سنحاول دراسة العقوبات الأصلية وأخرى إضافية في قانون مكافحة الإرهاب في ( المطلب الأول) والتدابير الوقائية الشخصية والعينية في ( المطلب الثاني) .

المطلب الأول : العقوبات الأصلية والعقوبات الإضافية في قانون مكافحة الإرهاب .

سنتطرق في هذا المطلب إلى العقوبات الجنائية الأصلية (فقرة الأولى) وإلى العقوبات الجنحية الأصلية (فقرة ثانية ) أما (الفقرة الثالثة) فسوف نخصصها إلى العقوبات الإضافية المقررة وللأفراد في قانون مكافحة الإرهاب.

الفقرة الأولى : العقوبات الجنائية الأصلية

ينص قانون مكافحة الإرهاب في الفصول 2. 218 – 3. 218 – 4. 218 و7. 218 على ثلاثة أصناف تكون كلها مجال العقوبات الجنائية الأصلية والتي يمكن تحديدها كما يلي :

أولا : عقوبة الإعدام

تعتبر عقوبة الإعدام أخطر عقوبة تهدد كيان الإنسان وحياته ولقد عرفت جدلا كبيرا في الفقه مند عدة قرون ، ولكن على الرغم من ذلك فقد استقرت العديد من التشريعات الجنائية على الأخذ بها والحكم في العديد من الجرائم خاصة في الجرائم الإرهابية والمشرع المغربي بدوره تبناها في عدد كبير من الجرائم الإرهابية حيث أن جل الجرائم الواردة في الفصل 1.218 عاقب عليها بالإعدام، وذلك رغم وجود بروتوكول صادر عن الأمم المتحدة يدعو إلى التخلي عن عقوبة الإعدام، بالإضافة إلى الفصل الثالث من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي ينص على حق كل فرد في الحياة والحرية وأمن شخصه.

وفيما يخص تنفيذ عقوبة الإعدام المشرع المغربي خصص لها الفصول من 19 إلى 23 من القانون الجنائي والفصول من 648 إلى 652 من قانون المسطرة الجنائي .

ثانيا : عقوبة السجن المؤبد او المؤقت


السجن بنوعيه المؤقت ( من 15 إلى 30 سنة ) أو المؤبد يعد من أقصى العقوبات السالبة للحرية التي نص عليها المشرع في قانون مكافحة الإرهاب للجنايات في الجريمة الإرهابية كعقوبة أصلية .
وطبقا للفصول 24 من القانون الجنائي فإن هذه العقوبة تنفذ داخل سجن مركزي مع الانفراد ليلا كلما سمحت بذلك وضعية السجن والشغل نهارا يكون إجباريا فيما عدا ثبوت حالة العجز البدني، كما أن الاشتغال خارج مؤسسة السجن غير مسموح به إطلاقا للسجين قبل أن يقضي عشر سنوات من العقوبة إذا كان محكوما عليه بالسجن المؤبد أو قبل أن يقضي ربع العقوبة إذا كان محكوما عليه بالسجن المؤقت .

الفقرة الثانية : العقوبات الجنحية الأصلية

عقوبة الحبس هي العقوبة الجنحية الأصلية الوحيدة التي وردت في قانون مكافحة الإرهاب نص عليها الفصل 2. 218
وهكذا فقد نص هذا الفصل على أنه ” يعاقب بالحبس من سنتين إلى ست سنوات وغرامة تتراوح بين 10000 و 200000 درهم كل من أشاد بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع او المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية ” طبقا لهذا الفصل فإن العقوبة الجنحية الأصلية يمكن أن تفوق عقوبة الجنحة التي هي خمس سنوات كما لا يمكن أن تنزل عن سنتين.

الفقرة الثالثة: العقوبات الإضافية المقررة للإفراد في قانون م . ا .

تكون العقوبة إضافية حسب الفقرة الثانية من الفصل 14 من القانون الجنائي عندما لا يسوغ الحكم بها وحدها او عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية.

وبالنسبة لقانون مكافحة الإرهاب فالمصادرة هي العقوبة الإضافية التي نص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 4. 218 عندما قال : ” يمكن علاوة على ذلك الحكم على الشخص المدان من أجل تمويل الإرهاب بمصادرة ممتلكاته كليا او جزئيا “.

فالمصادر تعتبر وسيلة لتمليك الدولة أملاك المحكوم عليه أو جزاءا من هذه الأملاك إذا ارتكب الفاعل الأصلي أو ساهم او المشارك جريمة تمويل الإرهاب .

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يوضح ما إذا كانت هذه المصادرة تنصب على ممتلكات المحكوم عليه فقط أم أنها تتعدها لتمس ممتلكات الغير .


المطلب الثاني : التدابير الوقائية

التدابير الوقائية هي مجموعة من الإجراءات والوسائل التي يقررها المشرع بصورة إجبارية لمواجهة الخطورة الكامنة في شخص مرتكب الجريمة الإرهابية، وذلك بهدف تأهيله اجتماعيا ووقاية المجتمع من خطورته .

والملاحظ في التشريع الجنائي المغربي أن التدابير الوقائية تعتبر إجراءات تضاف إلى العقوبة التي تبقى الجزاء العادي ضد الجريمة .

الفقرة الأولى : التدابير الوقائية الشخصية .

لقد حدد المشرع المغربي في قانون مكافحة الإرهاب التدابير الوقائية الشخصية في أربعة أصناف جاء النص عليها في الفصول 40-70-72-86 من القانون الجنائي .

أولا : الحرمان من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو العائلية
وهذا الحرمان من الحقوق الوطنية بالنسبة لمرتكبي الجرائم الإرهابية يشمل طبقا للفصول 26 من القانون الجنائي .
-عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية.
-حرمان المحكوم عليه من أن يكون ناخبا أو منتخبا او حرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية ومن حق التحلي بأس وسام .
-عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو محلف او خبير وعدم الأهلية الشهادة في أي رسم من الرسوم أو الشهادة تمام القضاء الأعلى سبيل الأخيار فقط .
-عدم أهلية المحكوم عليه لن يكون وصيا أو مشرفا على غير أولاده أو إدارة مدرسة أو العمل في مؤسسة للتعليم كأستاذ أو مدرس أو مراقب…

ثانيا : الإجبار على الإقامة بمكان معين

يجوز للمحكمة أن تحكم بالإجبار على الإقامة بمكان معين كتدبير وقائي ضد المحكوم عليه إذا تبين لها أن الشخص متابع بإحدى الجرائم الإرهابية وأن له نشاط اعتيادي يمثل خطرا على النظام العام .
” إذا كانت الجريمة المرتكبة جريمة إرهابية فيجوز للمحكمة تعيين مكان الإقامة…. ” الفقرة 2 من الفصل 70 من القانون الجنائي .

ويكون الإجبار على الإقامة في مكان معين تحدده له المحكمة كما تحدد مدة لهذا الإجبار التي لا يمكن ان تتجاوز خمس سنوات لا يجوز له الابتعاد خلالها عن هذا المكان او الخروج عن دائرته إلا برخصة تمنح له من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني التي تكون مسؤولة عن مراقبة هذا التدبير الوقائي. وفي حالة عدم احترام المحكوم عليه لهذه الواجبات فإنه يعرض نفسه لعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين، ويجوز للمحاكم الحكم بهذا التدبير عند إصدار عقوبة جنحية من أجل جريمة إرهابية لمدة لا يمكن أن تتجاوز 10 سنوات ما لا ينص القانون على خلاف ذلك .

ثالثا: المنع من الإقامة .

يقصد بالمنع من الإقامة منع المحكوم عليه من أجل جريمة إرهابية من أن يحل بأماكن معينة إذا اعتبرت المحكمة- نظرا لطبيعة الفعل المرتكب وشخصية فاعله أو لظروف أخرى – أن إقامة المحكوم عليه بالأماكن المشار إليها خطرا على النظام العام وعلى أمن الأشخاص .

وتجدر الإشارة إلى أن المنع من الإقامة يجب دائما الحكم به في حالة إصدار حكم بعقوبة حبسية من اجل جريمة إرهابية وتكون مدته متراوحة بين سنتين وعشر سنوات .

ولا يبدأ مفعول المنع من الإقامة إلا من يوم الإطلاق سراح المحكوم عليه وتبليغه قرار هذا التدبير وخلال مدة المنع من الإقامة بقي المحكوم عليه خاضعا لمراقبة الإدارة العامة للأمن الوطني التي تستطيع منحه رخصة مؤقتة للإقامة في الأماكن الممنوعة عليه وإذا لم يحترم المحكوم عليه هذا التدبير الوقائي فإنه سيعرض نفسه للعقوبة التي ينص عليها الفصل 319 من القانون الجنائي وهي الحبس ستة أشهر إلى سنتين.

رابعا: عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف والخدمات العمومية

يجوز للمحكمة أن تصرح بمقتضى قرار خاص للحكم بأن الجريمة الإرهابية المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة الوظيفة أو الخدمة وأنها تكشف عن وجود فساد خلق مرتكبيها لا يتلاءم ومزاولة الوظيفة أو الخدمة على الوجه المرضي ومدة هذا التدبير لا يمكن ان تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويبدأ سريان هذا التدبير انطلاقا من اليوم الذي ينتهي فيه المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة .

الفقرة الثانية : التدابير الوقائية العينية.

لقد حدد المشرع المغربي التدابير الوقائية في صنفين: مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو الأشياء الضارة أو الخطيرة او المحضورة امتلاكها (أولا) وإغلاق الحل أو المؤسسة التي استعملت في ارتكاب الجريمة(ثانيا) الفصل 62 من القانون الجنائي .

أولا : المصادرة

إن المصادرة كتدبير وقائي عيني تتعلق بالأدوات أو الأشياء التي يكون صنعها او استعمالها أو حملها أو حيازتها او بيعها جريمة ولو كانت تملك الأدوات أو الأشياء في ملك الغير ولو لم يصدر حكم الإدانة ضد المتابع الحقيقي لتلك الأشياء أو الأدوات والذي تكون حيازته لها حيازة مشروعة نظرا لمهنته ومثال ذلك حالة الصيدلي الذي يتعرض لسرقة بعض المواد السامة او الأدوية.

ثانيا: الإغلاق .

ينصب الإغلاق كتدبير وقائي عيني على المحلات التجارية او الصناعية التي تستعمل لارتكاب الجرائم الإرهابية إما بإساءة المكلفين بها استغلال الإذن أو الرخصة المحصل عليها إما بسبب عدم مراعاة النظم الإدارية والمنظمة لممارسة التجارة والصناعة .

وينتج عن الأمر بالإغلاق ( أي المحل التجاري أو الصناعي أو أية مؤسسة أخرى) في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك، منع المحكوم عليه من مزاولة نفس المهنة او النشاط لذلك المحل .
وهذا المنع لا ينحصر فقط في صاحب المحل بل يمتد كذلك إلى أفراد أسرته أو إلى غيره ممن يكون قد باع المحل أو اكتراه او سلمه إليه.

ويسري هذا المنع كذلك في حق الشخص المعنوي أو الهيئة التي كان ينتمي إليها المحكوم عليه أو كان يعمل لحسابها وقت ارتكاب الجريمة الإرهابية وإغلاق المحل يمكن أن يكون نهائيا او مؤقتا وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز أن تقل مدته عن عشرة أيام ولا أن تتجاوز ستة أشهر ما لم ينص على خلاف ذلك.

منقول