مقدمة،
لقد نظم المشرع المغربي حق الملكية دستوريا حيث نص من خلال الفصل 35 من الدستور على ان الملكية حق مضمون ولا يمكن الحد من نطاقه وممارسته إلا بمقتضى القانون .
ويخول هذا الحق لصاحبه بمقتضى المادة 14 من مدونة الحقوق العينية حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، وهذه السلطة لا يقيدها إلا القانون والاتفاق، ومن بين هذه القيود التي تحد من سلطة المالك على ملكه وتمنعه من ان يستعمله فيما يتعارض مع مصالح الجماعة نجد حق الشفعة وحق الأفضلية فيما يخص الملكية المشتركة وكذا بيع الصفقة .
وان هذه القيود لا تعد حدا لمبدأ تقديس حق الملكية بل على العكس من ذلك فهو تكريس للتوازن الذي يسعى القانون الى تحقيقه بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
ونجد ان أحكام الشفعة كانت مثناترة بين ظهير 2 يونيو 1915 الملغى وظهير 12 غشت 1913 المنظم لقانون الالتزامات و العقود، والفقه المالكي .
الأمر الذي كان يتسم لا فقط بازدواجية الأحكام بل وتناقضها أحيانا، وبصدور مدونة الحقوق العينية حاول المشرع المغربي لم شتات النصوص المنظمة لحق الشفعة، غير ان ما يعاب عليه هو إغفاله لتنظيم بيع الصفقة من خلال نصوص هذه المدونة .
ومن خلال دارستنا هذه سنحاول بحث كل من أحكام حق الشفعة وبيع الصفقة من خلال مدونة الحقوق العينية ومذهب الفقه المالكي.
وذلك من خلال التصميم التالي:
مقدمة
المبحث الأول: الشفعة
المطلب الاول : اركان الشفعة و أحكامها
الفقرة الاولى :أركان الشفعة .
الفقرة الثانية :أحكام الشفعة
المطلب الثاني :آجال ممارسة حق الشفعة و اجر ائتها.
الفقرة الاولى :اجل ممارسة حق الشفعة .
الفقرة الثانية :الإجراءات المسطرية للممارسة الشفعة
الفقرة الثالثة :آثار الشفعة
المبحث الثاني : الصفقة
المطلب الاول: شروط بيع الصفقة و آثارها
الفقرة الاولى: شروط الصفقة
الفقرة الثانية: آثار بيع الصفقة
المطلب الثالث: علاقة الشفعة بيع الصفقة
الفقرة الأولى: أوجه التشابه
الفقرة الثانية: أوجه الاختلاف
* * *
المبحث الأول: الشفعة
الشفعة في اللغة، من الشفع وهو ضم الشيء الى مثله، واصطلاحا حسب ابن عرفة المالكي (استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه)
كما عرفها المشرع في مدونة الحقوق العينية في المادة 292 كما يلي :
"الشفعة أخذ شريك في ملك مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء"
وتظهر مشروعيتها بالأساس في رفع ضرر الشياع الذي قد يحدثه شريك جديد غير مرغوب فيه وهو المشتري، ووضع حد لتجزئة العقار واستعمال الملك المشترك.
هذا و باعتبار الشفعة نظام قانوني فلها أركانها الخاصة بها وأحكام تميزها عن غيرها من الأنظمة التي قد تبدو مشابهة.
المطلب الاول : أركان الشفعة و أحكامها.
الفقرة الاولى : أركان الشفعة
أركان الشفعة أربعة:
1) الشفيع – 2) المشفوع منه – 3) المشفوع به – 4) الشيء المشفوع
أولا : الشفيع:
الشفيع هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار مشاع او حق عيني مشاع، ولكي يتأتى للشفيع ممارسة حق الشفعة فلا بد من توافر مجموعة من الشروط التالية :
1. ان يكون شريكا بجزء شائع في العقار المطلوب شفعته، على ان يستمر هذا الشياع إلى تاريخ البيع كما أشار إلى ذلك ابن عاصم في التحفة بقوله:
وفي الأصول الشفعة مما شرع في ذي الشياع وبحد تمتنع1
وهذا الشرط أكدته كذلك مدونة الحقوق العينية في معرض تعدادها في المادة 293 لشروط صحة طلب الشفعة، فلا يمكن الحديث عن الشفعة في حالة انتفاء الشركة، وبالتالي فلا شفعة لجار خلافا لأبي حنيفة، ولا حتى الشريك بمساحة معينة أو جزء معين لان ذلك في حكم المقسوم .
وقد جاء في قرار لمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا – تحت عدد 8 الصادر بتاريخ 06-01-1998 ما يلي:
"اذا وقع البيع على بقعة ارض مفرزة، محددة المساحة ،فلا شفعة لانتفاع الشياع، لان كلا المالكين يعتبر جارا و لا شفعة لجار"2
وكما ان لا شفعة لمن كان شريكا وانتهت شركته، لإحدى الأسباب التالية:
بالهلاك الكلي للشيء المشاع شركته .
بيع الشركاء على الشياع حصصهم لأجنبي ، او بيع فريق منهم حصصهم لأحدهم أو بتبرعهم عليه بتلك الحصص
بإجراء قسمة بتية في الشيء المشاع لا قسمة المنفعة .
-------------------------
1 ذ سليمان الحمزاوي ، أحكام الشفعة و الصفقة ،سلسلة دروس المعهد -1983ص11
2 ذ محمادي لمعكشاوي ، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء ، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء ص 232