هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مراسلة الادارة
من هنا

اذهب الى الأسفل
محمد انوار
محمد انوار

ذكر السمك النمر
مشآرڪآتي : 851
عُمرِـ?• : 50
نِقاط?• : 7497
تاريخ التسجيل : 10/02/2010
http://www.google.com

السلطة و الحرية Empty السلطة و الحرية

الجمعة 15 أكتوبر - 1:25

لما كانت السلطة تعني القدرة على التأثير في الآخرين بوسائل مشروعة ومعتـرف بها من قبلهم لأنها تحقق أهدافهم ، فإن قبولهم واحترامهم لها يصبحان قبولاً طوعياً بإرادة حرة، كما أن الحرية تصبح بالوقت ذاته من جهة أخرى الوسائل والأدوات التي تستخدمها السلطة في إقناع الآخرين لتحقيق أهدافها، ومن جهة أخرى وسيلة الآخرين في قبولهم أو رفضهم السلطة. ومن هنا تتحدد علاقة السلطة بالحرية. فالسلطة التي تتأسس على الاحترام وقبول الحق لا يمكن أن تتنكر للآخر في قبول الحق أو السلطة مما يعنى استمراراً للحق ورضا عنه.
وبهذه العلاقة المتبادلة بين السلطة والحق تنشأ العلاقة المتبادلة بين السلطة والحرية، لأن الحرية حق يجب أن تمارس فتكتسب ، أما السلطة التي لا تعترف بحق الآخر ولا تُقر بالحقوق والواجبات هي في الواقع ليست سلطة، لأنها تأسست على غير الحق لكنها تسترت به كي تحمي نفسها وتظلم الآخر، فالظلم نقيض للحق كما أنه نقيض للحرية .
والحرية بهذا المعنى هي انعدام القسر الداخلي والخارجي بذات الفرد والاختيار بالإرادة الحرة ؛ أي التحرر من كل قيد إلا ما يقيد قيود الآخرين ويضبط حركتهم في مجال الحياة مع الآخر، بحيث ينتفي معنى الظلم وتتحقق الحرية في جوف العدل ، و ينتهي طغيان القوة الذي يشكل تطرف القوة في استخـدام القوة ( القمودي : 1996 ، ص 22 – 25 ) .
فالشخص الذي يعمل وفق إرادته باستطاعته الاختيار بين الأفكار المختلفة وبهذا فقط يشعر بالحرية وتتحدد ملامح الإرادة الحرة في شعوره وترتبط تلك الإرادة بالفكرة التي تتحدد فيها أفكاره بأفعاله ( القمودي: 1996،ص22 – 25).
ويشير في هذا المجال "العروى" إلى أن " سارتر" يؤكد هذا عندما يقول "إننا لا ندري دواتنا إلا من خلال اختياراتنا، وليست الحرية إلا إحدى هذه الاختيارات الغير مشروطة " ( العروى : 1998 ، ص 68 ) .
ولهذا السبب يري وطفه أن " كانت Kant " محق في تساؤله الأتي: "كيف يمكن الجمع بين الخضوع والسلطة تحت قسر قانوني يجمع بين ملكية استخدام المرء لحريته ؟ . ويجيب عن ذلك بأن القسر ضروري للحياة، ولكن المهم كيفية ممارسة الحرية تحت قيود القسر، لهذا يرى ضرورة تعلم كيفية تحمل القسر بأنواعه وكيفية توظيف استخدام الحرية في ظل هذا القسر(وطفة:1999، ص148).
لا شك في أن حرية الإنسان في ممارسة السلطة مع الغير حرية مقيده بقيود السلطة نفسها ، فالسلطة قيد مفروض على الحرية ، كما أن ممارسة السلطة مع الآخرين مشروطة بقواعد وأسس متفق عليها ، أي أن الحرية مقيدة بشروط السلطة وأسسها وفقاً لارتباط الشروط في كل منهما بالآخر فإن مفهوم السلطة متطابق مع مفهوم الحرية ومتداخل معها في العمل والفعل .
ويؤكد هنا وطفه أن " كانت Kant " يلح على ضرورة ترك الفرد يتعلم كل شيء بحرية تامة، شرط ألا يتعارض مع حرية الآخرين، وألا يمارس عليه القسر في استخدامه لممارسة الحرية ليصير ذات يوم حرٌ لأن الإنسان بطبعة ميال للحرية، وإذا فقدها يصبح مستعداً لأن يضحي من أجلها (وطفة 1999ص148– 150)
يتضح مما تقدم أن ممارسة الحرية ليست مطلقة بل يجب أن تكون مقيدة مع الآخر، وفي حدود متفق عليها معه, كما هي مع السلطة، فالسلطة والحرية وجهان لشيء واحد.
إن الإنسان لا يشعر بالسلطة إلا مع الآخر كذلك فإن شعوره بالحرية لا يظهر إلا مع وجود الآخر ، فالسلطة والحرية تحددان من خلال علاقتهما بالآخر، ولا يمكن فصل أي منهما عن الآخر، لأن وجودهما ارتبطا أساساً بعلاقة الفرد مع الآخر وليس بعلاقة الفرد بنفسه.
ومن أجل ذلك يشير "العروي" إلى أن شعور الإنسان بالحرية في المرحلة الطبيعية كان غير مكتملاً وبدأ بالتزايد مع المرحلة الاجتماعية، نتيجة تزايد الحدود المفروضة على نشاطه الذي دفعة لزيادة اكتمالها فيما بعد . ويشير أيضاً إلى أن هذا الشعور هو المهم، وهو الذي يستحق أن يوصف بدقة، لأنه هو الذي منح مفهوم السلطة ومضمونها، وهذا ناتج من تطور اجتماعي لم تكشف عنه السلطة بل هو الذي كشف عن معنى السلطـة، وجعلهـا تنتشر وهيأ لها فرصة التـأثير والانتشار (العروى : 1998 ص 34 ) .
ويقول في مكان آخر أن الحرية هي السابقة على ما سواها من حدود أو حواجز ولو لم توجد الحرية لما وعينا تلك الحدود والحواجز. فالحدود والحواجز لا تهدينا إلى الحرية، بل تجعل منها حواجز للحرية المطلقة , والحرية هي أولي كل الأشياء التي يجب أن ينطلق منها وجود الإنسان ( العروي 1998، ص 69 ) .
هكذا هي علاقة السلطة بالحرية وبتعبير أكثر دقة فإن مفهوم السلطة يتداخل مع مفهوم الحرية. لا بل فإن الحرية سلطة وأن السلطة حرية كذلك فإن السلطة قيد على الحرية وأن الحرية قيد على طغيان السلطة. ولذا فإن الأفراد في علاقتهم بالسلطة يجبرون على تقبل شراكة هذا القيد بنفس حصة كل منهم في قبوله لقيد الشراكة والتساوي في الوجود الإنساني وفي الحرية( القمودى:1996، ص26– 27).

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى