نظرية القانون -الباب الأول-

الباب الأول: التعريف بالقانون.
التعريف بالقانون يقتضي تعريف أحد مكوناته التي يصطلح عليها بالقاعدة القانونية مع بيان خصائصها(الفصل الأول) ثم التطرق على مصادره (الفصل الثاني).
الفصل الأول: تعريف القاعدة القانونية وبيان خصائصها.
نتناول في هذا الفصل تعريف القاعدة القانونية في(المبحث الأول)ثم بيان خصائصها في(المبحث الثاني) وكذا تممييزها عن القواعد الاجتماعية الأخرى في (المبحث الثالث).
المبحث الأول: تعريف القاعدة القانونية.
لتعريف القاعدة القانونية لا بد من تعريفها في اللغوي(المطلب الأول)ثم في الاصطلاح القانوني أو الفقهي(المطلب الثاني).
المطلب الأول :تعريف القاعدة القانونية في اللغة.
ورد في مختار الصحاح أن "القانون كلمة أعجمية Kanun والأصل اللآتيني Directum "يعني العصا المستقيمة كناية عن الاستقامة أو مقياس كل شيء،ومجازا عن القاعدة المنظمة.
ولهذا فالقانون عروة وثقى يتمسك بها الجميع باعتبارها تدل على الاستقامة والحق.
وهذا ما حذا بمونتسكيو إلى القول:" القانون سيد الجميع،فهو سيد من قدر له الموت،وسيد من كتب له الخلود".
والقانون والحق كلمتان مترادفتان في اللغة العربية لأن مناط القانون هو حفظ الحق.
ونشير إلى أن فقهاء الشريعة الإسلامية كانوا يستعملون مصطلح الشريعة للدلالة على القانون.
ويتبين لنا أن لفظ Kanun اليوناني و Directum اللآتني و Recht الألماني و"الحق" العربي كلها تدل على العدل والحق والاستقامة( ).
والقانون يطلق على النظم التي تحكم الظواهر الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية...فيقال مثلا قانون الجاذبية الأرضية،وقانون العرض والطلب..إلى غير ذلك.فالأول يدل على انجذاب الأجسام نحو الأرض،والثاني يفيد تأثر الأسعار والأجور نتيجة اختلال التوازن بين المعروض والمطلوب من السلعة( ).
كما يستعمل لفظ القانون للدلالة على بعض الأعراف والضوابط الاجتماعية التي تكون بمثابة قواعد تحكم نشاط الإنسان في مجال العادات والتقاليد وطرق العيش،حيث تستدعي أية مخالفة لهذه القواعد استنكار الناس واستهزائهم بل ونبذ المخالف لها.
ووفقا لهذا التحديد اللغوي للفظ القانون يكون لكل شيء قانونه الذي يحكمه:فقانون الطبيعة هو القوة،وقانون الأخلاق هو الخير،وقانون المنطق هو الحق،وقانون العدالة هو أن تحكم بين الناس بالقسط( ).
المطلب الثاني:تعريف القاعدة القانونية في الاصطلاح.
للقانون اصطلاح عام وأشمل وآخر خاص أو أضيق:
ـ يقصد بالقانون في معناه الشامل والعام"مجموعة القواعد القانونية التي تنظم سلوك الفرد داخل الجماعة والتي يتعين عليهم الخضوع لها ولو بالقوة إذا لزم الأمر"( ).
فالقانون وفقا لهذا المعنى يرتبط بالحياة الاجتماعية،ويستهدف إقامة نظام اجتماعي عن طريق تنظيم وتوجيه سلوك الأفراد في المجتمع بشكل ملزم يقترن بجزاء توقعه السلطة العامة في البلاد عن الاقتضاء( ).
أما القانون بمفهومه الخاص أو الضيق،فيقصد به "مجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية المختصة بسن القانون بقصد تنظيم مجال معين.فيقال مثلا قانون الوظيفة العمومية،وقانون المحاماة،والقانون المنظم لمهنة الصيادلة.. ( ).
فالقانون بهذا المعنى الضيق يقصد به التشريع فقط الصادر عن السلطة التشريعية في البلد،علما أن القانون ليس كل ما يصدر عن هذه السلطة بل يشكل أيضا العرف والشريعة الإسلامية.
كما يطلق لفظ القانون أيضا على فرع معين من فروع القانون،فنقول مثلا:القانون المدني،القانون الجنائي،القانون التجاري،وقانون التحفيظ العقاري..
كما يمكن استعمال لفظ القانون مضافا إليه وفصا معينا،فينصرف معناه إلى مجال معين،ونميز في هذا الصدد بين وصفين شائعين للقانون:القانون الوضعي والقانون الطبيعي ( ).
ـ فالقانون الوضعي(Droit positif) يطلق على"مجموعة القواعد القانونية المطبقة في بلد معين وفي عصر بذاتـه،فيقال مثلا "القانون الوضعي المغربي"للدلالة على القانون المطبق فعلا في المغرب في الوقت الحاضر،أو "القانون الوضعي الفرنسي"..إلخ للدلالة على القانون المطبق في فرنسا حاليا.
ـ أما القانون الطبيعي:Droit naturel فيطلق على مجموعة القواعد القانونية العامة الأبدية الخالدة التي تتضمن المثل والقيم العليا التي يكتشفها الإنسان بالعقل والتفكير الموضوعي.فهي إذن مجموعة مبادئ يهتدي إليها العقل والتي تعتبر مثلا أعلى لتحقيق العدالة.
وفي الأخير وجب التنبيه إلى أن تعريف القانون بمعناه العام هو نفسه تعريف القاعدة القانونية،التي تعد الوحدة الأساسية التي يتألف من مجموعها القانون؛ومن خلال القواعد القانونية يتكون نظام قانوني معين.