من البديهي ان كل فعل جرمي توازنه عقوبة محددة، تتلاءم وخطورة المرتكب ذاته فمتى طغت البساطة على الفعل المذكور اتسمت العقوبة المستحقة بالتخفيف أو الليونة وعلى النقيض من ذلك إذا كانت الخطورة السمة المقترنة بالفعل الجرمي اشتدت العقوبة الموازنة له واتصفت بالصرامة .
وما من شك أن كل متتبع لطبيعة العقوبات المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب (03-03) سيرصد ملاحظة ميدانية شعارها الأول : الصرامة والتشدد وانسجاما مع الخصوصية والخطورة والاستثنائية التي تقترن بالجريمة الإرهابية غايته في ذلك زجر المجرم الإرهابي وردعه عن اقتراف تلك الجرائم المخلة بأمن الجماعة ومصالحها، وصيانة المجتمع من الفوضى الفساد، وطمأنة عموم المجتمع من كل ترويع أو رعب أو ذعر يمس بالأمن العام والنظام العمومي
وإذا كنا نشاطر المشرع المغربي في معرض تقنية للعقوبات الجزائية المقررة للجرائم الإرهابية فإن لنا مؤاخذة في هذا المضمار مضمونها ينصرف إلى إغفال تجريم مجموعة من الأعمال الموازية المرتبطة بالجرائم الإرهابية وتضييق الخناق عن حدود ومدى سريان البعض منها وعدم تعزيز هذه العقوبات بتدابير وقائية شخصية وعينية كافية… من شأنها تفادي الخطر المستقبلي الذي يحمله ويشكله المجرم الإرهابي وتفادي ارتكاب أعمال إرهابية جديدة في المستقبل أو على الأقل تسريب أفكاره المتطرفة او إشاعتها بين عموم المواطنين.
سنتطرق في هذا الفصل إلى المشاركة وارتكاب الفعل الأصلي في الجريمة الإرهابية في مبحث أول والعقوبات المقررة للأشخاص الطبيعية في قانون مكافحة الإرهاب في مبحث ثاني :

المبحث الأول : المشاركة وارتكاب الفعل الأصلي في الجريمة الإرهابية
إن الجريمة الإرهابية وعلى غرار الجريمة الكلاسيكية تحيلنا من حيث تصور إمكانية اقترافها على احتمالين أساسيين فإما أن ترتكب من طرف فاعل واحد، فاعل الأصلي وأن تعددوا يصبحوا مساهمين فتسمى جريمة فردية ، حيث ترتبط بمشروع فردي غايته المس بالنظام العام وزعزعة الاستقرار والأمن عبر إشاعة الترهيب والذعر بين أفراد المجتمع اما أن ترتكب لنفس الغاية- من طرف مجموعة من الأفراد الذين يوزعون الأدوار فيما بينهم في سياق عملية التنفيذ فنكون والحالة هذه أمام جريمة إرهابية جماعية … هذه الحالة التي تتوزع بدورها من حيث الأفراد المكونين لها ما بين مساهمين او مشاركين فما هي تجليات موضوع المشاركة والمساهمة في ظل الجريمة الإرهابية ؟

المطلب الأول : المشاركة في الجريمة الإرهابية .
ينص الفصل 6-218 ق ج على أنه :” بالإضافة إلى حالات المشاركة المنصوص عليها في الفصل 129 من هذا القانون، يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة كل شخص يقدم عمدا لمن يرتكب فعلا إرهابيا أو يساهم أو يشارك فيه ، أسلحة او ذخائر .
فالجريمة كمشروع إجرامي إما أن يتم تنفيذها من طرف شخص لوحده فيسمى فاعلا أصليا، وإما أن يتم هذا التنفيذ مع الغير أي من طرف عدة أشخاص وفي هذه الأخيرة فإننا سنتواجد من الناحية القانونية في مواجهة إحدى الحالتين:
الحالة الأولى التي تعبر عنها المشرع الجنائي بالمساهمة
الحالة الثانية والتي عبر المشرع الجنائي بالمشاركة
الفقرة الأولى : الأساس القانوني في المشاركة
نظم المشرع الجنائي المشاركة في الفصل 129 ق ج، وفي هذه الحالة يقوم بالتفنيذ المادي للجريمة بعض الجناة (مساهمون) او أحدهم (فاعل أصلي) أما الباقون فيقتصر دورهم على المساعدة وذلك بقيامهم بأعمال ثانوية لا تصل إلى مرتبة القيام بكل أو بعض أفعال التنفيذ المادي للجريمة او للمحاولة فيها أي أنهم يقومون بأعمال ثانوية لا تعتبر مشكلة لوقائع الجريمة بحسب التعريف القانوني لها
ولصعوبة إلا لتمييز من الناحية العلمية بين المساهمة والمشاركة فقد أعلن المشرع على تذليل هذه الصعوبة حيث تعرض في الفصل 129 ق ج لتحديد الأعمال التي تسمح بخلع صفة شريك في الجناية أو الجنحة على فاعل ما – دون المخالفات التي لا عقاب على المشاركة فيها فنص على أنه :” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها ولكنه أتى أحد الأفعال الأتية :
ا-أمر بارتكاب الفعل او حرض على ارتكابه وذلك بهية أو وعد او تهديد او إساءة أو استغلال سلطة أو ولاية او تحايل او تدبير إجرامي.
ب-قدم أسلحة او أدوات او أية وسيلة اخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها تستعمل لذلك.
ج-ساعد او أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك.
د-تعود على تقديم مسكن او ملجأ او مكان الاجتماع لواحد او أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية او العنف ضد امن الدولة او الأمن العام او ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي.
فبناء على أحكام الفصل 129 المذكورة يمكن تحديد صور المشاركة فيما يلي :
*إما بأمر الشخص بارتكاب جريمة معينة
*إما أن يتم بالتحريض على ارتكاب الجريمة بالسائل التي ذكرها المشرع أي بالهبة او الوعد او التهديد… إلخ وإن يكون التحريض مباشرة أي الدفع بالمحرض إلى ارتكاب الجريمة مباشرة.
*أمـا عن طريق المساعدة سواء بتقديم الأسلحة او الأدوات او أية وسيلة
أخرى بهدف استعمالها في تنفيذ الجريمة .
*إما بالمساعدة في الأعمال التحضيرية أو المسهلة لارتكاب الجريمة
*إما عن طريق إيواء اشرار الممارسين للصوصية او العنف مع الاعتداء على هذا الإيواء.
والخلاصة إن المشاركة مصطلح قانوني حدد المشرع في الفصل 129 ق ج الوقائع التي يكتسب بها الشخص صفة مشاركة او شريك في الجريمة الأصلية ، وهذا يعني الامتناع عن متابعة أي كان عن نشاط ومهما كان خطيرا كشريك مالم يدخل هذا النشاط تحت حكم إحدى الفقرات الأربع التي أتى بها الفصل 129 ق ج .
الفقرة الثانية : شروط قيام المشاركة
اعتنق المشرع نظرية الإستعارة وعملا بأحكام الفصل 129 ق ج فإن الشخص لا يمكن أن يسأل باعتباره مشاركا في الجريمة في القانون المغربي إلا إذا توافرت الشروط التالية :
*ضرورة علم المشارك بما ينوي الفاعل الأصلي القيام به من أنشطة مجرمة مما سيتتبع فرضا توجيهه لإرادته لتحصيلها وذلك حتى يتحقق لديه القصد الجنائي المطلوب في الاشتراك على اعتبار أن هذا الأخير يشكل دائما جريمة عمدية وهذا الشرط تعرض له الفصل 129 ق ج وتطلب تحقيقه صراحة في كل الفقرات الأربع المحددة لوسائل الاشتراك .
*ارتباط العقاب على المشاركة بوجود جريمة معاقبة ارتكبت من طرف فاعل أصلي أو من طرف عدة مساهمين ، ويترتب على ذلك أنه إذا لم ترتكب الجريمة أصلا او وقع العدول عن ارتكابها عدولا اختياريا بعد أن بدئ في تنفيذها او القيام بعمل لا لبس فيه بهدف مباشرة إلى ارتكابها، فإن المحرض عليها أو الذي قدم سلاحا بغرض تنفيذها لا يعاقب ولا يعاقب المشارك أيضا إذا كان الفاعل الأصلي الذي ارتكب الجريمة غير ممكن معاقبته بسبب سقوط الدعوة العمومية.
*أن تكون الجريمة التي أثارها الفاعل الأصلي جنائية أو جنحة إما إذا كانت مخالفة فلا مشاركة فيها
*ضرورة قيام علاقة بين النشاط الذي أتاه المشارك وبين تنفيذ الجريمة من طرف الفاعل الأصلي .
الفقرة الثالثة : عقاب المشاركة
ينص الفصل 130 ق ج على أن ” المشاركة في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية او الجنحة ولا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف او إعفاء من العقوبة إلا لمن تتوافر فيه . اما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة والتي ترفع العقوبة او تحفضها فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لجميع المساهمين او المشاركين في الجريمة ولو كانوا يجهلونها.
يظهر من محتوى المادة السابقة ما يلي :
-إن عقوبة المشاركة في نص العقوبة المقررة الجناية أو الجنحة التي تطبق على الفاعل الأصلي
-يتأثر الشريك طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 130 ق ج بالظروف المادية العينية المتعلقة بالجريمة والتي تشدد العقوبة او المخففة لها .
-لا يتأثر الشريك عملا بالفقرة الثانية من الفصل 130 ق ج بالظروف الشخصية للجاني والتي يقضي توافرها فيه إلى التشديد او الإعفاء أو التخفيف عليه من العقوبة ما لم تتوفر في الشريك شخصيا .

المطلب الثاني : ارتكاب الفعل الأصلي في الجريمة الإرهابية

الفاعل الأصلي هو الذي يقوم بالفعل المادي للجريمة شخصيا وان تعددوا يصبحون مساهمين، والمساهمة يكون فيها كل واحد من الفاعلين قام شخصيا بتنفيذ بعض الأعمال المكونة للجريمة كما يعرفها النص الجنائي والمساهم بالمفهوم السابق هو ما عبر عنه المشرع الجنائي في الفصل 128 ق ج لما قال :” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من الأعمال التنفيذ المادي لها “.
لكن بالرجوع لمجموعة القانون الجنائي نجد المشرع قد خرج على القاعدة العامة السابقة الواردة في الفصل 128 السالفة الذكر والتي تقم صفة المساهم على كل من أتى عملا من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة واعتبر المساهمة قائمة أيضا في بعض الحالات التي لم يقم فيها الشخص بتنفيذ أي عمل يدخل في الركن المادي للجريمة وذلك بنصوص خاصة كما في المادة 304 ق ج ، و405 و 406 ق ج، وبالرجوع إلى الفقه نجده يعتبر بأن المساهمة تتحقق أيضا:
أولا : في كل حالة يتبين فيها وجود الاتفاق والتصميم بين شخصين أو أكثر على اتمام تنفيذ الجريمة حتى ولو كان النشاط الذي قام به أحدهم تنفيذ الاتفاق لا يدخل في الرن المادي للجريمة.
ثانيا : في كل حالة يثبت فيها سبق وجود اتفاق مصمم عليه بين عدة أشخاص على ارتكابب جريمة من جرائم ويتم هذه الأخيرة بالفعل ولكن بجهل من قام – منهم – بالتنفيذ المادي لها حيث يعتبرون كلهم مساهمين.