الزنا في التشريع الجنائي الإسلامي
تمهيد:
أن الزنا جريمة من أبشع الجرائم لما لها من اثأر سيئة علي الفرد والمجتمع فهي من ناحية أولي تؤدي إلي اختلاط الأنساب التي عني بحفظها الإسلام وحرم من التلاعب فيها ومن ناحية ثانية تؤدي إلي كشف العورات التي أمرنا الله سبحانه وتعالي وكذلك سيد المرسلين خير خلق الله علي الأرض بسترها وعدم كشفها
فقال الله سبحانه وتعالي في كتابة الكريم "ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا"(1) "
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"(2)
فالإسلام حرم الانحراف عن السلوك القويم والذي يمثل خروجا عن الفطرة السليمة التي فطر الله الإنسان عليها ولما كان الزنا يمثل واحد من اشد تلك الانحرافات فكان العلاج القويم عن عند الله سبحانه وتعالي لتلك الفعلة الشنعاء فشرع سبحانه العلاج لم تسول له نفسه ارتكاب الفاحشة وانتهاك المحارم حتى ينتهي عن ذلك ويكون عبرة لم غيرة من من يعتبرون ولهم قلوب يفقهون بها.
وبهذه الطريقة يحارب الإسلام الانحرافات , ويضع لها الحدود الرادعة التي تتناسب مع خطورة الذنب ووقاية للجماعة الإنسانية من الضياع والفساد
فالشريعة الإسلامية تعاقب علي الزنا باعتباره مساسا بكيان الجماعة وسلامتها إذا انه اعتداء شديد علي نظام الأسرة والأسرة هي الأساس الذي تقوم علية الجماعة لان في إباحة الزنا إباحة للفاحشة وهذا يؤدي إلي هدم الأسرة ثم إلي فساد المجتمع وانحلاله والشريعة تحرص اشد الحرص علي بقاء الجماعة متماسكة قوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الإسراء الآية 32
(2) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي سيد احمد سند طبعة 2002-2003 ص 187
وعلي العكس من ذلك تماما نجد إن القانون المصري يأتي بدورة ليبيح الزنا ولكن في ثوب التحريم فالقانون يعرف جريمة الزنا ولكن مغايرة لما عرفها الدين الحنيف فالقانون يفرق في المعاملة بين الزوج والزوجة فيما يعتبر زنا بالنسبة لكل منها كما غاير بينهما
في العقوبة وان كنت استحي عندما أصفها بأنها عقوبة.
فضلا عن أن القانون يعتبر إن الرضا بين طرفي العلاقة ألاثمة يخرج الواقعة من نطاق التجريم ليدخلها إلي نطاق المشروعية. والأعجب من ذلك أن القانون أعطي للزوج الحق في إسقاط التهمة عن زوجته الزنا إذا أعلن رضاءه بما حدث وله أيضا إسقاط العقوبة بعد صدورها عنها علي النحو المتقدم أليس هذا عجيب .
فالله سبحانه وتعالي ما حرم الزنا وما فرض له من العقوبات الرادعة إلا من اجل منع إفساد الفراش وهتك الإعراض وضاعة الأنساب واختلاطها فالحدود عامة وحد الزنا خاصة دواء شاف وعلاج ناجح لما يصيب المجتمع من الإمراض الأخلاقية الخطيرة والإمراض النفسية الفتاكة التي تهتك المجتمع وتنخر في جسده وتمزق أوصاله وتؤدي به إلي الهاوية .
لذلك كانت حكمة الله سبحانه وتعالي من تحريم الزنا وفرض العقوبات الرادعة لمقترفيه فقال تعالي في كتابة الكريم " والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(3)
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة"
وسوف أتناول هذا الموضوع إن شاء الله تعالي في خمسة مباحث في المبحث الأول نبين ماهية الزنا كما أوردها فقهاء الشريعة الإسلامية ثم نتناول في المبحث الثاني أركان جريمة الزنا وذلك في مطلبين في الأول نتناول الركن المادي للجريمة والمتمثل في فعل الوطء المحرم والثاني القصد الجنائي ثم ننتقل في المبحث الثالث للتعرف علي الأدلة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)سورة النور الاية 2
الشرعية لإثبات الزنا وذلك في ثلاث مطالب في المطلب الأول الإقرار والثاني الشهادة والثالث القرائن ثم ننتقل بعد ذلك لتناول في المبحث الرابع عقوبة جريمة الزنا كما بينها لنا الحبيب محمد صلوات الله علية أما في المبحث الخامس نتناول كيفية تنفيذ العقوبة ومن هو شخص القائم علي التنفيذ والشبهات التي تعتري جريمة الزنا وتدرأ الحد عن مقترفها
المبحــث الأول
ماهية الزنا
لم تتفق كلمة الفقهاء علي تعريف موحد لما يعد زنا يستوجب الحد والمرجع في ذلك الاختلاف إلي اختلافهم في الأركان والعناصر والشروط الواجب توافرها حتى يصح وصف الفعل بأنه زنا وذلك علي النحو التالي:
يعرف فقهاء المالكية الزنا بأنه وطء مكلف آدمي لا ملك له في باتفاق تعمدا. وعند فقهاء الحنفية بأنه وطء الرجل المرأة في غير الملك وشبة الملك . أما الشافعية فان الزنا عندهم يعني إيلاج الذكر بفرج محرم لعينة خال من الشبهة مشتهي طبعا. ويعرفها الحنابلة بأنها فعل الفاحشة في قبل أو دبر . الزيديون يعرفونه بأنه إيلاج فرج في فرج حي محرم أو دبر بلا شبهة. ويعرفها الظاهرية بأنه وطء من لايحل النظر إلي مجردها مع العلم بالتحريم أو هو وطء محرم العين.( 4)
ويعرفها بعض الفقه بأنها وطء مكلف في فرج امرأة مشتهاة خال عن الملك وشبهته ويثبت به حرمة المصاهرة نسبا أو رضاعة
ومع هذا الاختلاف الظاهر بين الفقهاء حول تعرف الزنا إلا أنهم متفقون في إن الزنا هو الوطء المحرم المتعمد .
ولما كانت جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي ترتكب ضد الشرف والأخلاق والفضيلة والكرامة وتؤدي إلي تقويض بناء المجتمع وتفتيت الأسرة واختلاط الأنساب وقطع العلاقات الزوجية وسوء تربية الأولاد بل تفضي إلي ضياء الطفل الذي هو ثمرة تلك العلاقة ألاثمة الذي ليس له ولد يربيه وإلام بمفردها لا تستطيع تربيته بمفردها او القيام بشئونه لقصور يدها فيشب علي أسوء الأحوال ويصير عضوا فاسدا في المجتمع ينشر الحقد والبغضاء ويبث الفساد والإجرام لأنه ثمرة جريمة من أبشع الجرائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 349
فجريمة الزنا من اخطر أمور الحياة كلها بل أشدها تعلقا بنظامنا ودوام سعادتها وتماسكها وترابطها ولذلك اهتم الشارع الحكيم بهذا الحد اكبر اهتمام صونا للحياة من الانهيار وحفظ للروابط الأسرية مما يتهددها من بلاء وإخطار .
فالزنا فاحشة ورد بتحريمها والنهي عنها نصوص في القران الكريم وألسنه النبوية المطهرة .
فقال تعالي في كتابة الكريم" ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا"(5) وقال تعالي" والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(6) وقال جل شانه " والذين لا يدعون معا لله ألها أخر. ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا الحق. ولا يزنون"(7) وقال تعالي " والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فأنهم غير ملومين فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون" (8)
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة" وقال " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"
فضلا عن إن حفظ النسل من المقاصد التي جاء الإسلام لحفظها وصونها ولا يغني عن ذلك ما قد يأتي من نسل كثمر لتلك العلاقات الجنسية المحرمة فهذا النسل الضالة هويته يكون أكثر وبالا علي جماعة المسلمين فمنهم يأتي المجرمين والمنحرفين الذين يهددون امن المجتمع واستقراره فالشارع هو مدرستهم والمنحلون خلقيا هم نموذجهم وقدوتهم(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5)سوره الإسراء الآية 32
(6) سورة النور الآية 2
(7) سورة الفرقان الآية 68
(8) سورة المؤمنون الآيات من 5 إلي 7
(9) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي سيد احمد سند طبعة 2002-2003 ص 188
لذلك كله الزنا معاقبا علية في جميع الجوال سوء تم برضاء طرفيه أو من تربطهم بهم صلة زوجية أو بدون هذا الرضاء فهو حد ذات عقوبة مقدرة تجب حقا خالصا لله تعالي.
المبحــث الثاني
أركان جريمة الزنا
لجريمة الزنا وكما هو متعارف علية فقهيا إن لها ركنين الركن المادي والركن المعنوي وهذا ما سوف نتناوله إن شاء الله في هذا المبحث في مطلبين نتحدث في المطلب الأول الركن المادي والمتمثل في ركن الوطء المحرم ونتناول في المطلب الثاني القصد الجنائي للجريمة وذلك علي التفصيل التالي:
المطــــــلب الأول
الوطء المحرم
يتحقق الركن المادي في الزنا بوطء الرجل لامرأة لا تحل له أي إتيانها في غير ملك أو شبهة ملك .
فالوطء المعتبر زنا هو الوطء في الفرج بحيث يكون الذكر ففي الفرج كالميل في المكحلة , ويكفي لاعتبار الوطء زنا إن تغيب الحشفة في الفرج أو مثلها إن لم يكن بذكر حشفة ولا يشترط في الرأي الراجح إن يكون الذكر منتشرا.
وإدخال الحشفة أو قدرها يعتبر زنا ولو دخل الذكر في هواء الفرج ولم يمس جدره كما يعتبر زنا سواء حدث إنزال أو لم يحث.(10)
ويعتبر إن الوطء زنا ولو كان هناك حائل بين الذكر والفرج مادام هذا الحائل خفيفا لا يمنع الحس واللذة.
والقاعدة إن الوطء المحرم المعتبر زنا هو الذي يحدث في غير ملك, فكل وطء من هذا القبيل زنا عقوبته الحد ما لم يكن هناك مانع شرعي من هذه العقوبة , أما إذا حدث الوطء أثناء الملك فلا يعتبر هذا الفعل زنا ولو كان الوطء محرما لان التحريم في هذه الحالة عارض خاص .(11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10)(11) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 350&351
فالجريمة تقوم كاملة ويعاقب عليها حدا بالإيلاج , أي بإدخال ذكر الرجل في فرج الانثي من القبل وليس بلازم إدخال كامل الذكر فيكفي إن تغيب الحشفة كما ذكرنا .
إما ما دون فعل الإدخال للذكر علي النحو المتقدم فانه لا يعتد زنا يحد فيه وإنما معصية يعزز عليها ومن ذلك تقبيل المرأة الأجنبية واحتضانها ومفاخذتها ومباشرتها خارج الفرج ولو بإنزال والخلوة غير الشرعية بها في أية صورة فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال " لا يخلون أحدكم بامرأة ليست بمحرم فان ثالثهما الشيطان".
وإذا كان الزنا المعاقب علية حدا لا يقع إلا بفعل الوطء وكان هذا الفعل الأخير لا يتحقق إلا بإدخال حشفة الذكر أو مثلها في فرج الانثي فأنة لا يكون متصورا الوقوع إلا كاملا فلا شروع في الزنا لان كل ما يعد شروعا بالمفهوم الجنائي الوضعي من أفعال ما تقدم للزنا وتمهد له يعتبر في نظر الشريعة جريمة تعزيزيه تامة كما هو الحال في أفعال التقبيل المؤاخذة والاحتضان وغيرها من ما سبق ذكره.
ومتى يتحقق فعل الوطء كن بصدد جريمة الزنا ولو وقع الفعل من طرفيه طواعية واختيار فلا يبيح الزنا رضا الزانية والزاني بها لان الجريمة من الحديد التي تجب حقا خالصا لله تعالي وليس لأحد أن يحلل ما حرم الله (12)
الوطء في الدبر
يستوي عند المالكية والشافعية والحنابلة والشيعة والزبدية أن يكون الوطء المحرم في قبل أو دبر من رجل أو أنثي ويشاركهم في هذا الرأي محمد وأبو يوسف من أصحاب الإمام أبي حنيفة وحجتهم في التسوية ان الوطء في الدبر مشارك للزنا في المعني الذي يستدعي الحد وهو الوطء المحرم فهو داخل تحت الزنا دلاله فضلا عن إن القران الكريم سوي بينهما فقال جل شانه لقوم لوط " إنكم لتاتون الفاحشة " وقال " إنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء " وقال " الأتي يأتين الفاحشة من نسائكم" وقال " واللذان يايتانها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12)التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي السيد احمد ص 191
منكم فأذوهما " فجعل الوطء في الدبر فاحشة والوطء في القبل فاحشة وروي أبو موسي
الأشعري ان رسول الله علية وسلم قال " إذا أتي الرجل الرجل فأنهما زانيان وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيان.
ويري أبو حنيفة ان الوطء في الدبر لا يعتبر زنا سواء أكان الموطوء ذكرا او انثي وحجته ان الإتيان في القبل يسمي زنا والإتيان في الدبر يسمي لوطا واختلاف الاسامي دليل علي اختلاف المعاني فضلا عن ان الزنا يؤدي الي اختلاط الأنساب وتضيع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
وطء الزوجة في دبرها
ومن المتفق علية ان إتيان الزوجة في دبرها لا يعاقب علية بعقوبة الحد لان الزوجة محل للوطء ولان الرجل يملك وطء الزوجة .
ولكن الفقهاء اختلفوا في تكيف الفعل فيري احمد ومحمد وابويوسف من أصحاب ابوحنيفة ان الفعل زنا يعاقب علية بعقوبة الحد ولكن هذه العقوبة تدرأ لشبهة الملك ولان للاختلاف في حلية الفعل ومن ثم يعاقب علي الفعل عقوبة تعزيزه
ويري المالكيون والشافعيون والشيعة والزيديون ان الفعل لا يعتبر زنا لان الزوجة محل لوطء الزوج وللزوج ان يستمتع بها ولكنهم يرون ان الفعل محرم ويستحق فاعلة عقوبة تعزيزيه
ويري ابوحنيفة ان الفعل لا يعتبر زنا لما سبق من أسباب بل هو معصية ويستحق فاعلة التعزيز وكذلك الأمر عن الظاهرين
وطء الأموات
وطء المراه الأجنبية الميتة لا يعتبر زنا عن ابوحنيفة وكذلك استدخال المراه ذكر الأجنبي الميت في فرجها وهذا القول رأي في مذهب الشافعي واحمد والقائلون بذلك يوجبون التعزيز في الفعل وحجتهم في ذلك ان الوطء في الميتة او من الميت كلآ وطء لان عضو الميت مستهلك ولأنه عمل تعافه النفس ولا يشتهي عادة فلا حاجة الي الزجر علي الفعل والحد إنما يجب للزجر وعلي هذا الرأي الشيعة والزيدية.
والرأي الثاني في مذهب الشافعي واحمد يقوم علي ان الفعل يعتبر زنا يجب فيه الحد إذ لم يكن بين زوجين لأنه وطء محرم لأنه أعظم من الزنا وأكثر إثما حيث انضم الي الفاحشة انتهاك حرمة الميت وأصول الظاهرية تقتضي ان يكون رايهم متفقا مع هذا الرأي.
ويري الإمام مالك ان من أتي ميتة في قبلها او دبرها حال كونها غير زوج له فأنة يعتبر زانيا ويعاقب بعقوبة الزنا
وطء البهائم
ووطء البهائم والحيوانات لا يعتبر زنا عن مالك ابوحنيفة ولكنه معصية يجب فيها التعزيز وفي حكمة ان تمكن المرأة حيوانا من نفسها ولا يرون الفعل زنا لان اعتباره كذلك يوجب فيه عقوبة الحد وهي مشروعة للزجر وإنما يحتاج للزجر فيها طريق منفتح سالك وهذا ليس كذلك لأنه لا يرغب فيه العقلاء .
والشافعي واحمد رأيان راجحان يتفق مع رأي مالك ابوحنيفة والرأي الثاني هو اعتبار الفعل زنا ولكنه يعاقب علية بالقتل في كل الأحوال وسندهم في ذلك ما روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم " ومن أتي بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة".
وبعض الشافعية يعتبرون الفعل زنا قياسا علي إتيان الرجل المرأة ويجعلون عقوبة المحصن الرجم وعقوبة غير المحصن الجلد والتعذيب وهذا الرأي يراه بعض الشافعية وهو الرأي الراجح عن والزيديون والشيعة وان كان بعضهم يري ما يراه ملك ابوحنيفة.
وطء الصغير والمجنون امرأة أجنبية
لا حد علي الصغير او المجنون الذي يطء امراة أجنبية لعدم أهليتها اذا الصغير لا يؤخذ بالحد الا بعد بلوغه والمجنون لا يؤخذ بالحد إلا في حاله إفاقته فضلا عن ان الصغير يعزز علي الفعل ان كان مميزا(12/2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12/2) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 356&357
موضوع الوطء
أوضحنا سلفا أن ألوطا الذي تقوم به جريمة الزنا يتحقق بإدخال حشفة الذكر أو مثلها في فرح أنثي من القبل وعلي ذلك فان موضع الوطء في الزنا هو قبل الانثي وليس دبرها أو أي موضع أخر فيها فلا يعد الزنا إتيان الرجل لرجل في الدبر والذي يعرف باللواط ولا يعد الزنا كذلك إتيان المرأة للمرأة والذي يعرف بالساحق وليس بزنا أيضا مباشره الرجل بانثي لا يتصور أن تكون موضعا للوطء كالصغيرة التي لا يمكن وطؤها .
إما وطء المرات الأجنبية في الدبر فهو موضع خلاف عند الفقهاء فالإمام مالك والشافعي
واحمد والشيعة والذيدية يستوي عندهم أن يكون الوطء في قبل او دبر وحجتهم في التسوية إن الوطء في الدبر مشارك للذنا في المعني الذي يستدعي الحدود وهو الوطء المحرم (13)
إما الإمام ابوحنيفة فلا يعتبر الوطء في الدبر زنا سواء كان الموطوء ذكر أو أنثي إنما لواطا يستحق فاعله التعزيز .
ويري الدكتور نجاتي السيد احمد إن الرأي للإمام أبو حنيفة أولي بالإتباع فيما انتهي إليه لتوافقه مع المعني الشرعي للزنا (14)
أما إذا وطء الرجل زوجته في الدبر فانه لا خلاف للفقها في اعتبار الفعل زنا لوجود شبهه الملك التي تدرء الحد وان كانوا قد اختلفوا في حرمته أو حله وفي نوع العقاب الواجب
ونخلص مما يتقدم إلي أن محل الوطء في الزنا هو فرج (قبل) أنثي أدميه حيه وعلي ذلك فانه لا يعد زني الوطء في قبل أنثي ميتة ووطء البهائم وكذلك استمناء الرجل بيد أمراه أجنبيه أو ادخل إصبعه في فرجها فان كل ما سبق يعتبر من الجرائم التعزيزيه (15)
ولا يكون الوطء محرما علي النحو ألازم لاعتباره من الزنا الذي يجب فيه الحد إلا إذا انعدم الملك وشبه الملك معا في العلاقة بين الوطء والموطوءة فإذا تحقق أيا منهما انتفي عن الواقعة وصف الزنا الواجب الحد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13)(14)(15)التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبد القادر عوده ص 352&353&354
المطــــــلب الثاني
القصد الجنائي
ويشترطون في جريمة الزنا أن يتوافر لدي الزاني أو الزانية نية العمد أو القصد الجنائي ويعتبر القصد الجنائي متوافرا إذا ارتكب الزاني الفعل وهو عالم انه يطء أمراه محرمه عليه أو إذا مكنت الزانية من نفسها وهي تعلم إن من يطأها محرم عليها فان أتي احدهم الفعل متعمدا وهو لا يعلم بالتحريم فلا حد عليه كمن زفت إلي غير زوجها فوطئها
علي أنها زوجته أو كمن زفت إلي غير زوجها مكنته من نفسها معتقده انه زوجها أو كمن وجد في فراشه أمراه فوطئها علي أنها زوجته أو كمن وجدت في فراشها رجا فمكنته علي انه زوجها وكمن تزوجت ولها زوج أخر كتمته عن زوجها الأخير فلا مسؤولية علي الزوج الأخير مادام لا يعلم بالزواج الأول وكمن مكنت مطلقها طلاقا بائنا وهي لا تعلم انه طلقها .
ويشترط أن بعاصر القصد الجنائي إتيان الفعل المحرم فمن قصد أن يزني بامراه ثم تصادف إن وجدها في فراشه فاتاها علي أنها امرأته فلا يعتبر زانيا لانعدام القصد الجنائي وقت الفعل وكذلك لو قصد إتيان أمراه أجنبيه فأخطأها واتي امرأته فانه لا يعتبر زانيا ولو كان يعتقد انه يأتي الاجنبيه لان الوطء الذي حدث غير محرم .
والأصل في الشريعة الإسلامية انه لا يحتج في دار الإسلام بجهل الإحكام فلا يقبل من احد إن يحتج بجهل تحريم الزنا وبالتالي انعدام القصد الجنائي لديه ولكن الفقهاء يبيحون استثناء الاحتجاج بجهل الإحكام بمن لم تيسر له ظروفه العلم بالإحكام كمسلم قريب العهد بالإسلام لم ينشاء في دار الإسلام وتحتمل ظروفه أن يجهل التحريم أو كمجنون أفاق وزنا قبل أن يعلم بتحريم الزنا ففي هاتين الحالتين وأمثالهما يكون الجهل بالإحكام عله لانعدام القصد الجنائي .
وإذا ادعي الجاني الجهل بفساد نوع من أنواع النكاح أو بطلانه مما يعتبر الوطء فيه زنا فيري البعض إن لا يقبل احتجاجه بجهل الحكم لان فتح هذا الباب يؤدي إلي إسقاط الحد ولان المفروض في كل فرض إن يعلم ما حرم عليه ويري البعض قبول الاحتجاج لان معرفه الحكم تحتاج لفقه وتخفي علي غير أهل العلم ومن أمثله ذلك امرأة تزوجت في عدتها في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فلما عرض عليه الأمر قال هل علمتها ؟ فقالا :لا فقال لو علمتها لرجمتها فجلدها اسواطا ثم فرق بينهما واتت أمراه إلي علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقالت إن زوجي زنا بجاريتي فقال الزوج صدقت هي ومالها لي حل فدرا علي عن الرجل الحد بادعائه الجهالة (16)
مما سبق يتضح انه يجب إن يتوافر في حق كلا من الزاني والزانية عنصرا العمد وهما العلم والإرادة .والعلم ينصب علي وجود نص شرعي يحرم الزنا وهو أمر مفترض علي ما بينا سلفا كما يلزم أن ينصب العلم كذلك علي العناصر المكونة لجريمة الزنا فإذا انتفي العلم بعنصر منهما نتيجة الجهل به أو الغلط فيه فانه ينتفي القصد ومن ثم الركن المعنوي مما يستتبع المسؤولية الجنائية .
ولا يكفي العلم وحده بقيام القصد الجنائي وإنما يلزم فضلا عن ذلك توافر الإرادة الحرة
في إتيان الوطء المحرم فإذا انتفت هذه الإرادة الحرة فلا وجود للقصد اللازم لقيام الركن المعنوي واستحقاق المسائلة الجنائية .
فلا حد علي من كان قد اكره علي الزنا ذكرا كان أو أنثي لقول النبي (صلي الله عليه وسلم) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فقد روي أن أمراه أكرهت علي الزنا في عهد الرسول (صلي الله عليه وسلم) فعفا عنها وعاقب من اكرهها . (17)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(16) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 374&375
(17) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 202
المبحــث الثالث
إثبات جريمة الزنا
نتناول في هذا المبحث أدله الثبوت في جريمة الزنا والعقوبة المقررة شرعا للزاني والزانية بعد أن يثبت الوطء المحرم في حقهما وذلك علي النحو التالي فنتناول في المطلب الأول الشهادة وفي المطلب الثاني الإقرار.
قال الفقيه ابن رشد "واجمع العلماء علي أن الزنا يثبت بالإقرار وبالشهادة واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء الغير متزوجات وقال الكثاني "وأما بيان ما تظهر به الحدود عند القاضي فنقول وبالله التوفيق الحدود كلها تظهر بالبينة والإقرار لكن عند استجماع شرائطها .(18)
المطلب الأول
البينة (الشهادة)
يثبت الزنا بشهادة الشهود علي أنهم رأوا وتحققوا من واقعه الوطء المحرم بأنفسهم ويشترط في الشهود الذين تثبت بشهادتهم جريمة الزنا ما يلزم توافره من شروط بوجه عام في الشهادة علي الحدود من حيث البلوغ والعقل والإسلام والعدالة والحفظ والحرية والذكورة والنطق والإبصار .(19)وذلك علي التفصيل التالي:
أولا البلوغ:يشترط في الشاهد ان يكون بالغا فإذا لم يكن كذلك فلا تقبل شهادته ولو كان في حاله تمكنه من ان يعي شهادته ويؤديها ولو كان من أهل العدالة
ثانيا: العقل: كما يشترط في الشاهد ان يكون عاقلا والعاقل هو من عرف الواجب عقلا والضروري وغيرة والمنتفع والممكن وما يضره وما ينفعه غاليا فلا تقبل شهادة مجنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18)(19) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 202
او معتوه ولكن تقبل الشهادة ممن يجدن أحيانا اذا أداها في حاله افاقتة فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال" رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق كما ان شهادة المجنون لا تقبل للمعني المانع من قبول شهادة الصبي
ثالثا:الحفظ: ويشترط في الشاهد ان يكون قادرا علي حفظ الشهادة وفهم ما وقع بصرة علية مأمونا علي ما يقول فان كان مغفلا فلا تقبل شهادته ويلحق بالغفلة أيضا كثرة الغلط والنسيان ولكن تقبل شهادة من يقل منه الغلط لان أحدا لا ينفك عنه الغلط
رابعا: النطق: يشترط في الشاهد ان يكون قادرا علي الكلام فان كان اخرس فان الفقهاء لهم أقوال في تلك الحالة
فذهب الإمام مالك الي قبول شهادة الأخرس اذا فهمت اشارتة وفي مذهب الإمام احمد يرون عدم قبول شهادة الأخرس اذا كانت إشارته مفهومة الا اذا كان يستطيع الكتابة فادي الشهادة بالكتابة ففي هذه الحالة فتقبل شهادته إما الإمام ابوحنيفة فيري عدم مقبول شهادة الأخرس سواء أكانت بالإشارة او بالكتابة وفي مذهب الإمام الشافعي هناك خلاف منهم من يري قبول شهادة الأخرس لان إشارته كعبارة الناطق في النكاح والطلاق فكذلك في الشهادة ومنهم من يري أنها لا تقبل لان إشارته أقيمت في مقام العبارة في موضع الضرورة وقد أقيمت في موضع النكاح والطلاق لأنهما لا يستفيدان الا من جهته ولا ضرورة تدعوا الي قبول شهادته في الشهادة لأنها تصح من غيرة بالنطق
خامسا: الرؤية: ويشترط في الشاهد ان يري ما يشهد به فان كان الشاهد اعمي فقد اختلف الفقهاء في مدي قبول شهادته فالحنفيون لا يقبلون شهادة العامي لان أداء الشهادة يحتاج الي ان يشير الي المشهود له والمشهود علية ولان الاعمي لا يميز الا بالنغمة وفي التميز به شبهه وهم لا يقبلون شهادة الاعمي وقت الشهادة ولو كان بصيرا وقت تحملها بل أنهم يرون شهادة البصير الذي عمي بعد أداء الشهادة وقبل القضاء لأنهم يشترطون الأهلية في الشاهد وقت القضاء حتي تكون الشهادة حجة
إما المالكية فيقبلون شهادة الاعمي في الأقوال ول كان قد تحملها بعد ألعمي ما دام فطنا لا تشتبه علية الأصوات ويتيقن المشهود له والمشهود علية فان شك في شيء من ذلك ردت شهادته إما شهادة الاعمي في المرائيات فلا تقبل الا ان يكون تحملها بصيرا ثم عمي وهو يتيقن عين المشهود له او يعرفه باسمه اونسبة
إما الشافعية فيجيزون شهادة الاعمي فيما يثبت بالاستفاضة كالنسب والموت لا طريق العلم بهما السماع والاعمي كالبصير في السماع ولا يجيزون ان يكون شاهدا في الأفعال كالقتل والغصب لان طريق العلم بهما هو البصر ولا شاهدا في الأموال كالبيع والإقرار والنكاح والطلاق اذا كان المشهود علية خارجا عن يده لان شهادته تقوم علي العلم بالصوت فقط والصوت يشبه الصوت
وفي مذبة الإمام احمد يجيز شهادة الاعمي اذا تيقن الصوت أي أنهم يجيزون شهادته في الأقوال مطلقا إما في الأفعال فيجيزون شهادته في كل ما تحمله قبل العمى اذا عرف المشهود علية باسمة او نسبه
ومذهب الزيديون لا يكاد يختلف عن ما ذهب إليه الشافعية فالقاعدة عندهم ان شهادة الاعمي لا تصح فيما يفتقر الي الرؤية عند الأداء فإذا شهد بما يحتاج الي المعاينة عند أداء الشهادة لا تقبل شهادته الا ان يكون المشهود علية في يده من قبل ذهاب بصرة كثوب متنازع علية فإذا لم تكن المعاينة لازمه عند الأداء قبلت شهادة الاعمي فيما يثبت بطرق الاستفضاء
إما الظاهرية فم يقبلون شهادة الاعمي مطلقا سواء أكان في الأقوال أم في الأفعال
سادسا: العدالة: ولا خلاف بين الفقهاء في اشتراط العدالة في سائر الشهادات فيجب ان يكون الشاهد عادلا لقوله تعالي " واشهدوا ذوي عدل منكم" وقولة جل شانه " ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " وقد روي عن النبي صلي الله علية وسلم انه قال " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنه ولا ذي غمر علي أخيه ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت"
سابعا : الإسلام: ويشترط في الشاهد ان يكون مسلما فلا تقبل شهادة غير المسلم سواء أكانت الشهادة علي مسلم او علي غيرة وهذا هو الأصل الذي يسلم به جميع الفقهاء وهو مأخوذ من قول الله تعالي " واستشهدوا شاهدين من رجالكم "(19/2)
عدد الشهود
من المتفق عليه أن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعه شهود وهذا إجماع لا خلاف فيه بين أهل العلم لقوله تعالي (والأتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعه منكم ) (20) وقوله تعالي (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين
جلده) (21) وقوله تعالي (لولا جاءوا عليهم بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) (22)
ولقد جاءت السنة مؤكده لنصوص القران ومن ذلك أن سعد ابن عباده قال للرسول (صلي الله عليه وسلم) أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهلها حتى أتي بأربعة شهداء فقال النبي (صلي الله عليه وسلم) نعم .
وروي عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) انه قال لهلال ابن أميه لما قذف بامرأته شريك ابن شحماء "البينة وإلا حد في ظهرك (23)
فعدم إثبات الزنا إلا بأربعة شهداء له دلالته القاطعة علي عظم هذه الجريمة في نظر الشارع الإسلامي وما يلحق بفاعلها من خزي وعار يلحقهم إلي ابد الآبدين لذلك تشدد الشارع في وسائل الإثبات لئلا يصيب العقاب وما يتبعه من معاني الخزي والعار شخص بريء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19/2) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 396 وما بعدها
(20) سوره النساء الايه 15
(21) سوره النور الايه 4
(22) سوره النور الايه 13
(23) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 396
الحكم عند عدم اكتمال الشهود
إذا لم يبلغ عدد الشهود في الزنا أربعه فان الأمر لا يقف عند حد إقناع القاضي وجوبا عن توقيع حد الزنا علي المتهمين بل يذهب جمهور الفقهاء ( أبو حنيفة ومالك واحمد والراجح عند الشافعي )بان الشهود الذين لم يصل عددهم أربعه سواء بسبب اعدم اكتمال هذا العدد أو لسقوط شهادة بعضهم للفسق او لغيره فلم يبلغوا أربعه فأنهم يعتبروا قذفه ويقام عليهم حد القذف .
وسند الجمهور في ذلك ما روي عن عمر ابن الخطاب انه لما شهد عنده علي المغيرة ابن شعبه ثلاثة شهود ولما جاء الرابع (زياد) قال له عمر أري شابا حسنا وارجوا إلا يفضح الله علي لسانه رجل من أصحاب محمد (صلي الله عليه وسلم )فقال زياد يا أمير المؤمنين رأيت نفسا يعلوا ورأيت رجليها فوق عنقه وكأنهما أذنا حمار ولا ادري ما ـ
وراء ذلك فقال عمر الله اكبر وأقام حد القذف علي الشهود الثلاثة لان الرابع لم تنصب شهادته مباشره علي فعل الوطء ذاته .(24)
وبخصوص اتحاد المكان والزمان فقد اختلف الفقهاء في اشتراط أن تكون الشهادة من أربعه في مكان واحد وفي زمان واحد
والحنفية والمالكية قالوا يشترط أن تكون شهادة الأربعة في مجلس واحد وان يحضر الشهود الأربعة مجتمعين في زمان واحد كشرط لثبوت الحد
أما الشافعية قالوا لا يشترط اتحاد الشهود لا في الزمان ولا في المكان بل متي كان قد شهدوا بالزنا ولو كانوا متفرقين واحد بعد الواحد قبلت شهادتهم ويقام الحد عليهما لهذه
شهدوا بالزنا ولو كانوا متفرقين واحد بعد الواحد قبلت شهادتهم ويقام الحد عليهما لهذه
الشهادة .(25)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(24) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 205
(25) راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 71
انتفاء موانع الشهادة
ويشترط في الشاهد أن لا يكون به مانع يمنع شرعا من قبول شهادته والموانع التي تمنع قبول الشهادة هي ( القرابة_ التهمه _ العداوة ) .
ويشترط الأمام أبو حنيفة لقبول الشهادة أن لا يكون حادث الزنا قد تقادم والأصل في مذهب أبو حنيفة إن شهادة الشهود بحد متقادم لأتقبل ألا في حد القذف خاصة ويحتج الحنفيون بفكره التقادم بان الشاهد طبقا لقواعد الشريعة مخير أذا شهد الحادث بين أداء الشهادة حسبه لله تعالي لقوله جل شاته (وأقيموا الشهادة لله ) (26) وبين ان يستتر علي الحادث لقول الرسول ( صلي الله عليه وسلم) من ستر علي أخيه المسلم ستر الله عليه في الآخرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(26) سوره الطلاق الايه 2
المطلب الثاني
الإقرار
يثبت الزنا أيضا بإقرار الزاني علي نفسه كما يثبت بشهادة الشهود علي النحو المتقدم . أي أن يعترف الشخص علي نفسه بإتيانه الوطء المحرم.
فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال فيما رواه أبو هريرة " أتي رجل إلي رسول الله صلي الله علية وسلم فقال يا رسول الله إني زنيت فاعرض عنه الرسول صلي الله علية وسلم حتى ردد علية أربع مرات فلما شهد علي نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلي الله علية وسلم ابك جنون قال لا فقال الرسول صلي الله علية وسلم فهل أحصنت فقال نعم فقال الرسول صلي الله علية وسلم اذهبوا به فارجموه"
وعن جابر ابن سمره قال " رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلي النبي صلي الله علية وسلم وهو رجل قصير أعضل ليس علية رداء فشهد علي نفسه أربع مرات انه زنا فرجمه رسول الله صلي الله علية وسلم"(27)
ولا يترتب علي إقرار الزاني أن نأخذ بذلك الإقرار علي انه عين الحقيقة أي انه حقيقة مسلمة بل يلزم علي ولي الأمر "القاضي" أن يتحقق من هذا الإقرار فيتحقق من صحة عقلة كما فعل رسول الله صلي الله علية وسلم مع ماعز قال ابك جنون ابك جنون ؟ وبعث لقومه يسألهم عن حاله . فإذا عرف القاضي أن الزاني سليم العقل سأله عن ماهية الزنا وكيفيته ومكانه وعن المزني بها وعن زمان الزنا فإذا بين ذلك كله علي وجه يجعله مسئولا جنائيا سأله أمحصن هو أم لا ؟ فان اعترف بالإحصان سأله عن ماهيته وسؤال المقر عن زمان الزن ليس المقصود منه التقادم وإنما احتمال أن يكون الزنا وقع قبل البلوغ والإقرار علي قوته وحجته قاصر علي المقر فقط ولا يتعداه إلي غيرة.
فمن اقر بأنه زني بامراه اخذ باعترافه أما المراه فان أنكرت فلا مسؤولية عليها وان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206
اعترفت اخذ باعترافها هي أيضا وليس باعتراف الرجل وعلي هذا جرت سنه رسول الله صلي الله علية وسلم فقد روي أبو داود عن سهل بن سعد ان رجلا جاء الرسول صلي الله علية وسلم فاقر عنده انه زنا بامراه سماها له فبعث رسول الله صلي الله علية وسلم إلي المراه فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلدة الحد وتركها.(28)
ولا يشترط حضور شريك المقر في الزنا في مجلس الإقرار كما لا يشترط ذلك في الشهادة فلو اقر شخص انه زنا بامراه غائبة أقيم علية الحد ويصح الإقرار ولو جهل المقر شخص شركة في الزنا لأنه بني إقراره علي حقيقة الحال .
لان الإقرار حجة علي المقر وعدم ثبوت الزنا في حق غير المقر لا يورث شبهه ما في حق المقر ولكن أبو حنيفة يري انه لا يحد الرجل المقر لان الحد انتفي في حق المنكر بدليل موجب للنفي عنه فالورثة شبهه الانتفاء في حق المقر لان الزنا فعل واحد يتم بهما فان تمكنت فيه شبهه تعدت إلي طرفيه وهذا لأنه ما اقر بالزنا مطلقا إنما اقر بالزنا بفلانة وقد درأ الشرع عن فلانة وهو عين ما اقر به فيدرأ عنة ضرورة بلا خلاف ما لو أطلق فقال إني زنيت فيحتمل كذبة لكن لا موجب شرعي يدفعه وبخلاف ما لو كانت غائبة
لان الزنا لم ينتفي في حقها بدليل يوجب النفي ويتفق رأي أبو يوسف ومحمد مع رأي ألائمه الثلاثة.(29)
شروط الإقرار
يشترط في الإقرار الذي يوجب أقامه الحد علي المقر ما يلزم من الإقرار في الحدود بوجه أم ففضلا عن وجوب صدوره من البالغ العاقل فانه يلزم فيه.
أولا: إن يكون حرا صريحا منصبا علي واقعة الزنا نفسها بغير لبس أو غموض فيلزم أن ينصب الإقرار علي فعل الوطء المحرم فإذا انصب علي ما دونه من أفعال فلا حد وإنما تعزيز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(28) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 435 و راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 85
(29)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206& 207
ثانيا: أن يكون الإقرار موافقا للحقيقة مطابقا للواقع فلو كذبه واقع الحال فلا يعتد به فلا يعتد بإقرار المجبوب حيث لا يتصور وقوع الزنا منه لعدم وجود اله الزنا عنده خلافا للعنين أو الخصي لوجود اله الفعل لدي كلا منهما.
ثالثا: أن يصد الإقرار عند من له ولاية إقامة الحدود أي في مجلس القضاء لان ماعز قد اقر علي نفسه بالزنا بين يدي رسول الله صلي الله علية وسلم.
رابعا: إلا يرجع المقر في إقراره حتى تنفيذ الحد علية لان الرجوع يورث شبهه فيسقط الحد وذلك ما لم يكن الحد ثابت أيضا بالشهادة فقد ذكر للرسول صلي الله علية وسلم محاولة ماعز الهروب من أقامه الحد علية فرد صلي الله علية وسلم قائلا هلا تركتموه يتوب فيتوب الله علية" مما يدلل علي أن الرجوع في الإقرار صراحة أو حكما يسقط إقامة الحد.(30)
مدي اشتراط تكرار الإقرار من عدمه
يري الإمام مالك والشافعي أن يكفي الإقرار مرة واحد فقط لان الإقرار إخبار والإخبار لا يزيد بالتكرار ولان الرسول صلي الله علية وسلم قال " وعديا يا انس إلي امرأة ذلك فان اعترفت فارجمها" فعلق الرجم علي مجرد الاعتراف والظاهر الاكتفاء بأقل ما يصدق علية
اللفظ وهو المرة الواحدة أما إعراض الرسول صلي الله علية وسلم عن ماعز حتى اقر علي نفسه أربع مرات فيرجع إلي إن الرسول صلي الله علية وسلم استنكر عقلة ولذ أرسل إلي قومه مرتين يسألهم عن عقلة حتى اخبروه بصحته فأمر برجمه.
أما الإمام أبو حنيفة ومن وافقه فيشترط أن يكون الإقرار أربع مرات فلا يثبت الزنا إلا بالإقرار أربع مرات مرة بعد مرة مع وجود العقل والبلوغ وذلك لضرورة التثبت قبل إقامة حدود الله (31)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(30)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206& 207
(31) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 433 و راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 83
المبحــث الرابع
عقوبة الزنا
كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام هي الحبس في البيوت والإيذاء بالتعبير او الضرب والأصل في ذلك قول الله تعالي " والأتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتي يتوفاهم الموت او يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فأذوهما فان تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما" (32).
وقد اختلف الفقهاء في تفسير هذين النصين فرأي البعض ان النص الأول جاء بحكم منفصل للنساء فقط دون الرجال وان النص الثاني عطف علي النص الأول عطفا متصلا بقول الله تعالي " واللذين يأتيانها منكم" فكان هذا حكما زائدا للرجال مضافا الي ما قبلة من حكم النساء .
ورأي البعض الأخر ان النص الأول مبين لعقوبة الثيب وان النص الثاني مبين لعقوبة البكر .
ومن المتفق علية ان حكم هذين النصين نسخا بقول الله تعالي " والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(33) ويقول رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة" .
وقد استقر الحكم بعد ذلك علي جلد غير المحصن وتغريبه وعلي رجم غير المحصن .
عقوبة البكر الزاني:
اذا زنا البكر سواء كان رجلا او امرأة عوقب بعقوبتين أولهما الجلد والثانية هي التغريب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32)سورة النساء الاية 15&16
(33)سورة النور الاية 2
لقول الرسول صلي الله علية وسلم البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام.
ويلاحظ ان الشريعة تفرق بين عقوبة الاحرار وعقوبة الارقاء في الزنا فتخفف من عقوبة الرقيق وتشدد من عقوبة الحر مراعية في ذلك ظروف كلا منهما .
عقوبة الجلد
وعلي ذلك فانه اذا زنا البكر عوقب بالجلد مائة جلدة وهذه العقوبة هي عقوبة حدية أي مقدرة فليس للقاضي ان ينقص منها او يزيد عليها لأي سبب من الأسباب او ان يستبدلها بغيرها كما ان ولي الآمر لا يملك شيا في ذلك ولا يملك العفو عنها كلها او بعضها.(34)
عقوبة التغريب
يختلف الفقهاء في عقوبة التغريب وذلك علي النحو التالي
يري الإمام ابوحنيفة والصحابة والشيعة والزيدية ان عقوبة التغريب ليس واجبا ولكنهم يجيزون للإمام ان يجمع بينها وبين الجلد اذا دعت لذلك المصالحة او ان يقتصر علي عقوبة الجلد فعقوبة التغريب ليست عنهم حدا كالجلد إنما هي عقوبة تعزيزيه .
ويري الإمام مالك والشافعي واحمد وجوب الجمع بين الجلد والتغريب ويعتبرون التغريب حدا كالجلد وحجتهم في ذلك حديث رسول الله صلي الله علية وسلم " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام."
ويري الإمام مالك ان التغريب جعل للرجل دون المرأة لان المرأة تحتاج الي حفظ وصيانة ولان الأمر لا يخلو ان غربت ان تغرب ومعها محرم او ان تغرب دون محرم والأصل انه لا يجوز ان تغرب دون محرم لقول النبي صلي الله علية وسلم "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر ان تسافر مسيرة يوم وليله الا مع ذي محرم" ولان تغريبها بغير محرم إغراء لها بالفجور وتضيع لها ان غربت بمحرم افض الي التغريب من ليس بزاني ونفي
من لا ذنب له وان كلفت بحمل أجرته ففي ذلك زيادة علي عقوبتها بما لم يرد به شرع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(34) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 219
وبما لا يمكن ان يحدث مثله للرجل.
وقد اختلف الفقهاء في ماهية التغريب فقال مالك وابوحنيفه ان التغريب معناه السجن فيحبس المغرب في البلد المغرب لها لمدة سنه وهذا الرأي الزيديون .
ويري الشافعي واحمد ان التغريب معناه النفي من البلد الذي حدث فيه الزنا الي بلد أخر علي ان يراقب المغرب بحيث يحفظ بالمراقبة في البلد الذي غرب إلية ولا بحيث فيه(35).
عقوبة المحصن
فرقت الشريعة الإسلامية بين عقوبة الزاني المحصن عنه اذا كان بكرا فخففت عقوبة البكر وشددت عقوبة المحصن فجعلت عقوبة البكر هي الجلد أما المحصن فعقوبته هي الرجم والرجم هو القتل رميا بالحجرة او ما أشبة .
وعلة التخفيف علي البكر هي علة التشديد علي المحصن فالشريعة الإسلامية تقوم علي الفضيلة وتحرص علي الإخلاص والإعراض والانساب من التلوث والاختلاط وتوجب علي الإنسان ان يجاهد شهوته ولا يستجيب لها الا من طريق الحلال وهو الزواج كما يتوجب علية كما يتوجب علية اذا بلغ الباءة ان بتزوج حتي لا يعرض نفسه الي الفتنة او يحملها ما لا تطيق فإذا لم يتزوج وغلبته علي عقلة وعزيمتي فعقابه ان يجلد مائة جلدة ويغرب سنه وشفيعة في هذه العقوبة الخفيفة الزواج الذي أدي به الي الجريمة إما اذا تزوج فأحصن ثم أتي الجريمة فعقوبته الجلد والرجم لان الإحصان يسد الباب علي الجريمة ولان الشريعة لم تجعل له بعد الإحصان سبيلا الي الجريمة فلم تجعل الزواج أبديا حتي لا يقع في الخطيئة احد الزوجين اذا فسد ما بينهما وأباحت للزوجة ان تجعل للزوجة العصمة في يدها وقت الزواج كما أباحت لها ان تطلب الطلاق للغيبة والمرض والضرر والإعسار وأباحت للزوج الطلاق في كل وقت وأباحت له الزواج بأكثر من واحدة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(35) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 384
علي ان يعدل بينهما وبهذا فتحت الشريعة للمحصن أبواب الحلال وأغلقت دونهما باب الحرام فكان عدلا وقد انقطعت الأسباب التي تدعوا للجريمة .
ويتبن من حديث رسول الله صلي الله علية وسلم ان عقوبة الزاني المحصن هي الجلد مائة جلدة والرجم بالحجارة الا ان جمهور الفقهاء ابوحنيفة ومالك والشافعي ورواية في مذهب احمد يكتفون برجم الزاني المحصن بغير جلد لان الني صلي الله علية وسلم لم يجلد ماعز او الغامدية قبل رجمهما وهكذا كان نهج عمر وعثمان والصحابة من بعدهم فعقوبة الجلد عندهم قد نسخت
وفي رواية لأحمد وعند الظاهرية والزيدية انه يلزم الجمع بين الجلد أولا ثم يعقبه الرجم اعملا بحديث الرسول صلي الله علية وسلم وسنته فقد روي عن علي رضي الله عنة انه جلد شارحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة قائلا جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنه رسوله وعندنا .
وهناك رأي في الفقة يري ان الثيب اذا كان شيخا جلد ورجم وان كان شابا رجم ولم يجلد لما روي عن آبي ذر قال الشيخان يجلدان ويرجمان والثيبان يرجمان والبكران يجلدان وينفيان وعن أبي كعب ومسروق مثل هذا ولعل أساس هذا الرأي ان زنا الشيخ مكروه وان الرسول صلي الله علية وسلم قال " ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم شيخ زان وملك كذاب وعامل مستكبر "
معني الإحصان
يعرف بعض الفقهاء بان من جامع في نكاح صحيح ولو مرة ومؤدي هذا التعريف انه لا يكون محصننا ومن ثم غير مستحق للرجم اذا زنا:-
أولا/ من جامع في نكاح فاسد فجمهور الفقهاء يشترطون في النكاح الذي يتحقق به الإحصان ان يكون بعقد صحيح وان كان العقد فاسدا فان الوطء فيه يكون في غير ملك فلا يحصل به الإحصان كالوطء في ألشبهه.
ثانيا/ من لم يجامع ولو في عقد صحيح اذا كان عقد النكاح صحيحا ولكن لم يحصل فية جماع بين الزوجين فان أيهما لا يعد محصننا لان العلة في تشديد العقاب علي المحصن هي انه قادر علي قضاء شهوته بطريق مشروع فان هو عدل عنه الي ما حرمة الله كان خليقا بعقاب مشدد وهذه العلة لا يكون لها وجود اذا كان المتزوج لم يفرغ شهوته بالفعل ولا يتحقق الإحصان الا بالجماع أي بالوطء في القبل الذي تغيب فيه حشفة الذكر أم مثلها في فرج الزوجة إما ما دون ذلك من تقبيل او خلوة او إتيان الدبر او مفاخرة لو مع إنزال فلا يتحقق به معني الإحصان وكذلك الحال بالنسبة لمن تزوجت مجبوبا او صغيرا يستحيل علية الجماع.
فالمرأة لا تعتبر ثيبا في أي من هذه الحالات فتبقي علي بكارتها ولا تطبق بشأنها سوي عقوبة الزانية البكر الجلد مائة
وهناك رأي في الفقة يري ان الثيب اذا كان شيخا جلد ورجم وان كان شابا رجم ولم يجلد لما روي عن آبي ذر قال الشيخان يجلدان ويرجمان
تمهيد:
أن الزنا جريمة من أبشع الجرائم لما لها من اثأر سيئة علي الفرد والمجتمع فهي من ناحية أولي تؤدي إلي اختلاط الأنساب التي عني بحفظها الإسلام وحرم من التلاعب فيها ومن ناحية ثانية تؤدي إلي كشف العورات التي أمرنا الله سبحانه وتعالي وكذلك سيد المرسلين خير خلق الله علي الأرض بسترها وعدم كشفها
فقال الله سبحانه وتعالي في كتابة الكريم "ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا"(1) "
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"(2)
فالإسلام حرم الانحراف عن السلوك القويم والذي يمثل خروجا عن الفطرة السليمة التي فطر الله الإنسان عليها ولما كان الزنا يمثل واحد من اشد تلك الانحرافات فكان العلاج القويم عن عند الله سبحانه وتعالي لتلك الفعلة الشنعاء فشرع سبحانه العلاج لم تسول له نفسه ارتكاب الفاحشة وانتهاك المحارم حتى ينتهي عن ذلك ويكون عبرة لم غيرة من من يعتبرون ولهم قلوب يفقهون بها.
وبهذه الطريقة يحارب الإسلام الانحرافات , ويضع لها الحدود الرادعة التي تتناسب مع خطورة الذنب ووقاية للجماعة الإنسانية من الضياع والفساد
فالشريعة الإسلامية تعاقب علي الزنا باعتباره مساسا بكيان الجماعة وسلامتها إذا انه اعتداء شديد علي نظام الأسرة والأسرة هي الأساس الذي تقوم علية الجماعة لان في إباحة الزنا إباحة للفاحشة وهذا يؤدي إلي هدم الأسرة ثم إلي فساد المجتمع وانحلاله والشريعة تحرص اشد الحرص علي بقاء الجماعة متماسكة قوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الإسراء الآية 32
(2) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي سيد احمد سند طبعة 2002-2003 ص 187
وعلي العكس من ذلك تماما نجد إن القانون المصري يأتي بدورة ليبيح الزنا ولكن في ثوب التحريم فالقانون يعرف جريمة الزنا ولكن مغايرة لما عرفها الدين الحنيف فالقانون يفرق في المعاملة بين الزوج والزوجة فيما يعتبر زنا بالنسبة لكل منها كما غاير بينهما
في العقوبة وان كنت استحي عندما أصفها بأنها عقوبة.
فضلا عن أن القانون يعتبر إن الرضا بين طرفي العلاقة ألاثمة يخرج الواقعة من نطاق التجريم ليدخلها إلي نطاق المشروعية. والأعجب من ذلك أن القانون أعطي للزوج الحق في إسقاط التهمة عن زوجته الزنا إذا أعلن رضاءه بما حدث وله أيضا إسقاط العقوبة بعد صدورها عنها علي النحو المتقدم أليس هذا عجيب .
فالله سبحانه وتعالي ما حرم الزنا وما فرض له من العقوبات الرادعة إلا من اجل منع إفساد الفراش وهتك الإعراض وضاعة الأنساب واختلاطها فالحدود عامة وحد الزنا خاصة دواء شاف وعلاج ناجح لما يصيب المجتمع من الإمراض الأخلاقية الخطيرة والإمراض النفسية الفتاكة التي تهتك المجتمع وتنخر في جسده وتمزق أوصاله وتؤدي به إلي الهاوية .
لذلك كانت حكمة الله سبحانه وتعالي من تحريم الزنا وفرض العقوبات الرادعة لمقترفيه فقال تعالي في كتابة الكريم " والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(3)
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة"
وسوف أتناول هذا الموضوع إن شاء الله تعالي في خمسة مباحث في المبحث الأول نبين ماهية الزنا كما أوردها فقهاء الشريعة الإسلامية ثم نتناول في المبحث الثاني أركان جريمة الزنا وذلك في مطلبين في الأول نتناول الركن المادي للجريمة والمتمثل في فعل الوطء المحرم والثاني القصد الجنائي ثم ننتقل في المبحث الثالث للتعرف علي الأدلة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)سورة النور الاية 2
الشرعية لإثبات الزنا وذلك في ثلاث مطالب في المطلب الأول الإقرار والثاني الشهادة والثالث القرائن ثم ننتقل بعد ذلك لتناول في المبحث الرابع عقوبة جريمة الزنا كما بينها لنا الحبيب محمد صلوات الله علية أما في المبحث الخامس نتناول كيفية تنفيذ العقوبة ومن هو شخص القائم علي التنفيذ والشبهات التي تعتري جريمة الزنا وتدرأ الحد عن مقترفها
المبحــث الأول
ماهية الزنا
لم تتفق كلمة الفقهاء علي تعريف موحد لما يعد زنا يستوجب الحد والمرجع في ذلك الاختلاف إلي اختلافهم في الأركان والعناصر والشروط الواجب توافرها حتى يصح وصف الفعل بأنه زنا وذلك علي النحو التالي:
يعرف فقهاء المالكية الزنا بأنه وطء مكلف آدمي لا ملك له في باتفاق تعمدا. وعند فقهاء الحنفية بأنه وطء الرجل المرأة في غير الملك وشبة الملك . أما الشافعية فان الزنا عندهم يعني إيلاج الذكر بفرج محرم لعينة خال من الشبهة مشتهي طبعا. ويعرفها الحنابلة بأنها فعل الفاحشة في قبل أو دبر . الزيديون يعرفونه بأنه إيلاج فرج في فرج حي محرم أو دبر بلا شبهة. ويعرفها الظاهرية بأنه وطء من لايحل النظر إلي مجردها مع العلم بالتحريم أو هو وطء محرم العين.( 4)
ويعرفها بعض الفقه بأنها وطء مكلف في فرج امرأة مشتهاة خال عن الملك وشبهته ويثبت به حرمة المصاهرة نسبا أو رضاعة
ومع هذا الاختلاف الظاهر بين الفقهاء حول تعرف الزنا إلا أنهم متفقون في إن الزنا هو الوطء المحرم المتعمد .
ولما كانت جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي ترتكب ضد الشرف والأخلاق والفضيلة والكرامة وتؤدي إلي تقويض بناء المجتمع وتفتيت الأسرة واختلاط الأنساب وقطع العلاقات الزوجية وسوء تربية الأولاد بل تفضي إلي ضياء الطفل الذي هو ثمرة تلك العلاقة ألاثمة الذي ليس له ولد يربيه وإلام بمفردها لا تستطيع تربيته بمفردها او القيام بشئونه لقصور يدها فيشب علي أسوء الأحوال ويصير عضوا فاسدا في المجتمع ينشر الحقد والبغضاء ويبث الفساد والإجرام لأنه ثمرة جريمة من أبشع الجرائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 349
فجريمة الزنا من اخطر أمور الحياة كلها بل أشدها تعلقا بنظامنا ودوام سعادتها وتماسكها وترابطها ولذلك اهتم الشارع الحكيم بهذا الحد اكبر اهتمام صونا للحياة من الانهيار وحفظ للروابط الأسرية مما يتهددها من بلاء وإخطار .
فالزنا فاحشة ورد بتحريمها والنهي عنها نصوص في القران الكريم وألسنه النبوية المطهرة .
فقال تعالي في كتابة الكريم" ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا"(5) وقال تعالي" والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(6) وقال جل شانه " والذين لا يدعون معا لله ألها أخر. ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا الحق. ولا يزنون"(7) وقال تعالي " والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فأنهم غير ملومين فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون" (8)
وقال رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة" وقال " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"
فضلا عن إن حفظ النسل من المقاصد التي جاء الإسلام لحفظها وصونها ولا يغني عن ذلك ما قد يأتي من نسل كثمر لتلك العلاقات الجنسية المحرمة فهذا النسل الضالة هويته يكون أكثر وبالا علي جماعة المسلمين فمنهم يأتي المجرمين والمنحرفين الذين يهددون امن المجتمع واستقراره فالشارع هو مدرستهم والمنحلون خلقيا هم نموذجهم وقدوتهم(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5)سوره الإسراء الآية 32
(6) سورة النور الآية 2
(7) سورة الفرقان الآية 68
(8) سورة المؤمنون الآيات من 5 إلي 7
(9) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي سيد احمد سند طبعة 2002-2003 ص 188
لذلك كله الزنا معاقبا علية في جميع الجوال سوء تم برضاء طرفيه أو من تربطهم بهم صلة زوجية أو بدون هذا الرضاء فهو حد ذات عقوبة مقدرة تجب حقا خالصا لله تعالي.
المبحــث الثاني
أركان جريمة الزنا
لجريمة الزنا وكما هو متعارف علية فقهيا إن لها ركنين الركن المادي والركن المعنوي وهذا ما سوف نتناوله إن شاء الله في هذا المبحث في مطلبين نتحدث في المطلب الأول الركن المادي والمتمثل في ركن الوطء المحرم ونتناول في المطلب الثاني القصد الجنائي للجريمة وذلك علي التفصيل التالي:
المطــــــلب الأول
الوطء المحرم
يتحقق الركن المادي في الزنا بوطء الرجل لامرأة لا تحل له أي إتيانها في غير ملك أو شبهة ملك .
فالوطء المعتبر زنا هو الوطء في الفرج بحيث يكون الذكر ففي الفرج كالميل في المكحلة , ويكفي لاعتبار الوطء زنا إن تغيب الحشفة في الفرج أو مثلها إن لم يكن بذكر حشفة ولا يشترط في الرأي الراجح إن يكون الذكر منتشرا.
وإدخال الحشفة أو قدرها يعتبر زنا ولو دخل الذكر في هواء الفرج ولم يمس جدره كما يعتبر زنا سواء حدث إنزال أو لم يحث.(10)
ويعتبر إن الوطء زنا ولو كان هناك حائل بين الذكر والفرج مادام هذا الحائل خفيفا لا يمنع الحس واللذة.
والقاعدة إن الوطء المحرم المعتبر زنا هو الذي يحدث في غير ملك, فكل وطء من هذا القبيل زنا عقوبته الحد ما لم يكن هناك مانع شرعي من هذه العقوبة , أما إذا حدث الوطء أثناء الملك فلا يعتبر هذا الفعل زنا ولو كان الوطء محرما لان التحريم في هذه الحالة عارض خاص .(11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10)(11) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 350&351
فالجريمة تقوم كاملة ويعاقب عليها حدا بالإيلاج , أي بإدخال ذكر الرجل في فرج الانثي من القبل وليس بلازم إدخال كامل الذكر فيكفي إن تغيب الحشفة كما ذكرنا .
إما ما دون فعل الإدخال للذكر علي النحو المتقدم فانه لا يعتد زنا يحد فيه وإنما معصية يعزز عليها ومن ذلك تقبيل المرأة الأجنبية واحتضانها ومفاخذتها ومباشرتها خارج الفرج ولو بإنزال والخلوة غير الشرعية بها في أية صورة فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال " لا يخلون أحدكم بامرأة ليست بمحرم فان ثالثهما الشيطان".
وإذا كان الزنا المعاقب علية حدا لا يقع إلا بفعل الوطء وكان هذا الفعل الأخير لا يتحقق إلا بإدخال حشفة الذكر أو مثلها في فرج الانثي فأنة لا يكون متصورا الوقوع إلا كاملا فلا شروع في الزنا لان كل ما يعد شروعا بالمفهوم الجنائي الوضعي من أفعال ما تقدم للزنا وتمهد له يعتبر في نظر الشريعة جريمة تعزيزيه تامة كما هو الحال في أفعال التقبيل المؤاخذة والاحتضان وغيرها من ما سبق ذكره.
ومتى يتحقق فعل الوطء كن بصدد جريمة الزنا ولو وقع الفعل من طرفيه طواعية واختيار فلا يبيح الزنا رضا الزانية والزاني بها لان الجريمة من الحديد التي تجب حقا خالصا لله تعالي وليس لأحد أن يحلل ما حرم الله (12)
الوطء في الدبر
يستوي عند المالكية والشافعية والحنابلة والشيعة والزبدية أن يكون الوطء المحرم في قبل أو دبر من رجل أو أنثي ويشاركهم في هذا الرأي محمد وأبو يوسف من أصحاب الإمام أبي حنيفة وحجتهم في التسوية ان الوطء في الدبر مشارك للزنا في المعني الذي يستدعي الحد وهو الوطء المحرم فهو داخل تحت الزنا دلاله فضلا عن إن القران الكريم سوي بينهما فقال جل شانه لقوم لوط " إنكم لتاتون الفاحشة " وقال " إنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء " وقال " الأتي يأتين الفاحشة من نسائكم" وقال " واللذان يايتانها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12)التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور نجاتي السيد احمد ص 191
منكم فأذوهما " فجعل الوطء في الدبر فاحشة والوطء في القبل فاحشة وروي أبو موسي
الأشعري ان رسول الله علية وسلم قال " إذا أتي الرجل الرجل فأنهما زانيان وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيان.
ويري أبو حنيفة ان الوطء في الدبر لا يعتبر زنا سواء أكان الموطوء ذكرا او انثي وحجته ان الإتيان في القبل يسمي زنا والإتيان في الدبر يسمي لوطا واختلاف الاسامي دليل علي اختلاف المعاني فضلا عن ان الزنا يؤدي الي اختلاط الأنساب وتضيع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
وطء الزوجة في دبرها
ومن المتفق علية ان إتيان الزوجة في دبرها لا يعاقب علية بعقوبة الحد لان الزوجة محل للوطء ولان الرجل يملك وطء الزوجة .
ولكن الفقهاء اختلفوا في تكيف الفعل فيري احمد ومحمد وابويوسف من أصحاب ابوحنيفة ان الفعل زنا يعاقب علية بعقوبة الحد ولكن هذه العقوبة تدرأ لشبهة الملك ولان للاختلاف في حلية الفعل ومن ثم يعاقب علي الفعل عقوبة تعزيزه
ويري المالكيون والشافعيون والشيعة والزيديون ان الفعل لا يعتبر زنا لان الزوجة محل لوطء الزوج وللزوج ان يستمتع بها ولكنهم يرون ان الفعل محرم ويستحق فاعلة عقوبة تعزيزيه
ويري ابوحنيفة ان الفعل لا يعتبر زنا لما سبق من أسباب بل هو معصية ويستحق فاعلة التعزيز وكذلك الأمر عن الظاهرين
وطء الأموات
وطء المراه الأجنبية الميتة لا يعتبر زنا عن ابوحنيفة وكذلك استدخال المراه ذكر الأجنبي الميت في فرجها وهذا القول رأي في مذهب الشافعي واحمد والقائلون بذلك يوجبون التعزيز في الفعل وحجتهم في ذلك ان الوطء في الميتة او من الميت كلآ وطء لان عضو الميت مستهلك ولأنه عمل تعافه النفس ولا يشتهي عادة فلا حاجة الي الزجر علي الفعل والحد إنما يجب للزجر وعلي هذا الرأي الشيعة والزيدية.
والرأي الثاني في مذهب الشافعي واحمد يقوم علي ان الفعل يعتبر زنا يجب فيه الحد إذ لم يكن بين زوجين لأنه وطء محرم لأنه أعظم من الزنا وأكثر إثما حيث انضم الي الفاحشة انتهاك حرمة الميت وأصول الظاهرية تقتضي ان يكون رايهم متفقا مع هذا الرأي.
ويري الإمام مالك ان من أتي ميتة في قبلها او دبرها حال كونها غير زوج له فأنة يعتبر زانيا ويعاقب بعقوبة الزنا
وطء البهائم
ووطء البهائم والحيوانات لا يعتبر زنا عن مالك ابوحنيفة ولكنه معصية يجب فيها التعزيز وفي حكمة ان تمكن المرأة حيوانا من نفسها ولا يرون الفعل زنا لان اعتباره كذلك يوجب فيه عقوبة الحد وهي مشروعة للزجر وإنما يحتاج للزجر فيها طريق منفتح سالك وهذا ليس كذلك لأنه لا يرغب فيه العقلاء .
والشافعي واحمد رأيان راجحان يتفق مع رأي مالك ابوحنيفة والرأي الثاني هو اعتبار الفعل زنا ولكنه يعاقب علية بالقتل في كل الأحوال وسندهم في ذلك ما روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم " ومن أتي بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة".
وبعض الشافعية يعتبرون الفعل زنا قياسا علي إتيان الرجل المرأة ويجعلون عقوبة المحصن الرجم وعقوبة غير المحصن الجلد والتعذيب وهذا الرأي يراه بعض الشافعية وهو الرأي الراجح عن والزيديون والشيعة وان كان بعضهم يري ما يراه ملك ابوحنيفة.
وطء الصغير والمجنون امرأة أجنبية
لا حد علي الصغير او المجنون الذي يطء امراة أجنبية لعدم أهليتها اذا الصغير لا يؤخذ بالحد الا بعد بلوغه والمجنون لا يؤخذ بالحد إلا في حاله إفاقته فضلا عن ان الصغير يعزز علي الفعل ان كان مميزا(12/2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12/2) التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبدالقادر عودة ص 356&357
موضوع الوطء
أوضحنا سلفا أن ألوطا الذي تقوم به جريمة الزنا يتحقق بإدخال حشفة الذكر أو مثلها في فرح أنثي من القبل وعلي ذلك فان موضع الوطء في الزنا هو قبل الانثي وليس دبرها أو أي موضع أخر فيها فلا يعد الزنا إتيان الرجل لرجل في الدبر والذي يعرف باللواط ولا يعد الزنا كذلك إتيان المرأة للمرأة والذي يعرف بالساحق وليس بزنا أيضا مباشره الرجل بانثي لا يتصور أن تكون موضعا للوطء كالصغيرة التي لا يمكن وطؤها .
إما وطء المرات الأجنبية في الدبر فهو موضع خلاف عند الفقهاء فالإمام مالك والشافعي
واحمد والشيعة والذيدية يستوي عندهم أن يكون الوطء في قبل او دبر وحجتهم في التسوية إن الوطء في الدبر مشارك للذنا في المعني الذي يستدعي الحدود وهو الوطء المحرم (13)
إما الإمام ابوحنيفة فلا يعتبر الوطء في الدبر زنا سواء كان الموطوء ذكر أو أنثي إنما لواطا يستحق فاعله التعزيز .
ويري الدكتور نجاتي السيد احمد إن الرأي للإمام أبو حنيفة أولي بالإتباع فيما انتهي إليه لتوافقه مع المعني الشرعي للزنا (14)
أما إذا وطء الرجل زوجته في الدبر فانه لا خلاف للفقها في اعتبار الفعل زنا لوجود شبهه الملك التي تدرء الحد وان كانوا قد اختلفوا في حرمته أو حله وفي نوع العقاب الواجب
ونخلص مما يتقدم إلي أن محل الوطء في الزنا هو فرج (قبل) أنثي أدميه حيه وعلي ذلك فانه لا يعد زني الوطء في قبل أنثي ميتة ووطء البهائم وكذلك استمناء الرجل بيد أمراه أجنبيه أو ادخل إصبعه في فرجها فان كل ما سبق يعتبر من الجرائم التعزيزيه (15)
ولا يكون الوطء محرما علي النحو ألازم لاعتباره من الزنا الذي يجب فيه الحد إلا إذا انعدم الملك وشبه الملك معا في العلاقة بين الوطء والموطوءة فإذا تحقق أيا منهما انتفي عن الواقعة وصف الزنا الواجب الحد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13)(14)(15)التشريع الجنائي الإسلامي للدكتور عبد القادر عوده ص 352&353&354
المطــــــلب الثاني
القصد الجنائي
ويشترطون في جريمة الزنا أن يتوافر لدي الزاني أو الزانية نية العمد أو القصد الجنائي ويعتبر القصد الجنائي متوافرا إذا ارتكب الزاني الفعل وهو عالم انه يطء أمراه محرمه عليه أو إذا مكنت الزانية من نفسها وهي تعلم إن من يطأها محرم عليها فان أتي احدهم الفعل متعمدا وهو لا يعلم بالتحريم فلا حد عليه كمن زفت إلي غير زوجها فوطئها
علي أنها زوجته أو كمن زفت إلي غير زوجها مكنته من نفسها معتقده انه زوجها أو كمن وجد في فراشه أمراه فوطئها علي أنها زوجته أو كمن وجدت في فراشها رجا فمكنته علي انه زوجها وكمن تزوجت ولها زوج أخر كتمته عن زوجها الأخير فلا مسؤولية علي الزوج الأخير مادام لا يعلم بالزواج الأول وكمن مكنت مطلقها طلاقا بائنا وهي لا تعلم انه طلقها .
ويشترط أن بعاصر القصد الجنائي إتيان الفعل المحرم فمن قصد أن يزني بامراه ثم تصادف إن وجدها في فراشه فاتاها علي أنها امرأته فلا يعتبر زانيا لانعدام القصد الجنائي وقت الفعل وكذلك لو قصد إتيان أمراه أجنبيه فأخطأها واتي امرأته فانه لا يعتبر زانيا ولو كان يعتقد انه يأتي الاجنبيه لان الوطء الذي حدث غير محرم .
والأصل في الشريعة الإسلامية انه لا يحتج في دار الإسلام بجهل الإحكام فلا يقبل من احد إن يحتج بجهل تحريم الزنا وبالتالي انعدام القصد الجنائي لديه ولكن الفقهاء يبيحون استثناء الاحتجاج بجهل الإحكام بمن لم تيسر له ظروفه العلم بالإحكام كمسلم قريب العهد بالإسلام لم ينشاء في دار الإسلام وتحتمل ظروفه أن يجهل التحريم أو كمجنون أفاق وزنا قبل أن يعلم بتحريم الزنا ففي هاتين الحالتين وأمثالهما يكون الجهل بالإحكام عله لانعدام القصد الجنائي .
وإذا ادعي الجاني الجهل بفساد نوع من أنواع النكاح أو بطلانه مما يعتبر الوطء فيه زنا فيري البعض إن لا يقبل احتجاجه بجهل الحكم لان فتح هذا الباب يؤدي إلي إسقاط الحد ولان المفروض في كل فرض إن يعلم ما حرم عليه ويري البعض قبول الاحتجاج لان معرفه الحكم تحتاج لفقه وتخفي علي غير أهل العلم ومن أمثله ذلك امرأة تزوجت في عدتها في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فلما عرض عليه الأمر قال هل علمتها ؟ فقالا :لا فقال لو علمتها لرجمتها فجلدها اسواطا ثم فرق بينهما واتت أمراه إلي علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقالت إن زوجي زنا بجاريتي فقال الزوج صدقت هي ومالها لي حل فدرا علي عن الرجل الحد بادعائه الجهالة (16)
مما سبق يتضح انه يجب إن يتوافر في حق كلا من الزاني والزانية عنصرا العمد وهما العلم والإرادة .والعلم ينصب علي وجود نص شرعي يحرم الزنا وهو أمر مفترض علي ما بينا سلفا كما يلزم أن ينصب العلم كذلك علي العناصر المكونة لجريمة الزنا فإذا انتفي العلم بعنصر منهما نتيجة الجهل به أو الغلط فيه فانه ينتفي القصد ومن ثم الركن المعنوي مما يستتبع المسؤولية الجنائية .
ولا يكفي العلم وحده بقيام القصد الجنائي وإنما يلزم فضلا عن ذلك توافر الإرادة الحرة
في إتيان الوطء المحرم فإذا انتفت هذه الإرادة الحرة فلا وجود للقصد اللازم لقيام الركن المعنوي واستحقاق المسائلة الجنائية .
فلا حد علي من كان قد اكره علي الزنا ذكرا كان أو أنثي لقول النبي (صلي الله عليه وسلم) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فقد روي أن أمراه أكرهت علي الزنا في عهد الرسول (صلي الله عليه وسلم) فعفا عنها وعاقب من اكرهها . (17)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(16) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 374&375
(17) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 202
المبحــث الثالث
إثبات جريمة الزنا
نتناول في هذا المبحث أدله الثبوت في جريمة الزنا والعقوبة المقررة شرعا للزاني والزانية بعد أن يثبت الوطء المحرم في حقهما وذلك علي النحو التالي فنتناول في المطلب الأول الشهادة وفي المطلب الثاني الإقرار.
قال الفقيه ابن رشد "واجمع العلماء علي أن الزنا يثبت بالإقرار وبالشهادة واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء الغير متزوجات وقال الكثاني "وأما بيان ما تظهر به الحدود عند القاضي فنقول وبالله التوفيق الحدود كلها تظهر بالبينة والإقرار لكن عند استجماع شرائطها .(18)
المطلب الأول
البينة (الشهادة)
يثبت الزنا بشهادة الشهود علي أنهم رأوا وتحققوا من واقعه الوطء المحرم بأنفسهم ويشترط في الشهود الذين تثبت بشهادتهم جريمة الزنا ما يلزم توافره من شروط بوجه عام في الشهادة علي الحدود من حيث البلوغ والعقل والإسلام والعدالة والحفظ والحرية والذكورة والنطق والإبصار .(19)وذلك علي التفصيل التالي:
أولا البلوغ:يشترط في الشاهد ان يكون بالغا فإذا لم يكن كذلك فلا تقبل شهادته ولو كان في حاله تمكنه من ان يعي شهادته ويؤديها ولو كان من أهل العدالة
ثانيا: العقل: كما يشترط في الشاهد ان يكون عاقلا والعاقل هو من عرف الواجب عقلا والضروري وغيرة والمنتفع والممكن وما يضره وما ينفعه غاليا فلا تقبل شهادة مجنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18)(19) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 202
او معتوه ولكن تقبل الشهادة ممن يجدن أحيانا اذا أداها في حاله افاقتة فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال" رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق كما ان شهادة المجنون لا تقبل للمعني المانع من قبول شهادة الصبي
ثالثا:الحفظ: ويشترط في الشاهد ان يكون قادرا علي حفظ الشهادة وفهم ما وقع بصرة علية مأمونا علي ما يقول فان كان مغفلا فلا تقبل شهادته ويلحق بالغفلة أيضا كثرة الغلط والنسيان ولكن تقبل شهادة من يقل منه الغلط لان أحدا لا ينفك عنه الغلط
رابعا: النطق: يشترط في الشاهد ان يكون قادرا علي الكلام فان كان اخرس فان الفقهاء لهم أقوال في تلك الحالة
فذهب الإمام مالك الي قبول شهادة الأخرس اذا فهمت اشارتة وفي مذهب الإمام احمد يرون عدم قبول شهادة الأخرس اذا كانت إشارته مفهومة الا اذا كان يستطيع الكتابة فادي الشهادة بالكتابة ففي هذه الحالة فتقبل شهادته إما الإمام ابوحنيفة فيري عدم مقبول شهادة الأخرس سواء أكانت بالإشارة او بالكتابة وفي مذهب الإمام الشافعي هناك خلاف منهم من يري قبول شهادة الأخرس لان إشارته كعبارة الناطق في النكاح والطلاق فكذلك في الشهادة ومنهم من يري أنها لا تقبل لان إشارته أقيمت في مقام العبارة في موضع الضرورة وقد أقيمت في موضع النكاح والطلاق لأنهما لا يستفيدان الا من جهته ولا ضرورة تدعوا الي قبول شهادته في الشهادة لأنها تصح من غيرة بالنطق
خامسا: الرؤية: ويشترط في الشاهد ان يري ما يشهد به فان كان الشاهد اعمي فقد اختلف الفقهاء في مدي قبول شهادته فالحنفيون لا يقبلون شهادة العامي لان أداء الشهادة يحتاج الي ان يشير الي المشهود له والمشهود علية ولان الاعمي لا يميز الا بالنغمة وفي التميز به شبهه وهم لا يقبلون شهادة الاعمي وقت الشهادة ولو كان بصيرا وقت تحملها بل أنهم يرون شهادة البصير الذي عمي بعد أداء الشهادة وقبل القضاء لأنهم يشترطون الأهلية في الشاهد وقت القضاء حتي تكون الشهادة حجة
إما المالكية فيقبلون شهادة الاعمي في الأقوال ول كان قد تحملها بعد ألعمي ما دام فطنا لا تشتبه علية الأصوات ويتيقن المشهود له والمشهود علية فان شك في شيء من ذلك ردت شهادته إما شهادة الاعمي في المرائيات فلا تقبل الا ان يكون تحملها بصيرا ثم عمي وهو يتيقن عين المشهود له او يعرفه باسمه اونسبة
إما الشافعية فيجيزون شهادة الاعمي فيما يثبت بالاستفاضة كالنسب والموت لا طريق العلم بهما السماع والاعمي كالبصير في السماع ولا يجيزون ان يكون شاهدا في الأفعال كالقتل والغصب لان طريق العلم بهما هو البصر ولا شاهدا في الأموال كالبيع والإقرار والنكاح والطلاق اذا كان المشهود علية خارجا عن يده لان شهادته تقوم علي العلم بالصوت فقط والصوت يشبه الصوت
وفي مذبة الإمام احمد يجيز شهادة الاعمي اذا تيقن الصوت أي أنهم يجيزون شهادته في الأقوال مطلقا إما في الأفعال فيجيزون شهادته في كل ما تحمله قبل العمى اذا عرف المشهود علية باسمة او نسبه
ومذهب الزيديون لا يكاد يختلف عن ما ذهب إليه الشافعية فالقاعدة عندهم ان شهادة الاعمي لا تصح فيما يفتقر الي الرؤية عند الأداء فإذا شهد بما يحتاج الي المعاينة عند أداء الشهادة لا تقبل شهادته الا ان يكون المشهود علية في يده من قبل ذهاب بصرة كثوب متنازع علية فإذا لم تكن المعاينة لازمه عند الأداء قبلت شهادة الاعمي فيما يثبت بطرق الاستفضاء
إما الظاهرية فم يقبلون شهادة الاعمي مطلقا سواء أكان في الأقوال أم في الأفعال
سادسا: العدالة: ولا خلاف بين الفقهاء في اشتراط العدالة في سائر الشهادات فيجب ان يكون الشاهد عادلا لقوله تعالي " واشهدوا ذوي عدل منكم" وقولة جل شانه " ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " وقد روي عن النبي صلي الله علية وسلم انه قال " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنه ولا ذي غمر علي أخيه ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت"
سابعا : الإسلام: ويشترط في الشاهد ان يكون مسلما فلا تقبل شهادة غير المسلم سواء أكانت الشهادة علي مسلم او علي غيرة وهذا هو الأصل الذي يسلم به جميع الفقهاء وهو مأخوذ من قول الله تعالي " واستشهدوا شاهدين من رجالكم "(19/2)
عدد الشهود
من المتفق عليه أن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعه شهود وهذا إجماع لا خلاف فيه بين أهل العلم لقوله تعالي (والأتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعه منكم ) (20) وقوله تعالي (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين
جلده) (21) وقوله تعالي (لولا جاءوا عليهم بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) (22)
ولقد جاءت السنة مؤكده لنصوص القران ومن ذلك أن سعد ابن عباده قال للرسول (صلي الله عليه وسلم) أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهلها حتى أتي بأربعة شهداء فقال النبي (صلي الله عليه وسلم) نعم .
وروي عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) انه قال لهلال ابن أميه لما قذف بامرأته شريك ابن شحماء "البينة وإلا حد في ظهرك (23)
فعدم إثبات الزنا إلا بأربعة شهداء له دلالته القاطعة علي عظم هذه الجريمة في نظر الشارع الإسلامي وما يلحق بفاعلها من خزي وعار يلحقهم إلي ابد الآبدين لذلك تشدد الشارع في وسائل الإثبات لئلا يصيب العقاب وما يتبعه من معاني الخزي والعار شخص بريء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19/2) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 396 وما بعدها
(20) سوره النساء الايه 15
(21) سوره النور الايه 4
(22) سوره النور الايه 13
(23) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 396
الحكم عند عدم اكتمال الشهود
إذا لم يبلغ عدد الشهود في الزنا أربعه فان الأمر لا يقف عند حد إقناع القاضي وجوبا عن توقيع حد الزنا علي المتهمين بل يذهب جمهور الفقهاء ( أبو حنيفة ومالك واحمد والراجح عند الشافعي )بان الشهود الذين لم يصل عددهم أربعه سواء بسبب اعدم اكتمال هذا العدد أو لسقوط شهادة بعضهم للفسق او لغيره فلم يبلغوا أربعه فأنهم يعتبروا قذفه ويقام عليهم حد القذف .
وسند الجمهور في ذلك ما روي عن عمر ابن الخطاب انه لما شهد عنده علي المغيرة ابن شعبه ثلاثة شهود ولما جاء الرابع (زياد) قال له عمر أري شابا حسنا وارجوا إلا يفضح الله علي لسانه رجل من أصحاب محمد (صلي الله عليه وسلم )فقال زياد يا أمير المؤمنين رأيت نفسا يعلوا ورأيت رجليها فوق عنقه وكأنهما أذنا حمار ولا ادري ما ـ
وراء ذلك فقال عمر الله اكبر وأقام حد القذف علي الشهود الثلاثة لان الرابع لم تنصب شهادته مباشره علي فعل الوطء ذاته .(24)
وبخصوص اتحاد المكان والزمان فقد اختلف الفقهاء في اشتراط أن تكون الشهادة من أربعه في مكان واحد وفي زمان واحد
والحنفية والمالكية قالوا يشترط أن تكون شهادة الأربعة في مجلس واحد وان يحضر الشهود الأربعة مجتمعين في زمان واحد كشرط لثبوت الحد
أما الشافعية قالوا لا يشترط اتحاد الشهود لا في الزمان ولا في المكان بل متي كان قد شهدوا بالزنا ولو كانوا متفرقين واحد بعد الواحد قبلت شهادتهم ويقام الحد عليهما لهذه
شهدوا بالزنا ولو كانوا متفرقين واحد بعد الواحد قبلت شهادتهم ويقام الحد عليهما لهذه
الشهادة .(25)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(24) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 205
(25) راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 71
انتفاء موانع الشهادة
ويشترط في الشاهد أن لا يكون به مانع يمنع شرعا من قبول شهادته والموانع التي تمنع قبول الشهادة هي ( القرابة_ التهمه _ العداوة ) .
ويشترط الأمام أبو حنيفة لقبول الشهادة أن لا يكون حادث الزنا قد تقادم والأصل في مذهب أبو حنيفة إن شهادة الشهود بحد متقادم لأتقبل ألا في حد القذف خاصة ويحتج الحنفيون بفكره التقادم بان الشاهد طبقا لقواعد الشريعة مخير أذا شهد الحادث بين أداء الشهادة حسبه لله تعالي لقوله جل شاته (وأقيموا الشهادة لله ) (26) وبين ان يستتر علي الحادث لقول الرسول ( صلي الله عليه وسلم) من ستر علي أخيه المسلم ستر الله عليه في الآخرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(26) سوره الطلاق الايه 2
المطلب الثاني
الإقرار
يثبت الزنا أيضا بإقرار الزاني علي نفسه كما يثبت بشهادة الشهود علي النحو المتقدم . أي أن يعترف الشخص علي نفسه بإتيانه الوطء المحرم.
فقد روي عن رسول الله صلي الله علية وسلم انه قال فيما رواه أبو هريرة " أتي رجل إلي رسول الله صلي الله علية وسلم فقال يا رسول الله إني زنيت فاعرض عنه الرسول صلي الله علية وسلم حتى ردد علية أربع مرات فلما شهد علي نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلي الله علية وسلم ابك جنون قال لا فقال الرسول صلي الله علية وسلم فهل أحصنت فقال نعم فقال الرسول صلي الله علية وسلم اذهبوا به فارجموه"
وعن جابر ابن سمره قال " رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلي النبي صلي الله علية وسلم وهو رجل قصير أعضل ليس علية رداء فشهد علي نفسه أربع مرات انه زنا فرجمه رسول الله صلي الله علية وسلم"(27)
ولا يترتب علي إقرار الزاني أن نأخذ بذلك الإقرار علي انه عين الحقيقة أي انه حقيقة مسلمة بل يلزم علي ولي الأمر "القاضي" أن يتحقق من هذا الإقرار فيتحقق من صحة عقلة كما فعل رسول الله صلي الله علية وسلم مع ماعز قال ابك جنون ابك جنون ؟ وبعث لقومه يسألهم عن حاله . فإذا عرف القاضي أن الزاني سليم العقل سأله عن ماهية الزنا وكيفيته ومكانه وعن المزني بها وعن زمان الزنا فإذا بين ذلك كله علي وجه يجعله مسئولا جنائيا سأله أمحصن هو أم لا ؟ فان اعترف بالإحصان سأله عن ماهيته وسؤال المقر عن زمان الزن ليس المقصود منه التقادم وإنما احتمال أن يكون الزنا وقع قبل البلوغ والإقرار علي قوته وحجته قاصر علي المقر فقط ولا يتعداه إلي غيرة.
فمن اقر بأنه زني بامراه اخذ باعترافه أما المراه فان أنكرت فلا مسؤولية عليها وان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206
اعترفت اخذ باعترافها هي أيضا وليس باعتراف الرجل وعلي هذا جرت سنه رسول الله صلي الله علية وسلم فقد روي أبو داود عن سهل بن سعد ان رجلا جاء الرسول صلي الله علية وسلم فاقر عنده انه زنا بامراه سماها له فبعث رسول الله صلي الله علية وسلم إلي المراه فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلدة الحد وتركها.(28)
ولا يشترط حضور شريك المقر في الزنا في مجلس الإقرار كما لا يشترط ذلك في الشهادة فلو اقر شخص انه زنا بامراه غائبة أقيم علية الحد ويصح الإقرار ولو جهل المقر شخص شركة في الزنا لأنه بني إقراره علي حقيقة الحال .
لان الإقرار حجة علي المقر وعدم ثبوت الزنا في حق غير المقر لا يورث شبهه ما في حق المقر ولكن أبو حنيفة يري انه لا يحد الرجل المقر لان الحد انتفي في حق المنكر بدليل موجب للنفي عنه فالورثة شبهه الانتفاء في حق المقر لان الزنا فعل واحد يتم بهما فان تمكنت فيه شبهه تعدت إلي طرفيه وهذا لأنه ما اقر بالزنا مطلقا إنما اقر بالزنا بفلانة وقد درأ الشرع عن فلانة وهو عين ما اقر به فيدرأ عنة ضرورة بلا خلاف ما لو أطلق فقال إني زنيت فيحتمل كذبة لكن لا موجب شرعي يدفعه وبخلاف ما لو كانت غائبة
لان الزنا لم ينتفي في حقها بدليل يوجب النفي ويتفق رأي أبو يوسف ومحمد مع رأي ألائمه الثلاثة.(29)
شروط الإقرار
يشترط في الإقرار الذي يوجب أقامه الحد علي المقر ما يلزم من الإقرار في الحدود بوجه أم ففضلا عن وجوب صدوره من البالغ العاقل فانه يلزم فيه.
أولا: إن يكون حرا صريحا منصبا علي واقعة الزنا نفسها بغير لبس أو غموض فيلزم أن ينصب الإقرار علي فعل الوطء المحرم فإذا انصب علي ما دونه من أفعال فلا حد وإنما تعزيز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(28) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 435 و راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 85
(29)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206& 207
ثانيا: أن يكون الإقرار موافقا للحقيقة مطابقا للواقع فلو كذبه واقع الحال فلا يعتد به فلا يعتد بإقرار المجبوب حيث لا يتصور وقوع الزنا منه لعدم وجود اله الزنا عنده خلافا للعنين أو الخصي لوجود اله الفعل لدي كلا منهما.
ثالثا: أن يصد الإقرار عند من له ولاية إقامة الحدود أي في مجلس القضاء لان ماعز قد اقر علي نفسه بالزنا بين يدي رسول الله صلي الله علية وسلم.
رابعا: إلا يرجع المقر في إقراره حتى تنفيذ الحد علية لان الرجوع يورث شبهه فيسقط الحد وذلك ما لم يكن الحد ثابت أيضا بالشهادة فقد ذكر للرسول صلي الله علية وسلم محاولة ماعز الهروب من أقامه الحد علية فرد صلي الله علية وسلم قائلا هلا تركتموه يتوب فيتوب الله علية" مما يدلل علي أن الرجوع في الإقرار صراحة أو حكما يسقط إقامة الحد.(30)
مدي اشتراط تكرار الإقرار من عدمه
يري الإمام مالك والشافعي أن يكفي الإقرار مرة واحد فقط لان الإقرار إخبار والإخبار لا يزيد بالتكرار ولان الرسول صلي الله علية وسلم قال " وعديا يا انس إلي امرأة ذلك فان اعترفت فارجمها" فعلق الرجم علي مجرد الاعتراف والظاهر الاكتفاء بأقل ما يصدق علية
اللفظ وهو المرة الواحدة أما إعراض الرسول صلي الله علية وسلم عن ماعز حتى اقر علي نفسه أربع مرات فيرجع إلي إن الرسول صلي الله علية وسلم استنكر عقلة ولذ أرسل إلي قومه مرتين يسألهم عن عقلة حتى اخبروه بصحته فأمر برجمه.
أما الإمام أبو حنيفة ومن وافقه فيشترط أن يكون الإقرار أربع مرات فلا يثبت الزنا إلا بالإقرار أربع مرات مرة بعد مرة مع وجود العقل والبلوغ وذلك لضرورة التثبت قبل إقامة حدود الله (31)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(30)راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 206& 207
(31) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 433 و راجع كتاب القفه علي المذاهب الاربعه لعبد الرحمن الجزيري كتاب الحدود ص 83
المبحــث الرابع
عقوبة الزنا
كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام هي الحبس في البيوت والإيذاء بالتعبير او الضرب والأصل في ذلك قول الله تعالي " والأتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتي يتوفاهم الموت او يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فأذوهما فان تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما" (32).
وقد اختلف الفقهاء في تفسير هذين النصين فرأي البعض ان النص الأول جاء بحكم منفصل للنساء فقط دون الرجال وان النص الثاني عطف علي النص الأول عطفا متصلا بقول الله تعالي " واللذين يأتيانها منكم" فكان هذا حكما زائدا للرجال مضافا الي ما قبلة من حكم النساء .
ورأي البعض الأخر ان النص الأول مبين لعقوبة الثيب وان النص الثاني مبين لعقوبة البكر .
ومن المتفق علية ان حكم هذين النصين نسخا بقول الله تعالي " والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم يهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ولشهد عذابهم طائفة من المؤمنين "(33) ويقول رسول الله صلي الله علية وسلم " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة" .
وقد استقر الحكم بعد ذلك علي جلد غير المحصن وتغريبه وعلي رجم غير المحصن .
عقوبة البكر الزاني:
اذا زنا البكر سواء كان رجلا او امرأة عوقب بعقوبتين أولهما الجلد والثانية هي التغريب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32)سورة النساء الاية 15&16
(33)سورة النور الاية 2
لقول الرسول صلي الله علية وسلم البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام.
ويلاحظ ان الشريعة تفرق بين عقوبة الاحرار وعقوبة الارقاء في الزنا فتخفف من عقوبة الرقيق وتشدد من عقوبة الحر مراعية في ذلك ظروف كلا منهما .
عقوبة الجلد
وعلي ذلك فانه اذا زنا البكر عوقب بالجلد مائة جلدة وهذه العقوبة هي عقوبة حدية أي مقدرة فليس للقاضي ان ينقص منها او يزيد عليها لأي سبب من الأسباب او ان يستبدلها بغيرها كما ان ولي الآمر لا يملك شيا في ذلك ولا يملك العفو عنها كلها او بعضها.(34)
عقوبة التغريب
يختلف الفقهاء في عقوبة التغريب وذلك علي النحو التالي
يري الإمام ابوحنيفة والصحابة والشيعة والزيدية ان عقوبة التغريب ليس واجبا ولكنهم يجيزون للإمام ان يجمع بينها وبين الجلد اذا دعت لذلك المصالحة او ان يقتصر علي عقوبة الجلد فعقوبة التغريب ليست عنهم حدا كالجلد إنما هي عقوبة تعزيزيه .
ويري الإمام مالك والشافعي واحمد وجوب الجمع بين الجلد والتغريب ويعتبرون التغريب حدا كالجلد وحجتهم في ذلك حديث رسول الله صلي الله علية وسلم " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام."
ويري الإمام مالك ان التغريب جعل للرجل دون المرأة لان المرأة تحتاج الي حفظ وصيانة ولان الأمر لا يخلو ان غربت ان تغرب ومعها محرم او ان تغرب دون محرم والأصل انه لا يجوز ان تغرب دون محرم لقول النبي صلي الله علية وسلم "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر ان تسافر مسيرة يوم وليله الا مع ذي محرم" ولان تغريبها بغير محرم إغراء لها بالفجور وتضيع لها ان غربت بمحرم افض الي التغريب من ليس بزاني ونفي
من لا ذنب له وان كلفت بحمل أجرته ففي ذلك زيادة علي عقوبتها بما لم يرد به شرع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(34) راجع المرجع السابق للدكتور نجاتي السيد احمد ص 219
وبما لا يمكن ان يحدث مثله للرجل.
وقد اختلف الفقهاء في ماهية التغريب فقال مالك وابوحنيفه ان التغريب معناه السجن فيحبس المغرب في البلد المغرب لها لمدة سنه وهذا الرأي الزيديون .
ويري الشافعي واحمد ان التغريب معناه النفي من البلد الذي حدث فيه الزنا الي بلد أخر علي ان يراقب المغرب بحيث يحفظ بالمراقبة في البلد الذي غرب إلية ولا بحيث فيه(35).
عقوبة المحصن
فرقت الشريعة الإسلامية بين عقوبة الزاني المحصن عنه اذا كان بكرا فخففت عقوبة البكر وشددت عقوبة المحصن فجعلت عقوبة البكر هي الجلد أما المحصن فعقوبته هي الرجم والرجم هو القتل رميا بالحجرة او ما أشبة .
وعلة التخفيف علي البكر هي علة التشديد علي المحصن فالشريعة الإسلامية تقوم علي الفضيلة وتحرص علي الإخلاص والإعراض والانساب من التلوث والاختلاط وتوجب علي الإنسان ان يجاهد شهوته ولا يستجيب لها الا من طريق الحلال وهو الزواج كما يتوجب علية كما يتوجب علية اذا بلغ الباءة ان بتزوج حتي لا يعرض نفسه الي الفتنة او يحملها ما لا تطيق فإذا لم يتزوج وغلبته علي عقلة وعزيمتي فعقابه ان يجلد مائة جلدة ويغرب سنه وشفيعة في هذه العقوبة الخفيفة الزواج الذي أدي به الي الجريمة إما اذا تزوج فأحصن ثم أتي الجريمة فعقوبته الجلد والرجم لان الإحصان يسد الباب علي الجريمة ولان الشريعة لم تجعل له بعد الإحصان سبيلا الي الجريمة فلم تجعل الزواج أبديا حتي لا يقع في الخطيئة احد الزوجين اذا فسد ما بينهما وأباحت للزوجة ان تجعل للزوجة العصمة في يدها وقت الزواج كما أباحت لها ان تطلب الطلاق للغيبة والمرض والضرر والإعسار وأباحت للزوج الطلاق في كل وقت وأباحت له الزواج بأكثر من واحدة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(35) راجع المرجع السابق للدكتور عبد القادر عوده ص 384
علي ان يعدل بينهما وبهذا فتحت الشريعة للمحصن أبواب الحلال وأغلقت دونهما باب الحرام فكان عدلا وقد انقطعت الأسباب التي تدعوا للجريمة .
ويتبن من حديث رسول الله صلي الله علية وسلم ان عقوبة الزاني المحصن هي الجلد مائة جلدة والرجم بالحجارة الا ان جمهور الفقهاء ابوحنيفة ومالك والشافعي ورواية في مذهب احمد يكتفون برجم الزاني المحصن بغير جلد لان الني صلي الله علية وسلم لم يجلد ماعز او الغامدية قبل رجمهما وهكذا كان نهج عمر وعثمان والصحابة من بعدهم فعقوبة الجلد عندهم قد نسخت
وفي رواية لأحمد وعند الظاهرية والزيدية انه يلزم الجمع بين الجلد أولا ثم يعقبه الرجم اعملا بحديث الرسول صلي الله علية وسلم وسنته فقد روي عن علي رضي الله عنة انه جلد شارحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة قائلا جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنه رسوله وعندنا .
وهناك رأي في الفقة يري ان الثيب اذا كان شيخا جلد ورجم وان كان شابا رجم ولم يجلد لما روي عن آبي ذر قال الشيخان يجلدان ويرجمان والثيبان يرجمان والبكران يجلدان وينفيان وعن أبي كعب ومسروق مثل هذا ولعل أساس هذا الرأي ان زنا الشيخ مكروه وان الرسول صلي الله علية وسلم قال " ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم شيخ زان وملك كذاب وعامل مستكبر "
معني الإحصان
يعرف بعض الفقهاء بان من جامع في نكاح صحيح ولو مرة ومؤدي هذا التعريف انه لا يكون محصننا ومن ثم غير مستحق للرجم اذا زنا:-
أولا/ من جامع في نكاح فاسد فجمهور الفقهاء يشترطون في النكاح الذي يتحقق به الإحصان ان يكون بعقد صحيح وان كان العقد فاسدا فان الوطء فيه يكون في غير ملك فلا يحصل به الإحصان كالوطء في ألشبهه.
ثانيا/ من لم يجامع ولو في عقد صحيح اذا كان عقد النكاح صحيحا ولكن لم يحصل فية جماع بين الزوجين فان أيهما لا يعد محصننا لان العلة في تشديد العقاب علي المحصن هي انه قادر علي قضاء شهوته بطريق مشروع فان هو عدل عنه الي ما حرمة الله كان خليقا بعقاب مشدد وهذه العلة لا يكون لها وجود اذا كان المتزوج لم يفرغ شهوته بالفعل ولا يتحقق الإحصان الا بالجماع أي بالوطء في القبل الذي تغيب فيه حشفة الذكر أم مثلها في فرج الزوجة إما ما دون ذلك من تقبيل او خلوة او إتيان الدبر او مفاخرة لو مع إنزال فلا يتحقق به معني الإحصان وكذلك الحال بالنسبة لمن تزوجت مجبوبا او صغيرا يستحيل علية الجماع.
فالمرأة لا تعتبر ثيبا في أي من هذه الحالات فتبقي علي بكارتها ولا تطبق بشأنها سوي عقوبة الزانية البكر الجلد مائة
وهناك رأي في الفقة يري ان الثيب اذا كان شيخا جلد ورجم وان كان شابا رجم ولم يجلد لما روي عن آبي ذر قال الشيخان يجلدان ويرجمان