هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionقراءة في مسطرة التعدد  Emptyقراءة في مسطرة التعدد

more_horiz
ذ. كمال زين العابدين

يقول عز وجل :( وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا واتوا النساء صدقاتهم نحلة فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا).*1
حسب هذه الآية فان التعدد مباح ، وليس فرضا ولا واجبا ولا حراما ولا مكروها ولا سنة ، و لمباح كما هو معلوم يمكن لولي الأمر أن يقيده أو يمنعه أو يفرضه على وجه الإلزام إذا رأى فيه مصلحة عامة للمجتمع.*2
فالإسلام أباح التعدد ونظمه وقننه عندما جاء ووجد الناس في الجاهلية يتزوجون أكثر من 10 نساء. وتجدر الإشارة إلى أن هناك من الفقهاء من يرى ن التعدد هو الأصل في الشريعة الإسلامية ، في حين أن هناك من يرى أن الإفراد هو الأصل وان التعدد ماهو إلا رخصة وليس حقا، وهذه الرخصة لا تمارس إلا إذا توفرت شروطها وضوابطها.
إذن فما موقف المشرع المغربي من التعدد ؟

من المعلوم أن الزيادة في الزوجات غير مسموح به شرعا ويعتبر مانعا من موانع الزواج ، لذلك فالتعدد في الزواج يبقى كقاعدة مسموح به في الحدود التي رسمها الشرع.
غير انه بالرجوع إلى المادة 40 من مدونة الأسرة نلاحظ أن المشرع منع التعدد في الحالة التي يوجد فيها شرط الزوجة بعدم لتزوج عليها ، أو إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، وهما حالتان يمنع فيهما المشرع مباشرة من التعدد لكن هناك فرق بينهما :
فحالة الخوف من عدم العدل يرجع تقديها إلى سلطة القاضي ، في حين أن وجود شرط من الزوجة الأولى بعدم التزوج عليها يجعل باب التعدد غير ممكن ، وللتوضيح أكثر نصت المادة 41 من مدونة الأسرة على انه لا تأذن المحكمة بالتعدد :
- إذا لم يثبت لها المبرر الموضوعي الاستثنائي.
- إذا لم يكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة الأسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة.
ومن تم يجب أن يكون طلب الإذن بالتعدد المقدم من طرف الزوج معززا بما يفيد انه قادر على الإنفاق على الزوجتين وذلك (بالإدلاء بشهادة الأجر أو ما يفيد دخله). كما أن عليه أن يثبت للمحكمة المبرر الموضوعي الاستثنائي ، وهكذا إذا كان من السهل معرفة مدى قدرة الزوج الراغب في التعدد على الإنفاق من عدمه فانه يصعب تقدير المبرر الموضوعي الاستثنائي لان هذه المهمة تقتضي أن يكون قاضي الأسرة ذا تكوين سيكولوجي وسوسيولوجي لا فقط تكوين قانوني .
وعليه يجب على طالب الإذن بالتعدد أن يكون قادرا على الإنفاق ومتوفر لديه (مبرر موضوعي كعقم الزوجة الأولى أو برودها الجنسي) ويبقى تقدير المبرر الموضوعي وبائة الزوج حسب السلطة التقديرية لقاضي الأسرة الذي يستخلصها من وثائق الملف وكذا من خلال المناقشة التي تدور بغرفة المشورة والتي يحضرها جميع الأطراف بما فيهم الزوجة الأولى والتي أكد المشرع على ضرورة توصلها بالاستدعاء قصد إعلامها بان زوجها يرغب في الزواج عليها بامرأة ثانية.
غير أن وجود مبرر موضوعي استثنائي وقدرة الزوج على الإنفاق على الزوجتين وهما شرطان متلازمان لا يغني وجود احدهما عن الآخر ، قد يخل بمبدأ المساواة التي تهدف إليها القواعد القانونية بصفة عامة ومدونة الأسرة بصفة خاصة ، ذلك إن الأزواج الغير القادرين على الإنفاق لن يكون بمقدورهم التعدد رغم وجود المبرر الموضوعي الذي قد يكون وجيها مثل عقم الزوجة الأولى أو مرضها ،في حين يظل المستفيد الأول من التعدد الفئة التي تتوفر على دخل محترم ، ولهذا كان على المشرع المغربي وحتى ينصف الأزواج الذين لهم دخل محدود أن يسمج لهم بالتعدد ولكن تحت شروط معينة ،خاصة إذا علمنا أن هذا النوع من الأزواج الراغب في التعدد يجد نفسه محرجا ،فإما أن يطلق زوجته الأولى رغم عدم رغبته في الطلاق، وإما أن يلجا إلى الزواج عن طريق الفاتحة (زواج عرفي) وبعد ذلك يرفع دعوى في إطار المادة 16 من مدونة الأسرة قصد ثبوت زواجه الثاني المشروط كذلك بموافقة الزوجة الأولى ، وفي هذه الحالة يبقى الزوج مهددا بمقتضيات الفصل 491 من القانون الجنائي.*3
وهذا ما يفسر حرص المشرع المغربي على إعلام أو إخبار الزوجة الأولى حتى تحدد موقفها ، تنص المادة 43 من مدونة الأسرة :( تستدعي المحكمة الزوجة المراد التزوج عليها للحضور ، فإذا توصلت شخصيا ولم تحضر أو امتنعت من تسلم الاستدعاء توجه لها المحكمة عن طريق عون كتابة الضبط إنذارا تشعرها فيه بأنها إذا لم تحضر في الجلسة المحدد تريخها في الإنذار فسيبث في طلب الزوج في غيبتها ، كما يمكن البث في الطلب في غيبة الزوجة المراد التزوج عليها إذا أفادت النيابة العامة تعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه...).
وعليه يكون المشرع المغربي وسعيا منه إلى ضبط التعدد و الحد من سلبياته أوجب أن يكون تبليغ الزوجة شخصيا ، ومن ثمة فان مقتضيات المادة 37 من قانون المسطرة المدنية لا يمكن تطبيقها بالكامل في تبليغ الزوجة المراد التزوج عليها والغير معروف موطنها موقوف على إفادة النيابة العامة بعدم وجود موطن الزوجة.
لكن الفقرة الأخيرة من المادة 43 من مدونة الأسرة كانت أكثر حسما في مواجهة التلاعبات التي قد يلجا إليها بعض الأزواج بتحريف الزوج لاسم زوجته أو تغيير عنوانها قصد تغيبها عن المسطرة وهكذا تنص هذه الفقرة :( إذا كان سبب عدم توصل الزوجة بالاستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية لعنوان غبر صحيح أو تحريف في اسم الزوجة تطبق على الزوج العقوبة المنصوص ليها في الفصل 361 من القانون الجنائي وذلك بطلب من الزوجة لمتضررة).*4
ويظهر أن المشرع كان حريصا على توصل الزوجة الأولى المراد التعدد عليها وذلك حتى تعلم بموضوع التعدد وتتخذ قرارها منه إما بالموافقة وهو الأمر الذي لا يثير إشكالا. وتطبق مقتضيات المادة 44 ن مدونة الأسرة التي جاء فيها:(تجري المناقشة في غرفة المشورة بحضور الطرفين ويستمع اليهما لمحاولة التوفيق والإصلاح ، بعد استقصاء الوقائع وتقديم البيانات المطلوبة).
للمحكمة أن تأذن بالتعدد بمقرر معلل غير قابل لأي طعن إذا ثبت لها مبرره الموضوعي الاستثنائي وتوفرت شروطه الشرعية مع تقييده بشروط لفائدة المتزوج عليها وأطفالها (غير انه في الحالة التي تتمسك المتزوج عليها بالتطليق ،فان المحكمة تكون ملزمة بتحديد مبلغ مالي كافي لاستيفاء كافة حقوق الزوجة وأولادها الملزم الزوج بالإنفاق عليهم وذلك داخل اجل سبعة أيام وبمجرد الإيداع تحكم المحكمة بالتطليق ،وفي حالة عدم وضع المبلغ المحدد يعتبر الزوج متراجعا عن التعدد).*5
ويلاحظ أن مدة 7 أيام الممنوحة للزوج لوضع كفالة التطليق هته جد قصيرة مقارنة مع المدة التي منحها المشرع للتطليق بالمادة 83 التي حددت أجلا أدناه ثلاثون يوما لوضع كفالة تضم مستحقات الزوجة والأطفال الملزم بالإنفاق عليهم،ويفهم من هذا التضييق أن رغبة المشرع في الغالب تحاول قدر الامكان تفادي التعدد.
لكن إذا ظل الزوج مصرا على التعدد رغم إصرار الزوجة على عدم الموافقة فان المحكمة تلجا إلى مقتضيات لمواد 7-94 وما يليها مطبقة مسطرة الشقاق ، ليصبح التعدد المرفوض من طرف الزوجة الأولى سببا من أسباب الشقاق.
في الختام يمكن القول أن التعدد لا يشكل ظاهرة في المغرب ، ومع ذلك فان عدم فهم مسطرة التعدد وجهلها من طرف الكثير من النساء المراد التعدد عليهن قد يؤدي إلى ضياع حقوقهن خاصة عندما يتوصلن بالاستدعاء للحضور إلى غرفة المشورة ويرفضن الحضور.
كما انه على المحكمة أن تتأكد من هوية الزوجة ومراقبة البيانات الشخصية المتعلقة بها وذلك تجنبا لأي تحايل.
على أن التعدد بصفة عامة يبقى كرخصة أو حق محدد بشرط، يلجا إليه طالب الإذن كلما توفرت فيه هذه الشروط ، وهو ما نعتقد الاتجاه الذي اخذ به المشرع المغربي.

ذ. كمال زين العابدين


المراجع المعتمدة :
*1 سورة النساء.
*2 ص 123 الجزء الأول الشافي في شرح مدونة الأسرة لعبد الكريم شهبون.
*3 الفصل 391 من القانون الجنائي.
*4 الفصل 361 من القانون الجنائي.
*5 المادة 45 من مدونة الأسرة.

descriptionقراءة في مسطرة التعدد  Emptyرد: قراءة في مسطرة التعدد

more_horiz
شكرا لك اخي الكريم واصل تميزك

descriptionقراءة في مسطرة التعدد  Emptyرد: قراءة في مسطرة التعدد

more_horiz
سلام عليكم
شكرا لك اخي على طرحك هذا الموضوع الجدير بالاهتمام .
ويمكن القول اذن ان المشرع المغربي لم يلغ التعدد وانما ضيقه الى ابعد الحدود بالشروط التي وضعها وهكذا اصبح طلب التعدد صعب التحقق في الواقع
.

descriptionقراءة في مسطرة التعدد  Emptyرد: قراءة في مسطرة التعدد

more_horiz
نعم اختي ليلى فلقد اباحه ولكن قيده بشرطين الا وهما المبرر الاستثنائي وكذلك القدرة المالية على النفقة على العائلتين معا
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد