هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مراسلة الادارة
من هنا

اذهب الى الأسفل
محمد انوار
محمد انوار

ذكر السمك النمر
مشآرڪآتي : 851
عُمرِـ?• : 50
نِقاط?• : 7510
تاريخ التسجيل : 10/02/2010
http://www.google.com

الاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية  Empty الاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية

الأربعاء 7 يوليو - 0:59

الاختصاص ولاية يقررها المشرع لجهة معينة أناط بها القيام بأعمال محددة قانونا ،و هو على أنواع اختصاص نوعي و آخر وظيفي و ثالث قيمي و رابع و هو ما يهمنا في حديثنا مكاني . و هذه الأنواع من الاختصاص كما يكون مدنية تكون جنائية بالمفهوم العام و الواسع لمصطلح جنائية .

و الاختصاص المكاني للضابطة القضائية و الذي يشكل موضوع حديثنا هو تلك الولاية التي أعطاها المشرع لضباط الشرطة القضائية من أجل القيام بالأعمال المنوطة بهم بمناسبة البحث و التحري في الجرائم و ضبطها . و قد خصص المشرع الجنائي المغربي أحكاما خاصة للاختصاص المكاني للقضائية القضائية منها ما هو وارد بالمسطرة الجنائية و منها ما هو منصوص عليه بنصوص قانونية جنائية خاصة ؛كما أن من تلك الأحكام ما هو متعلق دائرة أو حيز ترابي ضيق و منها ما يمتد لمجموع إقليم الوطن بالمفهوم القانوني للإقليم .

إلا أن حديثنا في هذا لمقال سينحصر فقط في تحليل و إلقاء الضوء على المقتضيات الواردة بالمادة 22 من قانون المسطرة الجنائية و ما يرتبط بها من أحكام دون غيرها من المقتضيات التي اشرنا إليها .

فمن المعلوم أن قواعد المسطرة الجنائية من النظام العام،و الأحكام التي تنظمها القواعد الخاصة بعمل الضابطة القضائية جاءت محددة بدقة ، إلا أن المشرع بالرغم من ذلك جعل بعض الاستثناءات يمكن اللجوء إليها في حالات خاصة.

و إذا كان المشرع قد عرض لقواعد عمل الضابطة القضائية من ناحية الاختصاص القضائي المكاني في المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية ؛ فإن الكتابات المرتبطة بهذا الموضوع تكاد تكون شبه منعدمة و من هنا تأتي أهمية الكتابة في هذا الموضوع ، الذي يمكن دراسته على مستويين مستوى القاعدة العامة و مستوى الاستثناء .

فما هي القاعدة العامة فيما يتعلق بالاختصاص المكاني لضابطة القضائية ؟ وما هو الاستثناء عن هذه القاعدة؟

و جدير بالإشارة في هذا السياق أن نشير إلى أن دراستنا هذه ستنحصر فقط

ذلك ما سنحاول الإجابة عنه من خلال المبحثين التاليين :

المبحث الأول : القاعدة العامة للاختصاص المكاني للضابطة القضائية .

المبحث الثاني : ضوابط الاستثناء في الاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية .

المبحث الأول : القاعدة العامة للاختصاص المكاني للضابطة القضائية
.

إن الحديث عن عمل الضابطة القضائية من حيث اختصاص الترابي يقتضي الحديث عن الضابطة القضائية المكونة من رجال الشرطة ( الفقرة الأولى ) لنتطرق فيما بعد للحديث عن الاختصاص المكاني لعمل رجال الدرك كضابطة قضائية في ( الفقرة الثانية ) .

الفقرة الأولى : الاختصاص المكاني لرجال الشرطة القضائية من أفراد الأمن


من المعلوم أن المشرع نص في الفقرة الأولى من المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي : " يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصاتهم في نطاق الحدود الترابية التي يمارسون فيها وظائفهم "



فبالرجوع لمنطوق هذه المادة يتضح أن المشرع وضع قاعدة واضحة مفادها أن كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية يجب أن يمارس عمله المنوط به في إطار قواعد المسطرة الجنائية داخل نطاق الحيز الترابي الذي يخول له القانون ممارسة مهامه فيه . لكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق هو ما المقصود " بالحدود الترابية " الواردة في المادة المذكورة ؛ هل هي الدائرة التي يمارس فيها ضابط الشرطة القضائية مهامه الأصلية أم مجموع الدوائر التي تشكل منها الدائرة الحضرية ؟



إن الجواب عن هذا التساؤل يجعلنا ندقق النظر في مضمون الفقرة الثالثة من المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية و التي تنص على أنه " في كل دائرة حضرية مقسمة إلى دوائر للشرطة ،يمتد اختصاص ضباط الشرطة القضائية الممارسين لمهامهم في إحدى هذه الدوائر إلى مجموع الدائرة "



فهذه المادة تحدد إلى حد ما مفهوم الدائرة التي يمارس فيها ضابط الشرطة القضائية مهامه لكن الإشكال الذي تطرحه من الناحية النظرية هو أن المشرع لم يتحدث في هذه المادة إلا على الدوائر الحضرية و عن الشرطة من غير ذكر للدرك أو تقسيمات المراكز التي يعملون بها على اعتبار أن الضابطة القضائية العادية كما هو معلوم من مقتضيات المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية لا تقتصر على الشرطة فقط و إنما تمتد إلى عناصر الدرك الملكي المحددين في نفس المادة. و عليه كيف يمكن تحديد نطاق الاختصاص الترابي للضابطة القضائية سواء فيما يتعلق بالشرطة أم بالدرك ؟
الفقرة الثانية : الاختصاص المكاني لرجال الشرطة القضائية من رجال الدرك

قبل الجواب عن هذا التساؤل يجدر بنا القول إنه في ظل قانون المسطرة الجنائية القديم لم يكن هذا الإشكال مطروحا لعلة أن المشرع كان ينص بصورة صريحة على الاختصاص المكاني لعمل رجال الدرك بصفتهم ضباطا من ضباط الشرطة القضائية ؛ و هكذا فقد كان الفصل 22 من القانون القديم ينص على أنه " يمحكن لضباط الدرك طبا و صغار و لضباط الشرطة القضائية أن يباشروا مهامهم في حالة الاستعجال بجميع أنحاء المملكة إذا طلبت منهم ذلك السلطة العمومية " فإذا كانت هذه المقتضيات تتحدث عن حالة الاستعجال و ما يمكن أن ينتج عنه من امتداد للاختصاص الترابي ، فيفهم منها أنها لم تغفل ذكر رجال الدرك كما هو عليه الحال في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديد ، مما يمكننا معه القول بأن الأصل في الاختصاص الترابي لرجال الدرك الملكي هو أنهم يعملون داخل الدوائر التي يعملون فيها في العادة و هي دوائر" تقسم تقسيما خاصا بالدرك الملكي لا علاقة له بالتقسيم الإداري " ( 1 ) و يصطلح عليها قيادات تقسم تقسيما مقررا من قبل إدارة الدرك الملكي ذاتها و لا تخضع للتقسيم الإداري للمملكة .


و بالعودة لإشكالنا المطروح على ضوء مقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد ؛ إذا كان المشكل محلولا من الناحية التشريعية بشأن الشرطة التي حدد المشرع النطاق الترابي لاختصاصها ، و المتمثل في أن عمل ضابط الشرطة القضائية لا يقتصر على الدائرة التي يعمل بها بصفة فعلية، و إنما يمتد إلى باقي الدوائر التي تكون في مجموعها الدائرة الحضرية من غير أن يمكن الطعن في أي إجراء من الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية في هذا النطاق ، فما هو الأمر بالنسبة للدرك ؟ هل يمكن أن نتحدث عنهم من حيث الاختصاص الترابي كما نتحدث عن الشرطة ؟



بالقطع إن الأمر ينطوي على خطورة كبيرة ، إلا أن ما يسعفنا في هذا الإطار هو المعيار الذي اعتمده المشرع في تحديد الحيز الترابي الذي تنجز فيه الشرطة أعمالها ، إذ نجد أن المشرع التجأ إلى معيار الدائرة الحضرية ،و هو معيار يتحدد بأمرين أولهما التقسيم الإداري و ثانيهما التقسيم القضائي. و على منوال المنهج التماثلي يمكن الحديث عن النطاق الترابي العادي لعمل رجال الدرك بصفتهم ضباطا من ضباط الشرطة القضائية ،من غير إغفال للمقتضيات التي سبق ذكرها و الواردة في الفصل 22 من قانون المسطرة الجنائية القديم على اعتبار أن فلسفة التشريع لم تتغير في هذا الصدد و لو كان الأمر غير ذلك لجاء مجسدا في مقتضيات تشريعية جديدة و صريحة و واضحة.

فمن المعلوم أن تراب المملكة مقسم تقسيما إداريا و آخر قضائيا ؛ لكن المعتد به في تحديد الاختصاص القضائي لعمل الضابطة القضائية في الأصل هو التقسيم القضائي ح و هذا التقسيم يجب فهمه على النحو الوارد في المادة موضوع الدراسة أي أن الدائرة يتعين أن تفهم بمعنى واسع يشمل جل الدوائر المكونة منها الدائرة الحضرية . و عليه فقد سبق للقضاء أن حدد نظرته لهذا المفهوم في مناسبات عدة منها ما قرره المجلس الأعلى في أحد قراراته التي جاء فيها حيث إنه خلافا في هذا الفرع من الوسيلة فإن كلا من كتامة و الحسيمة تابعان إلى الأمن الإقليمي للناظور ،و بذلك يمتد اختصاص الأمن الإقليمي للمدينة المذكورة إلى الحسيمة و دائرتها ، و ضمنها كتامة مكان اقتراف الجريمة .
و حيث إن محضر الشرطة بالناظور حرر طبقا للفصل 22 من قانون المسطرة الجنائية ، ذلك أن الشرطة القضائية بالمدينة المذكورة باشرت اختصاصها في الحدود الترابية التي تزاول فيها مهامها مما يكون معه هذا الفرع من الوسيلة مخالف للواقع " ( 2 )

فمن خلال هذا القرار يتضح أن القضاء يجعل التحديد الوارد في نطاق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية لمفهوم النطاق الترابي هو مفهوم الدائرة بما يتماشى مع النطاق الذي تمارس فيه النيابة العامة اختصاصها المكاني و تشرف فيه علىعمل الضابطة القضائية .

وعلى ذلك فلو تصادف و تماهى التقسيم القضائي للتقسيم الإداري فلا إشكال يطرح على اعتبار أن حدود الاختصاص المكاني للنيابة العامة التي يمارس ضابط الشرطة القضائية مهامه تحت إشرافها هو نفس حدود الاختصاص الإداري للسلطات العمومية و بالتالي فلا إشكال .


أما إن حدث و كان الحيز الترابي لاختصاص النيابة العامة لا يتوافق مع الحيز الإداري للشرطة أو التقسيم الإداري لعمل رجال الدرك فهنا المقدم هو نطاق اختصاص النيابة العامة و السلطة القضائية و ليس غيره.

وعلى أساس هذا المعيار يمكن الحديث عن الاختصاص الترابي للدرك الملكي .

فالتقسيمات من حيث الجهات الإدارية التي يخضع لها الدرك قد تتماهى مع التقسيمات القضائية و قد تكون غير ذلك ؛ و النتيجة أنه في حالة التماهي لا إشكال و قد سبق التفصيل في ذلك لكن في حالة الاختلاف فالمعتمد عليه في تحديد النطاق الترابي كقاعدة عامة لعمل رجال الدرك كضابطة قضائية هو التقسيم القضائي بالمفهوم المار بنا وفق ما يقتضيه العم القضائي و التقرير التشريعي.

و هكذا فبالرجوع للظهير المتعلق بمصلحة الدرك الملكي في فصله المائة و السادس عشر نجده ينص على : " إن ضباط الدرك و ذوي الرتب فيه و رجال الدرك الذين قضوا ثلاث سنوات على الأقل في خدمة الدرك و المعينين رسميا بعد تأدية امتحان بموجب قرار يصدره كل من وزير الدفاع الوطني و وزير العدل و كذا رجال الدرك الذين يرأسهم مؤقتا إما فيلقا و إما مركزا من مراكز الدرك يعدون ضباط الشرطة القضائية و يساعدون وكيل الدولة المقيم بالدائرة التي يمارسون فيها عادة وظيفتهم.

و يجوز لهم بهذه الصفة القيام بمهامهم خارج دائرتهم عند ما يتنقلون لحاجيات المصلحة بأمر من رؤسائهم ".

فمن خلال هذه المقتضيات و خاصة ما ورد في الفقرة الثانية بالضبط يتضح أن المشرع جعل من الدائرة ( 3 ) التي يشتغل بها ضباط الشرطة القضائية من رجال الدرك هي الأصل في تحديد نطاق اختصاصهم الترابي . و هذه الدائرة يقصد بها في المفهوم القانوني دائرة نفوذ النيابة العامة التابعة لها فيالق و مراكز رجال الدرك و كما سبق القول يمكن أن تتماهى تلك الدوائر القضائية مع التقسيم الإداري لمصالح الدرك و قد لا تكون كذلك و في هذه الحالة يحتكم للدائرة القضائية فقط.

وعلى ما ذكر فإذا كان الاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية كأصل يتحدد بالدائرة التي يعمل بها ضباط الشرطة القضائية في نطاق عملهم المعتاد إلا أنه يمكن أن تطرأ طوارئ تجعل رجال الشرطة القضائية يمارسون مهامه خارج دوائرهم الأصلية ؛ فهل يمكن الحديث عن عمل للضابطة القضائية خارج الدوائر التي يعملون فيها في الأصل؟ و ما جزاء ذلك ؟
المبحث الثاني : ضوابط و آثار الاستثناء في الاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية
.

يتعين قبل الحديث عن الآثار أن نتطرق في فقرة أولى لضوابط الاختصاص المكاني الاستثنائي لعمل الضابطة القضائية حتى يتسنى لنا الحديث عن الجزاء المترتب عن خرق قواعد الاختصاص المكاني بصفة عامة في فقرة ثانية .
الفقرة الأولى : ضوابط الاختصاص المكاني الاستثنائي لعمل الضابطة القضائية


بالرجوع لمقتضيات المواد المذكورة يتضح أن المشرع كما سبقت الإشارة إلى ذلك جعل الاختصاص المكاني الأصلي لعمل الضابطة القضائية هو النطاق الترابي الذي يعمل فيه رجال الأمن الذين يتوفرون على صفة ضباط للشرطة القضائية و كذا رجال الدرك الذين لهم نفس الصفة بصفة أصلية ؛ لكنه بالرغم من ذلك جعل لهذا الاختصاص استثناء حدده بموجب القانون و هذا الاستثناء محدد بشرطين : توفر حالة الاستعجال و وجود أمر صادر عن السلطة العمومية.


الشرط الأول : أمر السلطة العمومية .

و على ذلك ففيما يتعلق بالشرطة فقد نص المشرع على أنه " يمكنهم في حالة الاستعجال ، أن يمارسوا مهمتهم في جميع أنحاء المملكة إذا طلبت منهم ذلك السلطة القضائية أو العمومية" ( 4 ) أما فيما يتعلق بالدرك فقد تم التنصيص على أنه : " و يجوز لهم بهذه الصفة القيام بمهامهم خارج دائرتهم عند ما يتنقلون لحاجيات المصلحة بأمر من رؤسائهم " ( 5 ) كما أن المشرح في معرض تنظيمه لمصالح الدرك أورد مقتضيات الفصل 12 منه على النحو التالي " تعمل فيالق الدرك عاديا في الدائرات التي تكلف بحراستها غير أنه يجب عليها أن لا تتردد في مجاوزة الحدود كلما استلزمت ذلك صبغة و استعجال تدخلها و تخبر إذن في أقرب وقت الفيلق و ضباط التراب الراجع له النظر في الأمر و كل تدخل من تدخلات الدرك يقوم به خارج حدود دائرته يعلل بأسباب في محضر يحرر بهذه المناسبة "

فمن خلال هذه المقتضيات يتضح أن المشرع اشترط شرطين بالنسبة لرجال الأمن الكلفين بممارسة مهام الشرطة القضائية من أجل أن يمارسوا مهامهم خارج دائرة نفوذهم و هو ما عبر عنه المشرع ب " جميع أنحاء المملكة " ،و هذان الشرطان هما وجود حالة الاستعجال و ضرورة توفر أمر من السلطة القضائية أو العمومية " أما بالنسبة للدرك فالملاحظ أن المشرع وضع شرطا واحدا من أجل قيام رجال الدرك بمهام الشرطة القضائية خارج دائرة نفوذهم و هذا الشرط يتمثل في ضرورة الحصول على أمر من رؤسائهم في إطار حاجيات المصلحة كما هو وارد بمقتضيات المادة 116 أعلاه إن أن شرط الاستعجال فقد أورده المشرع في المادة 12 من القانون المتعلق بمصالح الدرك .

و بتفصيل هذين الشرطين نجد أن طبيعة السلطات المذكورة تلعب دورا كبيرا في تحديد شروط توسيع دائرة الاختصاص المكاني ، فالأمر الذي يتعين الارتكاز عليه هو أمر السلطة القضائية التي من مهامها تسخير القوة العمومية من أجل القيام بكل الإجراءات ذات الطبيعة القضائية ،و هنا لا إشكال ما دامت أن تلك الأوامر منضبطة للقواعد المتعلقة بالاختصاص المكاني للنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية و الواردة بالمادة 44 من قانون المسطرة الجنائية أو ما دامت متعلقة بنطاق اختصاص الوكيل العام للملك طبقا للمادة 50 من نفس القانون و الذي يحيل على المادة 44 أو المادة 55 بالنسبة لقضاة التحقيق.

أما من حيث طبيعة أوامر السلطة العمومية التي يمكن أن تكون أساسا للعمل خارج دائرة النفوذ العادية فهي الأوامر التي تتعلق بالمهام المرتبطة بالعمل و الإجراءات القضائية ،و ليست كل الأوامر ذات الطبيعة الوظيفية و الداخلة في صميم اختصاصا رجال الأمن و رجال الدرك كالمهام المرتبطة بالشرطة الإدارية أو التي تنص عليها القوانين المنظمة لهم.

و من مثال ذلك أمر السلطة التابع لها ضابط الشرطة القضائية بالانتقال إلى خارج النفوذ من أجل استقدام أحد المبحوث عنهم الذي تم إلقاء القبض عليه من طرف ضابطة قضائية أخرى غير الضابطة القضائية التي ارتكبت في دائرة نفوذها الجريمة و التي أنجزت مذكرة البحث التي بموجبها تم إيقاف المبحوث عنه.

فعلى سبيل المثال يمكن أن يتلقى ضابط الشرطة القضائية الموجود بمدينة مراكش أمرا من رئيسه بالانتقال لمدينة فاس من أجل استقدام الشخص الذي تم إيقافه بمقتضى مذكرة البحث الذي أنجزت في حقه من طرف الضابطة القضائية بفاس في الحالة التي تنعدم فيها صور الاختصاص المكاني كما هي مذكورة أعلاه.

فمثل هذا الإجراء هو تنفيذ لأمر صادر عن السلطة القضائية التابع لها ضابط الشرطة القضائية و لكن من أجل القيام بعمل قضائي و ليس أمرا من أجل القيام بعمل إداري محض مرتبط بعمل السلطة الإدارية التابع لها . فالمعيار الذي يتعين الاعتماد عليه في تحديد طبيعة الأمر الذي تصدره السلطة العمومية من أجل أن يكون عمل الضابطة القضائية موافقا للقانون هو أن يكون لذلك الأمر ارتباط بعمل القضاء .

و ما ينطبق على تعبير السلطتين القضائية و العمومية فيما يتعلق بالشرطة هو ما يرتبط بمفهوم و عبارة " أمر رؤسائهم المرتبطة بالدرك الملكي " إذ هذا المفهوم أي رؤسائهم تعني إما رؤساء الدرك الإداريين الذين يكلفونهم بالقيام ببعض المهام خارج الدائرة التي يشتغلون بها من أجل القيام بمهام ذات ارتباط بالعمل القضائي أو تعني الرؤساء القضائيين الذين لهم سلطة مباشرة من حيث عمل الضابطة القضائية .
و لعل خلوصنا لكون ضرورة أن يكون أمر السلطة العمومية مرتبط ارتباطا أساسيا و مباشرا بتنفيذ أوامر السلطة القضائية ؛ هو غير ما خلص إليه بعض الفقه من كون أن المقصود بأمر السلطة العمومية هو الأمر الصادر عن السلطة العامة التي تصدر الأوامر لضباط الشرطة القضائية في نطاق مهامهم الإدارية لا القضائية و أن انتقال ضباط الشرطة بهذا الأمر الإداري يخوله ممارسة مهامه القضائية في المكان الذي انتقل إليه. ( 6 )

فهذا الرأي يجعل من قيام ضابط الشرطة القضائية بمهام هذه الأخيرة تابع للعمل الإداري المكلف به ؛ أي أن عمل الشرطة القضائية بالنسبة لهذا الرأي ما هو إلا فرع و تابع للعمل الإداري .

لكن بالنظر الدقيق في هذا الرأي نجد أن أي من رجال الشرطة القضائية لا يمكنه القيام بمهام الشرطة القضائية إلا تحت إشراف ومراقبة الأجهزة القضائية من نيابة عامة و قضاء تحقيق و ذلك في إطار مهام التسخير ؛ و هو ما تنص عليه المادتين 16 ( 7 ) و 17 ( 8 ) من قانون المسطرة الجنائية .

فمن خلال مقتضيات هاتين المادتين يتبين بما لا يدع للشك أن أي عمل لضباط الشرطة القضائية يتعين أن يكون تحت إشراف و مراقبة وكيل الملك أو الوكيل العام للملك كل بحسب نطاق نفوذه . و إذا ما سايرنا الرأي التشريعي فهو يخالف الرأي القائل بأن يسبق الأمر الإداري و يجعل الأصل و إن اعترض ذلك ما يوجب القيام بأعمال الشرطة القضائية يتوجب القيام بها ؛ إذا لا يتصور و لا يمكن ذلك في غياب وجود أية مراقبة أو إشراف من السلطات القضائية على ضابط الشرطة القضائية الذي قد يمارس مهام الشرطة القضائية ؛ كما أن تزاحما في عمل الضابطة القضائية المحلية و ذلك الذي قد يقوم به الوافد من نطاق ترابي آخر .

الشرط الثاني : توفر حالة الاستعجال .

و أما بالنسبة للشرط الثاني فهو شرط توفر حالة الاستعجال ،و هو الشرط الذي يتعين توفره من أجل الحيلولة دون اندثار آثار الجريمة أو من أجل القيام بالتحريات الضرورية المرتبطة بالتحقيق و البحث و التحري في الجرائم بصفة عامة .

و إذا كان المشرع قد حدد هذا الشرط كشرط لإمكانية الحديث عن الاختصاص المكاني الاستثنائي للشرطة القضائية ؛ فإنه لم يحدد معايير اعتبار توافر حالة الاستعجال من عدمها . و على ذلك فيمكن القول بأن حالة الاستعجال تتوفر مادامت هناك أحوال و خصوصيات تشير بشكل لا يدع مجالا للشك أن هناك ما يمكن أن يؤثر على العناصر اللازمة لإثبات الجريمة أو على تغيير معالمها ؛ أو ما يشير إلى إمكانية محو معالم حالات التلبس المنصوص عليها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية .
و على ذلك ؛ و انطلاقا من أهمية شرط الاستعجال ؛ فقد ذهب بعض الفقه ( 9 ) إلى أن توفر حالة الاستعجال كشرط وحيد يجب الخروج على القاعدة العامة للاختصاص المكاني للشرطة القضائية .

و في نظرنا فهذا الجانب من الرأي موفق على اعتبار أن هناك حالات يتعذر فيها الحصول على إذن السلطة العمومية أو القضائية ،و أن من شأن انتظار الحصول على ذلك لإذن أن يوثر على مجريات البحث و التحري في الجرائم ،و بالتالي ما دامت أن هناك حالة للاستعجال فيمكن أن يمارس ضابط الشرطة القضائية مهامه خارج نطاق نفوذه الترابي.

و لعل هذا الرأي يقتضي الوقوف عن نقاط مهمة منها أن تقدير توفر حالة الاستعجال من عدمه يرجع لفطنة ضابط الشرطة القضائية الذي يعمل على الأرض و أنه رغم ما يمكن أنن يرسمه من صورة للوقائع قد لا تجسد حالة الاستعجال ؛ كما أن أي تعسف في تقدير حالة الاستعجال يجعل المسؤولية ملقاة على عاتق ضابط الشرطة القضائية الذي يكون مراقبا من قبل الغرفة الجنحية بمحكمة الاستيناف .

و زيادة على هذا الرأي الفقهي و الذي لا نرى فيه أي خروج عن منطق البحث التمهيدي ؛ يمكن القول أن المشرع أشار إلى إمكانية الاكتفاء بتوفر حالة الاستعجال فقط كما هو وارد بمقتضيات الفصل الثاني عشر من القانون المتعلق بمصلحة الدرك الملكي ؛و الذي أجاز العمل التلقائي خارج الدائرة العادية للعمل شريطة الإخبار من بعد و على وجه السرعة المسؤولين عن النطاق الترابي التي مورس فيه عمل الشرطة القضائية بصفة استثنائية .

تلك إذن بعض ملامح الشرطين المتعين توفرهما من أجل أن يكون عمل الضابطة القضائية خارج حدود نطاق عملها الأصلي قانونيا . فكيف يمكن الحديث عن الآثار المترتبة عن خرق القواعد المتعلقة بالاختصاص المكاني لعمل الشرطة القضائية ؟
الفقرة الثانية : آثار خرق قواعد الاختصاص المحلي لعمل الشرطة القضائية
.

باستقراء المقتضيات القانونية التي نص عليها المشرع في قانون المسطرة الجنائية نجد أن هذا الأخير قرر على الجملة نوعين من الآثار ن آثار تمس ضابط الشرطة القضائية نفسه و ترتب مسؤوليته القانونية عما صدر عنه من خروقات ، و أخرى تنصرف للعمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية.

من حيث مسؤولية ضابط الشرطة القضائية :

و هكذا فمن حيث الآثار التي تمس ضابط الشرطة القضائية؛ فتتمثل في كونه يصبح مسؤولا عما قام به من أعمال خرق فيها القانون بصفته الضبطية × و تكون الغرفة الجنحية في هذه الحالة هي الجهة القضائية التي تراقب أعمال الشرطة القضائية .
و هذه الأعمال قد تكون عبارة عن خروقات مسطرية واجبة الرعاية ، كما يمكن أن تكون عبارة قد تجاوزت الخروقات المسطرية لتنشأ عنها جرائم يتعين المعاقبة من أجلها.

و هكذا فقد نص المشرع في المادة 29 من قانون المسطرة الجنائية على أنه " تراقب الغرفة الجنحية بمحكمة الاستيناف أعمال ضباط الشرطة القضائية عندما تكون صادرة عنهم بهذه الصفة " فمن خلال هذه المقتضيات يتضح أن المشرع أناط بالغرفة الجنحية بمحكمة الاستيناف - التي يترأسها الرئيس الأول لمحكمة الاستيناف أو من ينوب عنه و من مستشارين اثنين بحضور ممثل النيابة العامة و كاتب ضبط - مهمة مراقبة أعمل ضباط الشرطة القضائية الذين يزاولون مهامهم داخل الدائرة القضائية لنفوذ تلك الغرفة الجنحية و الذين يكونون قد ارتكبوا إخلالات مهنية بمناسبة قيامهم بعملهم و بصفتهم الضبطية ؛ و هو نفس المقتضى المنصوص عليه ليس فقط في المادة 29 من قانون المسطرة الجنائية و إنما كذلك بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة 231 من نفس القانون .

و على ذلك فكلما تحققت الشروط المنصوص عليها في هذه المقتضيات يمكن القول بأن ضابط الشرطة القضائية يعتبر مسؤولا عما صدر منه من خروقات قانونية .

وهذه الشروط يمكن إجمالها في التالي :
أن يكون العمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية من اختصاصه .
أن يكون العمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية صادرا عنه بصفته الضبطية .
أن يكون ضابط الشرطة القضائية موضوع المراقبة يعمل داخل الدائرة القضائية التي تبسط فيها الغرفة الجنحية المختصة نفوذها فيها؛ و هي عادة دائرة نفوذ اختصاص الوكيل العام للملك وفق ما تنص عليه المادة 50 من قانون المسطرة الجنائية.

و تجدر الإشارة إلى أن الإخلالات التي يمكن أن تصدر عن ضابط الشرطة القضائية وفق المقتضيات أعلاه ، يشمل كل الإخلالات التي تنشأ بمناسبة قيامه بعمله الضبطي .

و من تلك الإخلالات خرق القواعد المنظمة للاختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية ؛ إذ كلما لم يتم التقيد بالشروط القانونية لعمل الضابطة القضائية وفق الأحكام المفصلة أعلاه كلما تكون مسؤولية ضابط الشرطة القضائية قائمة و يتعين أن يكون موضوع مساءلة من قبل الغرفة الجنحية و ذلك بناء على إحالة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستيناف .

و العلة في أن الوكيل العام للملك هو الذي يتولى الإحالة تكمن في كون هذا الأخير هو المسؤول عن تسيير أعمال الضابط القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة الاستيناف طبقا لمقتضيات المادة 17 من قانون المسطرة الجنائية .

و على ذلك فمتى ثبت أن ضابط الشرطة القضائية قد قام بتجاوز القواعد المنظمة لاختصاصه المكاني ، كما لو قام بعملياته خارج دائرة النفوذ التي يتبع لها من غير توفر حالة الاستعجال أو من غير توفر أمر السلطتين القضائية أو العمومية فيمكن مساءلته عن ذلك مساءلة قانونية أمام الغرفة الجنحية ، و هذه المراقبة تنتج عنها عقوبات منصوص عليها بالمادة 32 من قانون المسطرة الجنائية و التي تتمثل أساسا في :

- توجيه ملاحظات
- التوقيف المؤقت عن ممارسة مهام الشرطة القضائية لمدة لا تتجاوز سنة واحدة.
- التجريد النهائي من مهام الشرطة القضائية .

هذا فضلا عمنا يمكن أن يشكل مساءلة جنائية عندا يثبت أن ضابط الشرطة القضائية ارتكب جرما بمناسبة قيامه بأعماله وفقا لما تنص عليه المادة 33 من قانون المسطرة الجنائية و التي تنص على أنه " إذا ارتأت الغرفة الجنحية أن ضابط الشرطة القضائية ارتكب جريمة ، أمرت علاوة على ما ذكر بإرسال الملف إلى الوكيل العام للملك " .

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يقتصر في تقرير الجزاء عند تحقق مسؤولية ضابط الشرطة القضائية فيما ذكر أعلاه ، بل جعل من التنقيط وسيلة فعالة في تقرير الجزاء الناتج عن المخالفات القانونية التي يمكن أن يقوم بها ضباط الشرطة القضائية ،و ذلك وفق ما تم التنصيص عليه بالمادة45 من قانون المسطرة الجنائية و التي جاء في فقرتها الأولى : " يسير وكيل الملك في دائرة نفوذ محكمته أعمال ضباط الشرطة القضائية و أعوانها و يقوم و يقوم بتنقيطهم "

و معلوم أن المادة 32 قررت العقوبات التي يتعين أن تمس الضباط المخالفون ، بغض النظر عن العقوبات التأديبية التي قد يتخذها الرؤساء الإداريون في حق ضابط الشرطة القضائية الذي ثبتت مخالفته للقانون و قواعد عمل الضابطة القضائية ، و هنا يمكن الحديث عن الأثر الذي يلعبه التنقيط الذي يشرف عليه وكيل الملك في تقرير المسار المهني لهذا الضابط أو ذاك.

من حيث الآثار المترتبة عن خرق قواعد الاختصاص المكاني فيما يتعلق بالمحاضر و العمليات المنجزة

خلافا للمسؤولية المترتبة عن خرق قواعد عمل الضابطة القضائية بالنسبة لأفراد هذه الأخيرة ، و التي تختص الغرفة الجنحية وحدها بالبت فيها ، فإن الجزاء المترتب عن خرق تلك القواعد فيما يتعلق بالمحاضر المنجزة و العمليات التي تم القيام بها يصدر عن هيئات الحكم العادية التي تعرض أمامها الدعاوى العمومية المؤسسة على تلك المحاضر و العمليات ،و يقصد هنا المحاكم الزجرية الابتدائية أو الاستينافية.

و هكذا يمكن أن يستشف الجزاء التي يتعين اتخاذه لتقرير قانونية المحاضر المنجزة خرقا لمقتضيات المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية وما يرتبط بها من مواد تحدد الاختصاص المكاني للضابطة القضائية من مجموعة من المواد الواردة بالمسطرة الجنائية كما هو الأمر بالنسبة للمواد 24 و 289 و 751 من قانون المسطرة الجنائية .

و على هذا فقد قررت مقتضيات المادة 24 في فقرتها الثانية على أنه " دون الإخلال بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص قانونية أخرى ن يتضمن المحضر خاصة اسم محرره و صفته و مكان عمله و توقيعه ..." و هكذا فتنصيص المشرع على أن من بين البيانات التي يتعين ذكرها بمحضر الضابطة القضائية هو مكان عمل ضابط الشرطة القضائية وذلك لتتمكن الجهات القضائية التي قد تبسط نظرها في أي طعن من الطعون التي قد توجه للمحاضر من تحديد الجزاء الذي قد يترتب عن خرق قواعد الاختصاص المكاني لضابط الشرطة القضائية.، حتى إذا ما ثبت أن ضابط الشرطة القضائية قام بالعمليات الواردة و المضمنة بمحضر الضابطة القضائية خارج دائرة الاختصاص المكاني من غير ثبوت حالة الاستعجال أو أمر من السلطة القضائية أو العمومية يكون هناك محل لتطبيق مقتضيات المادة 289 التي تنص على أنه " لا يعتد بالمحاضر و التقارير التي يحررها ضباط و أعوان الشرطة القضائية و الموظفون و الأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية إلا إذا كانت صحيحة في الشكل ..." مما يجعل المحضر الذي أنجزه ضابط الشرطة القضائية خرقا لمقتضيات الفصل 22 من قانون المسطرة الجنائية كأنه لم يكن و لا يعتد به و هو ما تؤكد مقتضيات المادة 751 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أن " ل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز ؛ و ذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 442 المتعلقة بجلسات غرفة الجنايات "

لكن السؤال الذي يتعين طرحه بهذا الخصوص هو كيف يمكن إثبات كون ضابط الشرطة القضائية قد قام بأعمال الشرطة القضائية خارج دائرة اختصاصه الترابي ؟

من المناسب القول في هذا الصدد أن المجلس الأعلى قد أصدر مجموعة من القرارات التي أكدت أن دحض ما جاء بمحضر الضابطة القضائية يجب أن يكون بمحضر مماثل أو أية وسيلة أخرى لها من القوة الثبوتية ما يجعلها تنهض دليلا قاطعا على صحة الطعن الموجه لمحضر الضابطة القضائية ،و لا يكفي مثلا في هذا السياق الأخذ بشهادة الشهود فقط ، و قد جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى " و حيث أن المحضر المستوفي لما يشترطه القانون يقوم حجة لا يمكن دحضها إلا بقيام الدليل القاطع على مخالفتها للواقع بواسطة حجة تماثلها في قوة الإثبات و لا تقوم على الشك و الاحتمال ، هذا فضلا عن أن الشهادة التي اعتمدتها المحكمة تتعلق فقط بمكان ضبط المتهمين و أنه لم يكن معهما أحد في حين أن المحضر و هذا هو الأهم تضمن أبحاثا معمقة و استجوابا للمتهمين أسفر عن اعترافهما و خاصة المتهم لفطيمي محمد بما نسب إليهما كما عني محرروا المحضر بجمع أدوات الاقتناع و حجزها عند ضبطها للمتهمين في حالة تلبس مشهودة " ( 10 ) فقد كان رأي المجلس الأعلى واضحا في أنه لا يمكن دحض محضر الضابطة القضائية بمجرد شهادة الشهود الذين أكدوا أن الظنينين ألقي عليهما القبض أمام مدرسة ابن الهيثم و ليس أمام مدرسة عشرين غشت بوادي زم .

و على ذلك فمتى تم الطعن بكون ضباط الشرطة القضائية الذين قاموا بإنجاز البحوث و تحرير المحاضر قاموا بذلك خارج الدائرة القضائية التي يمارسون فيها مهامهم بصفة اعتيادية فلا يتعين الالتفات للدفع المذكور إلا إذا توفرت أدلة قاطعة لها نفس القوة الثبوتية التي لمحضر الضابطة القضائية الذي يعتبر سليما من حيث الأصل و من يدعي غير ذلك إثباته ،و بعبارة أخرى لا يمكن تكليف النيابة العامة بعبء إثبات صحة المحضر من حيث الطعون الموجهة له ولكن يتعين على من يدعى عكس الأصل إثباته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :

( 1 ) الحسن البوعيسي : عمل الضابطة القضائية بالمغرب " دراسة نظرية تطبيقية " مطبوعات الأفق ؛ الطبعة الثانية 1999 ص 62 .
( 2 ) قرار رقم 483 صادر بتاريخ 16-02-1978 في الملف الجنحي رقم 56874 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الأول ص 164.
( 3 ) هذه الدوائر التي يمكن أن تكون عبارة عن فيالق أو مراكز للدرك كما جاء بالفقرة الأولى
( 4 ) المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية الجديد
( 5 ) المادة 116 من القانون المتعلق بمصلحة الدرك الملكي.
( 6 ) أحمد الخمليشي : شرح قانون المسطرة الجنائية ؛ مطبعة دار نشر المعرفة ؛ الجزء الأول ؛ طبعة 2001 ؛ ص 327 .
( 7 )تنص المادة 16 على أنه " ... يسير وكيل الملك أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه "
( 8 ) تنص المادة 17 على أنه " توضع الشرطة القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة استيناف تحت سلطة الوكيل العام للملك ومراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستيناف المشار إليها في الفرع الخامس من هذا الباب "
( 9 ) أحمد الخمليشي م س ص 328 .
( 10 )قرار المجلس الأعلى منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 55 السنة 22 ص 342 .

منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى