جرى الصحافي عبد الرحمان الأشعاري بأسبوعية العدالة والتنمية، حوارا مع عبد السلام أديب حول الجريمة والاجرام ببلادنا، وقد صدر الحوار في العدد 161 بتاريخ 31 أكتوبر 2008، وفي ما يلي نص الحوار، ومقدمة الصحيفة.
أرجع عبد السلام أديب، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط والرئيس السابق لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، في هذا الاستجواب، أسباب انتشار الجريمة والاجرام في المغرب إلى اندثار الأمل لدى الشباب وانقسام المجتمع إلى فئات وغياب المشاركة السياسية المفتوحة والديموقراطية، واستفادة البعض على حساب البعض الآخر نظرا لاقترابهم من المركز السياسي القائم على تقريب الموالين وابعاد المعارضين. وأشار إلى أن وضعا اجتماعيا بهذه الشاكلة من شأنه أن تتصادم فيه المصالح وتختزن فيه الأحقاد وتنفجر فيه مظاهر الحرمان ومحاولات الحفاظ على الذات فيصبح المرء دئبا لأخيه الإنسان يبحث فقط عن فرصة لاقتناصه والإيقاع به، مبينا أن الحد من الجريمة والاجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية فقط وانما بمشروع سياسي واقتصاديي واجتماعي وثقافي يشكل الانسان المغربي محور اهتمامه ويعتبره مصدر كل السلطات ويضع القانون المتولد من ارادة الشعب الحرة فوق الجميع.
* تصاعدت وثيرة الجريمة في المغرب حسب إحصائيات أخيرة صادرة عن وزارة الداخلية، ففي الشهور الأولى من سنة 2007 تصاعدت بنسبة 13%. وأضحت مدينة سلا الأولى في عالم الإجرام على الصعيد الوطني، ماهي في نظركم أفضل المقاربات الحقوقية لتحليل ظاهرة الإجرام والجريمة؟ وهل هناك سياسة أمنية واضحة في المغرب؟
** ظاهرة الجريمة والإجرام عموما هي قديمة قدم الانسانية، ولها دوافع متعددة نفسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، أما إذا حصرنا الظاهرة في بلادنا في الزمن الحالي فهناك الكثير مما يقال، بدءا باندثار الأمل لدى الشباب وانقسام المجتمع الى طبقات وغياب المشاركة السياسية المفتوحة والديموقراطية، واستفادة البعض على حساب البعض الآخر نظرا لاقترابهم من المركز السياسي القائم على تقريب الموالين وابعاد المعارضين. في ظل هذه الأجواء تشكل ما سماه خالد الجامعي يوما ما بالحزب السري. هذا الحزب الملتصق بجهاز السلطة ويتوفر على البطاقة البيضاء لفعل ما يحلوا له مع شرط واحد ووحيد هو الولاء وخدمة المخزن.
في مثل هذا النظام تنتشر الجريمة بجميع مراتبها وأنواعها، سواء تحدثنا عن الرشوة التي أدرك المغرب مرتبة 80 عالميا، وما يرتبط بهذه الرشوة من مظاهر فساد عميقة في الدواليب الإدارية، أو تحدثنا عن انتهاكات حقوق الانسان سواء منها المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تولد هذه الانتهاكات العديد من الاحباطات والمهمشين والفقراء إلى جانب الاثراء بدون سبب والاستحواد على الريوع الاقتصادية وطرد الساكنة القروية نحو المدن وانتشار البطالة والمهمشين والفقراء المسحوقين واتساع رقعة مدن الصفيح وبؤر الفقر في هوامش المدن.
إن وضعا اجتماعيا بهذه الشاكلة من شأنه أن تتصادم فيه المصالح وتختزن فيه الأحقاد وتنفجر فيه مظاهر الحرمان ومحاولات الحفاظ على الذات فيصبح المرء دئبا لأخيه الانسان يبحث فقط عن فرصة لاقتناصه فتنتشر جميع أشكال الجريمة والإجرام. وإذا ما أضفنا إلى ذلك تدهور مستوى التعليم وانتشار الأمية وانحسار دور المثقفين في صياغة مشروع مجتمعي قائم على العدالة والمساواة وانتفاء التفاوت الطبقي واستفادة الجميع من خيرات اقتسام العمل ومن أجل مشاركة سياسية أوسع للجميع تقوم على المبادئ الكونية لحقوق الإنسان والديمقراطية الحقة، فإن مؤشرات الاجرام والجريمة في بلادنا والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية فلا تشكل سوى الشجرة التي تخفي غابة الاجرام.
أما بالنسبة لسؤالك عن مدى وجود سياسة أمنية واضحة في بلادنا، فأعتقد أن ما هو موجود من بنيات وبرامج واليات أمنية يشكل منظومة تستنزف نفسها في الحفاظ على البنيات المخزنية القائمة وتدبير الحياة اليومية التي تعرف تفاقما في مستوى الجريمة والإجرام.
* برأيكم لماذا ؟
** لأن الحد من الجريمة والاجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية فقط وإنما بمشروع مجتمعي سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي يشكل الانسان المغربي محور اهتمامه ويعتبره مصدر كل السلطات ويضع القانون المتولد من ارادة الشعب الحرة فوق الجميع، ويجعل من الصحة والتعليم وحقوق الانسان في متناول الجميع وبدون مقابل.
* ماهي في نظركم أسباب استفحال هذه الظاهرة في المغرب؟
** انطلاقا مما أشرت إليه سابقا فإن احتدام الصراع الطبقي والتسابق وراء الثروات والسلطة والنساء والبحث عن الاغتناء السريع وتدهور منظومة القيم، كلها عوامل متفاعلة تتولد عنها الأفعال الإجرامية النفسية والمدنية والاقتصادية والجنسية والسياسية.
* من برأيكم يتحمل مسؤولية انتشار هذه الظاهرة خاصة وأن الاعتداءات أضحت تطال حتى رجال الأمن؟
** المخزن السياسي الذي لا يريد أن يتنازل للشعب عن السلطة من اجل ممارسة سياسية ديمقراطية تضمن المشاركة للجميع وتعيد توزيع الثروات والخيرات بشكل عادل وتضمن للإنسان المغربي تحقيق ذاته، وتجعل المغاربة يشعرون بأنهم يشتركون في صنع تاريخهم. وأن العدالة هي للجميع سواء كان مواطنا عاديا كما هو الشأن بالنسبة للمواطنين في سيدي افني أو المواطن طارق محب والمواطن حسن اليعقوبي.
* إذن من وجهة نظر حقوقية، كيف يمكن التصدي لظاهرة الإجرام والجريمة ؟
** في ظل النظام المخزني القائم والسياسات الطبقية التي يعتمدها يصعب الحد من الجريمة والاجرام، ويبقى من واجب التنظيمات الحقوقية المطالبة باحترام المواثيق الدولية لحقوق الانسان خصوصا منها تلك التي صادق عليها منذ زمن بعيد كما هو الشأن بالنسبة للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادق عليه المغرب سنة 1979 لكننا نلاحظ الآن مدى تراجع المغرب في تطبيق بنود هذا العهد سواء بالنسبة للحق في التشغيل أو الحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الحياة الكريمة، فاحترام هذه المبادئ من شأنه أن يقلص من مستوى الجريمة والاجرام.
* هل المجتمع المدني قادر على التصدي لهذه الظاهرة ؟
** بطبيعة الحال الجماهير الشعبية هي المسؤولة عن التغيير المنشود، عبر فعالياته المختلفة ومثقفيه، سواء من حيث محاربة الجريمة والاجرام بشكل مباشر وفضح مختلف مظاهره أو من حيث المطالبة المنظمة باستعادة حق تقرير المصير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عبر اقرار الديموقراطية الحقة وجعل الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة.
* يلاحظ أن مشكل الجريمة ينتشر بالخصوص في البوادي والأحياء الشعبية الهامشية، في حين يقل في الأحياء الراقية، كيف تحللون ذلك؟
** لكل وسط في هذا النظام الطبقي جرائمه، فبينما تنطلق أسباب الجرائم في البوادي والأحياء الشعبية الهامشية من وضع الفقر والتهميش ومحاولة الاغتناء السريع، نجد أن الجرائم في الأوساط الراقية تنطلق من التهافت على الثروات والنساء ونزعة التفوق والاستهتار بالانسان المغربي الذي يشتغلون لديهم أو يبحثون عن نزع عقاراتهم لتملكها، كما أن أشكال الجريمة في ظل هذا الوسط الأخير قد تتخذ أشكالا قانونية كما يحدث داخل المؤسسات العمومية من نهب للثروات وهناك أمثلة عديدة عن ذلك كالقرض العقاري والسياحي والقرض الفلاحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ... ثم ان الجرائم السياسية أو الاقتصادية التي ترتكب في وسط الطبقات العليا تكون أعنف ويمكن وصفها بالجرائم ضد الانسانية لأنها تعمق من أوضاع الفقر والحرمان لصالح حفنة من الانتهازيين.
* يعتبر باحثون ومحللون اجتماعيون، أن الأسباب الحقيقية لتنامي ظاهرة الجريمة في المغرب هي الإقصاء والتهميش والبطالة والغلاء في المعيشة، هل برأيكم المقاربة الأمنية قادرة على معالجة ظاهرة الجريمة ؟
** كما أشرت إلى ذلك سابقا تبقى المقاربة الأمنية ثانوية مقارنة بالتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجذري نحو ديمقراطية حقيقية أوسع يجد فيها الإنسان المغربي ذاته.
* في هذا الإطار تتنوع الجرائم التي يعاني منها الشعب المغربي وتختلف، فمنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ماهي في نظركم أقوى وأخطر هذه الجرائم؟
** كلها جرائم خطيرة تستهدف الإنسان في إنسانيته، ولا يمكن الحد منها بدون مشروع مجتمعي يستهدف تغييرا جذريا يعتمد على الحق في تقرير المصير.
أرجع عبد السلام أديب، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط والرئيس السابق لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، في هذا الاستجواب، أسباب انتشار الجريمة والاجرام في المغرب إلى اندثار الأمل لدى الشباب وانقسام المجتمع إلى فئات وغياب المشاركة السياسية المفتوحة والديموقراطية، واستفادة البعض على حساب البعض الآخر نظرا لاقترابهم من المركز السياسي القائم على تقريب الموالين وابعاد المعارضين. وأشار إلى أن وضعا اجتماعيا بهذه الشاكلة من شأنه أن تتصادم فيه المصالح وتختزن فيه الأحقاد وتنفجر فيه مظاهر الحرمان ومحاولات الحفاظ على الذات فيصبح المرء دئبا لأخيه الإنسان يبحث فقط عن فرصة لاقتناصه والإيقاع به، مبينا أن الحد من الجريمة والاجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية فقط وانما بمشروع سياسي واقتصاديي واجتماعي وثقافي يشكل الانسان المغربي محور اهتمامه ويعتبره مصدر كل السلطات ويضع القانون المتولد من ارادة الشعب الحرة فوق الجميع.
* تصاعدت وثيرة الجريمة في المغرب حسب إحصائيات أخيرة صادرة عن وزارة الداخلية، ففي الشهور الأولى من سنة 2007 تصاعدت بنسبة 13%. وأضحت مدينة سلا الأولى في عالم الإجرام على الصعيد الوطني، ماهي في نظركم أفضل المقاربات الحقوقية لتحليل ظاهرة الإجرام والجريمة؟ وهل هناك سياسة أمنية واضحة في المغرب؟
** ظاهرة الجريمة والإجرام عموما هي قديمة قدم الانسانية، ولها دوافع متعددة نفسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، أما إذا حصرنا الظاهرة في بلادنا في الزمن الحالي فهناك الكثير مما يقال، بدءا باندثار الأمل لدى الشباب وانقسام المجتمع الى طبقات وغياب المشاركة السياسية المفتوحة والديموقراطية، واستفادة البعض على حساب البعض الآخر نظرا لاقترابهم من المركز السياسي القائم على تقريب الموالين وابعاد المعارضين. في ظل هذه الأجواء تشكل ما سماه خالد الجامعي يوما ما بالحزب السري. هذا الحزب الملتصق بجهاز السلطة ويتوفر على البطاقة البيضاء لفعل ما يحلوا له مع شرط واحد ووحيد هو الولاء وخدمة المخزن.
في مثل هذا النظام تنتشر الجريمة بجميع مراتبها وأنواعها، سواء تحدثنا عن الرشوة التي أدرك المغرب مرتبة 80 عالميا، وما يرتبط بهذه الرشوة من مظاهر فساد عميقة في الدواليب الإدارية، أو تحدثنا عن انتهاكات حقوق الانسان سواء منها المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تولد هذه الانتهاكات العديد من الاحباطات والمهمشين والفقراء إلى جانب الاثراء بدون سبب والاستحواد على الريوع الاقتصادية وطرد الساكنة القروية نحو المدن وانتشار البطالة والمهمشين والفقراء المسحوقين واتساع رقعة مدن الصفيح وبؤر الفقر في هوامش المدن.
إن وضعا اجتماعيا بهذه الشاكلة من شأنه أن تتصادم فيه المصالح وتختزن فيه الأحقاد وتنفجر فيه مظاهر الحرمان ومحاولات الحفاظ على الذات فيصبح المرء دئبا لأخيه الانسان يبحث فقط عن فرصة لاقتناصه فتنتشر جميع أشكال الجريمة والإجرام. وإذا ما أضفنا إلى ذلك تدهور مستوى التعليم وانتشار الأمية وانحسار دور المثقفين في صياغة مشروع مجتمعي قائم على العدالة والمساواة وانتفاء التفاوت الطبقي واستفادة الجميع من خيرات اقتسام العمل ومن أجل مشاركة سياسية أوسع للجميع تقوم على المبادئ الكونية لحقوق الإنسان والديمقراطية الحقة، فإن مؤشرات الاجرام والجريمة في بلادنا والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية فلا تشكل سوى الشجرة التي تخفي غابة الاجرام.
أما بالنسبة لسؤالك عن مدى وجود سياسة أمنية واضحة في بلادنا، فأعتقد أن ما هو موجود من بنيات وبرامج واليات أمنية يشكل منظومة تستنزف نفسها في الحفاظ على البنيات المخزنية القائمة وتدبير الحياة اليومية التي تعرف تفاقما في مستوى الجريمة والإجرام.
* برأيكم لماذا ؟
** لأن الحد من الجريمة والاجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية فقط وإنما بمشروع مجتمعي سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي يشكل الانسان المغربي محور اهتمامه ويعتبره مصدر كل السلطات ويضع القانون المتولد من ارادة الشعب الحرة فوق الجميع، ويجعل من الصحة والتعليم وحقوق الانسان في متناول الجميع وبدون مقابل.
* ماهي في نظركم أسباب استفحال هذه الظاهرة في المغرب؟
** انطلاقا مما أشرت إليه سابقا فإن احتدام الصراع الطبقي والتسابق وراء الثروات والسلطة والنساء والبحث عن الاغتناء السريع وتدهور منظومة القيم، كلها عوامل متفاعلة تتولد عنها الأفعال الإجرامية النفسية والمدنية والاقتصادية والجنسية والسياسية.
* من برأيكم يتحمل مسؤولية انتشار هذه الظاهرة خاصة وأن الاعتداءات أضحت تطال حتى رجال الأمن؟
** المخزن السياسي الذي لا يريد أن يتنازل للشعب عن السلطة من اجل ممارسة سياسية ديمقراطية تضمن المشاركة للجميع وتعيد توزيع الثروات والخيرات بشكل عادل وتضمن للإنسان المغربي تحقيق ذاته، وتجعل المغاربة يشعرون بأنهم يشتركون في صنع تاريخهم. وأن العدالة هي للجميع سواء كان مواطنا عاديا كما هو الشأن بالنسبة للمواطنين في سيدي افني أو المواطن طارق محب والمواطن حسن اليعقوبي.
* إذن من وجهة نظر حقوقية، كيف يمكن التصدي لظاهرة الإجرام والجريمة ؟
** في ظل النظام المخزني القائم والسياسات الطبقية التي يعتمدها يصعب الحد من الجريمة والاجرام، ويبقى من واجب التنظيمات الحقوقية المطالبة باحترام المواثيق الدولية لحقوق الانسان خصوصا منها تلك التي صادق عليها منذ زمن بعيد كما هو الشأن بالنسبة للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادق عليه المغرب سنة 1979 لكننا نلاحظ الآن مدى تراجع المغرب في تطبيق بنود هذا العهد سواء بالنسبة للحق في التشغيل أو الحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الحياة الكريمة، فاحترام هذه المبادئ من شأنه أن يقلص من مستوى الجريمة والاجرام.
* هل المجتمع المدني قادر على التصدي لهذه الظاهرة ؟
** بطبيعة الحال الجماهير الشعبية هي المسؤولة عن التغيير المنشود، عبر فعالياته المختلفة ومثقفيه، سواء من حيث محاربة الجريمة والاجرام بشكل مباشر وفضح مختلف مظاهره أو من حيث المطالبة المنظمة باستعادة حق تقرير المصير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عبر اقرار الديموقراطية الحقة وجعل الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة.
* يلاحظ أن مشكل الجريمة ينتشر بالخصوص في البوادي والأحياء الشعبية الهامشية، في حين يقل في الأحياء الراقية، كيف تحللون ذلك؟
** لكل وسط في هذا النظام الطبقي جرائمه، فبينما تنطلق أسباب الجرائم في البوادي والأحياء الشعبية الهامشية من وضع الفقر والتهميش ومحاولة الاغتناء السريع، نجد أن الجرائم في الأوساط الراقية تنطلق من التهافت على الثروات والنساء ونزعة التفوق والاستهتار بالانسان المغربي الذي يشتغلون لديهم أو يبحثون عن نزع عقاراتهم لتملكها، كما أن أشكال الجريمة في ظل هذا الوسط الأخير قد تتخذ أشكالا قانونية كما يحدث داخل المؤسسات العمومية من نهب للثروات وهناك أمثلة عديدة عن ذلك كالقرض العقاري والسياحي والقرض الفلاحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ... ثم ان الجرائم السياسية أو الاقتصادية التي ترتكب في وسط الطبقات العليا تكون أعنف ويمكن وصفها بالجرائم ضد الانسانية لأنها تعمق من أوضاع الفقر والحرمان لصالح حفنة من الانتهازيين.
* يعتبر باحثون ومحللون اجتماعيون، أن الأسباب الحقيقية لتنامي ظاهرة الجريمة في المغرب هي الإقصاء والتهميش والبطالة والغلاء في المعيشة، هل برأيكم المقاربة الأمنية قادرة على معالجة ظاهرة الجريمة ؟
** كما أشرت إلى ذلك سابقا تبقى المقاربة الأمنية ثانوية مقارنة بالتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجذري نحو ديمقراطية حقيقية أوسع يجد فيها الإنسان المغربي ذاته.
* في هذا الإطار تتنوع الجرائم التي يعاني منها الشعب المغربي وتختلف، فمنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ماهي في نظركم أقوى وأخطر هذه الجرائم؟
** كلها جرائم خطيرة تستهدف الإنسان في إنسانيته، ولا يمكن الحد منها بدون مشروع مجتمعي يستهدف تغييرا جذريا يعتمد على الحق في تقرير المصير.