هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مراسلة الادارة
من هنا

اذهب الى الأسفل
ayoub benfaress
ayoub benfaress

ذكر الجوزاء القرد
مشآرڪآتي : 268
عُمرِـ?• : 31
نِقاط?• : 5338
تاريخ التسجيل : 14/09/2010
https://www.facebook.com

العمومية في القانون الوضعي Empty العمومية في القانون الوضعي

الأحد 23 أكتوبر - 18:20
يشكل العموم إلى جانب عنصر الإلزام جزء السبب الذي يقوم القاعدة القانونية، أي أن القاعدة القانونية - في القانون الوضعي – لا يمكن أن تعد من ضمن القواعد القانونية ما لم يتوفر فيها عنصرا العمومية و الإلزام، إذ أنها تنتفي عنها تلك الصفة حينذاك، فما هو المعنى الذي يعنيه عنصر العمومية؟
أن المعنى الذي تعنيه العمومية هو كون القاعدة القانونية ليست موجهة إلى شخص معين بالذات، و لا تختص بواقعة محدودة، بل هي تذكر الأوصاف التي يتصف بها الأشخاص المقصودون، و الشروط التي يلزم توفرها في الواقع التي تطبق عليها.
هذا هو معنى كون القاعدة القانونية متصف بالعمومية، و لكن هناك سؤال مهم يمكن أن يثار هو: هل حقق القانون الوضعي هذا الأمر، و هو خضوع الرئيس و المرؤوس، و السيد و المسود، و القوي و الضعيف، و الغني و الفقير لسلطة القانون على السواء أم لا؟
من خلال استقراء الدساتير التي تسود العالم، و الواقع الذي يعيشه يتضح لنا ان القانون لم ذلك قطعاً.
فهناك استثناءات كثيرة لم تطال أصحابها سلطة القانون من قبيل:
1 ـ استثناء رئيس الدولة في اغلب الدول من سلطة القانون: هناك جملة من القوانين تعتبر في الكثير من الدول تعتبر رئيس الدولة سواء أكان ملكاً أم رئيسا للجمهورية غير خاضع للقانون بحجة انه مصدر السلطات العليا في الدولة، و إنه مصدر القانون فلا يخضع له، و قد اعتبر ذلك الدستور الدنماركي و الدستور الأسباني قبل إعلان الجمهورية، و اعتبر الدستور الإنجليزي ان ذات الملك مصونة و مقدسة لا تسأل عن شيء كما إنها لا تخطئ، و في الدستور البلجيكي و المصري أن ذات الملك لا تُمس بشر، و كذلك كان الحال في إيطاليا و في رومانيا قبل إلغاء النظام الملكي.
و قد استمر الوضع على صيانة الملك و عدم مسؤوليته عن أي خيانة أو جرم حتى القرن التاسع عشر فأعلن الدستور الفرنسي مسؤولية رئيس الجمهورية جنائياً في حالة واحدة و هي الجناية العظمى للشعب.
2 ـ استثناء رؤساء الدول الأجنبية: كما ان القوانين الوضعية تستثني رؤساء الدول الأجنبية، أو ملوكها (من أن يحاكموا على ما يرتكبونه من الجرائم في بلد آخر غير بلادهم سواء دخلوه بصفة رسمية أو متنكرين و هذا الإعفاء يشمل جميع حاشية الملك أو رئيس الجمهورية، و دليل الواضعين لذلك ان محاكمة هؤلاء لا تتفق مع ما يجب من تكريم الضيف و توقيره و احترامه). ان هذا الدليل غريب في بابه حقاً فان فيه تشجيعاً للرؤساء و الملوك وحواشيهم للتجرؤ على ارتكاب الجرائم ما داموا بعيدين عن طائلة القانون.
3 ـ استثناء أعضاء هيئات السلك الدبلوماسي: إن أعضاء السلك الدبلوماسي و هم ممثلو الدول خارج حدودها من المستثنين من سلطة القانون الوضعي كذلك، و اكثر من ذلك ان هذا الإعفاء يشمل حاشيتهم و أفراد آسرهم كذلك.
و دليلهم في ذلك بأنه ليس لدولة على أخرى حق العقاب، فالإعفاء ضروري في حق هؤلاء لكي يفسح المجال أمامهم لتأدية وظائفهم بحرية، فان خضوعهم للإجراءات القانونية التي يخضع لها غيرهم من الناس يؤدي إلى تعطيل أعمالهم.
إن تشنيع الأعمال – التجسسية و الإرهابية – و تحويل عمل الهيئات الدبلوماسية إلى أعمال تجسسية لصالح الدول التي يعملون لحسابها خير دليل لرد تلك الحجج الواهية التي يتحجج بها مشرعوا القانون الوضعي في إعفائهم لأعضاء الهيئات الدبلوماسية من الخضوع لسلطة القانون.
4 ـ إعفاء أعضاء السلطة التشريعية من الخضوع للقانون: لقد أعفت القوانين الوضعية في بعض الدول ممثلي الشعب في البرلمان من العقاب و هذا في الدول البرلمانية طبعاً. فقد أعفتهم دولهم من الوقوع تحت طائلة المسؤولية مهما بدر منهم من الكلام. و لقد (أخذ الدستور المصري بهذا الاتجاه فمنع من مؤاخذة أعضاء البرلمان على ما يبدونه من الأفكار) م(109) من الدستور المصري.
ان هذا الإعفاء لأعضاء البرلمان يكون في عين الوقت الذي يحرم فيه أعضاء المجالس النيابية الأخرى كما لمجالس المحلية و مجالس المديريات العامة من إبداء ما يريدون بعيداً عن طائلة المسؤولية.
5 ـ تمييز الغني: إن الكثير من الدول ترفع العقوبة عمن يدفع الغرامة المالية، في حين من لم يقدر على دفع الغرامة يقضي مقدار العقوبة في السجن و هذا فيه تمييز ضمني للغني، إذ ان الغني قادر عادة على دفع مقدار الغرامة فيفر و يتخلص من العقوبة في حين يبقى الفقير يعاني من، الوقوع تحت طائلة العقوبة دون مفر.
6 ـ تمييز بعض الشخصيات البارزة: وكذلك ميزت بعض القوانين الشخصيات البارزة على غيرهم في طريقة خضوعهم للقانون، فالقانون المصري مثلا (أجاز رفع الدعوى على المتهم من دون استئذان جهة ما، و لكن إذا كان المتهم من ذوي النفوذ كما إذا كان موظفاً، إداريا أو حاكماً، أو ضابطاً، أو عضوا في البرلمان فان الدعوى لا تقام عليه إلا بعد استئذان بعض الجهات المعينة، و يجوز للمحكمة ان تحفظ القضية و تكتفي بجزاء إداري يوقع على ذلك الشخص.. و مثل هذه الإجراءات لا تتخذ بالنسبة إلى أفراد الشعب العاديين).
كما يقضي القانون العراقي كذلك بعدم جواز إلقاء القبض على المحامي ما لم يستحصل إذن بذلك من قبل نقابة المحامين و يعطى القانون المصري مثلا الحق لمن وقع عليه ضرر من جريمة ان يطالب بتعويض ما أصابه من الضرر، و المحاكم حين تقدر هذا التعويض تراعي مركز الشخص و أهميته.
هذه هي العمومية التي يشترط القانون الوضعي توفرها في القاعدة القانونية، و التي يفترض فيها ان تُخضع جميع من تشمله لحكمها.
يقول عبد القادر عودة بعد ذكره لهذه الاستثناءات في كتابه التشريع الجنائي الإسلامي معلقاً على ذلك بما نصه:
(هذه هي نظرية المساواة كما تطلع علينا بالقوانين الوضعية الحديثة، لا تزال مهيضة الجناح مقصوصة الأطراف لم تسوّ بين الرؤساء و المرؤوسين، و الحاكمين و المحكومين، لم تسوّ بين الفرد و الفرد، و لا بين الجماعة و الجماعة، و لا بين الغني و الفقير).
ان هذه القوانين قد ميزت بين الناس، و جعلت منهم طبقات، كما أوجبت انهيار المساواة، و تحطيم أسس العدالة التي يفترض فيها تحقيقها فيما بين الناس.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى