسة التاريخ ويطلق عليه اسم ( تاريخ القانون ) .
خامساً : القانون وعلم التفسير :
يعتبر علم القانون مرحلة أساسية من مراحل حياة القاعدة القانونية . فالقاعدة القانونية وهي تمر بمرحلة سريانها وتطبيق أحكامها ، قد يشوبها غموض أو عدم فهم مما يقتضي ضرورة تفسيرها وتحديد المقصود من أحكامها حتى يمكن لها أن تُطبق التطبيق الصحيح .
وللتفسير قواعدٌ وأصولٌ ترتبط بعلم المنطق وبعلم النفس ، إذ أن كثيراً من القواعد القانونية ، لا يمكن الإحاطة بها وفهمها إلا بالاعتماد على قواعد المنطق وأصوله لإدراك معنى القاعدة القانونية ..كما أن كثيراً من فروع القانون ، وخاصة القانون الجنائي ، تعتمد على علم النفس كعلم الأجرام الذي يحلل السلوك النفسي للمجرم ، والدوافع التي جرّته إلى ارتكاب الجريمة . ومن مقتضيات العدالة أن يطبق القانون على المذنب بعد الإحاطة بكافة الظروف التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ، وهذا يوضح لنا أهمية البحث النفسي في إطار التفسير القانوني .