مراحل سن التشريع

يتم سن التشريع العادي في المغرب وفقا لدستور المغربي عبر المراحل التالية:

الفقرة الأولى:-المبادرة التشريعية في المجال القانون العادي: هي وضع مشروع على البرلمان لإبداء الرأي فيه، وهي قد تتم من جانب البرلمانيين وقد تتم من جانب الحكومة ويستحق وزير الأول وكل عضو من أعضاء البرلمان بمبادرة التشريعية ،وفقا لفقرة الأولى لفصل 52 من الدستور المغربي حيث تنص على أن ” للوزير الأول ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين” ،باستثناء الاقتراحات والتعديلات التي تؤدي إلى تخفيض الموارد العمومية أو الزيادة في تكاليف موجودة؛ كما جاء في الفصل 51 من الدستور، وتحال مشاريع ومقترحات القانون على اللجنة البرلمانية التي تستمر عملها خلال فترات الفاصلة نظرا لفصل 54 من الدستور لدراستها وتقديمها للجلسة العمومية في البرلمان حين اجتماعه خلال دوراته. (11)

فهذه المبادرة تأتي على النوعين نظرا للجهات التي تقوم بها.

أولا:- مشروع القانون:هي عبارة عن مبادرة التشريعية التي تتم تقديمها من جانب الحكومة، و يتم تقديم هذا المشروع من طرف وزير الأول حين شعور الحكومة بالحاجة إلى سن قانون معين، بعد تداوله من المجلس الوزاري نظرا لفصل 66 من الدستور المغربي. حيث جاء في الفقرة الخامسة من هذا الفصل تحال على المجلس الوزاري مشاريع القوانين قبل إيداعها بمكتب أي من مجلسي البرلمان.

ثانيا:- مقترح القانون: هي مبادرة تشريعية التي تتم من طرف أحد أو جمع من البرلمانيين سواء من مجلس النواب أو المستشارين.

الفقرة الثانية:- مرحلة المناقشة و التصويت:

بعد وضع المشاريع ومقترحات القوانين في أحد مجلسي البرلمان ، حينئذ يحال على لجان مختصة لأجل النظر فيه ، هذه اللجان تعمل خلال الفترات الفاصلة بين الدورات ، ويستمر عملها المتمثل في دراسة مشاريع ومقترحات القوانين و لها حق التعديل ، وهذا الحق كما هو ثابت لأعضاء البرلمان ، ثابت أيضا لأعضاء الحكومة ، وكذالك للحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة المختصة التي يعنيها الأمر.

ويتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو اقتراح قانون بغية التوصل إلى اتفاقهما على نص واحد ، ويتداول المجلس المعروض عليه الأمر أولا في نص مشروع القانون المقدم من الحكومة أو نص اقتراح القانون المسجل في جدول أعماله، بينما يتداول المجلس الثاني الذي يحال إليه نص سبق التصويت عليه من المجلس الآخر في النص المحال إليه نظرا لفصل 58 من الدستور . و وفق الفصل 57 من الدستور يبت المجلس المعروض عليه النص بتصويت واحد في النص المتناقش فيه كله أو بعضه إذا ما طلبت الحكومة ذالك مع الاقتصار على التعديلات المقترحة أو المقبولة من طرف الحكومة.

الفقرة الثالثة:- مرحلة التصديق:

بعد إتمام المناقشة و التصويت، يلزم تواجه هذا النص المصوت من جانب الحكومة إلى الخاتم الملكي وهذه الحالة تسمي بحالة التصديق. ونظرا لفصل 67 من الدستور المغربي يكون للملك أن يطلب من مجلسي البرلمان بقراءة جديدة للاقتراح.

كما يمكن للملك أن يستفتي شعبه بمقتضى ظهير شريف في شان كل مشروع أو اقتراح قانون بعد أن يكون المشروع أو الاقتراح قد قرأ قراءة جديدة ، الهم إذا كان نص المشروع أو الاقتراح قد أقر أو رفض في كل من المجلسين بعد قراءته قراءة جديدة بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم . الفصل 69 من الدستور . ونتائج الاستفتاء تلزم الجميع نظرا لفصل 70 من الدستور المغربية، فإذا وافق الشعب بالاستفتاء على مشروع قانون و رفضه البرلمان يكون للملك في هذه الحالة حل المجلسين أو أحدهما.

الفرع الثاني: مراحل نفاذ التشريع

مشروع أو مقترح القانون قبل أن يكتسب صفة الإلزام ويخرج إلى ميدان التنفيذ والعمل يلزم أن يمر من المرحلتين الأخيرتين وهما الإصدار والنشر، سنتكلم عن كلتا المرحلتين خلال فقرتين.

الفقرة الأولى:- مرحلة ‘إصدار التشريع: الإصدار عمل قانوني تتولاه السلطة التنفيذية بغرض تثبيت وجود التشريع وهذه العملية تتم في المغرب من طرف الملك بتصدير أمر لتنفيذ القانون خلال ثلاثين يوما لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه نظرا لفصل 30 من الدستور المغربي . (12)

يتضمن إصدار التشريع معنيين:

الأول - الإقرار بأن هناك تشريع قد سن وفق الدستور، و هو ما يعتبر بشهادة ميلاد التشريع وتسجيلا لوجوده القانوني.

الثاني – التكليف لجميع رجال السلطة التنفيذية في الدولة بتنفيذ التشريع .

كما قلنا إن التشريع في المغرب تتم إصداره من طرف الملك عن طريق ظهير شريف لتنفيذه و وضع طابع ملكي بداخله .

الفقرة الثانية:- مرحلة نشر التشريع: يقصد بنشر التشريع إبلاغه إلى علم العموم المخاطبين بأحكامه، و منحهم فرصة معينة لمعرفة تلك الأحكام المترتبة على هذا القانون الجديد.

و يلزم أن يتم نشر القانون بجريدة رسمية بلغة رسمية للبلد، حتى لا يعتذر أي مخاطب بجهله للقانون، لأن المؤاخذة على قانون التي لم يتم إخباره إلى علم الناس لا يعد عدلا من جهة، كما لا يجوز لأحد الاعتذار بجهل القانون من جهة أخرى. (13)

وجدير بالذكر أن نتحدث هنا شيئا ما بتفصيل عن نطاق تطبيق هذا المبدأ “عدم الاعتذار بجهل القانون” واستثناءات الواردة عليه .

أولا: لتطبيق هذا المبدأ ذهب فريق من الفقهاء على أنه لا يمكن تطبيق هذا المبدأ إلا في مجال القواعد الآمرة دون المكملة حتى بعض منهم يقتصر على العلم بها للبعض من القواعد الآمرة كالقواعد الجنائية خاصة بينما ذهب فريق ثاني إلى القول بأن قاعدة عدم الاعتذار بجهل القانون قاعدة مطلقة تنطبق على القواعد المكملة والآمرة نظرا لخاصية إلزامية القانون سواء كان من أي نوع منه .

ثانيا: إذا كانت القاعدة هي أنه لا يعذر أحد بجهله للقانون إلا أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء في حالة استحالة العلم بالقانون بسبب قوة قاهرة كاندلاع حرب و احتلال العدو لإحدى مناطق الدولة.