هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مراسلة الادارة
من هنا

اذهب الى الأسفل
avatar
Ahmed idrissi bedraoui

ذكر العقرب الحصان
مشآرڪآتي : 121
عُمرِـ?• : 33
نِقاط?• : 5822
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
https://ffesj.yoo7.com

اتبات النسب و وسائله المختلفة  Empty اتبات النسب و وسائله المختلفة

السبت 8 يناير - 15:24
lالمبحت الاول: إثبات أو نفي النسب بالوسائل العلمية الحديثة


تعتبر الوسائل العلمية التي توصل إليها العلم الحديث وسيلة فعالة تصل إلى حد اليقين في مجال إثبات النسب نظرا للتطور الهائل الذي عرفته هذه الوسائل، ولقد كانت المناداة دائما من طرف أغلب الفقه من أجل الأخذ بالوسائل العلمية في مجال إثبات النسب نظرا للمزايا التي لها في هذا المجال وكذلك لوجود أساس شرعي يمكن الاستناد عليه في الأخذ بها . وقد ا ستبشر المهتمون خيرا في بداية العقدين الأخيرين، من القرن الماضي عندما حققت العلوم البيولوجية طفرة منقطعة النظير حيث أصبح بالإمكان الاعتماد على ما لا يقل عن عشرين نظاما لفحص الدم فتكون داخل علم البيولوجيا مجموعة من العلوم مثل علوم الأجنة والخلايا البيولوجية الطبية والهندسة الوراثية1، التي تفيد الجزم وتحسم في مسألة الإثبات لخدمة الحقيقة القانونية والعلمية2 ، مسايرة بذلك روح العصر ومتطلباته. وهو ما استجابت له مدونة الأسرة باعتبارها خرجت من محيط التطورات التي عرفتها الحياة المجتمعية في المغرب في شتى الميادين، وإلى الاهتمام البالغ بالأسرة كنواة أولى في المجتمع. فالمدونة أكدت على إمكانية الاعتماد على الخبرة في مجال إثبات النسب بتوافر شروط معينة متجاوزة بذلك الوضع الذي كان في ظل مدونة الأحوال الشخصية حيث لم تنص هذه الأخيرة على إمكانية اعتماد الخبرة إضافة إلى العمل القضائي الذي كان يستبعدها في دعاوي النسب 3.
فما هي الوسائل العلمية الحديثة التي يمكن اللجوء إليها في إثبات النسب؟ وما مدى نجاعتها باعتبارها وسائل لإثبات ونفي النسب؟ وما هو موقف كل من التشريع والقضاء المغربي والمقارن من الخبرة الطبية ؟

المحور الأول
البصمة الوراثية كوسيلة قاطعة لإثبات ونفي النسبجاء في بيان ختام أعمال المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة, الذي انعقد بمكة المكرمة في 31 أكتوبر1998, حول موضوع البصمة الوراثية و مجال الإستفادة منها على أنه لو تنازع رجلان على أبوة طفل فإنه يجوز الإستفادة من استخدام البصمة الوراثية. ولعل هذا ما حذا بالمشرع المغربي إلى أن يتبنى هذه الوسيلة - البصمة الوراثية-لإثبات ونفي النسب محققا بذلك قفزة نوعية في النظام القانوني المغربي الذي يكون بذلك قد ساير أهم المستجدات العلمية، سابقا في ذلك تشريعات أخرى وهو ما سنتعرض له في بيان مفهوم ومزايا البصمة الوراثية وما موقعها من الأدلة الشرعية في إثبات أونفي النسب.

أولا : مفهوم ومزايا البصمة الوراثية ADN.
تلقت البشرية ميلاد وسيلة إثبات جديدة تعرف بإسم البصمة الوراثية لم تكن تعرفها من قبل و أن النتائج التي حققها الخبراء تؤكد ضرورة اتساع الشريعة الإسلامية لكل المحدثات التي يفرزها العلم بكل يسر واقتدار. سنقف أولا على ما المقصود بهذه الوسيلة العلمية ثم إلى إبراز أهمية ومزايا الأخذ بالبصمة الوراثية ثانيا.

- I مفهوم البصمة الوراثية. عرفت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية البصمة الوراثية بأنها "البنية الجنينية نسبة إلى الجينات المورثات التفصيلية التي تدل على هوية كل فرد بعينه، وهي وسيلة لا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية والتحقق من الشخصية" والصفات الوراثية تنتقل من الأصول إلى الفروع والتي من شانها تحديد شخصية كل فرد عن طريق تحليل جزء من حامض ADN 4 الذي تحتوي عليه خلايا جسميه وهو اختصار للاسم العلمي Acide Nucleaire doxy أي الحامض النووي الديبي الديوكوسي وسمي بذلك لأنه منزوع الأوكسجين وقد استخلص العلماء أنها تختلف من شخص إلى آخر، رغم أنها تتكون من مكونات واحدة، وإنما التركيب مختلف.
وأساس البصمة الوراثية يقوم على أن طبيعة الشخص والأمراض التي يصاب بها تكون محفوظة على هيئة جينات على شريط ADN. وقد اتضح أن هذا الحامض النووي ADN سلسلة طويلة تبلغ حوالي المتر، مرصوص عليها جينات يتراوح عددها من خمسين إلى مائة ألف، وكل جين مرتب في موقع معين على كروموزم معين كما أن الجين يتركب من زوجين متكررين من القواعد الزوج الأول يتكون من الأدنين والتايمين والزوج الثاني يتكون من الجوانين والسيتوزين كل زوج يتعاشق مع نفسه ثم يلتف مع الزوج الآخر بشكل حلزوني كشريط الأسطوانة حيث يبلغ عدد القواعد في الجين الواحد ثلاثين ألفا، وبذلك يكون الحامض النووي في الخلية الواحدة محتويا على مائة ألف جين. وهذا يتألف من ثلاثة بلايين زوج من القواعد كما ثبت أن هذه الجينات هي الشفرة التي تحمل سيرة الإنسان الذاتية في أدق التفاصيل الوراثية.
ويتم انتقال هذه المعلومات الوراثية من الأبوين إلى الطفل، وذلك باندماج كل من الحيوان المنوي الذي يحمل 23 صبغيا والبويضة التي تحتوي بدورها على 23 صبغي عن طريق الإخصاب مستكملة بذلك البويضة 46 صبغي الذي هو العدد الواجب للخلية في جسم الإنسان.
وللإشارة فإن هذه السلاسل تختلف من شخص لآخر، بحيث أن إمكانية التشابه بين شخصين في هذه السلاسل تكاد تكون معدومة أي أن لكل إنسان على وجه الأرض بصمته الوراثية الخاصة به باستثناء التوائم المتطابقة فهو تركيب ينفرد به الشخص تماما مثل بصمة الأصبع.
ومعرفة البصمة الوراثية أو الجنينية لشخص ما يتم عن طريق فحص الحمض النووي لأحد المواد السائلة في جسمه كاللعاب والدم في حالة إثبات البنوة والمني في حالة الاغتصاب أو لأحد أنسجة الجسم كاللحم أو الجلد أو المواد الأخرى كالشعر والعظام سواء كان الإنسان حيا أو ميتا أو حتى ولو كان رفاتا.
وأهم ميزة تنفرد بها هذه التقنية أنها لا تقتضي سوى الحصول على جزئي المادة الوراثية ولو من رفات وهي بذلك تسمح بالتعرف على النسب الحقيقي للأبناء حتى ولو كان آباؤهم متوفين على خلاف الاستنساخ البشري الذي يتطلب حسب الغالب خلية حية تستطيع أن تتضاعف 5.
وهكذا فإن التقنية العلمية التي تقوم على التحليل الجيني للبصمات الوراثية توفر بالنسبة لإثبات النسب أو نفيه معا نتائج متطابقة للحقيقة بشكل قاطع لا مجال فيه لأية نسبة من الخطأ6.

-IIمزايا البصمة الوراثيةإذا كان التحليل للرموز الدموية A.B.O للإنسان لا يكفي في نظر جل العلماء للقطع بثبوت نسب الولد أو نفيه والتي كانت تستعمل في الغالب لنفي وليس للإثبات فإن البصمة الوراثية ترقى إلى هذه الدرجة. وأصبح تحديد أب الطفل أو أمه بواسطة هذا النوع من العلم على درجة عالية من الدقة وبالتالي توفر بالنسبة لإثبات النسب أو نفيه نتائج مطابقة للحقيقة بشكل قاطع لا مجال فيه لآية نسبة من الخطأ7. بل أن هناك أحكاما عديدة صدرت عن المحكمة الإبتدائية بالمحمدية نورد منها حكم رقم 564 في الملف رقم 764/03 بتاريخ 24 غشت 2004 (حكم غير منشور) ".....وحيث أمرت المحكمة بإجراء خبرة كلف للقيام بها مختبر الشرطة بالبيضاء وحيث أفاد تقرير الخبرة بكون جينات الطفل المهدي تتطابق و جينات المدعى عليه وأن هناك علاقة أبوية بين الأب و الطفل, وحيث يتعين تتابعا لذلك الحكم بإلحاق نسب الطفل بالمدعى عليه وبتسجيله هي الحالة المدنية".
على اعتبار أن نسبة الإيجابية فيها تصل إلى 99,99% أي أن النسبة السلبية لم يتجاوز 0,01% وأن احتمال أن يكون شخص له نفس البصمة الوراثية لشخص آخر كما سبقت الإشارة إلى ذلك هو احتمال معدم باستثناء التوائم المتطابقة.
ومما لا يخفى على أحد أن اعتبار البصمة الوراثية وسيلة لإثبات النسب أونفيه سوف يكون له مزايا كثيرة،
-إلى جانب قوته الثبوتية- لا مناص من ذكر بعضها على سبيل الاستئناس :
- تعين الأم الحقيقية في حالة اختلاط الأطفال داخل حيز مكاني واحد كمصحة للولادة8
- إذا ادعى الزوج بأنه لم يلتق زوجته التي عقد عليها والتي أنجبت ولد بعد مرور أدنى مدة الحمل منذ العقد.
- التنازع بين نسب شرعي ناتج عن شهادة الميلاد ونسب طبيعي ناتج عن إقرار وأيضا التنازع بين نسبين طبيعيين في حالة وجود إقرارين متتاليين ويتم الحسم في استحقاق الأبوة بين أبوين من خلال إقصاء أحدهما والاعتراف بأبوة الآخر.
- قد تتزوج امرأة في عدة طلاق أو وفاة ثم يظهر عليها حمل وقد تحصل الولادة في الآجال القانونية التي تفيد احتمال كون الأب هو الزوج الأول أو كون الأب هو الزوج الثاني كما إذا ولدت هذه المرأة داخل ستة أشهر من دخول زوجها الثاني وبعد أقل من سنة من فراقها مع الزوج الأول9.
وإلى جانب أهميته في إثبات النسب ونفيه، وجد هذا الاكتشاف تطبيقاته السريعة والقوية في مجال الجريمة حين البحث عن الفاعل الحقيقي. فعن طريق البصمة الوراثية ثم القبض على مجرم في قرية بريطانية اغتصب إحدى الفتيات من بين حوالي 20 ألف رجل يسكنون تلك القرية، وذلك بعد مقارنة البصمة الوراثية المستخرجة من مني الجاني بالبصمة المأخوذة من الدم من جميع المشتبه فيهم.
ولعل هذا ما أخذ به القضاء المغربي، حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بورزازات بأن "... الخبرة تقنية ولا مطعن وجيه يقدم في صحتها إذا تم الأخذ أو اخذ عينات من لعاب عدد من الأشخاص وتوصل التحاليل إلى أن اللعاب الذي تم إغلاق الأظرفة به هو يعود للظنين دون غيره"10.
هذا ويثارا لتساؤل حول الحالة التي يرفض فيها المطلوب الخضوع للتحليل الجيني، فهل يمكن في هذه الحالة القياس على هذا المنوال واعتبار رفض المطلوب الخضوع للتحليل الجيني قرينة على أبوة المدعاة.
لقد دأب الاجتهاد القضائي المغربي في الموضوع على الإتجاه في نفس السياق حيث قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بأنه "وحيث بناء على امتناع المدعى عليه عن الامتثال للخبرة الطبية المأمور بها بمقتضى الحكم التمهيدي وكذا بناء على ما جاء في مضمون الشواهد الطبية... يجعل طلب المدعي لكل ذلك غير مؤسس قانونا ويتعين بالتالي رفضه".
إلا أنه وللوصول إلى نتائج مطمئنة يجب أن يتم الفحص في مختبرات تخضع لإشراف الدولة، وأن لا تكون تابعة لقطاع خاص وأن لا يجري هذا الفحص إلا بناءا على أمر أو حكم قضائي وألا ينتدب في هذه المسائل كخبراء لدى المحاكم سوى المعتمدين رسميا المتخصصين في هذا المجال11 ، وأن يجري الفحص على أكثر من عينة لضمان الحصول على نفس النتائج وإعطاء الحق للمعترض في إجراء الفحص مرة أخرى.

ثانيا : موقع البصمة الوراثية من الأدلة الشرعيةقد يظهر لأول وهلة للباحث أو المهتم في هذا المجال أن النتائج التي تتوصل إليها الخبرة الطبية في مجال النسب معارضة لقاعدة الولد للفراش ومعارضة لحق الزوج في اللعان لنفي الولد أو لحق في الإقرار ليثبت النسب ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، بل تعتبر دعما وتقوية لتلك القاعدة وذلك الحق. لذلك ارتأينا أن نقف عندها لأجل إبراز دور البصمة الوراثية في تعزيز تقوية إثبات أو نفي النسب .

I - البصمة الوراثية وقاعدة الولد للفراشيقصد بالفراش من الناحية الاصطلاحية الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة أو كون المرأة معدة للولادة من رجل معين، ولا يكون ذلك عادة إلا بالزواج الصحيح (المادة 153 من المدونة) أو ما ألحقه به المشرع استثناء كالنكاح الفاسد (المادة 154) أو الوطء عن طريق الشبهة (المادة 155).
ولا يكفي لكي يلحق النسب بالزواج لدى جمهور الفقهاء ووفقا لأحكام المدونة الجديدة أن يكون هناك عقد زواج يربط بينه وبين زوجته وإنما لابد من تحقق مدة الحمل المفروضة شرعا، (المادة 154 من المدونة) وهي:
- أن يولد الولد داخل ستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتصال سواء كان العقد صحيحا أم فاسدا، - باستثناء الزواج المجمع فساده فهذا الأخير لا يثبت فيه النسب وكذلك المختلف في فساده مع وجود نية سيئة- وهذا ما كرسه أيضا المجلس الأعلى في عدة مناسبات إذ جاء في أحد قراراته "الولد للفراش متى ولد لستة أشهر من عقد الزواج وهي أدنى مدة الحمل"12.
- أن يزداد الولد خلال سنة من الفراق كيفما كان سبب ذلك الفراق طلاق أم وفاة أم فسخ.
والفراش بذلك متى استوفى الشروط، يعد قرينة قانونية قاطعة على إثبات نسب الأولاد المزدادين خلاله إلى أبيهم فهي بذلك غير قابلة لإثبات العكس بأية وسيلة من وسائل الإثبات إلا عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة طبية تفيد القطع إذا استجمعت شروطها المحددة قانونا في المادة 153 من المدونة، إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه صدور أمر قضائي بهذه الخبرة.
وعليه يمكن القول أن البصمة الوراثية لا تغني عن قاعدة الفراش في شيء من حيث الإثبات للنسب فكلما توفر الفراش كان قرينة قاطعة لإثبات النسب يغني بذلك اللجوء إلى الخبرة الطبية، هذه الأخيرة التي لا يمكن اللجوء إليها إلا إذا طعن في النسب بالفراش من أجل نفي ذلك.
ومن القرارات المتعلقة بالموضوع والتي نشرت مؤخرا للمجلس الأعلى "...لئن كان الفراش الشرعي قرينة قاطعة على إثبات النسب فإن ذلك مشروط بأن تكون الولادة ثابتة بتاريخ وداخل الأمد المعتبرة شرعا بشكل لا مراء ولا جدال فيه.
يوجب على المحكمة أن تبحث بوسائل الإثبات المعتمدة شرعا ومنها الخبرة التي لا يوجد نص قانوني صريح يمنعها والاستعانة بها.."13.

-II البصمة الوراثية واللعاناللعان نظام قانوني يهدف من ضمن ما يهدف إليه إلى نفي النسب ودرء الحد وهو نظام إسلامي خالص، ثابت بالكتاب والسنة والإجماع لا نظير له في باقي التشريعات السماوية أو القوانين الوضعية غير الإسلامية الأخرى.
إن طلب اللعان قديما كان يقبل وقائع علمية تؤيده لعدم وجود وسيلة يقينية تدعمه، ومن ثم كان انتفاء النسب عن طريق اللعان يقوم على الشك، لا على اليقين فهو مبني على شعور أو اقتناع لدى الزوج بأن الولد ليس منه ويحدث اللعان رغم تحقق شروط الفراش14. وهذا ما جعل الفقه يتشدد في تطبيقه بتوافر عدة شروط من أبرزها الإسراع بالنفي والتعجيل به وذلك للحد من الشك الذي يحوم نسب الولد، ولعل هذا ما سايره المجلس الأعلى أيضا في إحدى قراراته الذي جاء فيه "... إذا علم الزوج بالحمل وسكت فلا يسمع قوله بنفي النسب ولا يمكن من اللعان..."15 .

والشك يظهر لنا من خلال أن الزوج إذا كان في استطاعته أن يشهد على زوجته على سبيل القطع أنها قد ارتكبت الزنا، كما يشهد الشاهد على الزنا. فبالمقابل تشهد الزوجة أيضا على أن زوجها كاذب فيما يقول فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لواقعة نفي الولد، لأن الزوج لا يستطيع أن يؤكد على سبيل القطع أن الولد ليس منه حتى ولو كان صادقا في اتهامه لزوجته بواقعة الزنا. إذ قد تكون الزوجة مرتكبة للزنا فعلا، لكن الولد قد يكون ابنه و أن الحمل قد حدث منه، وبالتالي إن واقعة نفي الولد لا يمكن أن يرد عليها يمين أو شهادة الزوج على سبيل القطع أو البث ومن هنا يتضح لنا أهمية البصمة الوراثية فإذا جاءت نتيجة الفحص تؤكد على انتفاء النسب فلا توجد أصلا مشكلة حيث يصبح اللعان سببا موجبا للفرقة، وذلك إذا استجمعت الخبرة القضائية شروطها المحددة في المادة 153 من المدونة16 أما إذا علم من تلك النتائج أن الولد منه فلا يمكن من إجراء اللعان لأجل نفي الولد، وإنما يمكن اللعان كإجراء شرعي لدرء الحد عن الزوجين وللتفريق بينهما لأن الزوج لربما قد يكون متأكدا من صلة زوجته غير المشروعة بغيره، وهنا يكون من حقه إجراء اللعان دون نفي الولد.

وفي هذا الصدد نورد ما أكده مفتي الجمهورية التونسية أمام المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية حول موضوع حجية البصمة الوراثية في إثبات ونفي النسب :"إن هذه الحجة تكون سببا مغنيا عن اللعان, فالزوج يلجأ إلى اللعان لنفي النسب عند فقد من يشهد له بما رمى به زوجته من أن الحمل ليس منه (و لم يكن لهم شهود إلا أنفسهم). فمع التقدم العلمي في هذا الميدان لم يبق الزوج وحيدا لا سند له, بل أصبح له شاهدا وهو الخبرة التي ستنجز في هذا الشأن" 17.

III- البصمة الوراثية و الإقرارالإقرار بالنسب هو ادعاء المدعي المقر أنه أب لغيره18 وقد اعتبر - كما هو معلوم- سيد الأدلة، فهو ينسجم مع تصور الشريعة الإسلامية إلى حفظ الأنساب بدل قطعها وعليها فإنه لمن الطبيعي أن يعتد به الفقه الإسلامي والمدونة في إثبات النسب19 وقد نظمه المشرع المغربي بمدونة الأسرة الجديدة وسماه بالاستلحاق في المواد من 160 على 162 من المدونة.
وقد أخضع الإقرار بالبنوة لمقتضيات خاصة مستمدة من الفقه الإسلامي تختلف عن قواعد الإقرار الواردة في قانون الالتزامات والعقود.
ولعل هذا ما يتضح لنا جليا من وضع العديد من الشروط والمقومات حتى يعتد بالإقرار كوسيلة لإثبات النسب.
وبرجوعنا إلى المواد 160و 161و162 من مدونة الأسرة، يمكن اختزال هذه الشروط فيما يلي:
1- أن يكون الأب المقر أو المستلحق عاقلا، ويقصد بالعقل أن يكون المقر بالنسب كامل الأهلية، فلا يكون صبيا أو مجنونا أو معتوها أو مكرها.
2- أن يكون المقر به أي الولد مجهول النسب بأن لا يكون معروف النسب من أب آخر، فإن كان ثابت النسب من أب معروف غير المقر كان هذا الإقرار باطلا.
3- أن لا يكذب المستلحق عقل أو عادة فبالنسبة للعقل لا يصح أن يستلحق الصغير الكبير، لأن الواقع والمنطق يكذبان مثل هذا الإقرار، ولعل هذا أيضا ما تكذبه العادة، وهو أن يقرر رجل نسب ولد من بلد أو مكان ما لم يسبق له مطلقا أن زاره أو أن يثبت الرجل المقر الذي لم يسبق له مطلقا أن تزوج.

4- أن يوافق المستلحق إذا كان راشدا حين الاستلحاق وأما إذا لم يكن راشدا فإنه يبقى من حقه عند بلوغه سن الرشد أن يرفع دعوى نفي النسب.
5-أن يصرح المقر بأن هذه البنوة قد نشأت في إطار عقد زواج صحيح كان أو فاسدا فقد ورد في أحد قرارات المجلس الأعلى على أنه "... لا يلحق نسب البنت المولودة قبل عقد النكاح وإن أقر الزوج بنوتها لأنها بنت زنا وابن الزنى لا يصح الإقرار ببنوته ولا استلحاقه..."20.
6- أن يكون الإقرار صادرا من الأب المعني بالإقرار شخصيا إذ لا يصح إقرار غيره (المادة 161 من المدونة) وجاء في قرار المجلس الأعلى "إقرار الأب بالبنوة يحمل به في لحوق النسب وهذه القاعدة مؤسسة على الأصول العامة في مذهب الإمام مالك..."21.

كما يجب أن يكون الإقرار في شكل رسمي أو بخط يد المقر الذي لا شك فيه (المادة 162 من المدونة).
فمتى استوفى الإقرار هذه الشروط ثبت به النسب، وهو نفس المنهج الذي سلكه المجلس الأعلى ".. النسب يثبت بالإقرار كما يثبت بالفراش أو بالبينة، لو بنكاح فاسد أو بشبهة ويترتب عنه جميع نتائج القرابة وتستحق معه النفقة والتوارث ولا تمييز في إثباته..."22.
وعليه فإن موقع البصمة الوراثية من الإقرار، لا يثير أي لبس إذ كلما أقر الأب ببنوة ابنه يغني عن اللجوء الى الخبرة الطبية ما لم يكن هناك فراغ كما لو أنكرت الأم بذلك إذ في هذه الحالة يمكن اللجوء إلى الخبرة الطبية لتأكيد إقرار الأب المقر أو تصديق الأم المنكرة بذلك.
وبعد كل هذا نتساءل عن دور الخبرة الطبية في إثبات ونفي النسب سواء بالنسبة للمشرع المغربي أو المقارن.


المبحت التاني: وساءل اتبات النسب الاخرى


النسب من أقوى الدعائم التي تقوم عليها الأسر، ويرتبط به أفراده برباط دائم من الصلة تقوم على أساس وحدة الدم والجزئية والبعضية فالولد جزء من أبيه والوالد بعض من ولده ورابطة النسب هي نسيج الأسر الذي لا تنفصم عراه والنسب كما عرفته المادة 150 من مدونة الأسرة لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف والخلف، فهو بهذا المعنى رابطة شرعية تربط الفروع بالأصول وينسب فيها الولد لأبيه ، سواء ترتب ذلك عن زواج صحيح أو فاسد أو شبهه كما ينسب فيها لأمه إذا أثبتت البنوة بواقعة الولادة أو بإقرار الأم أو صدور حكم قضائي بها على ذلك وتعتبر بنوة الأم شرعية في حالة الزوجية والشبهة والاغتصاب، وقد حدد المشرع وسائل إثبات النسب في المادة 158 من مدونة الأسرة وهي الفراش والإقرار أو شهادة عدلين أو بينة السماع إضافة إلى الخبرة الطبية . وعليه سنتناول هذه الإشكالية من خلال مجموعة من الفروع سنتطرق في كل فرع إلى سيلة من وسائل إثبات النسب .

الفرع الأول: إثبات النسب عن طريق الإقرار
الإقرار في اللغة هو الإذعان للحق والاعتراف به والإقرار بالنسبة هو إدعاء المدعى المقر أنه أب لغيره، وقد نظمه المشرع المغربي بمدونة الأسرة وسماه كذلك بالاستلحاق من خلال المواد 160 و 161 غير أنه يوجد إلى جانب هذا الإقرار من نوع آخر غير مباشر يجعل المقر له ينتسب إلى الغير لا إلى المقر مباشرة .
ولكي يرتب الإقرار بالنسب آثاره القانونية . لابد من أن تتوفر فيه بعض الشروط، وشروط الإقرار بالنسب، أو الإستلحاق ورد النص عليها ضمن مقتضيات المادة 160 من مدونة الأسرة بالكيفية الآتية :
” يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقربة ولو في مرض الموت، وفق الشروط الآتية :
- أن يكون الأب المقر عاقلا
- ألا يكون الولد المقربه معلوم النسب
- أن لا يكذب المستلحق عقل أوعادة
- أن يوافق المستلحق إذا كان راشدا حيث الاستلحاق وإدا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد .
إذا عين المستلحق الأم ، أمكنها الإعتراض بنفي النسب عنها، أو الإدلاء بما يثبت عدم صحة الإستلحاق . لكل من له مصلحة أن يطعن في صحة توفر شروط الاستلحاق المذكورة، مادام المستلحق حيا ”
إلى جانب هذه الشروط فإن إثبات الإقرار بالنسب حددته المدونة في المادة 162 من مدونة الأسرة حيث يتم إثباته عبر وسيلتين فإما أن يتم بالإشهاد الرسمي أو بخط المقر الذي لا بشك فيه .

الإشهاد الرسمي
هنا يجب الاشهاد على الإقرار بالنسب من طرف عدلين منتصبين للإشهاد وتوثيقه ثم بعد ذلك المصادقة عليه من جانب قاضي التوثيق إلى حين اكتسابه الصفة الرسمية .
*خط يد المقر الذي لا يشك فيه
يمكن أن تحول ظروف قاهر بالمقر تمنعه من الإلتجاء إلى العدول كإصابته بمرض أقعده في المنزل هنا يصح له ، استثناء أن يكتب الإقرار بالنسب بخط يده .
هنا لا يصح الإقرار إلا من طرف المقر نفسه وبخط يده وتكون وثيقة عرفية. ومن خلال كل ما سبق يمكن القول أن الإقرار يعتبر من الوسائل التي يتم بها إثبات النسب .

الفرع الثاني : إثبات النسب بالفراش
يقصد بالفراش في اللغة، ما يبسط عادة للنوم أو اللجلوس عليه ويطلق عادة على المرأة التي يستمتع بها زوجها وذلك من خلال قوله تعالى :
“وفرش مرفوعة إنا أنشأنا هن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أثرابا لأصحاب اليمين الأية من 34 إلى 38 من سورة الواقعة )
واصطلاحا يقصد بالفراش الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة أو كون المرأة معدة للولادة من رجل معين ولا يكون ذلك عادة إلا بالزواج أو ما لحقه به الشرع استثناء كالزواج الفاسد و الإتصال عن طريق الشبهة بخصوص النسب .
وانطلاقا من هذا التعريف فمتى تم إزدياد الطفل خلال مرحلة الزواج ثبت نسبة من ذلك الزواج دون اللجوء إلى بينة أو إقرار من الزوج وذلك استنادا إلى قوله صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش …” و لإثبات النسب بالفراش فلا بد من توفر شروط لابد من احترامها وهي . إبرام عقد زواج صحيح كقاعدة
- انصرام مدة الحمل
- إمكانية ولادة الزوجة من زوجها .
ومن خلال هذه الشروط فإن إبرام عقد زواج صحيح يثبت الطفل حقه في النسب حيث أن الزواج الصحيح باستجماعه لكافة أركانه وشروطه يرتب جميع أثاره الشرعية في الحال وأهمها إثبات نسب الأولاد الذين يولدون على فراش الزوجية لصاحب هذا الفراش دون غيره ، وهذه القاعدة بديهية في الشرع الإسلامي وقد تم العمل بها في مدونة الأسرة من خلال نصوص قانونية .
وإذا كانت القاعدة هي أن الزوجية الصحيحة بالفراش فاستثناء يثبت النكاح شبهة وفي النكاح الفاسد أحيانا .
وبالنسبة لشرط المدة فحسب جمهور الفقهاء لا يكفي أن يكون هناك عقد صحيح يربط بين الزوج وبين زوجته وإنما لابد من أن تتحقق مدة الحمل المفروضة شرعا. ومدة الحمل من الناحية القانونية حدان أحدهما أدنى وثانيهما أقصى فيفيما يخص المدة الأدنى فقد أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية والفقهاء على أن أقل مدة الحمل هي ستة أشهر وذلك انطلاقا من قوله تعالى :” وحمله وفصاله ثلاثون شهرا “ وقد أيدت هذا الطرح المدونة من خلال المادة 154 . أما بالنسبة للمدة الأقصى فقد تضاربت مواقف الفقه الإسلامي بشأن أقصى مدة الحمل ما بين تسعة أشهر وسنتان وأربع سنوات أما بالنسبة للمدونة فلم يبين المشرع المغربي هل المقصود بأقصى أمد الحمل السنة القمرية أم السنة الشمسية .

الفرع الثالث: إثبات النسب بشهادة عدلين أو بينه السماع
إلى جانب إثبات النسب بالفراش والإقرار فإنه يتم إثباته بشهادة عدلين أو بينه السماع وذلك طبقا لمقتضيات المادة 158 من مدونة الأسرة إلا أن هناك فرق واضح بين شهادة العدلين وبينه السماع وهذا ما نود التطرق له من خلال تناول كل واحد منهما على حدة .
*إثبات النسب بواسطة شهادة عدلين
المشرع قام بتنظيم الشهادة في قواعد قانون الالتزامات والعقود إلى جانب تنظيمه الإجراءات المسطرية الخاصة بها في قانون المسطرة المدنية
وما يهمنا هنا إثبات النسب عن طريق الشهادة بالخصوص فيتمثل في فقه الإمام مالك وذلك انطلاقا من المادة 400 من مدونة الأسرة، التي تحيل على الفقه المالكي، الذي يعتبر شهادة الشهود كوسيلة لإثبات النسب حيث يتم عتبارها أقوى من الإقرار وهذا أيضا ما تم تبنيه من طرف الفقه الإسلامي .
بالرغم من نص المشرع المغربي على الشهادة كوسيلة لإثبات النسب إلا أنه لم ينظمها تاركا امر ذلك للفقه المالكي، حيث أن القاعدة العامة في الشهادة في الفقه المالكي هي شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين ولكن متى تم تعليق الشهادة بالولادة فيمكن إثباتها أحيانا بشهادة امرأتين فقط على أساس أن الولادة مما يطلع عليه إلا النساء أحيانا دون الرجل .
إثبات النسب شهادة السماع
يمكن إثبات النسب حسب مقتضيات المادة 158 من مدونة الأسرة بواسطة بينه السماع ويقصد بشهادة السماع من الناحية الفقهية ، إخبار الشاهد أمام القضاء أنه قد سمع سماعا فاشيا أو واقعة ما قد تحققت .
وتشترك شهادة السماع مع البينة أي شهادة العدلين في الكثير من الأحيان ومن ذلك ما يتصل بالخصوص بإثبات النسب، وقد اشترط الفقه المالكي لصحتها وبالتالي ترتيب أثارها خمسة شروط أساسية أولها بالاستفاضة وثانيها السلامة من الريبة وثالثها أداء اليمين تزكية لها ، رابعها طول الزمن وأخيرا ألا يتعلق الأمر بنقل شهادة .
ولإثبات النسب بشهادة أو بنية السماع ثم العمل بالاستعانة بالإثبات عن طريق اللفيف في هذا المجال، وصورة شهادة اللفيف هي اثني عشر رجلا حيث يتم وضع أسماءهم عقب تاريخ الشهادة .
وتقبل شهادة اللفيف في إثبات النسب عموما لأنها ما جرى به العمل في مذهب الإمام مالك .

avatar
Mr.A-OUEDGHIRI

ذكر الجدي الحصان
مشآرڪآتي : 1497
عُمرِـ?• : 33
نِقاط?• : 7653
تاريخ التسجيل : 27/12/2008
http://www.ffesj.yoo7.com

اتبات النسب و وسائله المختلفة  Empty رد: اتبات النسب و وسائله المختلفة

السبت 8 يناير - 16:14
شكرا لك اخي الكريم + واصل تميزك

ملحوظة : المرجو التفرقة بين العناوين باستعمال الالوان والفواصل
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى