يترتب عن إبرام الاتفاقية الجماعية إلزاميتها بالنسبة للأشخاص الذين أبرموها ابتداءا وكذلك أولئك الذين ينضمون إليها بعد إبرامها حيث يصير هؤلاء جميعا ملزمين بتنفيذ الالتزامات المتولدة عنها. وإذا خالف أي منهم مقتضياتها كان للطرف المتضرر اللجوء إلى الجهة المختصة لاجبار الطرف المخالف على التنفيد إذا كان ذلك ممكن وإلا فعن طريق التعويض هكذا سنتطرق في مطلب أول إلى الالتزامات المتولدة عن تنفيذ الاتفاقية الجماعية (في حالة السيران)يتم في مطلب ثان جزاء الإحلال بالاتفاقية الجماعية .

المطلب 1 : الالتزامات المتولدة عن تنفيذ الاتفاقية الجماعية

يترتب عن الاتفاقية الجماعية كعقد من حيث إبرامها مجموعة من الالتزامات التي تقع على عاتق أطرافها التقيد بها ، كسائر العقود بين تنفيذ الاتفاقية الجماعية بحسن نية واحترام عقود الشغل المبرمة في إطارها واحترام كذلك واجب السلم الاجتماعي .
تضع التشريعات المقارنة ( ) على عاتق أطراف الاتفاقية الجماعية التزاما بتنفيذها بحسن النية.

الفقرة 1 : تنفيذ الاتفاقية الجماعية بحسن نية .

أطراف الاتفاقية الجماعية ملزمين بالامتناع عن كل ما من شأنه الإخلال بتنفيذ أحكامها وشروطها وعدم الإساءة بأي عمل يشكل عرقلة في بلورة مقتضيات الاتفاقية الجماعية مثل دعوة الهيئات الممثلة للمؤاجرين بعدم مراعاة أحكام الاتفاقية والاكتفاء بمجرد الحد الأدنى المنصوص عليه قانونا أو تحريض النقابات العمالية لأعضائها على الإضراب ،فإذا كان مبدأ الحرية النقابية من أهم انشغالات منظمة العمل الدولية حيث أن الاتفاقية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي . وهذا ما أكدت عليه الإعلانات العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان وكذا حل الدساتير الوطنية . وكذلك ميثاق الحوار الاجتماعي لسنة 1996 والحق النقابي حق منصوص عليه في الدستور المغربي [ضمانة لجميع المواطنين حرية الانخراط في أية منظمة نقابية بحسب اختيارهم ولا يمكن وضع حد لهذه الممارسة إلا بمقتضى القانون . وقد نصت المادة 338 من المدونة على هذا الحق ( ) ونصت كذلك على عدم التميز بين الأجراء بسبب الانتماء النقابي لأنه يخرق مبدأ تكافؤ الفرص وعدم المعاملة بالمثل واعتبرت المدونة أن كل فصل ناتج عن الانتماء النقابي يكون فصلا تعسفيا ( ) عكس التشريع السابق الذي لم يتضمن هذا المقتضى ، وبما أن هذا المبدأ مكرس قانونا فإنه لا يجب أن تقوم النقابات العمالية بالتحريض على الإضراب لأن فيه عرقلة مقتضيات الاتفاقية الجماعية وفيه سوء نية فالإضراب [ التوقف الجماعي عن العمل من طرف الإجراء يقصد به الحصول على مطلب أو تطبيق قانون من طرف صاحب العمل ] رغم كونه حق مضمون دستوريا إلا أنه هناك قيود تحيط بهذه الممارسة كاحترام مسطرتي المصالحة والتحكيم ( ) وعموما يجب ألا يمارس الإضراب بصورة تعسفية وسوء نية يجعله مسؤولا عن تعويض الضرر.
التشريعات المقارنة صريحة في جعل التزامات النقابات لا تنصب الأعلى ضمان الفعل الشخصي الذي يصدر عن أحد مسؤوليها أما الأفعال التي قد يأتيها أعضاء النقابة من المنخرطين وتمس تنفيد الاتفاقية الجماعية بما يخل بمبدأ حسن النية فلا يسأل النقابة عنها ولا تلزم بضمانها . وهكذا يتضح أن النقابات والهيئات المهنية سواء في ذلك الممثلة للأجراء أو المؤاجرين لا يسأل عن عدم تنفيد الاتفاقية الجماعية وفق مبدأ حسن النية إلا إذا كان لها دخل مباشرة في تنفيذها وقد نصت المادة 122/2 [تتحمل المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية للمشغلين واتحاداتها ضمان تنفيذ الاتفاقية في حدود الالتزامات المضمنة فيها]أي أن الأطراف لا يتحملون ضمان تنفيذ الاتفاقية سوى في حدود الالتزامات المضمنة فيها مع التقيد بأحكامها والعمل على تفادي ما يخل بتنفيذها بأمانة ( ) وذلك مثل حالة الطرفين في أي عقد كان نوعه من منطلق اعتباره شريعة المتعاقدين .
كما أن التزام المشغل بتنفيذ الاتفاقية الجماعية يسري بالنسبة لخلفه وهذا ما نصت عليه المادة 131 من المدونة « إذا طرأ تغير على الوضعية القانونية للمشغل أو الطبيعية القانونية ، فإن اتفاقية الشغل الجماعية تظل قائمة بين إجراء المقاولة والمشغل الجديد».( ).
يتضح أنه إذا كان ظهير 17 أبريل 1957 في فصله 14 تطرق لامتناع الأطراف المرتبطة بالاتفاقية عن إتيان ما من شأنه الأضرار بتنفيذ الاتفاقية بإخلاص فإن هذه المادة تقابلها المادة 122 من المدونة فماذا عن واجب السلم الاجتماعي ؟

الفقرة 2 واجب السلم الاجتماعي

تعتبر الاتفاقية الجماعية وسيلة لاستمرار وخلق السلم الاجتماعي داخل المؤسسة أو القطاع المعني بأحكامها وشروطها من خلال مساهمتها في ثبوت واستقرار علاقات الشغل وفق قواعد واحكام نابعة من طرفي العلاقة الشغيلة أنفسهما.

خلال فترة سريان الاتفاقية الجماعية يكون كل طرف على علم بما له وما عليه ويكون كل مؤاجر على بينة من تكاليف الإنتاج من خلال ما تفرضه عليه الاتفاقية الجماعية من أعباء ( ) وبالتالي تكون الاتفاقية قد ساهمت في تكريس التوازن في العلاقة الشغيلة ببعديه الاقتصادي والاجتماعي الضروري لكل مؤسسة والمشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي وعكس المشرع في الولايات المتحدة وألمانيا ، لم يفرض واجب السلم الاجتماعي مكتفيا بالالتزام العام كسائر العقود ووفق مبدأ حسن النية مع اللجوء إلى الوسائل السلمية في كل ما قد يثار بشأنها من نزاعات.

يرى بعض الفقه ( )أن الإلتزام بواجب السلم الاجتماعي هو واجب نسبي لا يلزم به الأطراف إلا بالنسبة للنزاعات التي قد تثار حول تعديل شروطها واحكامها أما النزاعات التي قد تثار حول تطبيقها أو تقديرها فتظل حرية الأطراف كاملة في إثارتها في أي وقت إذا اقتضت الظروف ذلك وفي هذا الصدد يرى الأستاذ الخالفي ( ) «كان من الممكن للأطراف المعنية بالاتفاقية الجماعية توسيع نطاق الالتزام بالمحافظة على السلام الاجتماعي من خلال التعهد بالامتناع عن إثارة أي نزاع جماعي …..» يتضح من رأي الأستاذ الخالفي انه لابد من التعهد بالامتناع عن إثارة النزاعات الجماعية لكن في حالة حدوث هذه النزاعات ما هي الجهة المختصة لحلها ؟.

بالرجوع إلى تنفيذ الاتفاقية الجماعية يتضح أن التنفيذ قد يكون تنفيذا عاديا لا يطرح أي مشاكل وقد يكون غير ذلك بحيث يصطدم هذا التنفيد باختلاف وجهات طرفها أو أطرافها حول حدود ونطاق هذا المضمن أو بعض بنوده، فظهير 1957 في فصله 19 ينص على أن« الشروط التي تفصل بها النزاعات الجماعية والفردية، التي تقع بين المرتبطين بالاتفاقية الجماعية تعين بالنظر إلى المقتضيات التشريعية المطبقة في الفصل في المنازعات التي قد تثار بمناسبة تنفيذ الاتفاقية الجماعية . ومنها تلك الخاصة بتفسيرها بين تلك ذات الطبيعة الفردية وتلك ذات الطبيعة الجماعية تقوم بالتفسير هيئة التحكيم في حالة اذا عرض عليها الأمر في شكل نزاع فردي.

بالرجوع إلى مدونة الشغل فإن الفصل 127 ينص على أن نزاعات الشغل الجماعية تسوى بين الأطراف المرتبطة باتفاقية الشغل الجماعية بمقتضى الكتاب السادس من هذا القانون المتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية وذلك إذا لم تتضمن الاتفاقية مقتضيات خاصة في هذا الشأن . كما وفرت الحكم في تسوية نزاعات الشغل الفردية بين الأطراف المرتبطة باتفاقية الشغل الجماعية وفق الأحكام الشرعية المعمول بها في هذا الشأن ما لم تتضمن الاتفاقية أحكاما تتعلق بتسوية تلك النزاعات .
المدونة أضافت مرحلة جديدة ( ) عكس ظهير 1957 الذي كان يحدد مسطرة تسوية النزاعات في المصالحة والتحكيم و التسوية الودية بين الأطراف قبل اللجوء إلى القضاء، أتت المدونة بجديد متمثل في تدخل إما المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم إذا كان النزاع جماعي يهم أكثر من مقاولة واحدة ( ) وذلك في إطار ما سمي بالتصالح، كما أضيفت مهمة البحث لمهمة المصالحة سواء بالنسبة للجنة الإقليمية أو اللجنة الوطنية ( ) كما تم توسيع صلاحيات اللجنة من أجل تسوية النزاع الجماعي، كما تم تقرير التزامات جديدة على عالق أطراف النزاع لتقديم جميع المعلومات المرتبطة بهذا الأخير هكذا نصت المادة 562 على أن [يجب على أطراف النزاع تقديم كل التسهيلات والمستندات والمعلومات ذات العلاقة بالنزاع والتي تطلبها اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة ] كما خولت للوزير المكلف بالشغل في إطار اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة إمكانية استدعاء ، كل شخص يراعي في اختياره ما يتمتع به من كفاءات في مجال اختصاصات تلك اللجنة وذلك للحضور في اشتغالها وهذا ما نصت عليه المادة 564 من المدونة .

أما بخصوص مرحلة التحكيم ، فاختارت المدونة أن تستقر على حكم واحد عوض تعدد الحكام في إطار ظهير 1957، وقد تم تحديد نوعية المصادر التي يجب أن يعتمدها الحكم في إصدار قراره وذلك بحسب نوعية النزاع الجماعي حيث نصت المادة 572 على أنه [يبت الحكم اعتمادا على قواعد القانون في نزاعات الشغل الجماعية المتعلقة بتفسير أو تنفيذ الأحكام التشريعية أو التنظيمية أو التعاقدية و يبت الحكم تبعا لقواعد الإنصاف في باقي النزاعات الجماعية للشغل التي لم ترد بشأنها أحكام تشريعية أو تنظيمية ] ويصدر الحكم قراره التحكمي داخل أجل لا يتجاوز أربعة أيام من تاريخ متول الأطراف أمامه ويجب أن يكون القرار معللا ويبلغ إلى الأطراف داخل 24 ساعة من تاريخ صدوره بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ، إلا أن هذه القرارات يمكن الطعن فيها أمام الغرفة الإجماعية بالمجلس الأعلى، وتقدم الطعون داخل أجل 15 يوم من تاريخ التبليغ.

هكذا بعد الطرق إلى عنصر تنفيذ الاتفاقية الجماعية بحسن نية وعنصر السلم الإجتماعي مع الإشارة لعناصر تسوية النزاعات ومراحله بقيت الإشارة لعناصر تسوية النزاعات وبقيت الإشارة لعنصر أخر متمثل في أثار تنفيذ الاتفاقية الجماعية باعتباره من العناصر المتولدة عن الاتفاقية الجماعية .

الفقرة 3 : أثار الاتفاقية على عقد الشغل الفردي

إن أحكام الاتفاقية الجماعية تسري على نقابة الإجراء والمؤاجرين أو الهيئات المتمثلة لهم ، الدين يكونون طرفا فيها أو ينضمون إليها بعد إبرامها . كما يسري على الإجراء المرتبطين بمؤاجر طرف في الاتفاقية الجماعية ، حتى ولو كانوا منخرطين في نقابة غير طرف فيها أو غير منقين على الإطلاق ، فهؤلاء ملزمين باحترام أحكامها وشروطها فيما يبرمونه من عقود تشغيل فردية وهذا ما نصت عليه المادة 113 من المدونة في فقرتها الأولى [تسري مقتضيات اتفاقية الشغل الجماعية التي التزم بها المشغل على عقود الشغل المبرمة من طرفه].

كما يخضع لاحكام الاتفاقية الجماعية فيما يبرمونه من عقود فردية ، جميع الأشخاص المرتبطين بها سواء كانوا طبيعيين أو دائنين وبالتالي يقع باطلا كل شرط مخالف للإتفاقية يرد بالعقود الفردية بين أشخاص مرتبطين بهذه الاتفاقية ما لم يكن الشرط أكتر فائدة للأجير سواء كان مضمن في الاتفاقية الجماعية أو في عقد الشغل الفردي وهذا هو الاستثناء الوارد على الأصل .
يرى الأستاذ الخالفي ( ) إن أحكام الاتفاقية الجماعية تبدو تارة قواعد آمرة ( ) إذا كانت الشروط الواردة في عقد الشغل الفردي سواء المبرم قبل الاتفاقية الجماعية أو بعدها أقل من تلك المضمنة فيها، وتبدوا تارة أخرى قواعد مكملة يجوز مخالفتها والاتفاق على ذلك إذا كانت المخالفة في صالح الأجير والذي يقوم بالتفسير هل هي في صالح الأجير أم لا هيئة التحكيم في حالة ما إذا عرض عليها الأمر في شكل نزاع جماعي، كما يمكن أن يقوم به القضاء العادي إذا عرض عليه الموضوع في شكل نزاع فردي يرمي إلى تفسير الاتفاقية، بالإضافة إلى تفسيري هيئة التسوية لنزاعات الشغل الجماعية والتفسير القضائي، يمكن أن يخول لأطراف الاتفاقية سلطة تفسير قواعدها من خلال لجنة مشتركة متساوية الأعضاء، حيث يكون التفسير في هذه الحالة اتفاقيا.

هذه هي الالتزامات المتولدة عن تنفيذ الاتفاقية الجماعية .هذه فما هو جزاء الإخلال بالإتفافية الجماعية وهذا ما سنتطرق إليه في مطلب 2 .

المطلب 2 : جزاء الإخلال بالاتفاقية الجماعية .

تعتبر الاتفاقية الجماعية بموجب الفصل 1 من ظهير 57 وكذلك المادة 122 من المدونة عقد يولد التزامات متبادلة في ذمة طرفيه أو أطرافه عند تعددهم، يتعين عليهم تنفيذها وفق مبدأ حسن النية، بحيث إذا أخل أي منهم بالتزاماته يكون للطرف الأخر المتضرر أن يطالب يتوقع الجزاء على المخالف فالمشرع، يسمح لكل طرف متعاقد برفع دعوى للمطالبة بتنفيذ الاتفاقية الجماعية، وذلك بعد استنفاذ الطرق الودية لتسوية النزاعات، و الهدف هو إصلاح الضرر الناتج عن عدم تنفيذ الاتفاقية، والجزاء يتمثل في نوعين أولها، تعديل العقود الفردية المخالفة لاحكام الاتفاقية الجماعية حسب كل هذه الأحكام محل الشروط العقدية بكيفية تلقائية وثانيها يتمثل في المسؤولية المدنية التي قد تتحدد إما في إجباره على تنفيذ أحكام الاتفاقية الجماعية أو التعريض عن ذلك، أن توقيع الجزاء يتم وفق الفصل 19 من ظهير 1957 والمادة 124 من المدونة [ يمكن للأشخاص الدين ارتبطوا باتفاقية شغل جماعية، أن يقيموا دعوى على باقي الأشخاص أو المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية للمشغلين أو الاتحادات المرتبطة بالاتفاقية الجماعية لحملهم على تعويضهم عما لحق بهم من ضرر سبب ما اخلوا به من التزامات نحوهم] هكذا سنتطرق في (فقرة 1) تعديل العقود الفردية المخالفة الاتفاقية الجماعية تم في (فقرة 2)الدعاوى الناجمة عن الإخلال بقواعد الاتفاقية الجماعية.

الفقرة 1 : تعديل العقود الفردية المخالفة الاتفاقية الجماعية .

إن عقد الشغل الفردي المخالف لقواعد واحكام الاتفاقية الجماعية لا يؤخذ به إعمالا للفصل 230 من ق ل ع ( ) ولا يعتبر باطلا بل يظل صحيحا ولكن مع تطبيق شروط الاتفاقية الجماعية التي أبرم في ظلها، بدلا من الشروط المخالفة، وذلك تطبيقا للفصل 5 من الظهير المذكور. الذي يقضي بخضوع جميع الأشخاص الذين امضوا الاتفاقية الجماعية باسمهم الخاص أو صاروا أو يصير ورن في أي وقت أعضاء في منظمات. كما تلتزم الاتفاقية جميع المنظمات التي تصادق عليها وهذا ما نصت عليه المادة 112 من المدونة .
هكذا فالاتفاقية الجماعية لها أثر مباشر على العقود الفردية التي تبرم في رحابها، حيث تحل شروط الاتفاقية محل شروط العقود الفردية المخالفة لها، بدل إبطالها الذي من شأنه الإضرار بالأجير والمساس بالطابع الحمائي لقاوعد قانون الشغل، وحتى ترتب الشروط الواردة في الاتفاقية الجماعية هذا الأثر المباشر على عقود الشغل الفردية المبرمة في ظلها فإنه يجب أن تكون الشروط المضمنة فيه أقل فائدة للأجير، أما إذا كانت تتضمن امتيازات، ستعمل في هذه الحالة مقتضيات عقد الشغل الفردي باعتباره أكثر فائدة .

الفقرة 2 : الدعاوي الناجمة عن الإخلال بقواعد الاتفاقية الجماعية .

يتم التميز في هذا الصدد ما إذا كان الاخلال قد نجم عن نزاع جماعي حيث ترجع المطالبة لهيئات السنوية الجماعية لمنازعات الشغل الجماعية . أو ما إذا كان الاخلال فردي وفي هذه الحالة ترفع المطالبة أمام القضاء العادي للمطالبة بالإجبار على تنفيد الاتفاقية او المطالبة بالتعويض .
المشرع المغربي في الفصول 15-16-17.من ظهير 1957 و المادة 123 إلى 126 من المدونة لكل ذو مصلحة برفعها سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا.

وتنقسم الدعاوى إلى نوعين :

أ-الدعاوى الفردية :
وهي الدعوى التي تتاح للمطالبة بالتعويض لكل طرف ذاتي تضرر من خرق اتفاقية جماعية، كان مرتبطا بها خاصة الأجير إذا كان عقد الشغل الفردي الذي يربطه بالمشغل يتضمن شروطا أقل حمائية من تلك الواردة في الاتفاقية الجماعية وذلك في مواجهة أي شخص آخر أو نقابة الإجراء، أو منظمة المشغلين أو الاتحادات المرتبطة بالإتفاقية الجماعية من أجل حملهم على تعويضه عما لحقه من ضرر بسبب ما أخلوا به من التزامات وهذا ما نصت عليه المادة 124 من المدونة ( ) .
هكذا يحق للأجير أن يلجأ إلى القضاء إذا أخل المؤاجر بالالتزامات التي تفرضها عليه الاتفاقية للمطالبة بتنفيذها أو الحكم له بالتعويض مهما كانت صفة الأجير[عضو في النقابة التي أبرمت الاتفاقية أو انظم إليها أو غير منظم لأي نقابة].
فالحق في رفع الدعوى يثبت للأجير طالما أنه ممن تسري عليهم الاتفاقية الجماعية التي وقع الإخلال بها، وهذا الحق يتبت بكيفية مستقلة عن منظمته النقابية التي تولت إبرام الاتفاقية أو انضمت إليها. و يتبت له كذلك في مواجهة النقابة أو الهيئة الممثلة للمؤاجر طرف في الاتفاقية إذا خالفت هذه النقابة او الهيئة أحكامها وشروطها .
في المقابل يحق للمؤاجر رفع دعوى ضد الأجير أو نقابته وهو حق مثبت للمؤاجر إذا كان مرتبطا بالاتفاقية الجماعية لم تراعى أحكامها وشروطها من قبل أجرائه أومن طرف ا منظمتهم النقابية له الحق في مقاضاة الطرف المخل بالتزاماته مثلا كما لو لجأت المنظمة إلى الإضراب دون اخطر أو دون استنفاد وسائل الحل السلمي كما تنص على ذلك شروط الاتفاقية .
المشرع المغربي ( ) مثله مثل التشريعات المقارنة وهذا ما نصت عليه المادة 123 ( ) .
كما أن النقابة لا تكون مسؤولة عما يمكن أن يقع من اعضائها من الإخلال ببنود الاتفاقية الجماعية إلا إذا ضمنت صراحة في صلب الاتفاقية اللهم إذا صدر الضرر عن جهة تمثلها باعتبارها شخصا معنويا مثلا صدور قرار عن مجلسها النقابي هنا تكون النقابة مسؤولة نتيجة عدم التقيد بإحكام الاتفاقية الجماعية ( ) فماذا عن الدعوى الجماعية ؟

الدعاوى الجماعية :
خول المشرع لكل نقابة للإجراء أو هيئة للمشغلين الحق في إقامة دعوى باسمها الخاص ضد أي طرف ولو كان عضوا خرق اتفاقية جماعية أو ضد أي طرف ارتبط بها وذلك للمطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها بسبب إخلال أولئك بالتزاماتهم. مثلا نقابة تقاضي مستغلا لم يسمح بشن الإضراب سبق الاتفاق على تقريره في الاتفاقية الجماعية ( ) .

كما يمكن لتلك الجهات أن تقيم الدعوى لفائدة أحد أعضائها دون ضرورة الإدلاء بتفويض خاص من المعنى بالأمر شرط أن يكون هذا الأخير قد اشعر بالدعوى ولم يعترض عليها، بل له الحق أن يتدخل شخصيا في أي وقت مادامت الدعوى التي أقامتها المنظمة المعنية باسمه، مادامت الدعوى قائمة وهذا ما نصت عليه المادة 125 من المدونة.

يمكن لباقي المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية للمشغلين المرتبط أعضاؤها بالاتفاقية أن تتدخل في الدعوى في أي وقت مادامت الدعوى قائمة اعتبارا للمصلحة الجماعية التي قد تعود على أفرادها بسبب حل النزاع وهذا ما نصت عليه المادة 126.
المشرع أعطى للنقابة العمالية الحق في رفع دعوى ضد المخل بالتزاماته وذلك دفاعا عن مصالحها الخاصة وعن المصالح الجماعية لأعضائها لان النقابة تحمي المصالح الداتية لمنخر طيها وذلك استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن النقابة تمثل مصالحها الذاتية ولا تمثل المصالح الذاتية الخاصة لهؤلاء الأعضاء( ).

هذه هي الدعاوي الفردية والجماعية التي يتم رفعها للمطالبة بالتعويض عن الضرر نتيجة خرق اتفاقية جماعية. وبالإضافة إلى التعويض الذي يحكم به يمكن الحكم أيضا بغرامة وهذا ما نصت عليه المادة 129 من المدونة [يعاقب بغرامة ما بين 300 إلى 500 درهم]عن عدم احترام مقتضيات اتفاقية الشغل الجماعية وتتكرر عقوبة الغرامة بتعدد الإجراء الدين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام الاتفاقية الجماعية على شرط ألا تجاور مجموع الغر مات 20.000 وقد أسندت لمفتش الشغل صلاحية مراقبة تطبيق مقتضيات عامة للشغل الجماعية وهذا ما نصت عليه المادة 128 من المدونة.
هكذا يتضح أن المدونة جاءت بتدابير أكثر حمائية وأكثر ضمانة مقارنة مع التشريعات السابقة وذلك بهدف ضمان استقرار الشغل الذي يعد من أهم ما تسعى المدونة للحفاظ عليه لأنه عنصر أساسي في علاقات الشغل .

الفرع 2 : إنهاء عقود الشغل

إن عقود الشغل بصفة عامة سواء الفردية أو الجماعية ليست عقود أبدية دائمة بل يمكن أن تنتهي. وحالات الإنهاء متعددة ومختلفة بحسب كل عقد هل هو فردي أم جماعي وهناك الإنهاء العادي والطبيعي لأي عقد مهما كانت تسميته وهناك الإنهاء بالإرادة المنفردة لطرفي عقد الشغل هكذا

سنتطرق إلى المبحثين التاليين:
المبحث 1 : إنهاء العقود الفردية .
المبحث 2 : إنهاء العقود الجماعية.

المبحث 1 : إنهاء العقود الفردية .

العقود الفردية ليست عقود خالدة، بل يمكن أن تنتهي وبانتهائها تنتهي الالتزامات المترتبة عن تلك العقود، والإنهاء قد يكون عاما بالنسبة لعقود العمل أيا كان نوعها وأيا كانت مدتها ومنها ما هو خاص بعقود العمل ذات المدة المحددة أو العقد غير محدد المدة هكذا سنتطرق في مطلب أول إلى انتهاء عقد الشغل محدد المدة وفي مطلب تاني إلى عقد الشغل غير محدد المدة .
المطلب 1 : انتهاء عقد الشغل محدد المدة .

إلى جانب الأسباب العامة لانتهاء عقد الشغل محدد المدة توجد الأسباب الخاصة بانتهائه وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( ) هو العقد الذي يعرف كل طرفيه الوقت الذي سينتهي فيه العقد وبالتالي وقت الانتهاء الالتزامات المتولدة عنه وهكذا سنتطرق في هذا الفصلين إلى فقرتين .

الفقرة 1 : انتهاء عقد الشغل محدد المدة .

إن عقد الشغل محدد المدة ينتهي بانتهاء مدته هكذا نصت المادة 33 في فقرتها الأولى على أن [ينتهي عقد الشغل المحدد المدة بحلول الأجل المحدد للعقد أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له .....] يتضح من هذه المادة أن يكون حالات الإنهاء ،معلومة مسبقا للطرفين دون الحاجة إلى الإخطار أو بيان أسباب الإنهاء فعنصر المفاجأة مستبعد مادام وقت إنهائه معلوم ،وإذا أراد أحد الطرفين إنهاء العقد قبل انتهاء مدته فيستوجب دفع تعويض من قبل الطرف الراغب في الإنهاء إلى الطرف الأخر اللهم إذا كان الإنهاء مبرر ومشروع مثل [صدور خطأ جسيم من الطرف الآخر نتيجة قوة قاهرة]وهذا التعويض يعادل مبلغ الأجور المستحقة عن الفترة المتراوحة ما بين انتهاء العقد والأجل المحدد له وهذا ما نصت عليه المادة 33 من المدونة في فقرتها الثانية والثالثة .

يتضح من خلال مراجعة الأحكام المنظمة بشكل مباشر أو غير مباشرة لحالة فسخ هذا العقد قبل انتهاء مدته ضعف الحماية التي يشكو منها الأجير في إطار هذا العقد ( ) فلا يتمتع بأية مهلة إخطار وبالتالي حرمانه من التعويض عن الفسخ الفجائي ( ) وكذلك الأمر بالنسبة للأجير الموسمي الذي قرر القضاء وألا حق له في انداره ( ) والاستغناء عنه بعد إنتهاء الموسم لا يترتب عنه أي تعويض ( ) ويقابل هذا الحرمان في إطار عقد الشغل محدد المدة مبلغ الأجور المتبقية عن مدة الاشتغال فيها وكأن الأجير إشتغلها فعلا وذلك إعمالا لمبادئ المسؤولية العقدية اعتبارا إلى أن المشغل الذي عمد إلى فسخ العقد قبل انتهاء الآجال المتفق عليه وبإرادته المنفردة قد أخل بالتزام عقدي ( ) .

ما يلاحظ أن المدونة لم تراعي الأضرار التي تحتمل أن تمس بالأجير إذا تم فسخها دون أي مبرر مشروع وبالتالي حرمته المدونة من إمكانية استحقاقه التعويض عن الفسخ التعسفي، إلا أنه ما يلاحظ أن المدونة خصصت أحكام استثنائية لإنهاء عقد الشغل المحدد المدة الذي يشتغل في إطاره الوكيل المتحول تعتبر في مجملها أكثر حمائية من تلك المقررة لباقي الأجراء العاملين في إطار هذا العقد.
إن الحالة العادية هي انتهاء عقد الشغل محدد المدة بانتهاء عقد الشغل محدد بانتهاء مدته لكن قد يستمر الطرفان في تنفيد العقد حتى بعد انتهاء مدته، ففي هذه الحالة يتحول إلى عقد محدد المدة ويخضع للقواعد الخاصة بهذا الأخير لأن الطرفين ارتضيا بالاستمرار في هذه الوضعية.
فما هي يا ترى الأثار المترتب عن إنهاء عقد الشغل المحدد المدة .

الفقرة 2 : أثار انتهاء عقد الشغل محدد المدة .

يترتب عن انتهاء عقد الشغل محدد المدة آثار خاصة عندما يتم إنهائه قبل مدته وبإرادة منفردة سواء ، من طرف الأجير أو من طرف المشغل .

أ‌- الانهاء من طرف الأجير .

إذا كان فسخ هذا العقد من جانب الأجير وبصفة غير مبرر يستوجب حساب الضرر الذي أصاب المشغل بسبب شغور المنصب فجأة وكذا سرعة تعويضه بغيره وحينها يبقى المشغل محقا في التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء إعمال الأجير لفسخ العقد بإرادته المنفردة . والقاضي ملزم بإحترام شرط مبلغ التعويض المنصوص عليه في العقد اللهم في حالة غياب هذا الشرط فإن التعويض يأخذ فيه بعين الاعتبار المعتمدة في تقدير تعويض فسخ العقد غير محدد المدة ( ) فماذا عن إنهاء من طرف المشغل ؟

ب‌- الإنهاء من طرف المشغل

مثلما يحق للأجير إنهاء عقد الشغل بإرادتهم يحق للمشغل كذاك إنهاء عقد الشغل المحدد المدة وهو بدوره يتحمل مسؤولية هذا التصرف وذلك بأدائه تعويضا للأجير جراء الضرر الذي أصابه نتيجة هذا الفسخ. وليس هناك أي فرق من الناحية القانونية بين التعويض عن فسخ عقد الشغل المحدد المدة أو غير محدد المدة .
إعمال الفسخ يؤدي إلى التعويض الذي يبقى خاضعا في حالة غياب الشرط الجزائي لظروف كل أجير ومدى عثوره على عمل جديد في أقرب وقت ام لا : وكذا الأجر الذي أصبح يتاقضاه إن كان يقل عن الأجر القديم أو يزيد عنه بالإضافة إلى بقية العناصر الأخرى التي تتخذ أساسا في تقدير التعويض عن فسخ العقد غير محدد المدة هكذا نصت المادة 52 من المدونة (يستحق الأجير المرتبط بعقد شغل غير محدد المدة تعويضا عن فصله بعض قضائه 6 أشهر من الشغل داخل نفس المقاولة بصرف النظر عن الطريقة التي كان يتقاضا بها أجره وعن دورية أدائه هذه المادة متطابقة مع المشاريع السابقة للمدونة مشروع 95 -98-99 .
يتضح أن عقد الشغل محدد المدة لا يخضع من حيث المبدأ إلى التعويض عن سابق الإعلام والذي يبقى مستحقا في عقد الشغل غير محدد المدة فما هي كيفية إنتهاء هذه الأخيرة وما هو أثر انتهائها ؟

المطلب 2 : إنتهاء عقد الشغل غير المحدد المدة.

إن عقد الشغل غير محدد المدة هو الأصل فهو أكثر حماية للأجير من عقد الشغل المحدد المدة خاصة عند مرحلة إنهائه حيث يظل بمنأى عن مخاطر المفاجئة والتعسف في فسخه وإلا إستحق الأجير التعويضات التي يخولها تشريع الشغل في حالتي الفصل الفجائي والفصل التعسفي .بالنسبة لهذا العقد أعطى المشرع الحق لكل من طرفيه في إنهائه بإرادته المنفردة ( ) فالقانون لا يقر قيام علاقة تعاقدية مؤبدة وقد قرر القانون الحق في الإنهاء لكل طرفي العقد إذا إستعمله المشغل فإنه يأخذ صورة الطرد وإذا إستعمله الأجير فإنه يأخذ صورة الاستقالة وهذا ما نصت عليه المادة 34 من المدونة يتضح أنه لإنهاء عقد الشغل غير محدد المدة لا بد من إخطار الطرف الراغب في الإنهاء للطرف الأخر وهذا ما نصت عليه المادة 43/1 من المدونة (يكون إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة منفردة مبنيا على احترام أجل الإخطار ما لم يصدر خطأ جسيم عن الطرف الأخر …) وبالتالي فالحق في إنهاء عقد الشغل غير المحدد المدة ليس مطلقا بل لا بد من استعماله دون أن يترتب عنه أية مسؤولية على من إستعمله وذلك فقط احترام مدة الإخطار المنصوص عليها قانونا أو اتفاقا وإنما أيضا بعدم التعسف في استعمال الحق ( ) .

يتضح مما سبق أن لكل طرف في هذا العقد أن يعمد إلى وضع حد له لكن تحت العديد من التحفظات والشروط التي يجب استنفادها خاصة تلك التي يخضع لها المشغل ومن ضمنها عدم المفاجئة وعدم التعسف في إنهاء هذا العقد أو تلك الإجراءات التي يجب أن يستنفدها الأجير أيضا قبل إنهائه لعقد الشغل بإرادته المنفردة ( ).