التقييم :
نلاحظ أن مدونة التأمين الجديدة الصادرة بمقتضى ظهير 3 أكتوبر 2002 قانون رقم 99/17 لم تأت بجديد بالنسبة لصندوق مال الضمان ، إذ جاءت مكرسة لهيمنة وزير المالية ، المتمثلة أساسا في سلطة تعينيه لأغلبية أعضاء المجلس الإداري ، إضافة إلى مندوب الحكومة وتمتعه برقابة قوية على أعضاء الصمدوق وكذا أعماله، وتدخله كذلك بالحسم في قرارات المجلس الإداري خاصة منها المالية.
مما يحد من استقلالية الصندوق باعتباره مؤسسة شبه عمومية، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري ولا يحق لوزير المالية، ممثل للحكومة، تعيين ممثلي شركات التأمين الخصوصية، التي كان على المشرع ترك أمر تعينهم لها وحدها فقط.
مما يؤدي إلى عرقلة قراراته والانحراف بصندوق مال الضمان من مؤسسة شبه عمومية إلى مؤسسة شبه خصوصية أو خصوصية، كشركة خاصة رئيسها وزير المالية، والمحاسب فيها هو مندوب الحكومة ، ورئيس الورشة هو رئيس الصندوق ،بمعنى أصبح صندوق مال الضمان غير تابع لا للحكومة ولا لشركات التأمين وإنما لوزير المالية فقط.
*كما أن تشكلته يغلب عليها ممثلو شركات التأمين قي غياب واضح لممثلين عن الضحايا أو المجتمع المدني ، تكون مهمتهم هي الدفاع عن مصالح الفئة المتضررة والضعيفة في مواجهة ممثلي شركات التأمين داخل المجلس الإداري للضغط عليه لتنفيذ التعويضات المحكوم بها لصالح الضحايا.
مما يجعل قرراته المالية خالية من الحوار والمناقشة وبدون قيمة أو فعالية ومعيبة وغير متوازنة.
*وتقترح للخروج من هذه الثغرات بصفة عامة أن يكون الصندوق متكونا من .
أولا : ممثلو شركات التأمين.
ثانيا : أعضاء محايدين: كممثلين للوزارات الأخرى كالنقل والتجهيز والعدل وذلك لتحقيق التوازن.
ثالثا: ممثلين عن الضحايا أو جمعيات حقوقية للدفاع عنهم لخلق الحوار والمناقشة وإعطاء قيمة لقراراته .
ويجب أن يعين هؤلاء كلهم من الجهة التي يمثلونها وليس من طرف وزير المالية وذلك من أجل سحب بساط هيمنته عليهم في التعيين والرقابة والحسم في قرارات المجلس.
إضافة إلى هؤلاء مندوب الحكومة ورئيسه .
*كما يؤاخذ على المشرع كونه لم يقم بالحسم في تعويض ضحايا المركبات البرمائية والطائرات الصغيرة وترك الفقه يتخبط في جداله ، وكان عليه الحسم بالتعويض لضحايا المركبات البرمائية على الأقل.
*كما اشترط للتعويض أن يكون الضرر بدنيا دون الضرر المادي في حين نجد أن المشرع الفرنسي يعوض عليه ولو بصفة جزئية .
*اشترطه محضر رسمي ثابت التاريخ يحرره ضباط الشرطة القضائية وإغفاله لحالة عدم وجودهم أو وجودهم في عطلة كقائد في منطقة نائية ، بمعنى عدم إعطائه لطرق أخرى للإثبات كشهادة الشهود مثلا.
*كما يؤاخذ على التعديلات عدم وضوح النص المنظم للإجراءات المسطرية وطول مدتها مما يؤدي إلى طوال الآجال بالنسبة للتعويض، وكان علي المشرع تحديدها وتعينها ليسهل سلوكها عوض غموضها.
*عدم وجود وسيلة لإجبار الصندوق على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في حقه، مما يؤدي إلى تملصه من التعويض بدعوى كونه مرفق من مرافق القانون العام لا يجوز الحجز أو التنفيذ على أمواله، وكان عليه أن يقرر غرامات تهديديه على الأقل إذا كنا نؤمن باستحالة الحجز أو التنفيذ عليه.
والملاحظ من التعديل الأخير ومما سبق أن المشرع ليس في نيته تحقيق الإصلاح، لأن الإصلاح يعني كثرة التعويضات على الصندوق ومنه ارتفاع حجم نفقاته مما قد يـؤدي إلى عـدم كفـاية موارده أو حدوث عجز مالي له، وإذا كنـا كحقوقيين نطالب بإصلاح أجهزته ومسطرته لتسهيل ولوجه فإن الإصلاح لو تحقق فعلا في التعديل الأخير لكنا نطالب حاليا بالزيادة في موارده لتفادي عجزه المالي، وهذا مالا يريدنا المشرع الوصول إليه من وراء عدم اصطلاحه، وكذلك الممولون له خاصة شركات التأمين لأنه سيقلص من أرباحها ويزيد من تكاليفها.
وخلاصة القول أن التعديلات جزئية ومنصبه على الجانب الشكلي الهيكلي والمتمثلة أساسا في تخفيض عدد أعضائه من أربعة عشر إلى تسعة أعضاء وإغفالها للجانب الوظيفي الاجتماعي الأساسي في تفعيل دوره.
ومع ذلك يبقى صندوق مال الضمان من أهم المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي التي يجب تفعيله دورها، إذ تقوم بتعويض ضحايا حوادث العربات ذات محرك وذلك عند جهل مرتكباتها أو عدم تأمينه أو في حالة ما أثيرت في حقه دفوع وبالتالي ضـامـن من لا ضـامـن ولا ضمـان لـه.